الطيب الصادق تعد العلاقات المصرية - الفرنسية تاريخية وتشهد تقاربا كبيرا، خصوصا أن فرنسا تعد أحد أهم الشركاء التجاريين لمصر، حيث بلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين عام 2015 نحو 2.6 مليار يورو، وبلغ حجم الاستثمارات الفرنسية فى مصر نحو 1.3 مليار دولار، وتعد مصر ثالث أهم مستقبل للاستثمارات الفرنسية فى المنطقة، وتعمل فى مصر نحو 140 شركة فرنسية فى العديد من المجالات، فى مقدمتها الخدمات المصرفية والبنوك والسياحة والاتصالات والطاقة والخدمات البيئية، فضلا أن هناك رغبة من البلدين فى تقوية شراكتهما التى تمتد عبر قرنين من الزمان فى المجالات الاقتصادية، والعسكرية، والثقافية.
وتم توقيع عدد من الاتفاقيات الأسبوع الماضى بلغت قيمتها 1.8 مليار يورو، وهذا التطور الجديد فى العلاقات الاقتصادية بين البلدين بدأ العام الماضى فى فبراير 2015 بتوقيع اتفاقيات تسليح، استوردت مصر بموجبها 24 طائرة من طراز «رافال» والفرقاطة فريم وصواريخ قصيرة المدى، بقيمة تبلغ 5.2 مليار يورو وفى أكتوبر من العام ذاته، وقع الرئيس المصرى خطاب نوايا حول الأمن والدفاع بين وزارتى الدفاع فى البلدين، وأيضا توقيع اتفاقية شراء حاملتى الطائرات العمودية من طراز ميسترال.
المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، أكد أن الشراكة الإستراتيجية التى تربط مصر وفرنسا تمثل الأساس المتين لتنمية وتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية المشتركة بين البلدين، والتى تشهد زخماً كبيراً يعكس عمق العلاقات السياسية والثقافية والاقتصادية المشتركة، ويؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات الثنائية الوطيدة بين البلدين، موضحا أن فرنسا تمثل أحد أهم الدول الداعمة والمساندة لمصر خلال هذه المرحلة، حيث شهدت الفترة الماضية توقيع اتفاقات قروض بقيمة 494 مليون يورو من الحكومة الفرنسية والوكالة الفرنسية للتنمية لدعم التوظيف وتمويل الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر، وتمويل عربات وقطارات المرحلتين الثالثة والرابعة للخط الثالث لمترو الأنفاق بالقاهرة، وتوصيل الغاز الطبيعى للمنازل فى إطار الخطة القومية لربط وإمداد شبكة الغاز الطبيعي.
وحول العلاقات التجارية بين مصر وفرنسا، أشار الوزير خلال منتدى الأعمال المصرى - الفرنسى إلى أن العلاقات المشتركة، شهدت تطوراً سريعا خلال الفترة الأخيرة، حيث انعكست جهود التنسيق والتشاور المستمرين بين حكومتى البلدين بصورة إيجابية على حركة التجارة البينية، وهو ما أدى إلى ارتفاع حجم التبادل التجارى فى عام 2015 إلى ما قيمته 2.6 مليار يورو، لتصبح فرنسا ثالث أهم شريك تجارى لمصر من دول الاتحاد الأوروبى، كما بلغت الاستثمارات الفرنسية فى مصر نحو 1.3 مليار دولار موزعة على العديد من القطاعات، يأتى فى مقدمتها قطاع الصناعة والقطاع التمويلى وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لتحتل بذلك المرتبة الثانية عشرة ضمن قائمة الدول المستثمرة فى مصر، والرابعة على مستوى دول الاتحاد الأوروبى، لافتاً النظر إلى أهمية بذل المزيد من الجهود لتحقيق التكامل الاقتصادى بين البلدين خلال المرحلة المقبلة.
ودعا قابيل قطاع الأعمال الفرنسى لضخ المزيد من الاستثمارات فى السوق المصرى والاستفادة من الفرص المتاحة، خصوصا فى ظل موقع مصر المتميز، والذى جعلها مركزاً للتصنيع من أجل التصدير إلى أكثر من 1,6 مليار مستهلك فى مناطق التجارة الحرة التى انضمت اليها مصر بدون جمارك أو حصص متضمنة الوطن العربى، والافتا، والكوميسا، والولايات المتحدةالأمريكية وتركيا، وقريبا الميركوسير والاتحاد الأوروآسيوى، لافتاً النظر إلى توافر فرص استثمار واعدة فى العديد من المجالات منها الصناعات الغذائية، ومواد البناء والتشييد، وصناعة الأثاث، والصناعات الدوائية والبتروكيماويات، واستصلاح الأراضي، ومشروعات الطاقة، بالإضافة إلى إمكانية التعاون المشترك فى أسواق دول ثالثة خصوصا فى إفريقيا والدول العربية.
وفى نفس السياق أكدت داليا خورشيد، وزيرة الاستثمار، أن الزيارة الحالية للرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند لمصر، على رأس وفد من كبرى الشركات الفرنسية، تأتى لتعبر عن ثقة مجتمع الأعمال الفرنسى فى السوق المصرية، وكذا اهتمام الشركات الفرنسية بإقامة شراكات جادة مع مصر، موضحة أن هذه الزيارة من شأنها أن تعد انطلاقة جديدة للعلاقات الاقتصادية بين البلدين، وحافزاً على استمرار دعم الحكومة المصرية للقطاع الخاص وتهيئة مناخ الاستثمار الملائم، مع العمل على إزالة جميع المعوقات وتقديم التسهيلات اللازمة لجذب مزيد من الاستثمارات الفرنسية.
