أحمد السباعي - أحمد صالح - سلوي يوسف - حلمي الشرقا - عاش الاقتصاد المصري اياما عصيبة في الاسبوع الماضي علي وقع حالة الاضطراب السياسي التي شهدتها البلاد وانتهت بخروج الرئيس من مربع السلطة وبدء مرحلة انتقالية جديدة ابرز ملامحها تسليم مهمة ادارة شئون البلاد الي رئيس المحكمة الدستورية العليا. وعلي الرغم من الحسم السياسي فإن حالة القلق الاقتصادي لاتزال مستمرة ولا يزال هناك حالة من الترقب والانتظار في الدوائر الاقتصادية لما سوف تسفر عنه الايام القادمة. في هذا الاطار يؤكد د. محمد المنوفي رئيس اتحاد المستثمرين سابقا اننا نمر بحالة من القلق السياسي الذي ولد حالة اقتصادية تدفع الي الكساد العام فالمصانع مغلقة نتيجة غلق طرق التصريف.. وهناك انتشار حالات السرقة التي تهدد الامن العام مما قوض حركة السير من والي هذه المصانع من قبل العمال والعملاء. كل هذا حدث في اقتصاد يعيش ظروفا صعبة فالدولار عزيز غائب نتيجة غياب الاستثمارات وضعف السياحة وحركة النشاط العام في المجتمع الاقتصادي. ويري خروجا من هذه الازمة ان يتم تعيين حكومة يقودها خبراء في مجالهم يدركون خطورة الوضع الاقتصادي المتأزم قبل ان يتفاقم بوضع خريطة وروشتة سريعة للعلاج. خاصة ونحن نمتلك فوق هذه الخبرات عمالا ومهندسين مصريين علي أعلي مستوي من الكفاءة والاتقان. أما الدكتور سلطان ابوعلي وزير الاقتصاد الاسبق فقد اكد اننا نعيش حالة الانذار الاخير للاقتصاد المصري الذي يعيش حالة تنذر بكارثة اذا لم يتم تداركه. ويري ضرورة اتفاق القوي السياسية الفاعلة نحو بناء نظام ديمقراطي مؤكدا ان الديمقراطية في اي بلاد شهدت ثورة لا يمكن ان تأتي دفعة واحدة. ويقول: لابد من الاستعانة مع الخبراء بالشباب سواعد مصر القوية في بناء حكومة تكنوقرط قوية.. وفي تقديري ان تحدد لها مدة6 اشهر لتحقيق التوازن والعدالة واستئناف الاقتصاد. ويري للخروج من هذه الازمة ضرورة تشكيل لجنة شبابية لها قبول شبابي تقوم بدور استشاري في القرارات الحيوية لعدم تكرار اغفال هذه الفئة التي تمثل الشريحة الاكبر في المجتمع المصري. ويقول ان هذه الاجراءات السياسية من شأنها احداث توافق مجتمعي يحدث حراكا حقيقيا في المجتمع يؤثر بصورة أكيدة وفاعلة في الاقتصاد المصري الذي لا ينمو الا في وجود استقرار سياسي وامني ويبعث رسالة طمأنينة الي العالم كله. ويختم بقوله: ان الاقتصاد المصري قوي ولديه امكانات كبيرة انهكناها بسبب الصراع السياسي وكان مؤشر ذلك ارتفاع نسبة البطالة وارتفاع الاسعار والتضخم وانخفاض دخول شريحة كبيرة من المجتمع. هذا بخلاف مشاكل وازمات الطاقة والوقود والمطلوب ايضا ان تلتفت الي مصالح البلد بعيدا عن المصالح الخاصة مع الوضع في الاعتبار ان ما نطمح اليه في الاصلاح الاقتصادي لن يتحقق دفعة واحدة بل سيأخذ مرحلته التدريجية. الدكتور شريف دلاور استاذ الادارة بالاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا يقول: لا يمكن لاحد ان يتكهن بما سيمر به الاقتصاد المصري في المرحلة المقبلة. كيف ستؤثر الاحداث الجارية علي سعر الصرف وتدفق النقد الاجنبي وكيف ستؤثر علي الاداء الحكومي وكيف ستؤثر علي مواردنا بصفة عامة مع وجود نقص شديد في الاحتياطي من النقد الاجنبي. وقال ان الازمة السياسية الحرجة التي وصلنا الي ذروتها حاليا لابد ان تأتي بعدها انفراجة بطبيعة الحال.. حتي