د. فؤاد شاكر: انخفاض سعر العملة لا يؤثر على الوضع الاقتصادى
د. عبدالرحمن طه: جدية الدولة فى سداد التزاماتها هو سبب التصنيف
فى الوقت الذى تسارع فيه مصر للحصول على قرض من صندوق النقد الدولى لسد عجز الموازنة المتزايد، الذى تخطى 350 مليار جنيه، أعلنت وكالة موديز للتصنيف الائتمانى إبقاء التصنيف لمصر عند B3 مع نظرة مستقرة مستقبلا، وهو ما اعتبره خبراء الاقتصاد والاستثمار بأنه خطوة جيدة لإنصاف الاقتصاد المصرى وعدم التهويل من تفاقم المشكلة الاقتصادية، موضحين أن هذا التقرير يسهم فى تحسن الجدارة الائتمانية للاقتصاد المصرى، ويدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهى خطوة لطمأنة المستثمرين لضخ أنشطتهم داخل الأراضى المصرية. ترجع الأسباب التى أدت إلى قيام مؤسسة موديز بالإبقاء على تصنيفها لمصر على نفس درجة العام الماضى برغم الضغوط المتزايدة على الاقتصاد المصرى، حيث من المتوقع استمرار ارتفاع العجز فى الموازنة العامة للدولة، وزيادة الدين العام للحكومة، مع تخفيض قيمة الجنيه مقابل الدولار وتحقيق معدل نمو أقل من المستهدف، كما أن التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولى أسهم فى عدم تخفيض هذا التصنيف . وكانت وكالة موديز للتصنيف الائتمانى، أكدت إبقاء التصنيف لمصر عند B3 مع نظرة مستقرة، موضحة أن الإبقاء على التصنيف الائتمانى لمصر عند B3 يجسد التحديات المتمثلة فى ضعف المالية العامة، وضعف السيولة الخارجية واستمرار المخاطر الأمنية على مناخ الاستثمار والأداء الاقتصادى، موضحة أن العوامل السابقة تلقى بظلالها على مناخ الاستثمار والأداء الاقتصادى لمصر، كما يعد هذا التصنيف تقريرا لم يتغير منذ أن قامت مؤسسة «موديز» برفع درجة التصنيف الائتمانى لمصر، فى إبريل 2015، بدرجة واحدة للاقتراض طويل الأجل بكل من العملتين الأجنبية والمحلية، ليصل كل منهما إلى درجة B3 وذلك مع إبقاء النظرة المستقبلية للاقتصاد المصرى عند «مستقر» خاصة بعد قيامها بخفض التصنيف لخمس مرات متتالية منذ يناير 2011. ويأتى هذا التقرير فى الوقت الذى تقوم فيه الحكومة باتخاذ بعض القرارات فى ضوء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى، والتوصل بشكل مبدئى إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولى للحصول على 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات، واعتزام الحكومة إصدار سندات دولارية بقيمة تتراوح بين 3 إلى 5 مليارات دولار، فضلا عن الحصول على دعم مالى من السعودية والإمارات، وذلك لسد عجز الموازنة وتوفير الدولار بعد أن تراجعت العملة الصعبة فى مصر، بسبب شح الموارد الدولارية من تراجع إيرادات السياحة والصادرات وتحويلات المصريين فى الخارج . وكان عمرو الجارحى، وزير المالية أوضح أن العجز الكلى المستهدف فى مشروع الموازنة العامة للعام المالى 2016/2017 يبلغ نحو 319.5 مليار جنيه بنسبة 9.8 من الناتج المحلى الإجمالى بانخفاض عن العجز المتوقع للعام المالى الجارى 2105/2106 ، والذى من المقدر أن يصل إلى 11.5 % من الناتج المحلى، مشيرا إلى أن التقديرات تشير إلى أن الدين الحكومى سيصل إلى نحو 3.1 تريليون جنيه أو ما يعادل 97.1 % من الناتج المحلى الإجمالى تقريبا. الدكتور عبدالرحمن طه، خبير الأسواق المالية