تريليون دولار.. خسائر الشركات الأمريكية بسبب سطو الصين على حقوق الملكية الفكرية فى الوقت الذى تستحوذ فيه «الحرب التجارية العالمية» على اهتمام العالم، تدور معركة أخرى، لا تقل أهمية، بين أكبر اقتصادين فى العالم حول الهيمنة الرقمية. وهى المعركة التى تتمتع فيها الصين بميزات تنافسية خطيرة على الولاياتالمتحدة بما يرجح فوزها. على مدار السنوات العشر الماضية كان هناك نوع من التناغم الصناعى بين الولاياتالمتحدةوالصين على الصعيد التكنولوجى، حيث كان يتم مثلا تصميم تليفونات آبل فى كاليفورنيا لكن تجميعها يكون فى مصنع الصين، دراسة أمريكية:
14 تريليون دولار.. مكاسب الاقتصاد العالمى من ثورة الروبوتات بحلول 2035
خبراء يحذرون: الصين سوف تتفوق على أمريكا فى الذكاء الاصطناعى بحلول 2025
وهكذا كانت تسير الأمور بين أكبر اقتصادين فى العالم. وفى رأى تقرير لمجلة الإيكونومست أن اليوم تغيرت الأوضاع كثيرا وصعود الصين تكنولوجيا يثير مخاوف أمريكية بخصوص الريادة الرقمية، ما يطرح بقوة تساؤلات حول ما إذا كانت ستفوز بها الصين أم تحتفظ بها الولاياتالمتحدة لمدة أطول. فالصين باتت لديها شركات تكنولوجيا بمستوى عالمى، -مثل «على بابا» و»تينسنت» - بقيمة سوقية نحو 500 مليار دولار، ما يجعلها على قدم المساواة مع فيسبوك وغيرها من شركات التكنولوجيا الأمريكية العملاقة، كما أن الصين تعد أكبر سوق للمدفوعات الإلكترونية، ولديها أيضا أسرع سوبر كمبيوتر، وحاليا تبنى أكبر مركز لأبحاث الكمبيوتر، وسينافس برنامجها الملاحى المقرر إطلاقه بحلول 2020 نظام «جى بى اس» الأمريكى. الصين هى موطن أكبر وعاء لعلماء الذكاء الاصطناعى، ولديها 800 مليون مستخدم للإنترنت بما يزيد على أى دولة أخرى، والذى يعنى أنه فى حوزتها حجم بيانات أكبر ما سيفيدها فى صناعتها الوليدة للذكاء الاصطناعى (البيانات هى المادة الخام لصناعة الذكاء الاصطناعى). صعود الصين التكنولوجى كان واضحا للعالم فى المؤتمر السنوى للذكاء الاصطناعى فى ولاية نيو اورليانز خلال فبراير الماضى، حيث زادت لأوراق العلمية الصينية المقدمة عن الأمريكية بنحو 25% (1242ورقة صينية مقابل 943 أمريكية)، هذا فى حين أن الولاياتالمتحدة كانت دائما هى نجم المؤتمر منذ إطلاقه أول مرة فى عام 1980. الجدير بالذكر هنا أن السلطات الأمريكية تجرى تحقيقا واسعا هذه الأيام مفاده أن سرقة الصين للملكية الفكرية كبد الشركات الأمريكية نحو تريليون دولار. كان الكونجرس فى وقت سابق من هذا العام قدم مشروع قانون لوقف تعامل الحكومة الأمريكية مع اثنين من شركات الاتصالات الصينية، «هاواوي» و»ZTE» . وفى سياق المخاوف الأمريكية، حذر أريك شميدت الرئيس السابق لالفابت، الشركة الأم لجوجل، أن الصين سوف تتفوق على أمريكا فى مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى بحلول 2025. وفى مؤشر آخر على المخاوف الأمريكية من صعود الصين التكنولوجى وريادتها للجيل الخامس، عطل ترامب مؤخرا صفقة استحواذ «برودكوم» السنغافورية على «كوالكوم» لصناعة المعالجات الدقيقة، معتبرا أنها ستضر بالأمن القومى للولايات المتحدة. لكن بالنسبة للولايات المتحدة الحفاظ على هيمنتها التكنولوجية مسألة حيوية للغاية، فالأمر لا يتعلق بتليفزيونات أو لعب أطفال، وإنما بتكنولوجيا المعلومات التى هى أساس أى صناعة والقوة المدمرة لأى نظام تسلح متقدم. ويوضح مراقبون أهمية القضية فى سيطرة حكومة بكين ودعمها لشركات التكنولوجيا الصينية حتى إن كانت شركات خاصة وليس عامة. ونظرا لأن عدد سكان الصين أكبر من أوروبا وأمريكا مجتمعين، فإن شركات التكنولوجيا الصينية مثل «تينسنت» و»بايدو» و»على بابا» باتت شركات عالمية عملاقة من حيث عدد المستخدمين والقيمة السوقية، وجميعها تستثمر مبالغ طائلة فى الذكاء الاصطناعى. وفى رأى كبير مهندسى شركة «بايدو» أن «الذكاء الاصطناعى هو الكهرباء الجديدة» ويقول إن الصين هى مولد الطاقة لجميع محطات التكنولوجيا فى العقود القادمة. كيف تواجه أمريكا صعود التنين تكنولوجيا؟ وفى ظل احتدام المنافسة بين أكبر اقتصادين فى العالم، ينصح الخبراء بأن تستفيد الولاياتالمتحدة من تجربتها السابقة مع الاتحاد السوفيتى، فكان سلاحها الأساسى للتفوق عليه فى مجال التسلح والفضاء فى فترة الخمسينيات والستينيات بالإنفاق ببذخ على التعليم والأبحاث والتكنولوجيا، بالإضافة إلى نظام الهجرة الجاذب للعقول الواعدة من جميع أنحاء العالم، وهى السياسية التى ساعدت على نجاح «سيليكون فالى» وتفوقها على جميع المناطق التكنولوجية العالمية. لكن الواقع أن الولاياتالمتحدة خفضت إنفاقها على نشاط البحث والتطوير كنسبة من ناتجها المحلى الإجمالى ليبلغ فى عام 2015 نحو 0.6% أو ثلث ما كان عليه فى عام 1964. وما يضر بتنافسية الولاياتالمتحدة على صعيد التكنولوجيا مقترح ميزانية 2019 للرئيس الأمريكى دونالد ترامب بخفض الإنفاق غير الدفاعى بنسبة 42.3% بحلول عام 2028، وهو ما سيؤدى إلى مزيد من الخفض فى الإنفاق على البحوث العلمية. وكذلك نظام الهجرة الجديد الذى يعوق حصول حتى العمالة الماهرة على تأشيرة دخول أمريكا. ويشير مراقبون إلى استهانة ترامب بالبحوث العلمية بوجه عام وهو ما كشف عنه الانسحاب من اتفاق باريس المناخى بزعم شكوك فى قضية الاحتباس الحرارى.
«الذكاء الاصطناعى يغير جميع نواحى الحياة المهنية والاجتماعية»
هذا ما يؤكده الخبراء، ووفقا لشركة الاستشارات العالمية «ماكينزى»، ورغم الاختراق القوى للتكنولوجيات الرقمية لصناعات التجزئة والإعلام وغيرها فإن هناك المزيد من الفرص لزيادة الأتمتة وبنسبة 40%. منذ تفوق جهاز «أى بى إم» على البطل العالمى جارى كاسباروف فى لعبة الشطرنج قبل عشرين عاما، سجلت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى نجاحات خيالية. وبحسب دراسة لمجموعة بوسطن الاستشارية فإن 85% من مديرى الشركات – التى استطلعت آراءهم فى 112 دولة و21 صناعة- يرون أن الذكاء الاصطناعى يعزز تنافسية شركاتهم. وقال 72% منهم إنه خلال السنوات الخمس المقبلة سيشهد المستهلكون تغييرات ملموسة فى السلع والخدمات بفضل زيادة اعتناق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى. ويؤكد خبراء ماكينزى أن تمكين الشركات تكنولوجيا يعتمد بنسبة 50% على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى وال50% الأخرى على تغيير تفكير الموظفين. ويقول المؤيدون إن الذكاء الاصطناعى سيقود الغرب إلى عصر ذهبى جديد من النمو الاقتصادى والإنتاجية والرخاء، وإن كان الأمر يعتمد على الرؤية العامة بخصوص تلك التكنولوجيا الناشئة.
..و 38% زيادة فى أرباح الشركات بفضل الذكاء الاصطناعى
توصلت دراسة حديثة إلى أن حجم مساهمة الروبوتات فى المصانع، المستشفيات، المزارع، الطرق، سيبلغ 14 تريليون دولار بحلول عام 2035. وتفيد الدراسة التى أجرتها شركة الإلكترونيات الأمريكية «ار اس « بأن مشاركة الروبوتات ستزيد أرباح الشركات فى 16 صناعة فى 12 اقتصادا حول العالم بنسبة 38%. وذلك فى ظل توقعات بزيادة سوق الذكاء الاصطناعى من 8 مليارات دولار فى 2016 إلى أكثر من 47 مليارا فى عام 2020. ومن النماذج التى أشارت إليها الدراسة قطاع الرعاية الصحية حيث قدرت أن مشاركة الروبوتات فى قوة العمل ستقود نمو القطاع بنسبة 40%. وتأتى تلك الدراسة فى الوقت الذى يحذر فيه علماء من مخاطر ثورة الروبوتات والجرائم الرقمية.