تعيش البورصة المصرية حاليا, انتعاشة غير مسبوقة, ربما لم تصلها منذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير, من خلال صعود متواصل واختراق المقاومات الرئيسية القوية, وذلك مع سعي عدة شركات مقيدة إلي زيادة رأسمالها عبر اكتتاب لمساهميها القدامي, الأمر الذي يفتح شهية المتعاملين وصناديق الاستثمار لضخ رءوس أموال جديدة تدعم حركة التداول مع الإعلان عن طروحات أولية جديدة مطلع العام القادم. ويري المراقبون أن إعلان إدارة البورصة عن التفاوض مع4 شركات كبري تعمل في مجالات المقاولات والأسمدة والأدوية, لقيدها بحلول العام المقبل, دفع صائدي الصفقات من المتعاملين المصريين والعرب والأجانب الي التهافت علي الأسهم وسط زيادة ملحوظة في قيم التداول بفضل هدوء الأوضاع السياسية في البلاد. وقال الدكتور محمد عمران, رئيس البورصة المصرية, إن إدارة البورصة تسعي إلي تعويض تخارج عدد من الشركات الكبري من السوق علي مدار العامين الماضيين, عبر قيد شركات جديدة. وبدأت الشركة العربية للأسمنت الأسبوع الماضي, إجراءات قيد أسهمها بالبورصة المصرية, حيث تعتزم الشركة طرح نسبة تتراوح من22.5% إلي40% من رأسمالها البالغ757 مليون جنيه. وقال خوسيه ماريا, الرئيس التنفيذي للشركة' العربية للأسمنت' إن النسبة النهائية للطرح ستتحدد بناء علي إقبال المستثمرين علي الطرح الذي من المتوقع إجراؤه خلال مطلع الربع الأول من2014'. وأشار المراقبون إلي أن الاكتتابات الجديدة من المتوقع ان تعيد للسوق الثقة والانتعاش وذلك رغم العقبات التي تواجهها مثل تراجع حجم السيولة في السوق وقلق المستثمرين, وأيضا سعر الاكتتاب نفسه الذي وصل إلي قيمة أعلي من سعر تداول السهم بالبورصة. وأعلنت شركة بالم هيلز للتعمير إنها ستقوم بزيادة رأسمالها بنحو600 مليون جنيه عن طريق دعوة قدامي المساهمين للاكتتاب في أسهم الزيادة بالقيمة الاسمية للسهم البالغة جنيهين. أما الزيادة الأكبر فهي لشركة' القلعة', التي قالت: إنها ستقوم بالتصويت في جمعيتها العامة علي زيادة رأسمال الشركة من4.358 مليار جنيه إلي8 مليارات جنيه, بزيادة نقدية قدرها3.6 مليار جنيه عبر إصدار728.3 مليون سهم بالقيمة الاسمية له عند5 جنيهات للسهم منها182.093 مليون سهم ممتاز و546.281 مليون سهم عادي, ليصل بذلك عدد أسهم الشركة إلي1.6 مليار سهم تشمل1.2 مليار سهم عادي و400 مليون سهم ممتاز. يقول محسن عادل, نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار, إن البورصة المصرية افتقدت خلال الاعوام الماضية إلي الطروحات الجديدة, التي تعد القوة الدافعة المستمرة لاجتذاب السيولة لسوق الاوراق المالية في كل دول العالم كما انها تعد محور الدور التنموي والتمويلي الذي تقوم به اسواق المال في خلق قيمة مضافة للاقتصاد بحيث تخرج عن فكرة كونها سوقا للمضاربات الي الاطار الاقتصادي المتعلق بتمويل المشروعات الجديدة وخلق مناخ لتجميع المدخرات لتمويل المشروعات التوسعية والتنموية من خلال منظومة اقتصادية اكثر عمقا مما هي علية الان في مصر. أوضح عادل انه بعد خروج عدد كبير من الشركات من البورصة منذ ازالة الاعفاء الضريبي للشركات المقيدة ثم تطبيق قواعد القيد الجديدة خسر سوق المال المصري فرصا ذهبية في اجتذاب طروحات قوية بحيث لم نشهد خلال الاعوام الخمسة الاخيرة الا اقل من15 طرحا, حيث تحول الدور الي تمويل اكتتابات