إيمان عمر الفاروق- هبه عادل - جيهان محمود- ماجدة سليمان جورج إسحاق: لابد من عفو رئاسى عن مالك عادلى وكل من تم حبسه فى التظاهر بشأن الجزيرتين
د.شوقى السيد: الحكم واجب ونافذ إلى أن تنظر المحكمة فى الطعن.
د على السلمى: درس فى الديمقراطية ورسالة للحكومة كى تحترم الشعب
وحيد عبد المجيد: حكم متوقع فى ضوء إصرار الحكومة على العمل فى الظلام
عبد الكريم قاسم: الحكم لا يلغى الاتفاقية والبرلمان عليه الانتصار للشعب
د.معتز سلامة: أتوقع تسكين القضية واستحداث صيغ توافقية بين مصر والسعودية
د. محمد نور فرحات: لا بديل عن تقديم الحكومة للاستقالة لأنها كانت ستقدم على تنازل عن جزء من مصر
د. حسن نافعة: آثار الحكم السياسية أهم من القانونية.. وطعن الحكومة عليه يضعها فى موقف التفريط عن جزء مصر
منذ اللحظات الأولى لصدور حكم القضاء الإدارى ببطلان اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتأكيد على مصرية جزيرتى تيران وصنافير، توالت ردود الأفعال وتدافعت التساؤلات التى تمحور كلها فى تساؤل رئيسى: وماذا بعد؟ ومن هذا التساؤل انبثقت عشرات الأسئلة: ماذا سيكون مصير الاتفاقية؟ هل الحكم نهائى؟ هل ستطعن الحكومة على الحكم؟ ما مصير المحبوسين بتهمة التظاهر رفضا للاتفاقية وإيمانا بحق مصر فى الجزيرتين؟ هل يتكرر سيناريو قضية الغاز حين أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكما يقضىى بوقف تصدير الغاز لإسرائيل سنة 2008 وبطلان اتفاقية 2005، وطعنت الحكومة على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، التى ألغت حكم القضاء الإدارى وأقرت الاتفاقية سنة 2009؟ حاولنا بقدر الإمكان، فور صدور القرار، الحصول على إجابات جامعة مانعة من أهل الاختصاص والرأى عبر السطور التالية : من جانبه أكد الدكتور وحيد عبد المجيد، الخبير الإستراتيجى بمركز الدراسات بالأهرام، أن الحكم بأحقية مصر فى الجزيرتين كان متوقعا، فى ضوء إصرار الحكومة والنظام القائم على عمل كل شيء فى الظلام، وحجب المعلومات والحقائق عن الجميع بما فيها القضاء، حيث رفضت الحكومة تقديم المستندات والوثائق الخاصة بالملكية للقضاء، بما يؤكد ضعف الموقف القانونى للحكومة المصرية واستخفافها بشعبها، وانعدام شفافية الحكومة والصراحة بينها وبين الشعب، وهذا درس جديد لها، ولو أن لدينا حكومة ونظاما يستوعبان الجميع لما تم انتهاك حق المجتمع والقضاء فى معرفة ما يحدث سواء ساسيا أم اقتصاديا .
أما الدكتور على السلمى، نائب رئيس الوزراء الأسبق فيقول: إن هذا الحكم درس فى الديمقراطية، لأن ما يخص الشعب يجب أن يتاح للشعب سواء بحوار مجتمعى أم استفتاء أم إجراء مناقشات موضوعية بمجلس النواب، كل ذلك كان يجب على الحكومة والدولة عمله قبل القدوم على اتخاذ مثل هذه القرارات، مبينا أنه لا تعليق على أحكام القضاء وأنه يجب احترامها وكل ما يتعلق فى مجال الأحكام والحكم واجب التنفيذ ولا يوقف الطعن عليه، ودائما " الحكم عنوان الحقيقة " وهذا الحكم كما قال الفقهاء القانونيون واجب التنفيذ، وهذه رسالة قوية للدولة المصرية بأن مثل هذه القضايا المصيرية يجب أن تتاح للنقاش والحوار المجتمعى قبل مفاجأة الجميع بمثل هذه القرارت والاتفاقيات.
