قضت محكمة القضاء الادارى الاسبوع قبل الماضى برفض دعوى ضم الصناديق الخاصة للموازنة العامة للدولة الا ان خبراء اقتصاديين جددوا مطالبهم للحكومة بضم تلك الصناديق للموازنة باعتبارها احدى اهم الآليات التى ستوفر عائدا للحكومة يمكن توجيهه لسد جزء من عجز الموازنة الى جانب محاصرة الفساد المستشرى فى اواصر هذه الصناديق، وضمان تنفيذ قوانين الحد الاقصى للاجور بالمؤسسات الحكومية. وقالوا: ان سعى الحكومة الدائم لمعالجة الوضع الاقتصادى السيئ والموروث من العهود السابقة يدفعها الى البحث عن طرق سهلة التنفيذ فلا يعقل ان تبحث الدولة هنا وهناك عن تعظيم الموارد وتترك الصناديق الخاصة. واشاروا الى ضرورة عرض فكرة ضم الصناديق الخاصة للموازنة على البرلمان المقبل باعتبارها المخرج الاخير لهذه الازمة التى لم تجد حلا منذ سنوات عديدة. واشاروا الى ان استمرار عمل الصناديق الخاصة بهذه الآلية بعيدا عن الموازنة يؤدى الى تفاقم الفساد بداخلها الى جانب تعارض ذلك مع تطبيق الحكومة لقانون الحد الاقصى للاجور، حيث يمكن وفقا للنظام المتبع حاليا حصول الموظف العام على مبالغ طائلة مقابل إدارة هذه الصناديق. الدكتور عبد المطلب عبد الحميد رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الادارية اكد انه فى اطار سعى الدولة لتعظيم الايرادات وتقليل عجز الموازنة العامة للدولة لابد من الاسراع بضم الصناديق الخاصة لموازنة الدولة قائلا: اذا كان القضاء يرى عدم جواز ضم الصناديق الخاصة للموازنة فانه حكم قضائى لابد من احترامه. وتابع: الحل يكمن فى عرض ذلك على البرلمان المقبل لانه فى ظل غياب السلطة التشريعية فلن تحسم هذه القضية المحورية خاصة ان الوضع الاقتصادى للبلاد يتطلب البحث عن جميع البدائل المتاحة للموارد قدر الامكان بالتماشى مع السياسات الاخرى الخاصة بسعر الصرف ورفع الدعم. واشار الى ان البرلمان المقبل سيحسم هذه القضية بشكل نهائى خاصة ان الحديث عن هذه الصناديق مستمر منذ زمن طويل فى ظل تقديرات مختلفة لقيمة واحجام هذه الصناديق فالخبراء والباحثون يتحدثون عن ارقام بالمليارات فى حين تؤكد الحكومة انها لا تتجاوز الملايين وحرب الارقام هذه يجب ان ينتهى. وقال: فى حال رفض البرلمان المقبل لضم الصناديق الخاصة لابد من تطبيق التحول الى موازنة البرامج والأداء، وهو ما يحقق اعظم عائد على هذه الصناديق ويضمن بالتبعية تحقيق افضل نتائج لهذه الصناديق والكشف عن نتائجها على ارض الواقع. وقال رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات ان عدم ضم الصنايق يتعارض مع مبدأ الشمول بالموازنة التى تنص على شمول جميع الايرادات العامة للدولة الى الموازنة واذا كان هناك استثناء للصناديق الخاصة فيجب الا يكون بهذا الحجم. واشار الى ان حجم الصناديق الخاصة وارقامها »تقديرية« ولكنها فى نهاية المطاف تؤدى الى تعظيم الموارد وتخفيف الاعباء على الموازنة واعمالا لمبدأ الشفافية لابد من حصر هذه الصناديق واجماليها وكل الاموال التى تضمها. وتابع: هذه الصناديق تعد بابا خلفيا للتلاعب على قانون الحد الاقصى للاجور فالجهات الحكومية التى تمتلك صناديق خاصة سيحصل مديروها على مبالغ طائلة مقابل ادارة هذه الصناديق بما يتعارض مع سعى الحكومة لمنع حصول الموظف العام على ما يزيد على 40 ألف جنيه. وفى نفس السياق اكد د. محمد فؤاد الخبير الاقتصادى ان ضم الصناديق الخاصة سيؤدى الى تخفيف عبء كبير تتحمله الحكومة وتنقله الى المؤسسات المالية وهو عجز الموازنة التى تضطر الدولة فى سبيل سداد جزء منه الى الاستدانة من البنوك ضمن آليات الاقتراض بالسندات والأذون الحكومية. وتابع: لابد من ضم هذه الصناديق على ان يسبقها حصر شامل بأعدادها وقيمة الاموال التى تضمها هذه الصناديق وسواء كانت احجام هذه الصناديق كبيرة او صغيرة فإنها ستسهم فى تحسين الاقتصاد وتخفيف العجز فى الموازنة العامة للدولة. وقال لابد من اجراء دراسات قانونية مستفيضة حول طبيعة كل صندوق بحيث يمكن ان تحدد بناء على هذه الدراسات كيفية الضم وهل من الممكن ان يحدث ام لا؟ واشار الى ان هذه الصناديق فى حال ضمها ستؤدى الى تجفيف منابع الفساد الذى انتشر فى معظمها وهو ما يؤدى الى اهدار المال العام بشكل كبير. وقال: ان هذه الصناديق قائمة ولم تتأثر بالاوضاع الاقتصادية فهى اما »كارتة« للطريق او »دمغة« مقابل خدمة وهى امور لا غنى عنها فى حياة المواطن ومواردها لم تنخفض لذلك لابد من حصرها بشكل سريع وضمها للموازنة العامة للدولة. واشار الى ان هذه الصناديق يتم الصرف منها على المستشارين الذين لا يزالون يمثلون عبئا كبيرا على هذه الجهات وهو الامر الذى يعرقل جميع المساعى لضم هذه الصناديق لموازنة الدولة. اكد سمير صبرى المحامي صاحب دعوى اصدار قرار بضم ملكية الصناديق الخاصة وايراداتها للموازنة العامة للدولة بانه تقدم بطعن على الحكم الخاص بعدم قبول الدعوى قائلا: لا يعقل ان تترك اموال الصناديق الخاصة التى تقدر ايراداتها فى العام المالى 2015/2014 بنحو 240 مليار جنيه كفيلة بسد العجز الحالي في الموازنة العامة للدولة. واضاف ان هناك غيابا تاما للرقابة على هذه الصناديق جعلها مرتعا للفساد فى وقت تبحث فيه الدولة عن كل الطرق الخاصة بمواجهة الفساد وتجفيف منابعه. وقال ان ما يحدث من عدم ضم الصناديق يعد اهدارا صريحا للمال العام وافضى الى ثراء فاحش للقائمين عليها مع وجود لوائح تسمح لهم بالصرف والحصول على نسبة من اجمالى ايراد الصناديق قدرت فى بعض الحالات لجامعة حكومية كبيرة بنحو مليون جنيه مرتبا شهريا لرئيس الجامعة فى حين مرتبه الاساسى لا يتجاوز الحد الاقصى للاجور المعلن من قبل الحكومة والمقدر بنحو 40 الف جنيه. وتابع صبرى: لابد ان تضم هذه الصناديق لموازنة الدولة والرئيس السيسى اعلن عن تحويل 15٪ من نسبة الصناديق الخاصة الى الخزانة العامة للدولة ويجب ان يتم ضمها بالكامل. ويرفض د. خالد زكريا امين استاذ الادارة المالية الحكومية بالجامعة الامريكية الضم الكامل لجميع الصناديق الى الموازنة العامة للدولة، مشيرا الى ان الصناديق الخاصة بحاجة الى نظام مالى يحكم عملها، لانها تدار بنظم مالية مختلفة موضحا ان توحيد نظم الادارة المالية لهذه الصناديق يضمن الاسس العامة للادارة المالية لهذه الصناديق كما انها بحاجة الى اجراء دراسة جدوى كل مجموعة متماثلة من هذه الصناديق على حدة وبحث الى أى مدى هناك حاجة لهذه الصناديق وبالتالى الاستغناء عن تلك التى ليس هناك حاجة لوجودها واتخاذ الاجراءات اللازمة الناتجة عن هذه الدراسة من دمج لبعض الصناديق أو إلغاء البعض الآخر او تعديلها او تعديل اللوائح الخاصة بها، اما التعامل المجمع لجميع الصناديق فيعتبر فكرا خاطئا نظرا لان بعض هذه الصناديق يقدم خدمات هامة للمواطنين. اما بالنسبة للآثار المالية الناتجة عن بطلان ضم هذه الصناديق الى الخزانة العامة للدولة فأوضح ان قرار الضم فى حد ذاته له آثار سلبية على الموازنة العامة للدولة نظرا لانها سوف تحمل اعباء اضافية نتيجة هذا الضم فصحيح انه حتى بداية الضم تؤول رءوس اموال هذه الصناديق الاموال المتراكمة فى الصناديق للخزانة العامة الا ان ذلك سوف يحدث مرة واحدة فقط، وبعد ذلك سيقع على الخزانة العامة اعباء هذه الصناديق ومنها اجور العاملين وتكلفة تعيينهم فى الجهاز الادارى للدولة بالاضافة الى عبء تقديم الخدمات التى تقدمها الصناديق وادارة المشروعات التى كانت تقوم بها مما يعنى انه على الأجلين المتوسط والطويل فان قرار ضم الصناديق الخاصة الى الخزانة العامة قرار خاطئ ويزيد من عبء الموازنة العامة للدولة. وتعتبر ادارة الصناديق الخاصة موضوعا معقدا ومتعدد الابعاد الا انه يجب التعامل بشكل مفرد او مجموعات متماثلة للصناديق الخاصة بما يحقق عائدا ايجابيا للموازنة.