اتفق الخبراء على ان الارتفاعات المتواترة التى شهدها سعر الدولار مقابل الجنيه المصرى كان هدفها تنفيذ احد اشتراطات صندوق النقد الدولى للحصول على قرض قيمته 4.8 مليار دولار تستفيد منها الحكومة فى علاج عجز الموازنة ودعم الاحتياطى النقدى من العملات الاجنبية إلا انهم اعترضوا على اسلوب الحكومة فى تطبيق اجراءات خفض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار حيث كان الاجدر بها ان تلجأ الى سياسة التطبيق التدريجى فى سعر الدولار مقابل الجنيه تجنبا للاضطرابات الحالية التى شهدها الاقتصاد جراء هذه الاجراءات. على صعيد التأثيرات السلبية لهذه الزيادة فى اسعار الدولار رصد متعاملون داخل الاسواق ارتفاعات كبيرة فى اسعار السلع وخاصة ما يتعلق بقطاعات السلع الغذائية ومواد البناء وقطع غيار السيارات وهو ما يهدد بانتعاش السوق السوداء استغلالا للظروف الحالية. وعلى الرغم من النتائج السلبية التى ظهرت جراء هذه الازمة فان البعض يرى فيها بعض النواحى المتمثلة فى خفض تكلفة المعيشة للسائح الاجنبى الذى سيجد فى مصر مقصدا اقل تكلفة من دول اخرى مثل تركيا وشمال افريقيا الى جانب دعم الصادرات المصرية مما يعزز فرص تدفق العملة الاجنبية الى البلاد. اكد المهندس عادل جزارين خبير الصناعة ان الازمة التى يعيشها الاقتصاد المصرى حاليا نتيجة تراجع معدلات السياحة وضعف الموارد الخاصة بالعملة الصعبة وارتفاع معدلات البطالة وانخفاض قيمة الصادرات المصرية للخارج اثرت سلبا على قيمة العملة الصعبة مقابل الجنيه المصرى الامر الذى تسبب فى الارتفاعات المطردة لسعر صرفها. واشار جزارين الى ان الصناعة المصرية لاتزال تعتمد على الخامات المستوردة من الخارج كمدخلات اساسية ضمن عملية الانتاج واى تغيير فى سعر الدولار الامريكى امام العملة المحلية يؤثر على سعر هذه المدخلات وبالتالى يحمل الصناعة المصرية اعباء اضافية. واضاف ان الزيادات فى اسعار الوقود والكهرباء ايضا تعتبر من العوامل المؤثرة سلبا على الصناعة المصرية التى تعتمد على هذه المدخلات بشكل رئيسى فى الانتاج اضف الى ذلك المطالب الفئوية المتكررة التى تحمل اصحاب المصانع المزيد من الاعباء وترفع تكلفة المنتج النهائى التى يتحملها المستهلك فى شكل زيادة كبيرة فى الاسعار. واشار جزارين الى ان المصانع المصدرة للخارج هى التى لن يطولها اعصار تزايد اسعار الدولار مقابل الجنيه المصرى والتى يعمل معظمها فى قطاعات الملابس الجاهزة والصناعات الغذائية الا انها لا تمثل سوى 15% من حجم الصناعة المصرية وهو ما يدق ناقوس الخطر بقوة لان النسبة المتبقية والبالغة 85% من المصانع العاملة بالسوق المصرى تعتمد على الدولار فى شراء المدخلات الاساسية التى تعتمد عليها فى الانتاج. وطالب جزارين صانع القرار بسرعة العمل على توفير البيئة المناسبة للانتاج بعد توقف كثير من المصانع عن العمل نتيجة تراجع معدلات الاقتصاد وصعوبة الاستجابة لجميع المطالب الفئوية الامر الذى ينذر بكارثة اقتصادية للصناعة المصرية. وتابع العمل على جذب المستثمر الاجنبى هو الحل لضمان تدفق العملة الصعبة الى البلاد الى جانب توفير الامن والاستقرار باعتبارهما عنصرين اساسيين لجذب المستثمر الاجنبى وكذلك تشجيع المستثمر المحلى على ضخ المزيد من الاستثمارات فى عروق الاقتصاد فى هذه الظروف الصعبة للخروج من النفق المظلم الذى تعيش فيه مصر وزاد من صعوبته الاوضاع الاقتصادية غير المستقرة. من جانبه طرح المهندس محمد جنيدى رئيس مجموعة GMCالصناعية رؤية اقتصادية للاستفادة من الازمة الحالية فى اسعار الدولار مقابل العملة المحلية خاصة ان ارتفاع سعر العملة الاجنبية له شق ايجابى على السياحة لانه سيؤدى الى خفض التكلفة التى سيتحملها السائح الذى سيزور مصر خلال الفترة الحالية مقارنة بتركيا او تونس والجزائر لانه سيجد تكلفة معيشة خلال فترة السياحة منخفضة جدا مقارنة بالدول السابق ذكرها. وتابع يمكن ايضا