لو كانت هذه الانفراجة جزئية. ويقول متفائلا: ان الاقتصاد بعدها سيبدأ في الصعود لان الاوضاع حاليا افضل كثيرا من الفترة التي مررنا بها عقب ثورة25 يناير فمازالت مؤسسة الشرطة متماسكة ورأينا حماية المنشآت الحيوية في صورة مغايرة تماما لما رأيناه من قبل.. فالوضع حاليا ينبئ بأن هناك استمرارا في المنحي الاقتصادي خاصة بعد دخول الجيش طرفا فاعلا في علاج الازمة السياسية الحالية. ويعتقد انه ايا كانت العواقب الاقتصادية لاي قرار سياسي قد اتخذ او قد ينفذ فسوف يشهد نوعا من الصعود والدليل هذا الصعود المذهل للبورصة في الاسبوع الماضي في ظل ذروة سخونة الاحداث السياسية. ويري ان المرحلة المقبلة يجب الا يحدث فيها اي اقصاءات او تصفية حسابات ولابد ان ينصهر الجميع في بوتقة الوطن سواء كانوا اسلاميين او علمانيين كما يجب ان نقضي علي التشنج السياسي الذي يورد اي دولة نحو الهلاك بلا شك. كما يطالب بالتعلم من اخطاء الفترة الماضية خاصة فيما يتعلق بالاعلام المملوك لافراد يستخدمونه لنشر توجهات فردية لمصلحة شخصية قد تضر بالبلاد كلها مؤكدا ان هذا لا يحدث في دول تمارس فيها أعتي الديمقراطيات مثل امريكا التي تفرض الا تزيد حصة اي شخص في ملكية اي وسيلة اعلامية سواء كانت صحافة او تليفزيونا علي10% وكذلك سنغافورة التي لا تسمح بأكثر من3% للملكية الشخصية او العائلية علي حد سواء لاي وسيلة اعلامية صحافة او فضائيات منعا من استحواذ رجال الاعمال او السياسة علي عقول الشعوب. وبالتالي تخضع وسائل الاعلام لقواعد الحوكمة في تشكيل مجالس الادارات او مجالس التحرير. ولعل هذا يوضح ما نعانيه من القوانين التي فصلت لمصلحة رجال اعمال في نظام مبارك وما نتجرعه منها مما يبث فيها لمصلحة هذا او ذاك وتأجيج الصراع السياسي لفئة دون فئة مع ما يصاحب ذلك من تداعيات خطيرة علي الاقتصاد ونفور وإحجام الاستثمار الاجنبي ناهيك عن الانفاقات الباهظة علي بث هذه القنوات ونشر هذه الصحف كان يمكن ان تعود بفائدة اكبر لو تم توجيهها الي الاستثمار الحقيقي. وأكد محمد الاتربي رئيس البنك المصري الخليجي تفاؤله الشديد بشأن الاقتصاد خلال الفترة القادمة وقدرته علي استعادة معدلات النمو التي حققها قبيل الثورة بالتزامن مع الارتياح الذي يشهده الشارع المصري والحديث عن حكومة وطنية تمثل جميع الأطياف السياسية. وأشار الاتربي الي أن بوادر النشاط الاقتصادي في اعقاب رحيل النظام السابق ظهرت سريعة في الصعود الكبير لأسهم البورصة وكذلك تراجع وانحسار السوق السوداء لسعر الصرف. وتابع: بإمكان المركزي الآن العمل في مناخ جيد من خلال ممارسة دوره الرقابي وضبط التوازن بسوق الصرف بعد ان عاش فترة صعبة للغاية نتيجة صعوبة الأوضاع السياسية وعدم وجود استقرار نسبي في الاقتصاد خلال الفترة الماضية. وقال الإتربي موقفنا أصبح قويا في التفاوض مع صندوق النقد وبإمكاننا الحصول علي القرض الذي يعد شهادة ثقة في الاقتصاد المصري دون النظر الي قيمة المبلغ4.8 مليار دولار فنحن بحاجة إليه لتسيير دفة الاقتصاد بعض الشيء لحين وضع الاقتصاد المصري علي طريق التقدم. ومن جانبه اكد محمد اوزالب رئيس بنك بلوم مصر ان الاقتصاد المصري علي اعتاب انطلاقة قوية شريطة تقديم برامج اقتصادية واضحة لخدمة البلاد وخلق فرص عمل لتشغيل الشباب. وأضاف ان القطاع المصرفي مستمر في مساندة الاقتصاد عبر ضخ الاستثمارات