في فرنسا, كانت فضيحة وزير الماليةالسابق, جيروم كاوزاك, المسئولة عن مكافحة التهرب الضريبي والذي تبين انه يمتلك حسابا مضرفيا سريا في سويسرا, مما سبب حرجا شديدا للرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند والي جانب مشاكل ركود الاقتصاد والغضب الشعبي بسبب تسريب وثيقة عن انتشار الملاذات الضريبية اضطر الي اتخاذ موقف حاسم فأعلن عن تعيين قاض خاص للتحقيق في قضايا الفساد والاحتيال الضريبي وتعهد بالقضاء علي الملاذات الضريبية في اوروبا والعالم. ليس هذا فحسب وانما طالب ايضا بإلزام الوزراء واعطاء البرلمان وكبار المسئولين في الدولة بالكشف عن ثرواتهم. وبموازاة ذلك, تقرير الاتحاد الدولي للصحفيين ومقره واشنطن, الذي قدم تفاصيل لأكثر من120 الف شركة وحوالي130 الف شخص, بما فيهم من اكثر من170 دولة, سبب حرجا لكثير من الحكومات التي تفرض اجراءات تقشف لكنها لاتكافح التهرب الضريبي, وكذلك بريطانيا, لأن كثير من الحسابات السرية موجودة في جزر فيرجن وكايمان البريطانية. ويعتقد خبراء بوجود20 الي30 تريليون دولار مخبأة في الملاذات الضريبية في أنحاء العالم. واللائحة السوداء لهذه الملاذات تضم ثلاثة مستويات من السرية اعلي مستوي من السرية توفره جزر المالديف وتاورو, أما ثاني اعلي مستوي ففي جزرالبهاما, برمودا, جزر الانتيل الهولندية, لبنان امارة ليختشتاين, جزر مارشال, موناكو, سيشل وكايكوس ومن الملاذات الضريبية التي تصنف علي انها ثالث مستوي من السرية فتشمل دبي, البحرين, سويسرا, بوتسوانا, اورجواي, جزر كوك وكايمان. وفي أحد التطورات لكشف التسريبات حول اصحاب حسابات في هذه الملاذات, طالبت فرنسا, بريطانيا, المانيا, اسبانيا وايطاليا بتشريع جديد علي نمط القانون الامريكي لمكافحة التهرب الضريبي المعروف ب فاتكا. ForeignAccantTaxcamplianceAct الذي اقره الكونجرس في عام2010 بهدف ملاحقة الاصول الخارجية للأمريكيين المتهربين من الضرائب. وبالفعل, هناك تسعة بلدان في اوروبا لديها خطط لتداول المعلومات الضريبية تلقائيا. وحتي لوكسمبورج اعلنت عزمها علي التخلي عن السرية ابتداء من عام2015 استجابة للضغوط الأوروبية والدولية, ففي ايام التقشف الحالية لايوجد من يستطيع الدفاع عن اولئك الذين يتهربون من دفع الضرائب في بلادهم, ولكن ربما كا مايثير الدهشة هنا هو مرور وقت طويل قبل اتخاذ مثل هذه القرارات الحيوية. ولكن ربما ايضا كان السبب في تحريك المياه الراكدة ليس التسريبات التي استحوذت علي اهتمام الجميع ( في بريطانيا, الضرائب التي تدفعها ستاربكس والشركات متعددة الجنسيات الأخري تدعو الي السخرية), وليس فضيحة وزير الميزانية الفرنسي الذي نفي أكثر من مرة امتلاكه لحساب مصرفي سري, او قيام السلطات الضريبية في المانيا بشراء بيانات من السوق السوداء عن حسابات مصرفية سرية في ليختشاين وسويسرا. ولكن أهم دافع للتغيير هو الأقل ظهورا علي الساحة ويتمثل في استعداد لبسط نفوذها المالي خارج حدودها, فبموجب قانون الالتزام الضريبي للحسابات الخارجية يجب علي تالمؤسسات المالية حتي خارج الولاياتالمتحدة الكشف عن تفاصيل حسابات عملائها من الامريكيين او التعرض لضريبة30% علي اي دخل تحققه داخل امريكا ولذلك فهي قضية محل نقاش بين اعضاء الاتحاد الاوروبي الذيني تفاوضون هذه الايام بخصوص تبادل المعلومات المصرفية عن العملاء الاوروبيين ايضا.