الناشئة يشير إلى إيجابية تقرير مؤسسة «موديز» للتصنيف الائتمانى لمصر، وهو ما يؤكد جدية الدولة فى سداد التزاماتها من القروض وسلامتها من أية مشكلات تحول دون سداد هذه الالتزامات، لكن القرار الاستثمارى لا يعتمد على هذه التقارير بقدر ما يعتمد على رغبة الدولة فى توفير المناخ الاستثمارى للمستثمرين، والذى يجذب عددا كبيرا من المستثمرين فى ضوء السياسات التى تنتهجها الحكومة، لذلك يستلزم من الحكومة القيام بالعديد من الإجراءات لرفع تصنيف مصر الائتمانى وتحسن أوضاعها الاقتصادية وتهيئة المناخ المناسب لجذب المستثمرين. ومن جانبه، يوضح الدكتور فؤاد شاكر، أمين عام اتحاد المصارف العربية السابق أن تقرير «موديز» بإبقاء مصر عند تصنيف B3 بمستقر، يؤكد أن الوضع الاقتصادى لا يشوبه انخفاض سعر العملة ولا التقارير التى كتبتها إحدى الصحف الأجنبية، مشيرا إلى أهمية هذا التقرير فى وضع صورة موثقة للاقتصاد المصرى وقدرته على مواجهة التحديات فى ظل الظروف التى يعانيها حاليا، لكن لم يتم تخفيض هذا التصنيف، وهو ما يجعلنا نعمل فى الاتجاه الصحيح لتحسين الاقتصاد . وأوضح الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، أن قيام موديز بعدم تخفيض تصنيفها الائتمانى لمصر يرجع لعدة عوامل، تتمثل فى التزام مصر بسداد الالتزامات المالية، سواء أقساط نادى باريس أو التزامات مصر أمام شركات البترول الأجنبية، والإصلاحات الهيكلية التى اتخذتها الدولة المصرية فى الموازنة العامة للدولة، موضحا أن الدولة تحاول السيطرة على عجز الموازنة العامة، كما أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولى يسهم فى تحسين النظرة المستقبلية، ومن المتوقع بعد حصول مصر على القرض الذى يعد شهادة ثقة للاقتصاد المصرى أن يتحسن التقرير، وتقوم «موديز» برفع تصنيفها الائتمانى لمصر، حيث إن القرض يعد بمثابة شهادات دولية تزيد الثقة وتبث الطمأنينة لدى المؤسسات المالية والاستثمارية الكبرى حول العالم فى الاقتصاد المصرى. وتوقع د. السيد ارتفاع حجم الاستثمارات المتوقعة والواردة لمصر خلال العام المقبل، لأن التحسين فى التصنيف الائتمانى سيساعد على زيادة حجم الاستثمارات العربية والأجنبية الواردة لمصر، وتحسن التصنيف الائتمانى للبنوك المصرية، لا سيما بنوك مصر و الأهلى كما أن تقارير مؤسسات الائتمان الدولية تمثل مصدرا مهما للمستثمرين الأجانب لتحديد وجهاتهم الاستثمارية، مطالبا الحكومة بالقيام بالعديد من الإجراءات لرفع تصنيف مصر الائتمانى وتحسن أوضاعها الاقتصادية وتفعيل قانون الخدمة المدنية، الذى سيسهم فى رفع كفاءة الجهاز الإدارى للدولة بصورة جيدة وتفعيل خدمات الشباك الواحد، ومحاربة الفساد والبيروقراطية، وهذه الإجراءات وحدها يمكن أن تدعم الدولة وتحسن أداء الاقتصاد وترفع تصنيفنا الائتمانى لدى المؤسسات المختلفة، وتكون أدوات جذب للاستثمار الأجنبي. ومن جانبه يقول الدكتور وليد الحداد، الخبير الاقتصادى إن التصنيف الائتمانى ليس له دخل مباشر فى جذب الاستثمارات، لكن يدخل كعامل فى دراسات الجدوى التى تعدها الشركات الكبرى عندما تنوى الاستثمار فى الدولة محل الدراسة، وهو يعطى مؤشرات أولية عن مدى استقرار الاقتصاد، وإن كانت هناك عوامل أخرى كثيرة تدخل فى التقييم عند إعداد مثل هذه الدراسات.