في القطاعات الحيوية والتشغيلية التي تضيف فرص عمل من شأنها تحريك عجلة الاقتصاد مستقبلا. وتابع علي الحكومة الجديدة ان تعي جيدا أهمية الالتفات الي الاقتصاد منذ اللحظة الأولي باعتباره المحرك الأساسي للسياسة ويرتبط بشكل اساسي بتوفير احتياجات المواطن الأساسية التي يتوقف عليها رضاؤه عن المسئولين من عدمه. وفي نفس السياق أكد محمد بدرة عضو مجلس ادارة بنك القاهرة ضرورة وجود رؤية وخطط اقتصادية واضحة من شأنها بيان اتجاه الحكومة والدولة ومشروعاتها خلال الفترة الانتقالية التي ستقوم البنوك بناء عليها في التحرك. وأشار الي أن القطاع المصرفي يتطلع لخطط اقتصادية واقعية وليست مجرد خطط ورقية حتي يستطيع العمل, مؤكدا ان الاستقرار السياسي هو حجر الزاوية في تحقيق الانتعاش الاقتصادي فلو مرت الفترة الانتقالية بهدوء فإننا نتوقع ان تتحرك مؤشرات الاقتصاد نحو النمو وفي حال عدم حدوث ذلك فلن يتحسن الوضع عن ذي قبل. وقال السيد ابو السعود عضو شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة إن من المخاوف تفاقم أزمة السولار التي تشهد بالفعل تصاعدا خطيرا قبيل احتجاجات30 يونيو, فضلا عن ارتفاع سعره بعد اقتحام السوق السوداء للمواد البترولية, المشكلة التي تتحالف مع تخوف انعدام الأمن بما يؤدي في النهاية الي تعثر حركة نقل البضائع, ومن ثم نقص السلع والمنتجات بالأسواق. ولفت السيد إلي ان سيارات النقل بالفعل توقفت منذ يوم27 يونيو المنصرم, بما يعني عدم توافر مخزون كاف لدي المتاجر خاصة متاجر المواد الغذائية أمام طلب المستهلكين, المسألة التي تشكل قلقا حقيقيا بالأسواق المحلية. من جانبه قال عطية حماد رئيس شعبة المخابز بغرفة القاهرة التجارية ان اكثر ما نخشاه الايام المقبلة صعوبة الحصول علي السولار- مصدر الوقود الاساسي لتشغيل المخابز- موضحا انه بالفعل توجد ازمة حاليا في توفير السولار خاصة بعد إلغاء الحكومة لدعم السولار, وتحكم السوق السوداء فيه, وأضاف ان ازمة السولار تتصل ايضا بحركة نقل البضائع التي بما يعود بصعوبة توفير مستزمات انتاج رغيف الخبز فضلا عن ارتفاع تكلفة النقل, مشيرا الي ان ازمة السولار ادت الي ارتفاع تكلفة انتاج الرغيف بشكل كبير متوقع ان يزيد مع تفاقم الأزمة, مشيرا الي ان تلك الأجواء تتسبب في تكبيد المخابز خسائر فادحة من شأنها ان تعوق بعض المخابز عن مواصلة الانتاج, ذلك علي الرغم من الحرص الشديد لدي جميع مخابز الجمهورية علي مواصلة الانتاج وتأمين الغذاء الاساسي للمصريين تحت أي ظروف. وقال حافظ عبد اللطيف عضو شعبة المواد الغذائية بغرفة القاهرة التجارية ان من اهم مخاوف الفترة المقبلة بالنسبة لقطاع المواد الغذائية صعوبة توفير التوريدات اللازمة للمتاجر بسبب صعوبة النقل الذي يشهد بالفعل ندرة في الحركة وارتفاعا في التكلفة قبيل30 يونيو, موضحا ان صعوبة نقل المواد الغذائية الي المحلات والمتاجر من شأنها احداث نقص وندرة شديدة في المعروض, خاصة مع طول فترة انقطاع حركة النقل الداخلي, وبالتالي رفع اسعار السلع والمنتجات, بما ينعكس بالسلب علي حجم الطلب في ظل انخفاض القوة الشرائية للمواطن المصري هذه المرحلة. وكشف عبد اللطيف عن ان توقف غالبية شاحنات النقل الفترة الماضية أدي بالفعل الي ارتفاع تكلفة النقل بقيمة50 جنيها علي كل طن سكر. ويؤكد احمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية, أن