تعنى جميع الدول المتقدمة والنامية عناية كاملة بأجهزتها الادارية باعتبارها أهم الآليات الفعالة لتحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ولكى تقوم تلك الأجهزة برسالتها على الوجه المطلوب يجب اختيار العنصر البشرى الصحيح وتنفيذ تشريعات مجردة المنشأ دون هوى المسئولين تكفل حماية الأفراد دون التمييز بينهم. فهل وضعت الحكومة ذلك نصب عينيها.. هذا ما سوف تكشف عنه الحقائق التالية.. من المسلم به أن أهم أدوات تخطى الأزمات المتراكمة عن فساد النظم السابقة هو اختيار قيادات ادارية تؤمن بوطنها وتتمتع بالأهلية والجدارة الكاملة والقدرة على البذل والعطاء والادارة الرشيدة الفعالة دون تعارض المصالح الخاصة بمصالح البلاد وفقا لمبادئ الدستور التى قضت بأن الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة ودون محاباة أو وساطة وتكليف القائمين بها يكون لخدمة هذا الشعب العظيم ورعاية مصالحه، وعلى الدولة كفالة حقوقهم وحمايتهم لقيامهم بأداء واجباتهم على النحو الأمثل والمطلوب. فى إطار ذلك صدر القانون 5 لسنة 1991 بشأن الوظائف المدنية القيادية بالجهاز الادارى للدولة ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس الوزراء رقم 1596 لسنة 1991 التى أوجبت أحكامها على جميع ادارات شئون العاملين بالوزارات والمصالح الحكومية إعداد بيان شهرى عن الوظائف القيادية الخالية لظروف طارئة او المتوقع خلوها لبلوغ شاغليها سن التقاعد القانونية وذلك خلال ستة أشهر على ان يتضمن هذا البيان مسميات تلك الوظائف ودرجاتها المالية وشروط شغلها ويعرض هذا البيان على الوزير المختص او السلطة المختصة للنظر فى اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو الإعلان عن شغل هذه الوظائف. وقد أكد ذلك نص المادة الثالثة من قرار رئيس مجلس الوزراء 781 لسنة 2010 المعدل لبعض أحكام اللائحة التنفيذية السالفة الذكر التى أعطت أحكام تلك المادة للعاملين بالوحدة او غيرهم حق التقدم لشغل الوظيفة المعلن عنها ماداموا استوفوا شروط شغلها على النحو الوارد ببطاقة الوصف الوظيفية لها المدرجة بالهيكل الادارى التظيمى للوحدة صاحبة الإعلان المعتمد من الجهاز المركزى للتنظيم والادارة. تلك هى القواعد الدستورية والقانونية الحاكمة لشغل الوظائف المدنية القيادية بأجهزة ومرافق الدولة وعلى الحكومة تنفيذها على النحو الصحيح.. بتاريخ 19 يناير 2015 طالعتنا جريدة الجمهورية بإعلان وزارة التموين والتجارة الداخلية رقم 1 لسنة 2015 عن حاجتها لشغل وظيفة رئيس قطاع التجارة الداخلية بالدرجة الممتازة ثم أعيد نشر ذلك الاعلان بجريدة الجمهورية بعددها الصادر فى 20 يناير 2015 وذلك لخلو هذه الوظيفة نتيجة بلوغ شاغلها السن القانونية للتقاعد على المعاش فى 31 / 12 / 2014 وصدر بذلك قرار السيد وزير التموين والتجارة الداخلية 316 لسنة 2014 فى 2 / 11 / 2014، كما اشارت المعلومات الى ان من بين المتقدمين لشغل هذه الوظيفة بعضا من السادة لواءات الشرطة الأفاضل الذين تتشرف بهم هذه الوظيفة التى تقع على قمة وظائف قطاع التجارة الداخلية بوزارة التموين، حيث يختص شاغلها بتأدية مهام ذات مسئولية فى مجالات تنمية التجارة الداخلية والرقابة على الأسواق والمعاملات التجارية ومراقبة تنفيذ القوانين واللوائح فى شأن الرقابة التجارية والتعاون الاستهلاكى وحماية البيانات والعلامات التجارية والعمل على تنمية التجارة الداخلية بمختلف جوانبها واتخاذ الحلول المناسبة للمشاكل التى تواجهها والتنسيق مع الجهات المختلفة لدعم وتعديل التشريعات والقوانين الخاصة بتنميتها واتباع الأساليب العلمية فى مجال القطاع والارتقاء بمستوى الأداء فى إطار السياسة العامة للوزارة وبما يتماشى مع تحقيق أهدافها فضلا عن ذلك فإن من الشروط الأساسية لشغل هذه الوظيفة هو قضاء سنة على الأقل بوظيفة رئيس ادارة مركزية وفقا لما نصت عليه بطاقة الوصف الوظيفية الواردة بالهيكل الادارى التنظيمى لوزارة التموين والتجارة الداخلية المعتمد من الجهاز المركزى للتنظيم والادارة والممهور بخاتم شعار الدولة فى 14 / 8 / 2007، كما تجدر الاشارة الى ما قضت به أحكام المادة الثالثة للقانون 5 لسنة 1991 المشار اليها من عدم خضوع اعضاء هيئة الشرطة الموقرة لهذا القانون جملة وتفصيلا، كما ان القرار الجمهورى 2387 لسنة 1967 قضى بأن رتبة اللواء يقابلها وظيفة رئيس ادارة مركزية أى وكيل وزارة وليس وظيفة رئيس قطاع أى وكيل اول وزارة باعتبار ان من الواجبات والمسئوليات الواقعة على عاتقه الاشتراك فى رسم السياسة العامة لوزارة التموين والتجارة الداخلية ووضع الخطط والبرامج لتحقيقها والأهداف الرئيسية للتقسيمات التنظيمية للقطاع والإشراف على تنفيذها فنيا واداريا وهو أمر قد لا يتوافر لغير قيادات القطاع او الوزارة نفسها، تأسيسا على ما سلف فقد بلغت مدة خلو هذه الوظيفة ممن يشغلها شهرين تقريبا علما بأنه كان يتعين الاعلان عنها قبل خلوها فى 31 / 12 / 2014 بستة أشهر، حيث لم تخل هذه الوظيفة فجأة ولكن العمل بردود الأفعال الوقتية وليس بالتوقعات المرئية مع إيقاف تنفيذ القوانين المعمول بها من أخطر صور الفساد الذى ساد البلاد .