جاءت الاسعار الجديدة للغاز الطبيعي مثيرة للتساؤلات حيث يري البعض ان هناك صناعات لاتزال تحصل علي غاز رخيص لاسباب غير مفهومة وفي مقدمة هذه الصناعات كل من صناعة الاسمدة وصناعة البتروكيماويات. فاذا كان الابقاء علي سعر منخفض للغاز الخاص بمصانع الاسمدة مفهوما استنادا لاهمية الاسمدة للقطاع الزراعي فما هو الجدوي في ذلك بالنسبة لصناعة البتروكيماويات التي يحتكرها بعض كبار رجال الاعمال. هذا السؤال طرحناه علي رئيس الشركة القابضة للغازات الطبيعية المهندس خالد عبد البديع الذي طالب اصحاب المصانع الذين تمتعوا لفترات طويلة بدعم الغاز الطبيعي بأن يتأقلموا مع الزيادة الجديدة والمستمرة في أسعار الغاز.. مؤكدا ان زمن الغاز الرخيص انتهي, وانه لا عودة مرة اخر لدعم الغاز. وقال إن إلغاء دعم الغاز إجراء تأخر طويلا تجاه خفض الهدر وتشجيع الاستثمار في اكتشافات جديدة لتلبية الاحتياجات المستقبلية, لأن الدعم شجع علي الاهدار في الاستهلاك وعوق الاستثمار, مؤكدا ان الزيادة في اسعار الغاز للقطاع الصناعي تعادل سعر تكلفة انتاجه, وان السعر العادل يجب الا يقل عن7 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية. وعن التباين في اسعار الغاز الطبيعي للصناعة والمعيار الذي علي اساسه تم تحديد السعر لكل سلعة, قال إنه تمت مراعاة تحديد أسعار الغاز للصناعات الكثيفة الاستهلاك عند هامش الربح الذي تحققه هذه الصناعات وطبقا للنشاط, لافتا الي أن فلسفة رفع سعر المليون وحدة حرارية بريطانية لصناعة الأسمنت من7 دولارات إلي8 دولارات, هي حث مصانع الاسمنت علي البحث عن مصادر جديدة للطاقة مثل المخلفات التي بلغ سعر المليون وحدة حراريه لها5 دولارات, أو استخدام الفحم الذي وافق مجلس الوزراء علي استخدامه مع وضع الضوابط البيئية, حيث يجب أن يتوقف حرق الغاز في صناعة الأسمنت وتوجيهه للكهرباء والصناعات التي تعطي قيمة مضافة للاقتصاد الوطني. وعن فرق السعر بين البتروكيماويات والاسمدة والصناعات الغذائية, قال خالد عبد البديع ان صناعة البتروكيماويات تعتبر احد الشرايين المهمة للاقتصاد و تصنف علي انها من الصناعات الصغيرة والمتوسطة ولا تحتاج الي استثمارات ضخمة, ولها مردود اقتصادي واجتماعي كبير من خلال ما توفره من فرص عمل مباشرة وغير مباشرة, كما انها تدعم الاقتصاد القومي بمجموعة متنوعة من الصناعات والخدمات, ورفع القيمة المضافة للثروات الطبيعية, والاستغلال الأمثل لما تنتجه من مواد خام تستخدم كمدخلات لتصنيع منتجات نهائية لتلبية احتياجات السوق المحلي وتغذية الانشطة الاقتصادية والتجارية بمنتجات نهائية, للحد من واردات الصناعات الهندسية, وتصدير الفائض وجذب الاستثمارات. اما فيما يتعلق بقطاع الاسمدة فيتم امداده كاملا بالغاز الطبيعي حيث يستخدم الغاز كمادة خام لانتاج الامونيا واليوريا مما يدعم السوق المحلي والتصدير للخارج علاوة علي كونه وقودا, علي عكس الصناعات الغذائية التي تعد منتجات نهائية الصنع وتستهلك بسرعة, تحقق ارباحا مرتفعة, ورغم ذلك تمت مراعاة المواطن. ونظرا لذلك لم تطرأ أي زيادة في الغاز الطبيعي المورد للمخابز البلدية والخبز المدعم حيث ظل سعره عند14.1 قرش لكل متر مكعب, وأن الأسعار الجديدة للغاز الطبيعي المورد للكهرباء حددت ب3 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية, وبالنسبة لصناعات الأسمدة والبتروكيماويات فقد حددت ب4.5 دولار لكل مليون وحدة أوطبقا للمعادلات السعرية المتفق عليها بالعقود. وقد بلغ سعر المليون وحدة حرارية من الغاز الطبيعي للصناعات الغذائية والغزل والنسيج وقمائن الطوب وباقي الصناعات5 دولارات, فيما بلغت8 دولارات لكل مليون وحدة حرارية لصناعة الأسمنت و7 دولارات لكل مليون وحدة حرارية لصناعات الحديد والألمونيوم والنحاس والأسمنت والسيراميك والبورسلين والزجاج المسطح. وأوضح ان انتاج الغاز في مصر يواجه صعوبات لتلبية الطلب المتزايد من جانب محطات الكهرباء التي تستهلك60% من اجمالي انتاج الغاز البالغ47 مليون طن, ومن جانب قطاع الصناعة الذي يستهلك40% من غاز مصر منها60% للصناعات المتوسطة و40% للصناعات الثقيلة و الكثيفة الاستهلاك للطاقة مثل الاسمنت والحديد والاسمدة. ومن جانبه ارجع المهندس شامل حمدي وكيل اول وزارة البترول السابق, ارتفاع الطلب علي الطاقة بمعدل نمو4.6% سنويا خلال العقدين الاخرين الي التوسع الاقتصادي والتصنيع, والتغير في اسلوب حياة الناس, كما زاد استهلاك الكهرباء بشكل غير منطقي, ويعتبر قطاع الكهرباء المستهلك الرئيسي للغاز اذ تبلغ نسبة استهلاكه حاليا حوالي60% مقابل58% العام الماضي, بينما يستهلك القطاع الصناعي اكثر من30% منها10% للاسمدة, و10% للاسمنت. وأكد ضرورة عدم التوسع في استخدام الغاز كمصدر للطاقة واستخدامه كمادة وسيطة للصناعات وتحويله الي قيمة مضافة عالية للاقتصاد المصري في صناعة البتروكيماويات لتوفير فرص عمل, لأنه من غير المعقول حرق90% من الغاز والمازوت في محطات توليد الكهرباء. وشهد دعم الغاز الطبيعي خلال السنوات الخمس الماضية تذبذبا غير طبيعي, ويبدو مستغربا رغم ثبات اسعاره في الاتفاقيات التي لم يطرأ عليها أي تغيير,, حيث ارتفعت من1.559 مليار جنيه2010/2009 إلي8.3 مليار جنيه في العام المالي2011/2010 ثم الي10 مليارات في2012/2011, ثم انخفض الي2.599 مليار عام2013/2012, ثم ارتفع الي8.116 عام2014/2013, ثم تلاشي نهائيا في موازنة العام المالي الحالي.