صراع على قانون العمل الجديد! مجلس النواب يبدأ مناقشته قريبا والقانون يعيد التوازن بين العامل وصاحب العمل تحقيق-دعاء عبد المنعم وعلى قناوى: قريبا يبدأ مجلس النواب في مناقشة مشروع قانون العمل الجديد الذي أحالته الحكومة للمجلس، لكن يزاحم هذا المشروع مشروعان آخران تقدم بأحدهما اتحاد العمال وتقدم بالثاني النقابات المستقلة. وبغض النظر عن حجم التضارب أو التوافق بين مشروعات القوانين الثلاثة وأيها سوف تكون له الفرصة الكبرى، يبقي جوهر القضية وهو أن مصر أصبحت في حاجة ماسة لقانون جديد للعمل ينظم علاقات الأطراف الفاعلة علي نحو أكثر توازن وعدالة ويحقق مصالح الاقتصاد الوطني في إيجاد بيئة عمل جاذبة وإيجابية وداعمة للإنتاج. ويأتي قانون العمل الجديد في إطار سلسلة من التشريعات الاقتصادية التي تعتزم الحكومة إنجازها قريبا وفي مقدمتها قانون الاستثمار والإفلاس بهدف تحسين بيئة الأعمال وإزالة العقبات التى يشكو منها المستثمرون. وإذا كانت استثمارة »6« تمثل «بعبع» العمال في القانون القديم، فقد جاء مشروع القانون الجديد ينظم آلية الفصل والاستغناء عن العامل بطريقة عادلة تحفظ حقوق العامل وصاحب العمل في إبداء كل منهما ما يراه من أسباب وبمشاركة طرف ثالث محايد وهو الحكومة. هنا إطلالة علي مشروع قانون العمل الجديد ورؤية مختلف الأطراف له، ومحاولة للإجابة عن سؤال محوري هو: هل يدفع القانون المقترح الاقتصاد المصري خطوة للأمام أم لا؟ التفاصيل فى الصفحات التالية... نهاية عصر الاستمارة "6" رؤى متباينة حول مشروع قانون العمل الجديد يكشف عنها عدد من الخبراء والقيادات العمالية ولاسيما أن 60 ملاحظة أبدتها جهات ذات صلة حول المشروع وذلك في السطور التالية... يقول جبالي المراغي -رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب ورئيس اتحاد عمال مصر- إن اللجنة تلقت كلا من مشروعي القانونين المعدين من قبل كل من وزارة القوى العاملة واتحاد العمال، وأنها ستطرح للمناقشة أمام اللجنة خلال الأسبوع الحالي بحيث يتم إصدار قانون متوازن يراعي مصلحة العامل وصاحب العمل في آن واحد. ويؤكد أن القانون الجديد سوف يشتمل على مواد تقضى تماما على الفصل أو النقل التعسفي للعامل، حتى يمكن القول إن بيئة العمل في مصر سوف تودع استمارة 6 للأبد، مشيرا إلى أنه في حالة الإقالة والاستقالة فالقانون سوف ينص على أن تتم الاستقالة من خلال إخطار وزارة القوى العاملة وبوجود كل من العامل وصاحب العمل في مكتب العمل، وهذا فيه حفاظ على العامل وتحقيق الأمان الذي افتقده في ظل القانون القديم. بيئة عمل مناسبة ويضيف أن القانون الجديد سيتضمن مواد تكفل للعامل بيئة عمل مناسبة وسيتضمن تأمينا صحيا واجتماعيا، وسوف يتلافى جميع السلبيات التي تضمنها القانون القديم -القانون رقم12لسنة 2003 التي أضرت بالعامل على مدار سنوات طويلة. ويشير المراغي إلى أن مسودة القانون النهائية - التي ستوفق وجهات النظر بين البرلمان واتحاد العمال والحكومة- لن تخرج إلى النور إلا بعد عقد لقاءات ومشاورات مع جميع النقابات العمالية على مستوى الجمهورية بحيث يتم إصدار قانون تتوافق عليه كل الأطراف ويحقق مصلحة الجميع. ويوضح المراغي أن بيئة العمل في مصر تنظمها عدد من القوانين وليس قانون العمل وحده ومنها قانونا الخدمة المدنية والتنظيمات النقابية والقوانين الخاصة بالتأمين الاجتماعي والصحي للعمال والموظفين، وكلها قوانين قائمة