ذهب جحا إلى السوق مع ابنه وحماره، فركب جحا الحمار ومضى ابنه بجانبه، فسمع الناس يقولون: ( أتترك ابنك يمشى بجانبك كخادم وأنت تركب حمارك)، فخجل جحا من نفسه ونزل من على الحمار ليركب ابنه ويمشى هو بجانبه، فسمع بعض الواقفين يسخرون منه ويقولون: كيف يمشى الرجل الحكيم ويمتطى ابنه الحمار، فركب جحا الحمار خلف ابنه وأكملوا طريقهم، فسمع من يقول: (حرام عليكما هل يتحمل هذا الحمار المسكين ثقلك وحمل ابنك)، فنزل جحا هو وابنه من على الحمار وتركوه يمشى بجانبهما، فضحك الناس وقالوا: (يتركان الحمار يمشى بجانبهما ولا يركبانه)، فحمل جحا وابنه الحمار ومشيا به وهو على أكتافهما، فاجتمع الناس عليهما وهم يقولون:( لا إله إلا الله لقد جن جحا وفقد عقله)،واختلفت الروايات حول نهاية القصة ويقول البعض: إن جحا يومها باع الحمار، وحاول أن يبيع ابنه أيضا، وأن ينتحر.. تذكرت تلك القصة الظريفة وأنا أتابع الهجوم الشرس غير المبرر الذى تشنه بعض وسائل الإعلام ومن يسمون بالنخبة، على جماعة الإخوان المسلمين. فمع اندلاع أحداث شارع محمد محمود ومجلس الوزراء، ومطالبة الإخوان للثوار بالعودة إلى ميدان التحرير، لإيقاف نزيف الدماء، خرجت النخبة لتتهم الإخوان بخيانة الثورة وبيع دم الشهداء مؤكدين على حق الثوار فى التظاهر فى أى مكان ، وفى أحداث العباسية الأخيرة خرجت نفس النخبة لتهاجم الإخوان، ولكن الهجوم هذه المرة كان بسبب نقل الإخوان للتظاهر خارج ميدان التحرير، معتبرين أن ذلك سيتسبب فى سفك دماء المصريين ، مع العلم أن الإخوان لم يذهبوا أصلا الى ميدان العباسية، وأعلنوا بشكل واضح أن مليونيتهم ستكون فى التحرير وحذروا من الذهاب الى العباسية ، لكن المفارقة أن النخبة هاجمتهم لأنهم لم يلتحقوا بالثوار خارج ميدان التحرير – فى محمد محمود ومجلس الوزراء – وهذه المرة هاجموهم لأنهم التحقوا بالثوار خارج ميدان التحرير -فى ميدان العباسية – على حد زعمهم. وعندما كان الإخوان يفوتون الفرصة على كل من يريدون الاصطدام بالمجلس العسكرى ويرفضون مطالب هذه النخبة بتسليم السلطة بشكل فوري، لعدم وجود من يتم تسليم السلطة إليه، ورفض الكتاتنى ساعتها تولى مجلس الشعب للسلطة، لحين إجراء الانتخابات الرئاسية، كانت النخبة تتهم الإخوان بعقد صفقة مع المجلس العسكري، وعندما يأتى البعض الآن من غير المنتمين للإخوان ليصطدموا بالمجلس العسكرى ويطالبوه بتسليم السلطة فورا ، تخرج علينا نفس النخبة باتهام الإخوان بالسعى لتدمير البلاد ويقولون: من الذى سيتسلم السلطة الان ؟ ويبدو أن النخبة تتعامل مع الإخوان كما تعامل الناس مع جحا وحماره، ولن يعجبهم العجب ولا الصيام فى رجب كما يقولون، والدليل على ذلك صديقى اللدود الذى أخبرنى بأن شعبية الإخوان اصبحت فى الحضيض وأن الناس ندمت على انتخابهم وأنه لو أعيدت الانتخابات، فلن يحصلوا على أى شيء ، واحترمت وجهة نظره وقلت له : لو حدث ذلك سأحترم رأى الشعب وسيكون على الإخوان ساعتها مراجعة انفسهم ومحاولة كسب تأييد الشعب مرة أخرى ، ثم بادرته بسؤال : وماذا لو أعيدت الانتخابات وحصل الإخوان على نفس ما حصلوا عليه، واختارهم الشعب ، فقال لى مسرعا : يبقى شعب جاهل وعاوز يضرب «بالجزمة».. صمت للحظة ثم قلت فى نفسى : هى دى فعلا النخبة .. وتذكرت قول الإمام البنا: الديمقراطية عندهم كالأصنام المصنوعة من العجوة .. يؤمنون بها إذا أتت لهم بما يحبون ، ويأكلونها إذا لم تعجبهم نتائجها.