طرح خبراء اقتصاد حزمة من الاجراءات العلمية والتطبيقية فى الأجلين القصير والطويل للخروج من الاوضاع الاقتصادية المنزوية فى اعقاب الثورة والآليات الواجب على صانع القرار الاقتصادى أن يضعها فى الحسبان قبل الشروع فى اصدار أي قرارات أو قوانين ترتبط بالشأن الاقتصادى. وناقش الخبراء خلال ورشة عمل عقدت بأكاديمية السادات للعلوم الادارية أبرز الصعوبات التى تواجه الاقتصاد المصرى فى الظروف الحالية وسبل انعاشه الي جانب التركيز علي محور الاستثمار والتشغيل فى اطار المبادرات الاقتصادية بالاضافة الي محور العدالة الاجتماعية باعتباره أحد أهم آليات الاصلاح الاقتصادى التى تعالج عوار التصرفات التى افرزها النظام البائد وأدت بشكل مباشر وغير مباشر الي التدهور الاقتصادى الذى تكشف فى اعقاب ثورة يناير. وحذروا من استمرار الحكومة الحالية فى انتهاج سياسات فى التعامل مع قضايا شائكة للاقتصاد المصرى مثل سعر العملة المحلية مقابل الدولار والضرائب الجديدة المقررة علي حزمة من السلع ستضر حتما بالمواطن محدود الدخل وستنعكس بالسلب علي الوضع الاقتصادي خلال الفترة المقبلة. بداية أكد د. علاء الدين محمد الغزالي رئيس اكاديمية السادات للعلوم الادارية أهمية الدور الذى تتولاه منظمات المجتمع المدنى والمراكز البحثية المتخصصة علي وجه التحديد فى تقويم حزم اقتصادية وادارية للنهوض بالاقتصاد الوطنى فى هذا التوقيت الدقيق الذى تمر به البلاد. واشار الي أن وضع خبرات اساتذة الاقتصاد والمختصين بهذا الشأن أمام صانع القرار هو الهدف الرئيس الذى يجب أن توليه هذه المراكز والمنظمات عناية خاصة بعيدا عن الاخطاء التى ينتهجها البعض فى الادلاء بالآراء والرؤى رغم عدم اختصاصهم ، الأمر الذى يؤدي الي عواقب سلبية وخيمة علي الاقتصاد المصرى. وطالب الغزالي بدور أكبر للجامعات والهيئات المتخصصة بالشأن الاقتصادى فى مساعدة الحكومة والمسئولين من خلال عرض آرائهم ومقترحاتهم فى إطار من الحوار المجتمعى والمؤسس لخدمة البلاد فى هذه الظروف. ومن جانبه طرح الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد استاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الادارية خطة اقتصادية تهدف لدفع معدلات النمو الاقتصادى وتحريك المياه الراكدة تتمثل فى ضرورة وضع سياسات واجراءات وحلول مبتكرة لرفع معدل الادخار المحلي ونسبته الي الناتج المحلي من 15% حاليا الي 25% علي الاقل وذلك من خلال تعبئة المزيد من المدخرات المحلية وترشيد الاستهلاك الي جانب سد فجوة الموارد المحلية بجذب المزيد من الاستثمارات الاجنبية وخاصة المباشرة بعد أن وصلت الفجوة بين الموارد المحلية الي 15مليار دولار. واشار الي ضرورة التحول من نمط الاستثمار كثيف رأس المال الي نمط الاستثمار كثيف العمل بعد أن أثبت الاستثمار كثيف رأس المال فشلا كبيرا لعدم ملائمته لاقتصاد يعانى من معدل بطالة وصل الي أكثر من 12.5%. وطالب عبدالحميد بزيادة الاستثمار فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال تحسين مناخ الاستثمار وتغيير ثقافة المجتمع وتعميق الاتجاه نحو العمل الحر مع تقديم الدعم المالي والفنى وحزم تمويلية مناسبة الي جانب العمل علي توزيع الاستثمارات علي مستوى المحافظات والاقاليم علي أساس الميزة النسبية والتنافسية التى يتمتع بها كل اقليم خاصة أن القاهرة تستحوذ فقط علي 40% من الاستثمارات علي مستوى الاقتصاد القومى واهمال الصعيد وسيناء والوادي الجديد. واشار عبدالحميد الي المثلث الاستراتيجى الذى تتمثل أضلاعه فى استثمار انتاج وتصدير وضرورة بناء قواعد التصدير القائم علي الاستثمار فى المنتجات والصناعات والتى تتمتع بميزة نسبية أو تنافسية سواء حالية أو محتملة ، الامر الذى سيولد المزيد من الفرص الاستثمارية وخلق فرص عمل تستوعب البطالة المتزايدة. وشدد علي الاهتمام بالمشروعات التنموية القومية سواء المتعلقة بالاستثمار فى اقليم قناة السويس أو الصعيد وسيناء وزيادة الاستثمار الصناعى والاهتمام بالصناعات عالية التكنولوجيا والتى تنطوى علي قيمة مضافة مرتفعة مشيرا الي ضرورة مضاعفة الاستثمار فى العنصر البشرى ومضاعفة مخصصات التعليم والصحة والتدريب لخلق تنمية بشرية وزيادة الاستثمار فى الصكوك الاسلامية بمختلف أنواعها إجارة، استصناع ومشاركة علي أن يكون الاستثمار فى المشروعات ذات الجدوى. وتابع .. تحسين مناخ الاستثمار سواء علي مستوى النظام السياسى والاقتصادى وتحسين كفاءة الاستثمارات القائمة سواء علي مستوى