على أولويات اللجنة خلال الفترة المقبلة لإنجازها خاصة أن هذه الحزمة من القوانين لم يطلها التعديل لسنوات طويلة، ولا بد من صياغتها بما يحقق التوازن والتناغم فيما بينها خدمةً لطرفي علاقة العمل من جهة ولبيئة العمل ذاتها من جهة أخرى، مؤكدا أن قانوني العمل والخدمة المدنية يكملان بعضهما البعض ولا يتعارضان. في حين يقول باسم حلقة -الأمين العام للاتحاد المصري للنقابات المستقلة- إن مشروع قانون العمل المطروح من جانب الحكومة يتناقض مع بنود الدستور، ولا يوفر علاقة عادلة ومتوازنة بين العامل وصاحب العمل، وأنه لم يجر عليه حوار مجتمعي حقيقي بدليل أن جلسات الاستماع التي عقدت في مقر الوزارة لمناقشة القانون قبل إرساله إلى مجلس الشعب لم يدع إليها أي من القيادات النقابية أو أعضاء النقابات المستقلة، وتم تجاهل وجهة نظرهم ومقترحاتهم في نص مشروع القانون المقترح. ويضيف أن وزارة القوى العاملة عقدت 6 جلسات لمناقشة القانون بحضور محمد وهب الله وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، وأن النقابات المستقلة تعاملت مع تجاهل الوزارة لوجهة نظرهم بأن سلمت وهب الله نسخة من مشروع القانون المعد من قبلهم لتسليمه إلى مجلس النواب لأخذه في الاعتبار خلال جلسات مناقشة القانون. ويؤكد حلقة أن النقابات المستقلة غير راضية تماما عن مشروع قانون الحكومة خاصة أن الحكومة أرسلته إلى البرلمان دون إرسال نسخة منه إلى منظمة العمل الدولية، وهناك خطاب بهذه الملاحظة ورد من مكتب المنظمة في جنيف إلى وزارة القوى العاملة ما يعني أن القانون به من المواد التي قد تضر بالعمال. سلبيات القانون القديم ويشير إلى أن مشروع القانون الذي قدمته الوزارة مازال يبقي على أكثر السلبيات في القانون القديم ألا و هي إعلاء شأن صاحب العمل على حساب العامل، وأن المشروع تضمن بالفعل إلغاء استمارة 6 عند الفصل لكنه لم يحدد آليات الاستغناء عن العامل بوضوح وطريقة التعامل معه بما يحفظ حقوق جميع الأطراف، فضلا عن أنه لم يحدد آليات التعامل مع العمالة الموسمية وغير المنتظمة، وأغفل تحديد أجور العمال طبقا لتطورات الحالة الاقتصادية والأسعار العالمية. ويقول حلقة: إن مصر على أعتاب نقلة اقتصادية كبيرة خلال السنوات القليلة المقبلة وهي نقلة لن تتحقق إلا بأيدي عمالها، وإنه لا بد من أن يصدر قانون للعمل يعبر عن جميع وجهات النظر، ويراعي مصلحة العامل وصاحب العمل والدولة على السواء، وإن إصدار قانون عمل متوازن وعادل سوف يسهم في تحسين بيئة العمل ويعمل على استرجاع ثقة المستثمر بالدخول إلى السوق المصري بقوة ما دام أنه يوجد قانون يراعي مصلحة جميع الأطراف. حوار مجتمعى أما كمال أبو عيطة، وزير القوى العاملة الأسبق، فيؤكد أن قانون العمل الموحد لم يراع إقامة علاقة متوازنة بين أطراف العمل، حتى يحفظ لكل طرف حقوقه التي كفلها الدستور والقانون في هذا الشأن؛ فالقانون يستلزم مشاركة ثلاثة أطراف رئيسية فى منظومة العمل وهى الحكومة وأصحاب العمل والعمال وهو ما لم تتطرق إليه الحكومة، مشيرا إلى أن انفراد جهة واحدة وهى الحكومة بعرضه على مجلس النواب دون مشاركة صاحب العمل والعمال في هذا الشأن مخالف للدستور، وذلك باعتبار أن الحكومة تنحاز للطرف الضعيف فى هذا الأمر وهو العامل. وطالب أبو عيطة بإدارة حوار مجتمعي يضم الأطراف الثلاثة للقانون، وذلك قبل عرضه على البرلمان، مضيفا أن القانون فيه العديد من المشاكل