فى حين يؤكد "جورج إسحاق" –السياسى وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان- أنه حكم تاريخى ليس مع أو ضد أحد، لكنه الحق، وكل من يؤمن بالحق يقبل هذا الحكم، وهو دليل على وجود قضاء نزيه فى مصر، وأن هناك قوى شعبية حية، منوهًا إلى أن الأحكام لا تمجد ولا تدان، وأن الحكم يُحترم، وبموجب هذا الحكم الإدارى الذى صدر، لابد من أن يتم الإفراج بعفو رئاسى من قبل رئيس الجمهورية، عن المتظاهرين المحبوسين فى قضية التظاهر ومالك عادلى الذى تم اتهامه بنشر أخبار كاذبة فى تلك القضية وسننتظر النتائج على أرض الواقع.
وعلى الجانب القانونى يقول د.شوقى السيد –أستاذ القانون- إن الحكم قضى ببطلان الاتفاقية، ومقتضى الحكم واجب التنفيذ، ومعناه أن الاتفاقية باطلة، وأن هذا الحكم ملزم لكل سلطات الدولة، ومن حق الحكومة أن تطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، وتطلب بصفة مستجعلة وقف تنفيذه، على أن تنظر المحكمة الإدارية العليا هذا الطعن بصفة مستجعلة، وهو ما يتم بمقتضاه وقف التنفيذ، فإما أن تقوم بإلغاء الحكم كليةً للخطأ فى القانون، وإما أن تؤيده.
على الجانب الآخر أكد المحامى والناشط السياسى والمرشح الأسبق للبرلمان عبد الكريم قاسم، على أن المكسب الحقيقى لصدور حكم القضاء الإدارى بمصرية تيران وصنافير سيكون معنويا ويتمثل فى إعطاء طاقة أمل للقوى السياسية الرافضة لاتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين مصر والسعودية والتنازل عن الجزيرتين . ويضيف "قاسم" أن الحكم يعنى أيضا الحق فى محاكمة من وقعوا على الاتفاقية أمام البرلمان المصرى ومحاسبتهم، فالحكم يؤكد قانونيا خطأ الحكومة المصرية فى الاتفاق مع دولة أخرى واعتبار أن الجزر سعودية . فيما يرى "قاسم" أن الحكم لا يلغى الاتفاقية لأن الطرف الآخر وهو "المملكة العربية السعودية"، غير مختصم ولأن الاتفاقيات الدولية عمل من أعمال السيادة وتخضع للقانون الدولى... ويضيف قاسم، أنه لو يوجد فى مصر برلمان وطني حقيقي ويعتز بالسيادة المصرية على جميع أراضيها، فعليه أن ينحاز لمطالب الشريحة الوطنية التى نادت وتنادى بأحقية مصر فى الجزر، ويقوم بإلغاء الاتفاقية على الفور. لكن إذا لم يتحرك البرلمان المصرى فسيكون السبب الرئيسى هو أن معايير القوى ليست فى صالح المطلب الوطنى بإعادة الجزر للسيادة المصرية، لأن الطبقة والشريحة الاجتماعية التى تحكم مصر وتملك فى يدها مقاليد الأمور، وفى مقدمتها البرلمان، تتفق بشكل أو بآخر مع توجهات السلطة الحاكمة التى تنازلت عن الجزيرتين.
ومن جانبه أكد مدحت الزاهد، أحد مؤسسى الجبهة الشعبية للدفاع عن الأرض والمتحدث الرسمى باسم حزب التحالف الاشتراكى أن الحكم بمثابة رد اعتبار للقوى الوطنية وللجموع المعارضة التى تم الزج بها داخل السجون ومصادرة حريتها فى التعبير السلمى عن رفض الاتفاقية كما يؤكد الحكم صحة مسار الجبهة الشعبية وجميع المعارضين والمدافعين عن مصرية الجزيرتين خاصة مع ما شهدته العاصمة والمحافظات من عمل مشترك بين الأحزاب والقوى الوطنية سواء فى شكل اعتصامات واحتجاجات وحملة توقيعات مصر مش للبيع والخطاب الذى وجهناه لمجلس الشعب حذرنا فيه بمخالفة الاتفاقية للدستور وضرورة أن يحاسب البرلمان الحكومة المصرية وينبهها لضرورة إيقاف التنكيل بالقوى المعارضة لها .