جميع السلع متوفرة وخطوط إنتاجها والتعاقدات علي استيرادها يفي تماما ويفوق حجم الطلب المتوقع عليها وأن الاتحاد علي اتصال مستمر مع البنك المركزي المصري, ووزارتي التموين والصناعة والتجارة الخارجية, لمتابعة حجم المعروض من السلع المتوافرة بالأسواق, ورصد كمياتها الحالية, وخطط إنتاجها مع المنتجين, وانه يتم الاتصال بالمستوردين لمتابعة تعاقداتهم خلال الشهور القادمة. ويؤكد إلهامي الزيات رئيس الاتحاد المصري للغرف التجارية انه لديه الكثير من التفاؤل تجاه القطاع السياحي, وسيتم العمل فورا علي تحديد ورسم خطة عاجلة لجذب السياحة واعادتها بعد فترة صعبة عاشتها مصر وحل مشاكل صناعة السياحة, بالتركيز علي التسويق السياحي الالكتروني ومساندة القطاعات السياحية المتعثرة وان هدف مصر علي المدي الطويل أن تستقطب25 مليون سائح, وعائدات20 مليارا بحلول عام2020 مشيرا الي ان التحدي القادم تأمين الطرق السياحية والمناطق السياحية والاثرية. ويأمل محمد الأبيض, رئيس الشعبة العامة للصرافة بالاتحاد العام للغرف التجارية, توقف واختفاء السوق الموازية للعملات حتي لا تزيد اسعار العملة وبالتالي يزيد التضخم, مشيرا الي ان البنوك لم تتوقف عن ضخ الدولارات في السوق. ورغم ذلك اغلقت جميع شركات الصرافة المقدرة بحوالي500 شركة وفرع أغلقت أبوابها الاسبوع الماضي خوفا من عمليات سطو أو عنف عليها, كما اخلت الشركات السيولة النقدية بداخلها, واودعتها داخل البنوك حتي تستقر الأوضاع وعودة العمل. ويري محمد فرج عامر رئيس جمعية مستثمري برج العرب انه يجب الاهتمام بالأداء الكلي لقطاعات الدولة الإنتاجية الذي يؤثر فيما تمر به مصر في المرحلة الحالية. وهنا يجب القضاء علي تراجع الحالة الأمنية التي أعقبت ثورة25 يناير, الأمر الذي أدي الي توقف العجلة الإنتاجية في العديد من القطاعات, وساهم ذلك في زيادة أعداد البطالة, وتراجع الدخل القومي. كما يجب مواجهة تدفق السلاح غير الشرعي عبر الحدود, وتسلل عناصر مخربة بما أثر علي معدلات التدفق السياحي, و الاستثمارات, واثر سلبا في انتاجية المدن الصناعية وكذلك الازدياد الحاد في حالات الاعتصامات والمطالبات الفئوية. وتوالي المظاهرات والاحتجاجات وهي عوامل ساهمت بشكل مباشر في تدهور التصنيف الائتماني الخاص بمصر, وما تبعه من ارتفاع أسعار فائدة القروض وهروب الاستثمارات, وتراجع معدلات الجذب السياحي, وانخفاض الاحتياطي النقدي بصورة كبيرة. يطالب فرج عامر ببرنامج اقتصادي يوازن بين التشغيل والعدالة الاجتماعية, وتحقيق النمو الاقتصادي, ويدفع معدل النمو الاقتصادي من2% الي5% ثم7% عام2020, وتوفير فرص عمل لا تقل عن600 ألفا لخفض نسب البطالة, وزيادة معدلات الإنتاج, وتنمية سيناء شمالا وجنوبا وتحقيق التوازن في التعاون الدولي والاستثمارات. ويطالب فرج عامر بحل مشاكل المدن الصناعية ومساندة القطاع المصرفي للمستثمرين والمشروعات المتعثرة وإعادة تشغيل المصانع المتوقفة وطمأنة القطاع الخاص علي استثماراته. وتعديل المناخ المعادي لاستثمارات القطاع الخاص. وبالتالي ينبغي أن تتمثل المهام المباشرة للحكومة الانتقالية في استئناف النمو وطمأنة القطاع الخاص بأن مصالحه مؤمنة, كما يجب التوقف عن إبعاد صغار المستثمرين وإتاحة التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة لإنعاش قطاع الاستثمار.