42% مساهمة بريكس فى إجمالى الناتج العالمى.. وارتفاع حجم التجارة بين دول المنظمة إلى 30% فى 2017 100 مليار دولار الديون السيادية للصين لدى إفريقيا منذ عام 2000 14.7 مليار دولار استثمارات تضخها بكين فى جنوب إفريقيا
بعد اجتماعهم على مدار ثلاثة أيام فى جوهانسبرج، ومع بداية "العقد الذهبى" الثانى لتحالفهم، أعلن قادة مجموعة بريكس دعمهم لنظام عالمى أكثر عدالة وأفضل تمثيلا على الصعيدين التجارى والدبلوماسى، بما يشير إلى أن تهديدات الرئيس الأمريكى قد أعطت حافزا جديدا لمجموعة الاقتصادات الصاعدة من أجل تعزيز التعاون التجارى بينهم ومن خلال موقف جماعى يدعم سياسة الانفتاح والتعددية وحرية التجارة العالمية. وبحسب خبراء فإن تعزيز التعاون بين دول بريكس فى العديد من المجالات قد يؤدى فى المستقبل إلى تغيير موازيين القوى على الساحة العالمية.
وسط النزاعات التجارية التى تشعلها الولاياتالمتحدة يوما بعد يوم، وتحت شعار "بريكس فى إفريقيا" انطلقت فى مدينة جوهانسبرجبجنوب إفريقيا، الأسبوع الماضى، أعمال القمة العاشرة لمجموعة بريكس -البرازيلوروسيا والهند والصينوجنوب إفريقيا-. ويرى خبراء أن مجموعة بريكس ما هى إلا مشروع لإعادة تشكيل النظام العالمى، حيث تقدم قمتهم نوعا من الرد على تحالفات مثل الناتو ومجموعة السبع. فتوفر بريكس بديلا للنظام الاقتصادى الحالى الذى يدعم هيمنة الغرب، ليس فى مجال التكنولوجيا فحسب وإنما فى التمويل والاقتصاد. وتقدم بريكس للعالم نموذجها الخاص للحوكمة العالمية من خلال مساهمتها فى توازن واستقرار الشئون السياسية والاقتصادية العالمية.
يشير المحلل مارتن ديفيز من "ديليويت" إلى نجاح قمة بريكس ولاسيما بالنسبة للصين فى حشدها تحالفا جديدا وقويا للدفاع عن النظام الحالى للتجارة الدولية، ووضع أجندة جديدة لدول المجموعة. ويقول ديفيز إنه لأول مرة تتحدث بريكس بصوت واحد بشأن التجارة، وهو ما لم يحدث من قبل. فجددت روسيا تطلعها إلى روابط تجارية أفضل مع شركائها فى نادى بريكس، مع تعهد الجميع بتعزيز التعاون فى مجالات الطاقة وتطوير تكنولوجيات جديدة أيضا. ويشير محللون إلى زيادة تأثير بريكس فى العمليات السياسية العالمية فى الفترة الأخيرة، مؤكدين انتهاء صلاحية النموذج القديم للعولمة.
فتتطلع المجموعة إلى إصلاحات فى هيئة الأمم ومجلس الأمن وصندوق النقد الدولى، بما يتيح تمثيلا أفضل للدول النامية، بالإضافة إلى دعوة منظمة التجارة العالمية –والولاياتالمتحدة- إلى الالتزام بقواعد المنظمة حيث تواجه التجارة العالمية "تحديات غير مسبوقة" فى ظل تواصل تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية على واردات من شركاء تجاريين. ومن خلال قمة بريكس، جدد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الدعوة إلى إنشاء عملات جديدة للاحتياطى – مثل اليورو- لجعل الاقتصاد العالمى أكثر استقرارا .وأشار إلى العقوبات الأمريكية باعتبارها الخطأ الاستراتيجى الأكبر الذى ينسف الثقة بالدولار، موضحا أن استخدام أنظمة الدفع والعملات كحجج سياسية فى الخلافات السياسية يضر بالدولار كعملة للاحتياطى العالمى.
