ابن ال 13 عاما علاء الترجمان.. سجل تفاصيل الرحلة بعدسته - اعتقل 22 مرة بين عام 1988 وحتى عام 2011 وشغل منصب أمين سر المجلس الانتقالى الليبى - عين مستشار النائب الأول للمؤتمر الوطنى ثم مستشارا لرئيس مجلس المؤتمر الوطنى لولا خالد الترجمان ما استطعت أن أكسر الحصار الإعلامى وأكون أول صحفى عربى مصرى يدخل مدينة بنغازى ومنذ عام ونصف العام تقريبا.. بدأت الفكرة تراودنى بزيارة المدينة الليبية منذ سته أشهر كاملة، حاولت مرارا وتكرارا وفشلت فى الوصول لأحد من المسئولين الليبيين لترتيب زيارة للمدينة . جاءت الفرصة بالموافقة على إجراء حوار مع رئيس مجلس النواب الليبى المستشار عقيلة صالح بمدينة طبرق مقر البرلمان الليبى، والأقرب إلى الحدود المصرية، وفورا اتصلت بصديقى خالد الترجمان الذى عرفته عن قرب إبان الفترات الأولى للثورة الليبية، واستمرت صداقتنا على مدار السنوات الخمس الماضية. خالد الترجمان أحد رموز الثورة الليبية، فقد كان ضمن من خرجوا للتظاهر بميدان الشجرة بمدينة بنغازى يوم 15 فبراير 2011 فى أول مظاهرة على نظام القذافى هو أحد قادة مظاهرات الطلبة عام 1975، وسجن 12 عاما فى هذه القضية ولم ييأس وواصل النضال حتى إنه سجن واعتقل 22 مرة أخرى بين عام 1988 وحتى عام 2011 وخلال الثورة شغل منصب أمين سر المجلس الانتقالى الليبى، ويفتخر بأن لديه ورقة دين ب 500 دينار منحها للمجلس الانتقالى فى الأيام الأولى للثورة ورفض استرجاع المبلغ حتى الآن. وبعد انتخاب المؤتمر الوطنى العام فى 2012 عين مستشار النائب الأول للمؤتمر الوطنى ثم مستشارا لرئيس مجلس المؤتمر الوطنى ومستشارا فى المكتب الفنى للنائب العام، كما رشح مرتين لمنصب وزارى فى حكوممة الدكتور على زيدان وحكومة أحمد معتيق التى لم تكتمل ، ولكنه رفض أى منصب تنفيذى مع بداية عملية الكرامة العسكرية ضد الإرهاب فى بنغازى انحاز لمدينته بنغازى التى تربى ويعيش بها واستقال من مناصبه برغم أن أصوله من مدينة مصراته التى ما زالت تدعم المؤتمر الوطنى المنتهية ولايته فى طرابلس، ثم عين مستشار للمجلس الرئاسى بالبرلمان الليبى. على مدار السنوات الخمس توطدت علاقة الصداقة بالسيد خالد الترجمان كليبى وطنى عروبى محب لبلاده ويعى العلاقة التاريخية بين مصر وليبيا، مدنا خلالها بكثير من المعلومات والانفرادات الصحفية، واصطحبنى فى كثير من الجولات لزيارة سجن بوسليم ومدينة مصراته والعديد من المناطق الليبية. بل ورفض على مدار السنوات الخمس أن يذكر اسمه كمصدر للمعلومات أو إجراء حوار معه. كان همه الأكبر بلاده، وحرص على معرفتى لأدق التفاصيل التى تمكننى من نقل الحقائق بكل حيادية. رتبت هاتفيا مع صديقى الترجمان أن يتولى ترتيبات سفرى لبنغازى بعد الانتهاء من لقاء رئيس مجلس النواب بمدينة طبرق وبرغم التحذيرات الأمنية الصارمة من الأمن الليبى بعدم التحرك من داخل