وعد من الدول فرنسا, المانيا الصين تساوم علي معاملة البنوك الامريكية بالمثل بالكشف عن حسابات مواطنيها. علي كل حال, معظم حكومات الاتحاد الاوروبي باستثناء لوكسمبورج والنمسا يتم بالفعل بينها تبادل للمعلومات عن فوائد الودائع التي يحصل عليها الاجانب وذلك بموجب لوائح الاتحاد الاوروبي الخاصة بالمدخرات. واعتبارا من العام المقبل سيتم توسيع مجال تطبيق القانون ليشمل اشكال اخري من الدخل بما في ذلك الحصص والارباح المالية والمعاشات التأمين علي الحياة والايجارات والرواتب مع وضع شرط التبادل التلقائي لنفس المعلومات التي يطلب من الدول ان تقدمها علي نحو ثنائي للولايات المتحدة فاذا كانت الدول الاوروبية ستتبادل المعلومات الضريبية مع امريكا, فليتعين ان تفعل الشيء نفسه مع الاعضاء الاخرين داخل الاتحاد الاوروبي. ورضوخ لوكسمبورج اخيرا واعلانها تطبيق قانون المدخرات للاتحاد الاوروبي اعتبارا من العام2015 يفسره البعض انه بدافع الخوف من التعرض للاقتصاد من النظام المالي الامريكيين الذي يجبرها علي تبني سياسة الWhiteMney ولوكسمبورج التي لا يزيد عدد سكانها الاصليين عن نصف مليون شخص فقط لكن لديها قطاع عن نصف مليون شخص فقط لكن لديها قطاع مصرفي ضخم, يزيد حجمه عن الناتج المحلي الاجمالي عشرين مرة هي ااحد اكبر المراكز المالية من اوروبا والتي يتمكن كثيرا في الآونة الاخيرة مقارنتها بقبرص بعدما اطاحت خطة الانقاذ الاوروبي لقبرص بأثنين من اكبر بنوكها المليئة بالاموال الروسية في تحذير جديد بأن الملاذات الضريبية لم تعد آمنة كما كانت من قبل. اما بالنسبة للنمسا, وهي البلد الاوروبي الاخير الذي يرفض مبدأ تبادل المعلومات المصرفية حيث يكفل دستورها السرية المصرفية, فتبدو هذه الايام اكثر استعدادا للتغيير ومن المرجح الا تستمر مقاومتها لما بعد الانتخابات القادمة في شهر سبتمبر. وبمجرد انضمام الدول الاوروبية المتشددة, يأمل الاوروبيون في التوصل الي تعديل قانون المدخرات والتفاوض حول التبادل التلقائي للمعلومات المصرفية مع سويسرا, ليختنشتاين وغيرها من الملاذات الضريبية خارج الاتحاد الاوروبي, لكن في هذا الوقت الحالي هذه الملاذات تقدم المعلومات في حالة طلبها اذا كان هناك شبهة احتيال وفي بعض الحالات يمكن ان تعيد الاموال الي الحكومات المنهوبة. كان رئيس سويسرا قد اعلن انه لايوجد مبرر لتغيير استراتيجية البلاد بالنسبة الي السرية المصرفية قائلا ان سويسرا قدمت بالفعل تنازلات عندما وافقت علي رفع السرية المصرفية عن المودعين الامريكيين في البنك السويسرية لكنه قال ان الضغوط الداخلية ربما تدفع بالتغيير. هذا كله الذي يكن ان يراه البعض نهاية تدريجية للسرية المصرفية في اوروبا لن يفيد كثيرافي مقابل القوانين الضريبية التي تسمح للشركات متعددة الجنسيات بدفع القدر الذي تختاره من الضرائب حسبما يصف الوضع احد الدبلوماسيين الاوروبيين فجزء من المشكلة يتعلق بالملاذات الضريبية التي توفر السرية المصرفية والضرائب المخفضة او الاعفاء الضريبي وقواعد تنظيمية متساهلة. ولكن هناك جزء اخر يرتبط بدول الاتحاد الاوروبي التي ربما لديهاسوق موحدة تسمح بحرية حركة رؤوس الاموال والسلع ولكن لديها ايضا27 سلطة ضريبية منفصلة, وسواء كان من خلال المنافسة المتعمدة او الغير متعمدة في اختلاف القواعد الضريبية فان الجهود المبذولة لتجنب الازدواج الضريبي في كثير من الاحيان تؤدي الي عدم تحصيل الضرائب نهائيا. وهكذا يصبح التعاون في عصر عولمة رأس المال امرا ضروريا لضمان قيام الشركات العالمية بدفع الضرائب ومكافحة التهرب والاحتيال الضريبي للافراد الاثرياء والشركات يبدأ بالقضاء علي السرية المصرفية والحرب علي الملاذات الضربيية ولا ينتهي عند تطبيق مزيد من الشفافية والافصاح عن مسائل مثل ارباح الشركات اين تحققها ومن هم موظفيها وكل هذا سيكون اكثر فعالية بالطبع اذا تم تنفيذه علي المستوي العالمي.