ويضيف مدحت أن هذا الحكم هو انتصار حقيقى للشعب المصرى صاحب الحق الأصيل فى ملكية الجزر، ويطالب وفق هذا الحكم بضرورة إصدار عفو شامل عن جميع سجناء الرأى فى هذه القضية ويرجو من الدولة عدم الاستئناف والالتزام بتنفيذ الحكم خصوصا وأن هيئة الدفاع بنت دوافعها جميعها مستندة إلى عدم سيادة الاتفاقية لأنها تنازل عن أرض ومن ثم تخرج من نطاق أنها اتفاقية ذات سيادة .
وينبه مدحت إلى أن هذا الحكم يؤكد أن مصر بها مدرسة علمية وطنية قوية استطاعت أن تمد هيئة الدفاع بسيل من المعلومات والخرائط التى تثبت مصرية الجزر... لذلك ليس غريبا أن نجد أن الحكم يوصى بضرورة الاستعانة بأهل الخبرة فى التاريخ والجغرافيا والخرائط.
وحول تداعيات هذا القرار على العلاقات المصرية – السعودية، يرى د. معتز سلامة، الخبير فى الشئون الخليجية بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، أن تلك القضية لن تًحسم بسهولة وقد تستغرق بعض الوقت حتى يجرى التفاعل السياسى الرشيد معها، ولن يكون حسمها عبر المسار القضائى ولا بقرار سياسي، ولكن من خلال ممارسة قدر أكبر من التفاوض بين البلدين يأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الداخلية.
وأعتقد أن موقف مجلس النواب لن يكون هو الآخر قطعيا، لكنه على الأرجح سيطالب بمزيد من الفحص، وربما تشكيل لجنة من الخبراء لدراسة القضية والتحقق من المعلومات، فلازالت تلك القضية تتفاعل داخل المجتمع المصرى وبين القوى السياسية وفى العقل السياسى للدولة وذات أبعاد وتداعيات مختلفة أهمها مستقبل العلاقات المصرية - السعودية وتاريخها، فهناك قدر كبير يتحكم به التاريخ. ورغم اتجاه البلدين نحو تأسيس علاقات إستراتيجية جديدة وعلى أسس مختلفة، فإن هناك قوى مختلفة على الجانبين تعترض هذا الطريق.
وبالتالى أتصور- والكلام للدكتور معتز سلامة- أن السيناريو المرشح لتداعيات القضية هو تطورها بشكل تدريجى ربما على مدى شهور أو سنوات، وقد يصل الأمر لتسكينها والتعامل معها على أرض الواقع بدون حسم سياسى مباشر، باستحداث صيغ توافقية لممارسة قدر أكبر من السيادة المشتركة من الجانبين، وصولا إلى ترضية ما، بين الطرفين، بالنظر إلى الحساسية التى تثيرها تلك القضية فى الداخل المصرى، وما قد يترتب على أية قرارات قطعية من حرج ومأزق بالغين. ومن ناحية أخرى لن تقدم المملكة على إتيان رد فعل يهدد الاستقرار الداخلى فى مصر، فهى شديدة الحرص على تكريس الاستقرار الداخلى بمصر، وعدم تفجر مشكلات جديدة، وعليه سيتم تأجيل القضية إلى أن تبدو المنافع الاقتصادية بين البلدين أكثر بروزًا، ويجنى ثمارها الشعب والعلاقات المصرية - السعودية أعمق وأكبر من أن يتم ضربها فى مقتل بفعل أزمة الجزيرتين.
ويقول د. محمد نور فرحات أستاذ بكلية الحقوق جامعة القاهرة واستشارى حقوق الإنسان بالأمم المتحدة سابقا، إن هذا الحكم كان متوقعاً، وصدر استنادًا إلى المادة 151 من المادة الثالثة للدستور التى تحظر التنازل عن أى جزء من الوطن، ومنطوق الحكم جاء ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية مع ممثل الحكومة السعودية بشأن تبعية جزيراتى تيران وصنافير، واستمرار تبعية الجزيرتين ضمن الحدود المصرية. والمحكمة طبقت الدستور، ومن حق الحكومة أن تطعن وأعتقد أن احتمالات قبول الطعن ستكون ضعيفة.
