وعد دونالد ترمب خلال زيارته لبولندا مؤخرا بزيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكي إلى أوروبا، وهو ما أثار قلق مسئولي شركة "جازبروم" للطاقة والمملوكة للدولة في روسيا، في مؤشر علي تصعيد معركة إمدادات الغاز إلى السوق الأوروبية. وتوقع تحليل لصحيفة فاينانشال تايمز أن يثير نمو صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكي تحديات أمام الإمدادات الحالية من الشركة الروسية. وقال أن هذه سوق تعتبرها "جازبروم" فناءها الخلفي كونها المزود المهيمن للغاز الأوروبي والجهة المسيطرة على خطوط الأنابيب الممتدة من روسيا. وتتمتع "جازبروم" بميزات تنافسية من حيث احتياطات ضخمة، وتكاليف إنتاج منخفضة، وتشحن غازها من خلال خطوط الأنابيب التي هي أرخص بكثير من تجميده وتحميله على ناقلة للغاز الطبيعي المسال - ومن ثم الاضطرار إلى إعادة تسييله بمجرد أن يصل إلى وجهته. لكن من ناحية أخري، يتمتع الغاز الأمريكي في أوروبا بميزة سياسية أكبر. فالعقوبات الأمريكية الجديدة على روسيا ، التي وقعها ترمب يوم الأربعاء وأصبحت قانونا، يمكن أن تستهدف خطوط أنابيب تصدير الطاقة التي تخشى واشنطن أنها ستزيد من نفوذ موسكو على إمدادات الغاز إلى أوروبا. ويقول جيسون بوردوف، مستشار سابق للرئيس السابق باراك أوباما،والمدير الحالي لمركز سياسة الطاقة العالمي في جامعة كولومبيا،أن الغاز الطبيعي المسال عادة ما يكون أكثر تكلفة، إلا أن "جازبروم" تواجه خيارات مؤلمة لأن الإمدادات من المنافسين تشق طريقها إلى أوروبا. ويضيف إن المجموعة الروسية يجب أن تختار بين "المنافسة على السعر والدفاع عن الحصة السوقية" أو"تخفيض الإمدادات للحفاظ على الأسعار مرتفعة". العقوبات أيضا تعقد المعركة، خاصة إذا ألحقت الضرر بخط أنابيب "نورد ستريم 2" المتجه إلى ألمانيا، الذي هو قيد الإنشاء. وقد حذر وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، في تصريحات للفاينانشيال تايمز-قبل توقيع ترمب على العقوبات- ان المحاولات لتعطيل خط أنابيب نورد ستريم 2 هي جزء من ممارسات منافسة غير عادلة من قبل الموردين المحتملين للغاز الطبيعي المسال، الذي هو أكثر تكلفة مقارنة بالغاز الطبيعي الذي يمر عبر خطوط الأنابيب. وقال أن هذه القيود الاقتصادية ذات الدوافع السياسية تجعل موارد الطاقة في السوق في نهاية المطاف أكثر تكلفة. تصريحات نوفاك تلقي الضوء على المخاطر بالنسبة لبعض البلدان الأوروبية. ويقول محللون إن الاتحاد الأوروبي سيكون بحاجة إلى زيادة واردات الغاز على المدى القصير على الأقل، بسبب انخفاض الإنتاج المحلي في بلدان مثل هولندا والمملكة المتحدة. وخط أنابيب نورد ستريم 2 هو جزء من استجابة "جازبروم" لهذا الارتفاع المتوقع في الطلب. وقد أبرمت "جازبروم" اتفاقيات مع شركات الطاقة الأوروبية الكبرى، بما فيها "رويال داتش شل"، و"أو إم في" النمساوية، و"إنجي" الفرنسية وشركتي "يونيبر" و"وينترشال" في ألمانيا لتمويل 50 في المائة من تكلفة بناء خط الأنابيب التي تبلغ 9.5 مليار يورو. وسيضيف الخط الذي يمر تحت بحر البلطيق 55 مليار متر مكعب من الإمدادات السنوية المتجهة إلى أوروبا. وفي الشهر الماضي بدأت "جازبروم" أيضاً العمل على مضاعفة الطاقة عبر خط أنابيب ستريم التركي الذي هو قيد الإنشاء، الذي سيرفع الطاقة إلى 30 مليار متر مكعب من الشحنات السنوية إلى تركيا وجنوب أوروبا. وزادت المجموعة الروسية من قبل الصادرات إلى أوروبا بنسبة سنوية 12.3 في المائة خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2017، بعد زيادة سنوية بنسبة 12.5 في المائة في عام 2016. ويقول مسئولون في "جازبروم" أن بلدانا مثل بولندا ستضطر إلى دفع سعر أعلي لاستيراد شحنات الغاز الطبيعي المسال الأمريكي، إذا خفضت وارداتها من الغاز الروسي المنقول عبر الأنابيب. مع ذلك، نمو الغاز الطبيعي المسال من الولاياتالمتحدة ودول منتجة مثل أستراليا وقطر، يربط الأسواق الإقليمية التي كانت منفصلة سابقاً، ما يسمح بتدفق مزيد من الغاز إلى حيث تشتد الحاجة إليه. ويتوقع أن تنمو إمدادات الوقود فائق التبريد بنسبة 50 في المائة تقريباً بين عامي 2015 و2020. وتعتقد "جازبروم" أنها لا تزال تملك مزايا من حيث السعر، لاسيما أنها بدأت بتخفيف ضوابط التسعير بالنسبة لكثير من زبائنها الأوروبيين الرئيسيين. ووفقاً لتقديرات "جازبروم"، حاليا يبلغ سعر الغاز الأمريكي نحو 2.85 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهو مقياس لمحتوى الطاقة في الوقود. هذا يرتفع إلى أكثر من ستة دولارات بعد إدراج جميع الرسوم المرتبطة بالشحن، وتبريد الغاز وتسييله. هذا مقارنة بنحو خمسة دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في معظم أنحاء أوروبا، حيث تشكل جازبروم نحو ثلث الإمدادات. وترغب بعض البلدان الأوروبية في كسر القبضة الروسية على السوق، حيث يمثل الغاز الطبيعي المسال نقطة نفوذ. ربما يتبين أن هذه معركة أمريكية - روسية الفائز فيها هم الزبائن في أوروبا من شركات المنافع في ألمانيا إلى الصناعات المتعطشة للطاقة في المملكة المتحدة.