عملية الانتقال لتطبيق الضريبة علي القيمة المضافة بدلا من الضريبة العامة علي المبيعات, والمطبقة بالقانون رقم11 لسنة1991.. هل تصبح هي الحل لزيادة الإيرادات العامة, وعلاج مشكلة ارتفاع المتأخرات الضريبية التي وصلت في نهاية العام الماضي إلي74.5 مليار جنيه, نتيجة للنزاعات المثارة بسببها بين الممولين ومصلحة الضرائب. إن تطبيق الضريبة علي المبيعات خلال العقدين الماضيين أوضح ما شابها من عيوب لعل من أهمها تعدد فئاتها الضريبية وتشوهها, ففي حين أن فئة الضريبة علي مدخلات انتاج بعض السلع10%, نجد أن الضريبة علي المنتج النهائي5% فقط, وهذا وضع لا يتسق مع المنطق الاقتصادي السليم, ناهيك عن المشكلات الخاصة بقواعد الخصم الضريبي, والتفرقة في المعاملة الضريبية للسلع والخدمات, حتي إنها أصبحت أبعد ما تكون عن العدالة. لذلك فالسؤال المطروح.. هل يمكن بتطبيق الضريبة علي القيمة المضافة أن تنجح الحكومة في علاج المشكلات الضريبية التي تقلل من حركة مجتمع الأعمال, وأن تؤسس لنظام ضريبي أكثر كفاءة وعدالة؟ إن البنيان الضريبي المصري يتسم بضعف مرونته, كما يتسم بانخفاض معدل الاقتطاع الضريبي, والأهمية المتزايدة للضرائب غير المباشرة, والضرائب الجمركية, وهو ما يتوجب معه ضرورة تطويره ليتناسب مع الأوضاع والحقائق الاقتصادية والاجتماعية الجديدة. فالقضية هنا تتعلق أساسا بالإصلاح المالي الشامل وتحقيق كفاءة النظام الضريبي بجميع عناصره, بما يهيئ الظروف المواتية للتشغيل والنمو والعدالة الاجتماعية. في هذا السياق تأتي الدعوة لتطبيق الضرائب علي القيمة المضافة لما تتمتع به من مزايا, إذ بالإضافة إلي مرونة الحصيلة, وسهولة الإدارة, وانخفاض تكلفة تحصيلها, وإمكانية تتبع الدخول الهاربة, تتفادي هذه الضرائب كثيرا من المشكلات التي تواجه حساب الضريبة, كما تتميز بأنها تصيب الجزء من الدخل الموجه للاستهلاك, ولا تصيب الدخل كله, وبالتالي فهي أكثر تشجيعا للادخار من الضريبة علي الدخل, مما يساعد علي تعظيم الموارد المحلية لتمويل التنمية. وهذه كلها مزايا تجعلها أفضل من منظور كل من الكفاءة والعدالة. ونظرا لأنها تفرض علي القيمة المضافة لكل مرحلة من مراحل الإنتاج أو التداول, لذلك فهي لا تفرض علي إجمالي قيمة السلعة كالضريبة علي المبيعات, بل تفرض علي جزء من قيمة السلعة, أي علي القيمة المضافة( الفرق بين قيمة المخرجات والمدخلات). ويرجح الدكتور إبراهيم العيسوي في دراسة حديثة له مزاياها علي ما يمكن أن ينسب إليها من مآخذ. فبفضل اتساع قاعدتها, وتعدد مراحل تحصيلها يمكن أن توفر موارد مالية كبيرة ومستقرة للدولة, فضلا عما يترتب علي تطبيقها من نتائج إيجابية. ولأنها تطبق علي جميع مراحل إنتاج وتداول السلعة, لذلك فهي تتميز بارتفاع قدرتها التحصيلية, وانتظامها, وتقليل فرص التهرب من سدادها, فإذا فقدت الضريبة في مرحلة فإنها تجمع في المراحل الأخري. كما يشير إلي التأثير الإيجابي للضريبة علي التجارة الخارجية, حيث يتمتع المصدرون باسترداد ما سبق لهم أن دفعوه من ضريبة علي مدخلات إنتاج صادراتهم مما يزيد من الميل للتصدير, أما بالنسبة للواردات فهي تفرض علي نحو متكافئ مع المنتجات المحلية المثيلة. ويختلف الرأي فيما يتعلق بالأثر التضخمي للضريبة, ففي حين يري البعض أن من المتوقع أن تؤدي إلي التضخم, يري آخرون أن فرض الضريبة يحد- علي المدي الطويل- من الاتجاهات التضخمية, لكونها محفزة علي الادخار. أيا كان الأمر, فإذا كنا نتصور أن تطبيق الضريبة علي القيمة المضافة بمثابة' شرط لازم' في سياق الإصلاح المالي, فسوف يظل من الضروري استكمال إصلاح باقي عناصر المنظومة الضريبية لتصبح أكثر توازنا وعدالة, وتعظيم مردودها فيما يتعلق بكفاءة تخصيص الإنفاق العام, وتأثيره علي المتغيرات الاقتصادية الكلية, وهو ما يمثل المحك الحقيقي لفاعلية السياسة المالية في دفع حركة النمو.