زيادة رأس المال للشركات المقيدة وهو امر لايزال موضع جدل كبير لدي المتابعين في ظل عدم استخدام عدد من الشركات التي قامت بزيادة رءوس اموالها لهذه الزيادة في عمليات توسعية تخدم نشاط الشركة الاساسي وهو ما فعل مقترحا بوضع ضوابط جديدة اكثر تشددا بالنسبة لاستخدامات زيادة رءوس اموال الشركات. وتوقع عادل أن تسهم الطروحات الجديدة في انعاش السوق وعودة المستثمرين الأفراد الذين خرج بعضهم خلال المرحلة الماضية نظرا لما تمثله هذه الطروحات من جاذبية وإغراء لصغار المستثمرين الذين يرون في البورصة نوعا من الاستثمار المربح كما ان شمول الطروحات الجديدة المتوقعة لقطاعات جديدة سيمثل عنصر جذب اضافي. ويري أن عمليات الطرح الجديدة تمثل نوعا من الفرص الاستثمارية الجاذبة للمستثمرين ومن ثم سوف تشهد السوق انتعاشة كبري مع بدء عمليات الطرح الأمر الذي من شأنه أن يعيد البريق الاستثماري للبورصة المصرية في المرحلة المقبلة فالسوق كانت قد افتقدت عمليات الطرح الكبري منذ شهور طويلة وبالتالي ظل المتعاملون يدورون في نفس الحلقة ويتعاملون علي نفس الأوراق المحدودة ومن ثم فإن دخول أسهم كبري للتداول في قطاعات جاذبة من شأنه أن يؤدي إلي رساميل. كما أن الطروحات الجديدة من شأنها أن تبعث برسالة الي المستثمرين العرب والأجانب عن البورصة المصرية ومضمونها أن السوق المصرية لا تزال تحتفظ بحيويتها وديناميكيتها وكذلك رسالة حول الاستقرار الذي تتمتع به سوق المال, وأن أي عوامل خارجية أخري لا تؤثر كثيرا في مسار السوق وتوجهاته المستقبلية نحو مزيد من النضج وكبر الحجم والتأثير علي بنية الاقتصاد الكلي. واختتم عادل حديثه بقوله إن الطرح الجديد في البورصة سوف يؤدي إلي دخول مستثمرين جدد إلي السوق خاصة من شريحة المستثمرين الأفراد بما يضفي مزيدا من الحيوية علي السوق تستمر معها لفترة ليست قصيرة فهذه العمليات الجديدة تبعث شعورا بالاطمئنان علي مستقبل السوق لأن ذلك يعني أن الاقتصاد الكلي لا يزال لديه شركات قادرة علي دخول البورصة, وأن هناك بضاعة جيدة تدخل للسوق وأن هناك ثقة في البورصة كآلية للتمويل والاستثمار في نفس الوقت. وصرح الرئيس التنفيذي لشركة بالم هيلز للتعمير, المهندس محمد سلطان, أن الهدف من زيادة رأس المال هو استكمال الأعمال بمشروعات الشركة في شرق وغرب القاهرة والساحل الشمالي. وقال سلطان إن ثقة المساهمين الرئيسيين للشركة في قدرة القطاع العقاري المصري علي تخطي التحديات والنمو بثبات جاءت بمثابة الحافز الأساسي لزيادة رأس مال الشركة, وهي الخطوة التي تؤكد قوة المركز المالي لبالم هيلز, وتدعم ثقة العاملين والعملاء في الريادة العقارية للشركة في السوق المصري. وقال أحمد هيكل, مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة' القلعة' إن الهدف من زيادة رأس المال تمويل زيادة حصصها إلي ما يتراوح بين51 و100% في أغلب الشركات التابعة, وخاصة الشركات العاملة في5 قطاعات استراتيجية هي الطاقة والنقل والأغذية والتعدين والأسمنت, وذلك بالتوازي مع التخارج من المشروعات غير الرئيسية في غضون السنوات القليلة المقبلة. أضاف هيكل أن المستجدات التي طرأت علي المشهد الاقتصادي منذ فترة الربيع العربي أدت إلي ارتفاع جدوي الاستحواذ علي حصص إضافية في الاستثمارات التابعة علي خلفية انخفاض التقييمات الخاصة بالأصول وارتفاع أهمية السيولة النقدية.