ويذكر أن روسيا لم تعد ضمن الدول التى لديها الحجم الأكبر من سندات الخزانة الأمريكية .ففى مايو الماضى، قدرت سندات الخزانة لدى موسكو 14.9 مليار دولار، مقارنة بنحو 48.7 مليار دولار فى شهر إبريل لتحتل المركز22 فى قائمة الدول ال33 التى لديها أكبر حجم من هذه السندات، بحسب وزارة الخزانة الأمريكية. وندد قادة مجموعة بريكس خلال قمة جوهانسبرج، ب"التحديات غير المسبوقة" التى تهدد تعددية الأطراف، وذلك ردا على الحرب التجارية التى أطلقتها الولاياتالمتحدة .وفى بيان مشترك، أعرب الرؤساء الروسى فلاديمير بوتين والصينى شى جينبينج، والجنوب إفريقى سيريل رامافوسا، والبرازيلى ميشال تامر، ورئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى عن قلقهم بشأن آثار تدابير سياسة الاقتصاد الكلى التى اتخذت فى بعض الاقتصادات المتقدمة الرئيسية. وحذروا من أن هذه الإجراءات يمكن أن تسبب تقلبات اقتصادية ومالية فى الاقتصادات الناشئة وقد يكون لها تأثير فى آفاق نموها.
وأشاروا إلى أن النظام التجارى متعدد الأطراف يواجه تحديات غير مسبوقة، مسلطين الضوء على أهمية وجود اقتصاد عالمى مفتوح يسمح لكل الدول وجميع الشعوب بأن يتشاركوا فوائد العولمة. كما دعت الدول الخمس فى القمة جميع أعضاء منظمة التجارة العالمية إلى احترام قواعد هذه المنظمة والوفاء بالتزاماتهم فى نظام تجارى متعدد الأطراف. كان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فرض بشكل خاص رسوما جمركية على الفولاذ والألومنيوم تستهدف الصين بشكل أساسى، وهو يهدد الآن بفرض ضرائب صارمة على جميع الواردات الصينية. وفى هذا الإطار، شدد الرئيسان الصينى والروسى على الحاجة إلى تحسين التعاون بين دول مجموعة بريكس. ودعا الرئيس الصينى شى جينبينج البلدان الخمسة أعضاء المجموعة إلى إطلاق إمكاناتها الهائلة للتعاون الاقتصادى. وقد اتخذ نظيره الروسى فلاديمير بوتين موقفا مماثلا، معتبرا أن دول بريكس تؤدى دورا فريدا فى الاقتصاد العالمى.
وقال بوتين إن دول بريكس تسهم بنسبة 42% من إجمالى الناتج العالمى، وهذه الحصة مستمرة فى النمو. وأضاف أنه فى عام 2017، ارتفع حجم التجارة بين دول بريكس بنسبة 30 %. أبدى المشاركون فى القمة اهتماما خاصا بالثورة الصناعية الرابعة مؤكدين أهمية وجود تمثيل أكبر للشركات التكنولوجية الناشئة فى القمة المقبلة، على اعتبار أن هؤلاء هم اللاعبون الاقتصاديون المستقبليون فى دول بريكس. وقد شدد بيان الجلسة الافتتاحية على أن تصاعد الحمائية والأحادية يؤثر مباشرة فى الأسواق الناشئة، مع التأكيد على أن تعزيز التعاون الاقتصادى لتحقيق الازدهار المشترك هو الهدف الرئيسى والأولوية لمجموعة بريكس". شارك فى أعمال القمة إلى جانب الدول الأعضاء فى المجموعة رؤساء سبع دول إفريقية، ووفود من مصر والأرجنتين وتركيا وجامايكا.
وتعد الصين أكبر شريك تجارى للقارة الإفريقية، والتى أصبحت أيضا أكبر مقرض لها بحيازة ما يزيد على 14% من الديون السيادية الإفريقية بقيمة تتجاوز 100 مليار دولار منذ عام 2000. شهدت أعمال القمة العديد من الصفقات أبرزها تدشين "آلية استثمارات بريكس" المعنية بتسهيل الاستثمار فى دول المجموعة. وتعهدت بكين بضخ استثمارات جديدة فى جنوب إفريقيا، تعد الأكبر فى تاريخ الصين، وبنحو 14.7 مليار دولار، وتتضمن قروضا لمشروعات للطاقة.
المبادئ الأساسية ل"العقد الذهبى" الثانى لبريكس: * تشكيل نظام اقتصادى متعدد الاقتطاب *إعادة تشكيل نظام الحوكمة العالمية *التمسك بالتعددية والانفتاح ومعارضة الأحادية وسياسة الأبواب المغلقة *إطلاق شراكة بشأن الثورة الصناعية الجديدة * تعميق التعاون فى مجالات الرقمنة والتصنيع والابتكار والشمول * نمط جديد للعلاقات الدولية * التمسك بروح بريكس