يترقب المجتمع التجارى والصناعى المصرى إصدار قانون الجمارك الجديد الذى تراهن عليه وزارة المالية فى اصلاح العيوب التى يتضمنها القانون الحالى الذى يعود تاريخ إصداره إلى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وأدخلت عليه 3 تعديلات منذ صدوره بأرقام 75 لسنة 1980 و175 لسنة 1998، و160 لسنة 2000، إلا أنه لا يزال يتضمن بنودًا يقول خبراء الجمارك إنها مهلهلة. ومن أهم التعديلات التى يتضمنها القانون الجديد، رفع قيمة الغرامة فى المخالفات الجمركية إلى مثل الضرائب الجمركية المتهرب منها (المعرضة للضياع)، وبالنسبة لجرائم التهريب للرسائل الواردة بغرض الاتجار توقع عقوبات مغلظة تشمل الغرامة بما لا يقل عن 5 آلاف جنيه ولا تجاوز ال 50 ألفا والحبس لمدة لا تقل عن عام ولا تجاوز 5 أعوام، بجانب سداد تعويضات تعادل مثلى الضريبة الجمركية وإذا كانت البضائع المهربة من الأصناف الممنوعة يكون التعويض مثلى الضريبة الجمركية أو مثلى قيمة البضائع أيهما اكبر. ويقول رزق أحمد رزق، وكيل وزارة المالية السابق، إن القانون الحالى رقم 66 لسنة 1963 صدر أيام الاقتصاد الموجه وكان هدفه حماية الصناعة الوطنية حينها بعد قرارات التأميم، وبالتالى لم يعد مناسبًا للاقتصاد الحر الذى تنتهجه الدولة حاليًا. وأضاف أن القانون لم يعد يتماشى مع اتفاقية الجات حيث تحصل مصر على تأجيلات على تطبيق الاتفاقية لحين إصلاح الأوضاع إلا ان الأمر يحتاج لتعديل، كما أن القانون به مواد مطعون علها بعدم الدستورية خصوصا فيما يتعلق بعقوبات التهريب، الأمر الذى يجعله قانون مهلهلاً. ولفت إلى أن القانون الجديد راعى التيسير على المستثمرين فيما يتعلق بتخفيض الضريبة من 5٪ إلى 2٪ مع إمكانية تقسيطها، فالمستثمر غالبا ما ينفق نسبة كبيرة من أمواله على التأسيس وشراء الأرض والتجهيز، ويفاجأ بنقص فى السيولة عن استيراد السلع الرأسمالية، الأمر الذى قد يوقفه عن الإنتاج. وقال إن مواد التهريب فى القانون الجديد «مغلظة»، إلا أنه نمتلك قدرا كبيرا من الموانى والمطارات التى تجعل إحكام السيطرة عليها كلها صعبًا. فى المقابل، قال أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين: إن القانون يتضمن تقييدًا للاستيراد من الخارج وكل مزاياه تصب لصالح الصناع فقط، الذين يسيطرون على القرار فى المجموعة الاقتصادية بالحكومة على حد تعبيره. وأوضح أن أغلب التهريب الذى يدخل مصر يكون عبر نظام السماح المؤقت أو المناطق الحرة الخاصة، موضحًا أن مصر تستورد 70٪ من احتياجاتها من الخارج وبالتالى يجب أن يتضمن القانون أيضًا تيسيرات لعملية الاستيراد. وأضاف أن القرار يصب لمصلحة المحتكرين والمهربين الذين يقوم بعضهم باستيراد المنتجات «مفككة» ويعيد تركيبها وتجميعها فى مصر ويهرب من الجمارك على اعتبار أن ما يفعله صناعة، مما يضيع على الدولة مليارات الجنيهات سنويًا. مجدى عبد العزيز، رئيس مصلحة الجمارك، يرد على اتهامات المستوردين، قائلاً: إن القانون الجديد يتضمن تيسيرات غير مسبوقة لخدمة المجتمع التجارى والصناعى من أبرزها السماح بتأجيل وتقسيط سداد الضريبة الجمركية على الآلات والمعدات وخطوط الإنتاج لأغراض الإنتاج الزراعى أو الصناعي، بجانب تشديده فى عمليات مكافحة التهريب حماية للصناعات الوطنية وحفاظاً على حقوق الخزانة العامة للدولة. وأضاف أنه يشمل أيضًا تحديدا حصريا وشاملا للمخالفات وعقوباتها بما يراعى أحكام المادة العاشرة من الاتفاقية العامة لمنظمة التجارة العالمية، بجانب استحداث نظم جمركية جديدة مثل الاستعلام المسبق وبموجبه يستطيع المتعاملون مع الجمارك الاستعلام عن القوانين والقرارات المعمول بها قبل الاستيراد أو التصدير. وأوضح أنه يعيد أيضًا بعض النظم الجمركية مثل السماح المؤقت لمظلة ورقابة مصلحة الجمارك حيث إن التشريعات الحالية تقيد رقابة الجمارك عليها، الأمر الذى يخالف الاتفاقيات الدولية، مضيفًا أن القانون الجديد سيتضمن العمل بنظم المراجعة اللاحقة والأسواق الحرة، بجانب وضع أساس قانونى لعمليات السداد الالكترونى للضرائب والرسوم وتبادل المستندات والنماذج بين المصلحة وذوى الشأن إلكترونيًا، ما يسمح بالإفراج المسبق عن الشحنات قبل ورودها للبلاد تيسيرا على المجتمع التجارى والصناعى وبموجبه يتم البدء فى إتمام الإجراءات الجمركية بمجرد شحن هذه البضائع فى بلد التصدير وقبل وصولها للموانى المصرية. وأضاف أنه فى حالة توافر شروط العود أى تكرار ارتكاب الجريمة تضاعف التعويضات، حيث ينص على مضاعفة التعويض إذا سبق لنفس الشخص ارتكاب جريمة خلال السنوات الخمس الماضية حتى ولو تم التصالح فيها. وقال إن القانون ينص أيضًا على مصادرة البضائع محل التهريب وجوبياً إذا كانت من الأصناف الممنوع استيرادها وإذا لم يتم ضبطها يحكم بما يعادل قيمتها مع جواز الحكم بمصادرة وسائل النقل والأدوات والمواد التى استعملت فى التهريب. وأوضح أن القانون وضع ضوابط أيضًا لعمليات التصالح فى جرائم التهريب تشمل عدم جواز التصالح بعد صدور حكم نهائى او حالات العود، كما يجرم القانون حالات الشروع فى التهريب أو الشروع فى استيراد الضريبة بغير وجه حق، كما يسمح لسلطات مكافحة التهريب بتتبع البضائع المشتبه فى تهريبها عند خروجها من الدوائر الجمركية أو نطاق الرقابة الجمركية. وأضاف أن التخزين المؤقت يسمح للمستورد بإدخال البضائع وتخزينها تحت رقابة الجمارك إلى حين تقديم إقرار البضائع وإتمام الإجراءات الجمركية، وكشف عن اتجاه مصلحة الجمارك لتطبيق نظام الشباك الواحد لإتمام الإجراءات الجمركية تيسيرا على المتعاملين مع الجمارك حيث سيوجد تحت مظلته جميع الجهات ذات الصلة والمشاركة فى منظومة الإجراءات الجمركية للإفراج عن البضائع مثل هيئة الرقابة على الصادرات والواردات وهيئات الموانى والتوكيلات الملاحية وهو ما سيسهم فى تخفيض زمن الإفراج إلى المعدلات العالمية.