والتحديات التي تواجه بيئة العمل في مصر، حيث انتهجت الحكومة منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي سياسة تشجيع الاستثمار الخاص وانتهاج سياسة الانفتاح الاقتصادي وهو ما أثر فى بيئة العمل خلال الفترة الماضية، حيث إن الحكومة في هذا الشأن لم تهتم بالطرف الضعيف وهو العامل، ما تسبب في خلق الكثير من المشاكل التي ما زال يعانى منها العمال، كما أن الحكومة لا ترى في المجتمع إلا مجتمع الأعمال فقط وبالتالي لا يوجد تمثيل للعمال، كما أدعو لجنة القوى العاملة في البرلمان أن تعيد النظر في مسودة قانون العمل الجديد الموحد حتى لا يخرج القانون مشوها. وأكد مجدي البدرى، نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال، وعضو المجلس القومي للأجور، أن قانون العمل الجديد الموحد لن يتعارض مطلقا مع قانون الخدمة المدنية، نظرا لأن كل قانون على حدة يخدم فئة معينة من العاملين، فقانون الخدمة المدنية يخدم نحو 5 ملايين عامل فى حين قانون العمل الجديد يخدم نحو 23 عاملا، مشيرا إلى أن قانون العمل الجديد يجب أن يحدد ما هى المعايير التي من خلالها يتم صرف العلاوة للعاملين، وبالتالي يجب على المجلس الأعلى للأجور أن يضع الضوابط التي من خلالها يتم صرف العلاوة من خلالها، وبالتالي يجب أن تكون العلاوة الاجتماعية فى باب الأجور. وأوضح أن قانون العمل الجديد راعى الكثير من الأشياء المهمة التي تحسب له وهو أن الفصل التعسفي لا بد من أن يكون عن طريق المحكمة وليس عن طريق صاحب العمل، وهو ما يضمن حقوق العامل عند صاحب العمل، لافتا إلى أن القانون تطرق أيضا لمسألة مهمة وهى وضع ضوابط صارمة لغلق المنشأة، فهذا القانون تطرق لهذه المسائل المهمة التي تحفظ في الأساس حقوق العامل، كما أن القانون وضع نصا صريحا فى عقود العمل حتى لا يتم إنهاء علاقة العمل دون وجود العامل. مفاوضات جماعية وأكدت عائشة عبد الهادي، وزيرة القوى العاملة السابقة أن قانون العمل الموحد الجديد يجب أن يحتوى على العديد من النقاط المهمة، وهى أن تكون الحكومة ممثلة في وزارة القوى العاملة راعية لجميع المفاوضات الجماعية التي تضم صاحب العمل والعامل، بحيث تصل الأمور إلى شكلها المتوازن حتى يأخذ كل طرف حقه، مشيرة إلى أن الطرف المتضرر هو العامل، وبالتالي يجب على الحكومة أن تتولى خلال الفترة الحالية عمليات التدريب المستمر للعمال لتثقيفهم بحقوقهم، ومن ثم فإن الأحكام التي يتعين أن يتضمنها المشروع، يجب أن تضمن علاقة متوازنة بين أطراف علاقات العمل، تنفيذا للمادة 13 من الدستور، لافتة إلى أنه يجب أن تحفظ الأحكام للعامل حقوقه لدى صاحب العمل، باعتباره الطرف الأضعف فى العلاقة، فتتضمن ما يكفل تقاضيه أجرا عادلا يكافئ ما أسهم به فى العملية الإنتاجية. وقالت: إن عمليات التدريب التي تقوم بها الحكومة تخضع لكل الاتفاقيات الدولية، ومن ثم فإن هذه العمليات تستوجب وضع قواعد للعامل وصاحب العمل، وبالتالي جميع القوانين لن تكون لها جدوى اقتصادية، إلا بالممارسات الفعلية على أرض الواقع، لافتة إلى أن تشغيل المصانع المتوقفة يعد الحل السحري لتدفق الاستثمارات الأجنبية، فالمستثمر الأجنبى ينظر دائما إلى استقرار الاستثمارات القائمة، حتى يستطيع ضخ استثمارات جديدة في السوق المصري، فالدولة يجب أن تعيد النظر خلال الفترة الحالية لإعادة تشغيل المصانع المغلقة لمواجهة البطالة التي يعاني منها سوق العمل في مصر حاليا.