يبدو أن مخطط تقسيم المنطقة إلى معسكرين، قد بدأ تنفيذه على الأرض مع إعلان المملكة السعودية، لإقامة أول قاعدة عسكرية لها بالخارج بجيبوتي، فإثيوبيا والمغرب ودول الخليج والأردن وجيبوتى فى معسكر، بينما إيرانوالعراق وإريتريا فى معسكر آخر، وقد أثار الإعلان عن إنشاء أول قاعدة للسعودية فى الخارج دهشة الكثيرين، على الرغم من أن جيبوتى لديها أيضا قاعدة فرنسية، وأخرى أمريكية بها أربعة آلاف جندى، كما أن الرئيس الجيبوتى إسماعيل عمر جيلة سبق أن أعلن أثناء زيارته للمملكة أوائل هذا العام عن تكثيف التعاون العسكرى بين البلدين وتم الاتفاق وقتها على إقامة القاعدة السعودية، بل إن سفير جيبوتى فى الرياض ضياء الدين با مخرمة، أعلن فى مارس الماضى أن بلاده تترقب توقيع اتفاق بينها وبين السعودية لإنشاء قاعدة عسكرية، مشيرا إلى أنه «فى حال وقع الاتفاق، فإنه سيشمل التعاون فى كل الجوانب العسكرية بريا وبحريا وجويا». وشدد السفير على أن المياه الإقليمية لبلاده آمنة، وأنها تحت السيطرة من محاولات إيران مد الحوثيين فى اليمن بالسلاح، وهو ما أكده وزير خارجية جيبوتى محمود على يوسف، الأسبوع الماضى، عندما أكد ترحيب بلاده بوجود عسكرى سعودي. وكشف فى تصريحات صحفية أنه جرت زيارة استكشافية لقيادات عسكرية سعودية إلى بعض المناطق فى جيبوتى التى ستستضيف الوجود العسكرى السعودى، مضيفًا أنه سيتم فى القريب العاجل التوقيع على الاتفاقية. الأمر المؤكد أن السعودية لديها هاجس أمنى لمنع المسلحين الموالين لإيران من الاقتراب من مضيق باب المندب الإستراتيجى، وكان هذا أحد أسباب حربها فى اليمن ضد ميليشيات الحوثيين، ولهذا تعمل السعودية على تأمين حماية أكثر للمضيق الذى يوصل نفطها إلى العالم، وذلك عبر تحصينها بقاعدة عسكرية بحرية فى جيبوتى (الدولة المطلة على الجانب الغربى من مضيق باب المندب)، هى الأولى للمملكة خارج الحدود. والمعروف أن فرنسا أبقت على قاعدتها العسكرية البحرية فى مستعمرتها جيبوتى بعد جلائها عنها عام 1978، كما تحتفظ الولاياتالمتحدة بقاعدة عسكرية بجيبوتى أيضاً. والجدير بالذكر أن “باب المندب” يعتبر المدخل الجنوبى للبحر الأحمر وأحد أهم الممرات المائية فى العالم، حيث تسلك السفن المحملة بالنفط من الخليج إلى أمريكا وأوروبا عبر قناة السويس، ويقدر عدد السفن وناقلات النفط العابرة من مضيق باب المندب بالاتجاهين 21000 سفينة، تساوى بحسب بعض التقديرات ما يصل إلى 30 % من حمولات النفط فى العالم. ولهذا فإن العديد من الدول ستتأثر بشكل سلبى فى حالة إغلاق مضيق باب المندب وأولها السعودية والمتخوفة من التحركات الإيرانية العسكرية وعلاقات طهران الجانبية أيضا مع إريتريا واحتفاظ إيران بوجود عسكرى بها مقابل تزويد إريتريا بالنفط الإيرانى بسعر مخفض، كما تتزايد المخاوف السعودية من سيطرة إيران المتزايدة على مضيق هرمز من خلال موانئ التصدير الجديدة التى أنشأتها فى سلطنة عمان،و تزايد التأثير الإيرانى فى العراق التى تقع شمال المملكة، الأمر الذى دفع السعودية للتفكير لأول مرة فى تاريخها فى إنشاء قاعدة عسكرية لها فى الخارج وعلى شواطئ الجيبوتي