وأوضحت داليا خورشيد أمام المنتدى أن التعاون الثنائى بين مصر وفرنسا يستهدف مجالات نقل وتوزيع الكهرباء، ومساهمة الشركات الفرنسية فى تنفيذ مشروعات لتوليد الطاقة الجديدة والمتجددة، والتدريب الفنى، وبناء القدرات للكوادر المصرية.. حيث تولى الدولة اهتماماً كبيراً بحل مشكلة الطاقة، وذلك من خلال تنويع مصادر الطاقة والتوجه نحو إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة وزيادة الاعتماد على الطاقات البديلة، سواء الطاقة الشمسية أم طاقة الرياح.. هذا بالإضافة إلى استهداف التعاون فى مجال البنية التحتية للنقل، والاستفادة من الخبرة الفرنسية الكبيرة بهذا القطاع.. فضلاً عن إمكانية التعاون فى قطاع الإسكان وإنشاء محطات معالجة المياه، مع الاستفادة كذلك من الخبرة الفرنسية فى قطاعات التصنيع الغذائى والتجزئة، وقطاعات السياحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وكذا القطاع المصرفى وقطاع الخدمات وصناعة السيارات.
وقالت داليا خورشيد: نحن نعمل حالياً على تحديد قائمة للمشروعات فى العديد من القطاعات ذات الميزة التنافسية، بما يعكس رؤية الدولة لتنمية القطاعات الاقتصادية الرئيسية فى مصر ووجهت وزيرة الاستثمار فى كلمتها الدعوة للجانب الفرنسى للتعرف على هذه الفرص الاستثمارية المتاحة، والدخول فى شراكات جديدة أو إجراء توسعات بالسوق المصرية، وتحقيق نتائج إيجابية فى الفترة الحالية، والتى تشهد خلالها مصر ارتفاعاً فى معدلات النمو وبدء تحقق الاستقرار الاقتصادى.
وأشارت داليا خورشيد أنه من بين هذه المشروعات ذات الفرص الاستثمارية الواعدة، يأتى عددٌ من المشروعات القومية الكبرى، مثل مشروع المليون ونصف المليون فدان، وهو جزء من مشروع استصلاح أربعة ملايين فدان، من أجل إحداث تنمية متكاملة، ومشروع العاصمة الإدارية، ومشروع المثلث الذهبى فى محافظاتقنا وسفاجا والقصير، لما تتمتع به هذه المنطقة من ثروات معدنية.. فضلاً عن مشروع تنمية الساحل الشمالى الغربي، وإنشاء مدينة العلمين والظهير الصحراوى للمنطقة..
ومن جانبه يؤكد زين السادات رئيس مؤسسة التضامن المصرى والعربى والخبير الاقتصادى أهمية العلاقات المصرية - الفرنسية، مشيرا إلى أنه على الرغم من التطور الذى تشهده الاستثمارات الفرنسية فى مصر خلال السنوات الأخيرة، فإننا نرى أن هناك المزيد من الفرص الواعدة فى مصر لتعزيز هذه الاستثمارات ومضاعفة حجمها بشكل كبير، بفضل العلاقات المتميزة بين البلدين، فضلاً عما تتميز به مصر من توافر فى مقومات عديدة للاستثمار، يجعلنا نأمل فى أن تتضاعف هذه الاستثمارات خلال المرحلة المقبلة.
وأضاف أن حجم النشاط التجارى والاقتصادى والعسكرى بين البلدين، يرجع للعلاقات القوية التى تشهدها البلدين والتقارب الملحوظ فى الفترة الأخيرة، ويظهر ذلك من عدد الزيارات الرسمية بين البلدين، التى تعكس التقارب فى وجهات النظر إزاء القضايا الثنائية، حيث تم توقيع 20 اتفاقية بين البلدين خلال زيارة الرئيس الفرنسى لمصر، وهو ما يؤكد متانة العلاقات بين البلدين.
ومن جانبه يشير الدكتور عز الدين حسنين، الخبير الاقتصادى، أن زيارة الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند مهمة جدًا لمصر فى تلك المرحلة، وأن العلاقات المصرية - الفرنسية تاريخية، موضحا أن الزيارة ستسهم فى زيادة التبادل التجارى، فرنسا من الدول العظمى اقتصاديا، مشيرا إلى أن باريس تغزو الدول الإفريقية والعربية من خلال القاهرة، وأن الصناعات المصرية ستغزو الدول الأوروبية عن طريق باريس، معربا عن أمله أن تشهد العلاقات الإستراتيجية بين الدولتين لأعلى مستوياتها باعتبار أن فرنسا هى الذراع السياسية للاتحاد الأوروبي.
كما أكد السفير جمال بيومى رئيس برنامج المشاركة المصرية الأوروبية، أن العلاقات المصرية - الفرنسية تتمتع بالقوة والمتانة خصوصا الاقتصادية منها، حيث تمثل العلاقات الاقتصادية ركيزة أساسية بين البلدين، خصوصا أنه تم توقيع مجموعة من الاتفاقيات فى قطاعات متنوعة، مما يسهم فى زيادة الاستثمارات الفرنسية فى مصر .