عندما لا تكفى إيرادات الدولة نفقاتها فإنها تلجأ إلى التمويل بالعجز أو الاقتراض، والغالب أن الاقتراض يتم فى الأوقات التى تواجه فيها الدولة نفقات متزايدة كأوقات الحروب والأزمات والكوارث الطبيعية. الأصل أن يتم الاعتماد على الضرائب لتمويل الإنفاق العام إلا أن الضرائب تتطلب موافقة المجلس التشريعى وهو ما قد يتعذر لصعوبة الموافقة على فرض أعباء جديدة على المواطنين فى النهاية. وتقول دكتورة يمن الحماقى أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس ان الحكومة قد تلجأ من اجل الحصول على التمويل إلى ان تزاحم القطاع الخاص لدى البنوك من اجل نيل القروض فى مقابل اصدار أذون الخزانة التى يصدرها البنك المركزى ذات الفائدة المرتفعة التى تفضلها البنوك هربا من مخاطر اقراض القطاع الخاص هذا ما يطلق عليه المزاحمة crowding out بمعنى إحلال نشاط اقتصادى عام محل نشاط اقتصادى خاص. وتحدد دكتورة يمن الحماقى الآثار السلبية للمزاحمة فى اولا: ان التمويل من خلال الدين العام يسبب آثارا طاردة أو مزاحمة Crowding out effects، لان الأموال التى اكتتب بها القطاع العام زاحمت القطاع الخاص والأفراد فى الاستحواذ على الادخار المتاح الذى كان بالإمكان توجيهه نحو الاستثمار أو بناء المنازل أو زيادة الاستهلاك الذى من شأنه تحفيز الإنتاج وما يترتب عن ذلك من عدم استيعاب العمالة وارتفاع البطالة وانخفاض معدل النمو مما يؤثر بالسلب على مستوى معيشة الفرد. وهكذا فإن جزءا لا يستهان به من «السيولة « الخاصة تم امتصاصها فى القنوات الحكومية مما قد يكون له آثار انكماشية، ونجد انه فى مصر يوجد لدى القطاع المصرفى ما يربو على تريليون جنيه بينما نسبة توظيف الودائع تتراوح بين 40% الى 50%. ثانيا: لتشجيع الاكتتاب فى الدين العام قد تلجأ السلطات العامة إلى رفع أسعار الفائدة على السندات الحكومية. والنتائج المحتملة لذلك إضافة الى انخفاض الاستثمار الخاص تكون ارتفاع معدلات التضخم. لذلك فالإنفاق العام يبدو ذا أثر سلبى فى الإنفاق الاستثمارى فكل زيادة فى حصة الإنفاق العام من الناتج المحلى الإجمالى بمقدار 100% تؤدى إلى انخفاض فى الإنفاق الاستثمارى الخاص بمقدار 27% وهذا يدل على أثر تزاحمى قوى. ففى حالة مصر نجد ان الدين الداخلى وصل الى 1.6 تريليون جنيه وهو رقم خطير نتيجة الاعباء التى تتحملها الموازنة العامة من جراء فوائد الديون التى تشكل عجزا فى الموازنة العامة قد تربو على 200 مليار جنيه سنويا فى العام المالى 2013-2014 بدلا من 134 مليار جنيه العام الماضى. ثالثا: من الاثار السلبية للمزاحمة حدوث خلل فى الميزان التجارى نظرا لعدم تمويل القطاع الخاص ينتج عنه انخفاض قدرته على التصدير للخارج وينعكس ذلك على زيادة سعر صرف العملة الاجنبية نتيجة انخفاض قيمة الجنيه المصرى مقارنة بالدولار. رابعا: من اهم سلبيات المزاحمة عدم الاهتمام بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة من البنوك واستثمارها فى السندات الحكومية المؤكدة المكسب.