لا أدرى حقيقة إن كان البحر قد خلق ومعه كتالوج يلزمنا بخلع ملابسنا قبل النزول !!! أقول هذا ليس بسبب ما فعلته عدد من الولايات الفرنسية ثم تراجعت عنه بشأن البوركيني أو ما نسميه ب "المايوه الشرعي". بل بسبب مدير تلك القرية السياحية فى رأس سدر الذي لم يكتف بمنع سيدة ارتدت المايوه الشرعي من نزول حمام السباحة بل وأمعن فى إهانتها والتهكم عليها ،قائلا إنها حولت البسين إلى ترعة بلدى ..أينعم "بلدى " ، تلك الكلمة التى يفترض أن تستخدم للاعتزاز بالانتماء الى الوطن ، علمنا الاستعما ر أن نستخدمها للدلالة على الشىء الأقل قيمة والأقل شأنا . واقعة قرية رأس سدر تكررت العام الماضي فى العين السخنة من قبل أحد مدراء القري هناك. ولا أدرى من أدخل فى رأس هذا الرجل أو ذاك أن ارتداء البوركيني مظهر غير حضارى وأن البكيني هو علامة الرقي .
...البوركينى كان طوال الأسبوع الماضي موضع الجدل الأول فى دوائر سياسية وفكرية غربية ،انتهت إلى احترام رأى المرء فى الزى الذي يرتديه سواء كان لأغراض دينية كما عند المسلمات .أو لأغراض صحية إذ أن كثير من السيدات، ومنهن فنانات وعارضات أزياء فى أوروبا ،أصبحن يرتدين البوركينى عند نزول البحر لحماية أنفسهن من الإصابة بسرطان الجلد . الراهبات ذهبن بملابسهن إلى البحر تضامنا مع المسلمات ووصلت الرسالة وتم تعليق قرار حظر ارتداء البوركينى على الشواطىء الفرنسية بعد أن سخر الرأى العام العالمي من أفراد الشرطة الفرنسية وهم يسيرن بدفتر المخالفات على الشاطىء لتحرير مخالفة ضد من ترتدي البوركيني .مظهر لم يختلفوا فيه عمن تقمصوا دور الأمر بالمعروف والنهى بالمنكر وساروا يلكزون الناس بعصي غليظة اعتراضا على طريقة لبسهم أو مشيهم ، الفارق الوحيد أن هؤلاء يزعمون تنفيذ شرع الله بينما يزعم أولئك أنهم ينفذون شرع العلمانية . فى نهاية الأمر امتثلت فرنسا للديمقراطية وللحرية.
أما نحن فمازلنا فى غينا القديم ، عقدة الخواجة التى تحكمنا، والتى تجعلنا نرى أن " كل اللى ييجي من الغرب يسر القلب "، فدستور النزول إلى حمامات السباحة يقضى كما جاء فى الدساتير الغربية بارتداء البكيني. اقرأوا النداء الذي وجهته الهند للسائحات اللائي يزرن أرضها ، لقد طلبت منهن عدم ارتداء التنانير القصيرة تماشيا مع تقاليد المجتمع الهندى . فهل اتهمهم أحد بالتخلف!!! نحن يا سادة مجتمع متدين أو فلتقل مجتمع محتشم اعتادت فيه المرأة المصرية مسلمة أو مسيحية أو يهودية على تغطية جسدها لا تركه مكشوفا أمام الذباب . ولا أدرى ماذا يضر أولئك فى أن تغطى المرأة شعرها أو جسدها ؟ لا أدرى لماذا انبرى بعضهم على صفحات التواصل الاجتماعي للدفاع عن القرار الفرنسي بمنع البوركيني ؟..وخلط بعضهم الأرواق مقارنا بين موقف فرنسا من البوركينيى والموقف المصري من قضية بناء الكنائس ..ومع أنى ضد فكرة التضييق على بناء دور العبادة سواء مسجد أو كنيسة أو معبد ، فإنى أرى أن التعصب لن ينتهي بزيادة عدد الكنائس ،لأن التعصب أضحى حالة نفسية عند المصريين مسلمين ومسيحيين . وعودة إلى قضية الزى لقد روت لى إحدى الصديقات كيف منعت لأنها ترتدى النقاب من ارتياد فندق شهير ولم يسمح لها بالدخول إلا بعد أن أبرزت جواز السفر الأميركي ..فقد احترم مدير الفندق حريتها فى ارتداء ما تشاء عندما علم فقط أنها أمريكية . فى نهاية الأمر المسألة البسيطة... إذا أردتم أن تخلعوا ملابسكم حتى آخر قطعة فافعلوا ولكن لا تسخروا ممن تغطى شعرها أو جسدها ، فحجابنا على رأسنا لا عقلنا .ولا تظلوا ليل نهار تقنعوننا أن أزمة مصر ونكستها ووكستها حدثت عندما تراجع الميكروجيب والمينى جيب من الجامعات المصرية..أتفق معكم أن العفة ليست عفة ملابس إنما عفة أخلاق ..لكن فلتدعوا الخلق للخالق . إذا كنا لا نطالب بمنع البكينى بزعم أنه فجر وفسوق، فليس لكم سلطان على من ترتدى البوركيني بزعم أنه تخلف ورجعية .. ببساطة ... لكم البكينى ولنا البوركينى.