مصطفى حمزة قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، إن الجماعات المتطرفة كلها أذرع استعمارية صنعها أعداء الأمة لإضعاف الإسلام والقضاء علي المسلمين إن أمكنهم ذلك، مشيرًا إلى أنهم خدعوا الناس بتزويدهم ببعض المشاكل لإغواء الشباب، لعلمهم بعاطفة المسلم القوية تجاه دينه حتى ولو لم يكن ملتزمًا. وأكد خلال محاضرة ألقاها اليوم الثلاثاء بجامعة بني سويف، حول المفاهيم المغلوطة التي تروج لها الجماعات المنحرفة، أن الغزاة والمستعمرين انتبهوا قديمًا إلى أن القوة العسكرية لا يمكن أن تركع الشعوب الإسلامية مهما قويت فما نجح احتلال في تحقيق أغراضه وتحويل البقعة التي احتلها إلي جزء من بلاده مهما طال الزمن، مما دفعهم لاستغلال السلاح الفكري ونجحوا إلي حد بعيد في ذلك ، لافتًا إلى أن الاحتلال البريطاني نجح في هذا المسلك فقام بترويج كلمات للمسلمين مثل (أنكم كمسلمين تملكون دينًا عظيمًا لو كنا نملكه لملكنا العالم ولكنكم لا تفهمون دينكم فهما صحيحًا، كل ما عندكم من كتب الشريعة تأخذونه على أنه لا يمكن المساس به)، لبث السم في العسل.
وأوضح وكيل الأزهر أن استغلال أعداء الإسلام للسلاح الفكري أمر قديم وليس جديدًا، منبهًا أن أعداء الأمة صنعوا جماعات كثيرة منها الموجود على الساحة حاليًا يرفعون السلاح لإحداث الفتن في بلاد المسلمين للانقضاض عليهم، مشددًا على أن الأزهر الشريف يقف لهم بالمرصاد. وأضاف شومان أن هناك جماعات ترعرعت في بلادنا ولديها مشكلات مع الدولة فقامت باستغلال مشاكل الشباب كالبطالة والزواج والطعام والشراب لاسيما وأن هؤلاء يملكون أموالًا لا حصر لهم بها فقويت شوكة تلك الجماعات، نافيًا علاقتهم بالإسلام وشريعته. وأشار إلى أن الإسلام دين السلام جاء لحماية النفس البشرية حاملًا مبدأ السلام ونابذًا للعنف والتعصب والكراهية، مؤكدًا أن دين الرحمة والسلام لا يمكن أن يكون بحال من الأحوال كما تصوره بعض الجماعات التي أذهبت أمن الناس وكدرت صفو حياتهم. وتساءل: «ماذا حققت تلك الجماعات بعد كل الدماء والأموال للإسلام والمسلمين؟» مشيرًا إلى أنهم تسببوا في انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا عن طريق فكر العنف والأفكار المشوهة عن الخلافة التي يختلف الناس حولها وتتخد مدخلًا للتراشق بين المختلفين في توجهاتهم لمحاولة كل فريق النيل من صاحبه. وقال شومان إن البعض يرى الخلافة النظام الأوحد الذي ينبغي أن يحكم المسلمين ولا يجيزون تعدد الحكام في بلاد المسلمين، ولا يكتفي بعضهم بتبني هذا الرأي بل يحرصون على تكوين حزب أو أحزاب تبذل قصارى جهدها في سبيل استعادة «الحلم المفقود» بشتى الطرق، حتى إن بعض جماعات العنف تتسمى بمسميات توهم بأنها المنوط بها استعادة نظام لا يستقيم حال المسلمين من دونه، بل إن بعضها يبرر تبنيه للعنف بهذا الهدف كتنظيم الدولة الإسلامية المزعومة في العراق والشام، المعروف باسم (داعش)، وغيرها من جماعات الإرهاب والعنف التي تتستر بالدين وتزعم تبنيها فكرة استعادة نظام الخلافة وتتخذها مطية لتبرير أعمالها، بينما يتخفف آخرون ممن يتبنون هذا التوجه فيصححون أنظمة الحكم القائمة من أجل «الضرورة»، إلى أن تتهيأ الأمة لاستعادة خلافتها الضائعة! وأكد وكيل الأزهر أن الحق الذي يؤمن به من يدركون مقاصد الشريعة وطبيعة أنظمتها أن الخلافة نظام حكم دنيوي ليس من أساسيات العقيدة التي يجب الإيمان بها، وأنها وإن تعارف عليها السابقون وارتضوها نظامًا لحكمهم يحقق مصالحهم ويضبط مسيرتهم ويراقب انتظام الحقوق والواجبات لينتهي الظلم ويسود العدل، إلا أنه نظام غير لازم ولا جامد على صورته الأولى، وأنه متى تراضى الناس على غيره من الأنظمة انتقلوا إليه دون أن يكون في ذلك مخالفة لشريعة الإسلام، التي تستوعب جميع الأنظمة التي يتعارف عليها الناس في زماننا وما يستجد في أزمنة مقبلة، لافتًا أن العبرة بانتظام الناس على مبادئ شرع الله، ولا يضرهم اسم النظام الذي يحتكمون إليه. وأوضح أن التذرع بمسألة الخلافة وأنها نظام ديني وأن النظم الأخرى لا طاعة لها افتراء في الدين، مششدًا على خطورة التكفير وأنه ليس حقًا لأحد ولا الأزهر نفسه، الذي يقتصر دوره على بيان الحكم الشرعي فقط، وتساءل: هل قتل الرسول أحدا لعقيدته؟ أما الجهاد فقد أكد شومان أنه شرع في الإسلام لدفع الاعتداء وشر المعتدين، موضحًا أن العدل يكون بالرد عليهم بمثل الاعتداء علينا طالما بدءوا بالأمر، معظم الآيات (قاتلوا) وليس ( اقتلوا) هذا هو ديننا عاش الرسول مع اليهود وعقد معهم المعاهدات ولم ينقضها.