عمليات جنى أرباح أو قفزة فى المؤشرات تلعب البورصة المحلية لأى دولة دورا مهما فى معرفة أوضاعها الداخلية وتوضيح مدى استقرار اقتصادها وثقة المستثمرين به، فتحركات الأسهم هى مقياس لا يخطئ لمعدلات المخاطر الداخلية المتوقعة، فإذا كان هناك شعور عام بالاطمئنان فإن الأسهم تتجه صعودا نظرا للإقبال على الشراء، أما إذا كان هناك شعور بالقلق من حدوث بعض التوترات التى قد تؤثر فى حركة الاقتصاد فيتجه المستثمرون المصريون والأجانب إلى سحب أموالهم خوفا من انخفاضات غير متوقعة لأسعار الأسهم قد تتسبب فى خسائر فادحة لهم، وهذا يؤكد ما تقوله الأعراف الدولية إن البورصة هى المرآة الحقيقية للأوضاع الداخلية لأى دولة فى العالم.
ونظرا لأن الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة، فإن مؤشرات البورصة المصرية خلال هذا الأسبوع قد تكون أكثر تعبيرا عن توقعات المرحلة المقبلة من صناديق الاقتراع فى الانتخابات الرئاسية. أما سيف عونى عضو مجلس إدارة إحدى شركات الأوراق المالية يقول: إن البورصة ارتفعت منذ بداية العام لمستويات غير مسبوقة بسبب استقرار الأوضاع السياسية وإجراءات الإصلاح الاقتصادى. وهناك 3 سيناريوهات متوقعة لأداء البورصة خلال أسبوع الانتخابات، أولها أنه من المتوقع استغلال المضاربين ليومى الانتخابات فى عمليات جنى أرباح تطبيقا لمبدأ "اشترى عند المعلومة وبيع عند الخبر"، حيث إن الجميع مطمئنون على سير العملية الانتخابية دون مشكلات فكانوا يقومون بعمليات شراء واسعة على توقعات تؤكد استمرار الاتجاه الصاعد للبورصة يصل إلى ذروته فى يومى الانتخابات وهو أنسب وقت لتحقيق أرباح لأسعار الأسهم، ما قد يتسبب فى انخفاض مؤشر البورصة وهذا سلوك متوقع للمستثمرين حدث قبل ذلك عدة مرات يوم الاستفتاء على الدستور وأثناء الانتخابات الماضية، محذرا من أنه إذا قامت صناديق الاستثمار بعمليات جنى أرباح أيضا فى الوقت نفسه فقد يحدث انخفاض كبير للبورصة بسبب اتباع الأفراد سلوك الصناديق. أما السيناريو الثانى هو استمرار الاتجاه الصاعد للبورصة بسبب قيام بعض الشركات بالإعلان خلال هذا الأسبوع عن عقد جمعيات عمومية أو الإعلان عن نتائج أعمال متوقعة أو أى أحداث جوهرية متعلقة بالأداء المالى للشركات. أما السيناريو الثالث فهو مرهون بقرار لجنة السياسة النقدية الخميس 29 مارس الجارى، فإذا أعلن البنك المركزى خفض أسعار الفائدة فسيكون عائد الاستثمار فى البورصة أعلى من ودائع البنوك، وهو ما سيجذب استثمارات جديدة للبورصة تبحث عن عوائد استثمار أعلى من البنوك. ويقول عونى عبد العزيز رئيس شعبة الأوراق المالية باتحاد الغرف التجارية: إن البورصة تتجه صعودا منذ بداية العام بسبب الاستقرار السياسى وبسبب إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى تتم منذ فترة، بالإضافة إلى تضاعف القوة الشرائية للمستثمرين العرب والأجانب بعد قرار تعويم الجنيه. وأضاف أنه بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية دون أى مشكلات أو توترات تعكر الأجواء السياسية فمن المتوقع أن تجذب البورصة شرائح جديدة وتستكمل البورصة الاتجاه الصعودى خاصة بعد إعلان الحكومة قرب طرح شركات عامة جديدة فى البورصة. أما محمد ماهر الرئيس التنفيذى لإحدى شركات تداول الأوراق المالية فأكد أن هناك اتجاها صعوديا قويا للبورصة ولكن قد تصاحبه حالة من الترقب لدى المستثمرين هذا الأسبوع لحين انتهاء الانتخابات، مشيرا إلى أن كل المؤشرات الاقتصادية على مستوى الدولة تعد مؤشرات إيجابية، فهناك استقرار اقتصادى ناتج عن تنفيذ مشروعات قومية عملاقة واستقرار سعر الصرف وزيادة حجم الصادرات وعودة السياحة بشكل نسبى واتباع سياسات نقدية أقل تحفظا بعد ارتفاع احتياطى النقد الأجنبى وبداية انحسار موجة التضخم وكل هذه المؤشرات تسببت فى وجود روح من التفاؤل لدى المستثمرين. وأضاف ماهر أنه إذا حدثت عمليات جنى أرباح لبعض أسعار الأسهم التى حققت مراكز مالية كبيرة فلن تنخفض البورصة بشكل كبير ولن يتجاوز انخفاض الموشر 200 أو 300 نقطة مقارنة بارتفاع يزيد على ألف نقطة خلال الفترة الماضية لأن المستثمرين الذين سيقومون بعمليات جنى أرباح هم من المستثمرين قصيرى ومتوسطى الأجل، لكن الذين يستهدفون الاستثمار طويل الأجل فأعتقد أنهم سيحتفظون بأسهمهم ترقبا لمزيد من ارتفاع الأسعار خلال الفترة المقبلة. أما شيماء عبد المجيد نائب مدير إدارة البحوث بإحدى شركات الأوراق المالية فقالت: إن الانتخابات لن يكون لها تأثير مباشر على البورصة، فهى أساسا فى اتجاه صاعد وبالتالى إذا لم تكن هناك أى أحداث سلبية مصاحبة للانتخابات فستسكمل اتجاهها الصاعد إلا إذا حدثت عمليات جنى أرباح خلال أيام الانتخابات بسبب حدوث تشبع شرائى وانخفاض القوى الشرائية فى السوق، موضحة أن السوق وصل إلى مستويات غير مسبوقة وتخطى حاجز 17 ألف نقطة بقيادة قطاع البنوك والعقارات ثم الخدمات المالية والصناعية والشحن، وهى ظاهرة لم تكن تحدث من قبل أن تكون هناك نقاط بيعية عند أسعار محددة، ولكن الأسهم لم تقف عندها واستكملت اتجاهها الصعودى وهو ما يدل على أن أصحاب الأسهم عندهم يقين بأن القيمة الحقيقية للأسهم التى يملكونها أعلى من القيمة السوقية الحالية وبالتالى لم يبيعوا عند النقاط البيعية المعروفة. وأضافت شيماء أن المناخ العام فى مصر بدأ يشهد تحسنا ملحوظا سواء من الجانب السياسى أو الاقتصادى وبالتالى يقف الجميع الآن فى حالة ترقب ممزوجة بالأمل فى انتظار ظهور ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى عانى منه الشعب المصرى كثيرا على مدى السنوات السابقة.