الأهرام العربى احتفالا باليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة، أصدر الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء إحصائيات تشير إلى أن أكثر من 30% من النساء المتزوجات تعرضن لشكل معين من أشكال العنف، سواء كان جسديا أو نفسيا أو جنسيا. وبينت الإحصاءات أن 2 ,52% من النساء يتعرضن لعنف جسدى و19% يتعرضن لعنف نفسى و4% فقط يتعرضن لعنف جنسى.
واختلفت النسب باختلاف التوزيع الديموجرافى للمحافظات، فجاء الوجه القبلى الأعلى من حيث نسبة العنف بين الأزواج حيث وصلت النسبة إلى 32%، وجاءت النسبة الأقل فى المدن الحضرية بنسبة 25% . وكشفت الإحصاءات أن 6,50 % هى نسبة عنف الزوجات ضد أزواجهن وتزيد بين الزوجات الأميات بنسبة %78 وأشارت الإحصائية أن63,5% من الزوجات اللاتى يقمون بالاعتداء الجسدى على أزواجهن باستخدام الآلات الحادة لا يشعرون بالندم، «الأهرام العربى» تحاول من خلال هذا التحقيق الوقوف على سبب ظاهرة العنف بين الأزواج وقراءة إحصاءات أرقام الجهاز المركزى نفسيا واجتماعيا . يقول الأستاذ الدكتور فتحى الشرقاوى رئيس قسم علم النفس بكلية الآداب بجامعة عين شمس ومدير مركز الخدمة النفسية بالجامعة، إن الدراسات النفسية التى أجريت على السمات الشخصية للأطفال وعلاقتها بأساليب المعاملة بين والديه، أشارت إلى أن أساليب المعاملة التى يتكتنفها القسوة والعنف من قبيل العنف اللفظى (السب/الشتميمة/السخرية/النقد اللاذع)، كذلك العنف البدنى القائم على الدفع والركل والضرب وأحيانا الإيذاء البدنى المبالغ فيه، تؤدى بالطفل إلى أحد طريقين عندما يدخل مرحلة الرشد، وهما إما الإصابة بالمرض النفسى، وإما إعادة صياغة العنف الذى وقع عليهم وهم أطفال وتوجيهه إلى غيرهم فى صورة انحرافات سلوكية، لذا فإن العنف الأسرى بين الأزواج يؤثر تأثيرا سلبيا على الحالة الانفعالية والمزاجية والنفسية للأبناء . ورجحت الدكتورة سامية الساعاتى، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس وعضو المجلس الأعلى للثقافة أن تكون النسبة الحقيقية للنساء اللاتى يتعرضن للعنف أعلى من 30% ، وأضافت أنه لكى نفهم ظاهرة العنف الأسرى يجب أن ندرس التنشئة الاجتماعية للرجال وبخاصة من الأم، فهى المسئولة عن التربية فهى من تعطيه الإرشادات للتعامل مع زوجته، فالمرأة المصرية هى من تصنع الطاغية لتشكو منه امرأة أخرى. وشددت على أن معظم الأطفال الذين ينشأون فى ظل أسرة يسودها العنف يدمرون نفسيا بسبب حبهم الزائد لكل من الأم والأب، فلا يمكن تصور مشاعر الطفل عندما يرى هذا العنف بين والديه، فهذا ينعكس عليه عندما يتزوج، ومن الممكن أن يكون نسخة عن أبيه، لذا فالحِمل الأكبر على الأم لتنشئة أبنائها بطريقة صحيحة، وإبعادهم عن المشاكل الأسرية. وقالت الدكتورة آمال عبد الهادى، رئيس مجلس أمناء مؤسسة المرأة الجديدة، إن معظم النساء لا يتحدثن عن مشاكلهن، والجيد فى هذه الإحصائية أنها تطرقت إلى العنف النفسى على عكس باقى الإحصائيات التى تركز على العنف الجسىدى فقط، ويجب أن نفهم أن 30% من النساء ليس بالرقم الهين فهو رقم مهول ومفزع، لذلك يجب مواجهة تلك الظاهرة عن طريق إعطاء مساحة للبوح والشكوى للنساء اللاتى يتعرضن للعنف، ومعرفتهن بالأماكن التى يجب التوجه إليها فى تلك الحالة، وأيضا يجب تعديل القوانين التى تعطى لهن القدرة على الدفاع عن أنفسهن، فعلى الرغم من وجود قانون للعنف الأسرى فإنه غير فاعل، لذا يجب دخول هذا القانون تحت القبة مرة أخرى لتفعيله . وأضافت أنه فى عام 1995 عندما بدأت الحملات ضد ختان الإناث، كانت نسبة النساء اللاتى تعرضن للختان 97% بين أعمار من 15 حتى 49 عاما، لكن قلت تلك الظاهرة بشكل لافت للنظر بعد سن القانون عام 2008 . وأعتقد أن ظهور تلك الإحصائيات ستمثل بداية الاهتمام الحقيقى من جانب الدولة بظاهرة العنف ضد المرأة التى تتفشى فى مختلف المستويات الاجتماعية . وقالت الدكتورة عزة خضيرى، مدرس مساعد بكلية التربية جامعة حلوان، إن مشكلة العنف الأسرى تحتاج لتقديم فهم واقعى سليم للسلوك الإنسانى فى ظل هذه المتغيرات، والأدهى أنها مشكلة مرضية ترجع إلى عدة أسباب منها أسباب شخصية تتعلق بشخصية القائم بالعنف، كأن يكون لديه خلل فى الشخصية أو الناحية العقلية أو يتعاطى بعض المواد المخدرة، وهناك أسباب اجتماعية واقتصادية تتمثل فى الضغوط المادية وعدم التوافق الزواجى وانخفاض مستوى الثقافة وتغيير شكل الأسرة، فلم يعد النمط السائد من قبل “الأب والأم والابن وأبناء الأبناء وزوجات الأبناء“ موجودا، حيث إن هذا النوع من النمط كان يعطى فرصة لتوزيع الأعباء على أفراد الأسرة، مما يقلل من مجمل العبء ووجود عدد كبير من الأفراد من مختلف الأعمار والأفكار، كان يتيح فرصة التفاعل الاجتماعى بكل صوره ومواقفه، ولعل السر فى نجاح هذا النمط هو التنفيس الانفعالى الذى يقوم به الأفراد لما يؤرقهم ويضايقهم فتنخفض لديهم الانفعالات السلبية والغضب الذى يولد العنف. وأشارت إلى دور وسائل الإعلام التى تعمل على نقل أحداث العنف الموجودة فى كل مكان، مؤكدة أن التغييرات التى تحدث فى المجتمع الكبير تؤثر بشكل مباشر على المجتمع الصغير، وتعزيز العنف من خلال المعالجات الدرامية التى تقدم فى صور مستمرة وإبراز الدراما للفوارق الطبقية، مما يثير مشاعر الإحباط والأسى لدى الشباب وتراجع الكثير من الأدوار الخاصة بالمدارس ودور العبادة. وطالبت الدكتورة عزة خضيرى بالاهتمام بعملية التنشئة الاجتماعية والتركيز على دور المؤسسات المجتمعية كالمدارس والجامعات ودور العبادة والإعلام، لتقديم التوعية الكافية للأفراد عن العنف وآثاره المدمرة وأيضا تنشيط دور المؤسسات الأهلية والعمل على إيجاد مكاتب للإرشاد والتوجيه المستمر وإيجاد خدمات على الخط الساخن لتلقى الشكاوى واقتراح العلاج لها.