الاستثمار بالقطاعين العام والخاص ومحاولة تشغيل 1500مصنع متوقف منذ الثورة والتى ستزيد فرص العمل ولا تتطلب جهدا لتأسيسها من البداية الي جانب زيادة الاستثمارات فى المشروعات الخاصة وتدوير المخلفات والمشروعات الصديقة للبيئة ومشروعات البنية التحتية. ومن جانبه حذر د. شريف قاسم أستاذ الاقتصاد باكاديمية السادات للعلوم الادارية من تحركات الحكومة علي الجانب الاقتصادى وعلي رأسها أزمة سعر الجنيه مقابل الدولار خاصة أن الآثار السلبية المترتبة علي تعويم الجنيه علي المدي القصير،ستؤدى الي ارتفاع اسعار السلع والخدمات وبالتالي انخفاض مستوى معيشة المواطن. واشار الي أن الآراء التى يروج لها البعض حول امكانية انتهاء هذه الآثار علي المدي القصير غير صحيحة لاستحالة حدوث تخفيض كبير فى فاتورة الواردات المصرية لأسباب عدة تتمثل فى أن غالبية السلع المستوردة هى سلع اساسية إما للغذاء أو للطاقة وهى جزء لايمكن الاستغناء عنه مع إمكانية حدوث انخفاض طفيف فى استيراد الآلات والمعدات نظرا لأن ارتفاع اسعارها سيعطل تنفيذ مشروعاتها. وتابع قاسم ..إن أحد أهم الاسباب التى تحول دون تحقيق زيادة فى الصادرات على المدي الطويل والتى يأتى علي رأسها موجة ارتفاع اسعار كافة السلع والخدمات التى ستضيع فرص الاستفادة من أثر تخفيض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار حيث أن استمرار تلك الموجه ستؤدى الي ارتفاع السلع المنتجة نتيجة زيادة تكاليف عناصر الانتاج وهو ما سيضيع الأثر الايجابي الوحيد المتوقع من خفض الجنيه مقابل الدولار. وقال إن الانخفاض المتتالى فى قيمة الجنيه سيدفع المواطنين الي تحويل نقودهم الي الدولار وهو ما يعرف بالدولرة والتى تضربالاقتصاد مشيرا الي أن استمرار الانخفاض فى سعر الجنيه لايعد من الامور الجاذبة للاستثمار لأن المستثمر الاجنبى عندما يحول أمواله من الدولار الي الجنيه فانه يحقق مكسبا عند التحويل ولكن استمرار انخفاض الجنية سيفقده مكاسبه عند التحويل المضاد من الجنيه الي الدولار نتيجة لاستمرار انخفاض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار. وأكد أن تصور البعض بأن خفض الجنيه يكسبنا ميزة فى التصدير خاطئ لأن السوق العالمى لاينظر سوى لمستوى الجودة والسلامة البيئية وظروف انتاج السلع المصدرة والتى وضعت فى الاساس للحد من تدفق السلع المنتجة بالدول النامية الي الدول المتقدمة. واشار الي أن استمرار الانخفاض فى سعر الجنيه رفع تكلفة واردات الدولة من السلع والخدمات المستوردة خاصة السلع التى لايمكن رفع الدعم عنها الي جانب زيادة العبء الخاص بالدين العام الذى يقدر بنحو 35مليار دولار. ومن جانبه أكد حمدى عبدالعظيم رئيس اكاديمية السادات الاسبق أن تحقيق العدالة الاجتماعية يعتبر أحد أهم آليات الاصلاح الاقتصادى والتى يمكن تحقيقها من خلال فرض ضرائب تصاعدية يمكن أن تصل الي 40% والتى ستخلق عدالة فى تحمل الاعباء الضريبية الي جانب رفع حد الاعفاءات للاعباء العائلية وتكاليف الحصول علي الدخل ومكافحة التهرب الضريبي وانشطة الاقتصاد الخفى ومحاصرتها بما يضمن تحقيق عوائد كبيرة للاقتصاد . وطالب عبدالعظيم بضرورة عودة الضرائب علي تسقيع الاراضي والتى تضمن توفير موارد مالية كبيرة جراء القضاء علي هذه الظاهرة التى تضر بالاقتصاد مع حسم قانون الضريبة العقارية بعد ادخال التعديلات الخاصة باعفاء السكن الخاص وشدد عبدالعظيم علي فرض ضرائب علي أرباح البورصة وعلي عمليات البيع فى ذات الجلسة رافضا الدعاوى التى تشير الي أن ذلك سيؤدي الي هروب المستثمرين قائلا هذه الضرائب تفرض علي الارباح وهو حق الدولة. وتابع .. فرض الضرائب علي السلع غير الاساسية شريطة عدم المساس بمحدودى الدخل هو اجراء اساسي لتحقيق العدالة الاجتماعية الي جانب هيكلة الدعم والقضاء علي الفساد وعدم تحريك اسعار الكهرباء وضرورة تطبيق حد أدنى للمعاشات والبطالة وصندوق للتأمين الصحي الشامل. وفى نفس السياق أكد د.ايهاب الدسوقى استاذ الاقتصاد المساعد بكلية العلوم الادارية بأكاديمية السادات أن القضاء علي الفساد بالصناديق الخاصة مطلب حتمى لمساندة الاقتصاد فى هذه الظروف الي جانب تبنى البنوك العامة لمبادرات سواء عن طريق دعم المشروعات القائمة وتوفير التمويل لها أو من خلال تأسيس شركات واعادة بيعها مشيرا الي أن تجاربها فى حقبة التسعينيات أثبتت نجاحا ملحوظا فى تأسيس شركات فى قطاعات الاتصالات علي سبيل المثال ، الأمر الذى يمكن تعميمه لخدمة الاقتصاد المصرى حاليا.