الاستفادة من هذه الازمة فى تدعيم الصادرات المصرية للخارج وادخال قطاعات من الصادرات لم تكن مدرجة من قبل على خريطة التصدير المصرى للدول الخارجية وبالتالى يضمن تدفق العملة الصعبة من خلال حركة الصادرات وبالتالى سيتمكن الجنيه المصرى من استعادة قيمته تدريجيا مقابل العملات الاجنبية. واشار جنيدى الى ان الجانب السلبى فى الازمة الحالية يتمثل فى زيادة اسعار السلع الاساسية على المستهلك النهائى وهو ما يمكن التغلب عليه من خلال اعادة هيكلة منظومة الدعم وحصر المستحقين الاساسيين للدعم والوصول به اليهم بدلا من ان يذهب الى جيوب الاغنياء. واكد جنيدى ان سياسة التعامل مع الاحتياطى النقدى من العملات الاجنبية وتراجعها الحالى يرعب المستثمرين سواء المحليون او الاجانب وعلى المركزى ان يتعامل بحرفية مع اسعار صرف الدولار وكان بالامكان تطبيق زيادة تدريجية فى اسعاره مقابل العملة المحلية خلال الفترة الماضية الا ان التطبيق الخاطئ فى هذه الزيادة ادى الى حدوث نتائج سلبية على سعر الدولار واثار بلبلة كبيرة داخل السوق وجمهور المتعاملين داخلها. والتقط أحمد الزينى رئيس شعبة مواد البناء والتشييد بالاتحاد العام للغرف التجارية طرف الحديث ليؤكد ان المستوردين لجأوا الى سياسة رفع الاسعار وتحميل الزيادة الحالية فى سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصرى على المستهلك النهائى للسلع المستوردة حيث ارتفعت اسعار حديد التسليح بنسبة 6% خلال الاسبوع الماضى الى جانب قيام مستوردى اطارات السيارات والنقل الثقيل برفع اسعار اطارات السيارات وقطع الغيار المستوردة بما يتجاوز 150 جنيها للكاوتش و200 جنيه لقطع الغيار الخاصة بالنقل. وتابع الزينى ان الازمة الحالية فى الدولار متوقعة نتيجة رغبة الحكومة فى الحصول على قرض صندوق النقد الدولى الذى يشترط ضمن اجراءاته خفض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار وهو ما اخطأ فى تطبيقه صانع القرار الاقتصادى إذ كان اجدر به ان يطبقها تدريجيا حتى لا تحدث هذه الا ضطرابات الحالية فى اسعار الصرف وحتى يمكن أن يتقبلها الشارع ولم يستفد كذلك من خطأ زيادة الضريبة التى اعلنتها الحكومة ثم تراجعت عنها. وطالب الزينى بضرورة احكام الرقابة على الاسواق وتشديد حملات المتابعة من الجهات المعنية لوقف استغلال البعض لهذه الاحداث فى رفع اسعار السلع على المستهلكين بدعوى ارتفاع قيمة الدولار مع ان بعضهم لم تطله هذه الزيادة والاتفاق على هذه السلع قبل حدوث الزيادة فى سعر الدولار بفترة طويلة الا ان الجشع يدفع البعض الى استغلال هذه الاحداث فى رفع أسعار السلع مستغلا الاوضاع الحالية. ومن جانبه اكد حمدى النجار رئيس الشعبة العامة للمستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية ان ازمة الدولار الحالية هى ازمة نقص فى الشفافية بين صانع القرار الاقتصادى وجمهور السوق سواء المستوردون او المصنعون وكذلك المستهلك النهائى لان الحكومة تلتزم سياسة عدم التوضيح والضبابية فى التعامل مع باقى اطراف المنظومة الاقتصادية الامر الذى يزيد الاوضاع الحالية سوءا. واشار الى ان استمرار هذه الازمة سيرفع اسعار السلع بشكل كبير خلال الفترة القادمة نتيجة حالة القلق وعدم وضوح الرؤية التى يعيشها جميع اطراف المنظومة التى تتعامل بالعملة الصعبة حاليا بالاضافة الى ان فتح الاعتمادات المستندية من الخارج تأثر بشكل كبير جراء هذه الازمة وعدم وجود مؤشرات واضحة على انقشاع هذه الغمة وهو ما يهدد حركة الاستيراد بمزيد من الاضطرابات الى جانب ارتفاعات اسعار السلع النهائية كردة فعل طبيعية لهذه الاحداث غير المبررة فى بعض مراحلها. وأضاف أن انتعاش السوق السوداء بات أمرا مؤكدا فى ظل استمرار هذه الاوضاع خاصة اننا نعتمد على استيراد السلع الاساسية مثل القمح والزيوت واللحوم والاسماك من الخارج وهو ما سيشجع بقوة الاتجاه الى رفع الاسعار وتخزين السلع بهدف تعطيش الاسواق..