هذا الحكم يضع مسئولية على الحكومة، وفى حال تم تأييد الحكم، فلا بديل عن أن تتقدم الحكومة بالاستقالة، لأنها كانت ستقدم على تنازل عن جزء من مصر، فضلاً عن المسائلة الجنائية للذين تفاوضوا وشاركوا حول مشروع الاتفاقية، لأن قانون العقوبات ينص، على أن يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة كل شخص كلف بالتفاوض مع حكومة أجنبية فى شأن من شئون الدولة، وتعمد اتخاذ إجراءات ضد مصلحة الدولة، فإذا ثبت ذلك فى حق فريق التفاوض وتعمد أن تؤدى هذه المفاوضات إلى الإضرار بمصلحة مصر، ويكون قد أخفى أوراقا كان من الواجب تقديمها فى هذه الحالة يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة. وكل الشكر للذين دعموا هذا الحكم لأنه انتصار لأحقيتنا الوطنية المصرية.. والسرعة فى النطق بهذا الحكم لا تعيب أحدا فإذا كانت المسالة تمس مصالح الوطن يجب أن تكون عاجلة وأن تتم فى محاكمة عادلة.
أما د. حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، فيرى أن هذا الحكم مهم جداً، حيث إن آثاره السياسية أهم من القانونية، ومن الممكن أن تطعن الحكومة على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا مرة أخرى، ولكن هذا يضعها فى موقف التفريط عن حقوق مصر ويسبب هذا اتساع الفجوة بينها وبين الشعب المصرى مرة أخرى.. ويفضل ألا تلجأ الحكومة إلى الطعن.. لأن البرلمان قد يساعد فى إيجاد مخرج لها، لأن رفض البرلمان الطعن على الحكم يساعد على التخفيف من العبء الواقع على الحكومة، وسوف يجد نفسه متماشيا مع حكم القضاء ولا يظهر مخالفاً له. ولذلك يجب أن يتخذ البرلمان القرار بالموافقة على ترسيم الحدود الجديد وأحقية مصر القانونية فى الجزيرتين، لأنه دون ذلك، سوف يقع البرلمان فى مأزق وأن تدخل الحكومة فى مفاوضات جديدة مع السعودية حول ترسيم الحدود البحرية، والاستعانة بخبراء جدد فى ترسيم الحدود، مع الحرص على استمرار العلاقات الإستراتيجية بين البلدين، وبناء الجسر الذين يربط بن الدولتين لأنه مشروع حيوى لهما، وألا تغير السعودية موقفها حتى لا تدخل فى علاقة شائكة مع إسرائيل بشأن نقل ملكية الجزيرتين، وعدم الالتزام بالتوقيع معها على اتفاقية السلام، لأن ذلك سوف يفتح لها جبهة هى فى غنى عنها.
ويقول الدكتور حسام عيسى، وزير التعليم الأسبق، قائلا: بشكل عام يجب الإفراج عن كل من تظاهر فى شأن يخص الدفاع عن أرضه، فهو من الناحية السياسية لا يمس هيبة الدولة. أما الناشط السياسى زياد العليمى، فيرى أن تطبيق الحبس الاحتياطى يحتاج إلى ثلاثة مبررات، أولها أن يكون للمتهم محل إقامة معلوما أو محل عمل سابق، وألا يتم إخفاء أو تغيير الأدلة المثبتة ضده، بينما جاء الحكم مبنيًا على أنه ليس لهم محل إقامة ولا محل عمل سابق، كما تم تغيير الأدلة المثبتة، والمحبوسين فى قضية تيران وصنافير متهمين بإشاعة بيانات كاذبة وأنهم أعضاء فى تنظيم إرهابى. ويضيف العليمى: عندما سألنا النيابة عن هذا التنظيم، قالت إنها لا تعلم اسمه.