مدينة طبرق خوفا على سلامتى الشخصية، جاء السيد خالد ومعه أبناؤه الثلاثة على وعبدالله وعلاء من بنغازى خصيصا لطبرق لكى يصطحبنى لزيارة مدينة بنغازي، لم أكترث لحديث الأمن الليبى وكنت قد صممت أن أشاهد وأنقل حقيقة ما يدور فى بنغازى من قتال مع الإرهاب. أغلقت هاتفى المحمول وتحركت مع عائلة الترجمان من طبرق للبيضاء ومنها لبنغازى وقد اتخذ قرار مساعدتى ومرافقتى بقرار شخصى وطنى منه كان يمكن أن يكلفه الكثير لو حدث مكروه لا قدر الله ولكن بحسه الوطنى كان مؤمنا أن بنغازى، تعانى حصارا إعلاميا ممنهجا، وأن إعلام الإخوان المأجور ينقل صورة مغايره عن قصد كجزء من الحرب الإعلامية. طوال الطريق لم يحدثنى رفيقى عن أحوال المدينة بل قال "ستزور بنغازى وتحكم بنفسك". نزلنا فى منزله ببنغازى وسط أسرته الرائعة فلن أنسى الأكلات الليبية التى تذوقتها يوميا من يد السيدة زوجته، والكرم الليبى الأصيل الذى أحاطنى به لم يتركنى لحظة. فرتب لى لقاءات مع جميع المسئولين والقادة العسكريين بالمدينة، كان معى فى كل لحظة هو وأبناءه الذين رأيت فيهم مستقبل وطن كم كنت مبهورا بالشابين على وعبدالله وهم يرويان تفاصيل زيارتهما مع والدهم لكل المدن الليبية على مدار السنوات الماضية، فوالدهم أخذهم معه ليطلعهم على كل شبر فى بلاده شرقا وغربا وجنوبا ليرسخ لديهم الشعور بالوطن وكم كانت المفاجأة أن ابنه الصغير علاء الترجمان البالغ 13 عاما كان لفرط حبه للتصوير، رفيقا لى، صور كل لقاءاتى بأنامله الصغيرة.. وسجلت عدسته كل تفاصيل الرحلة من طبرق للبيضاء لبنغازى بل كان معنا فى ميدان الكيش وقذائف الهاون تنهال على رؤوس المتظاهرين بالميدان، ولم يفزع، بل أخذ يصور أهالى بنغازى وهم صامدون أمام نيران الإرهاب رافقنى خلال حوارى مع قائد الصاعقة الليبية "بوخمادة قلب الأسد" كما أطلقنا عليه بعد اللقاء وظل معنا كظلنا ليلا نهار برغم مشقه المسافات وبرغم خطورة المناطق التى تجولنا بها كانت سعادته كبيرة أنه يصور صورا ستنشر فى أحد إصدارات مؤسسة الأهرام، فكم سمع من والده عن مؤسستنا العريقة فاستحق هذا الشاب الصغير أن يكون المصور الرسمى لكل تفاصيل رحلتى فى ليبيا. يرى المستشار خالد الترجمان أن ما يحدث فى ليبيا هو محاولة الشعب لاسترجاع ثورته كباقى ثورات الربيع العربى، يؤكد أن الثورة اختطفت من الإخوان، ولكن بشكل أكثر شراسة باستخدامهم للجماعات الإرهابية من القاعدة وأنصار الشريعة وداعش، ولكن الشعب وعى واكتشف خيوط المؤامرة وتمسك بجيشه ويسانده ضد الخوارج. ويؤكد الترجمان أنه كما بدأت الثورة من بنغازى وانتصرت، الآن الشعب يستعيد ثورته من بنغازى، والنصر قادم لا محالة وأضاف أن مدينة بنغازى تعانى من مؤامرة دولية، فالجيش لا يزال يحارب بدون دعم فى السلاح ولا يزال قرار حظر تسليح شراء السلاح يقيد من قدراته العسكرية لحسم المعركة بشكل نهائى، وأكد أن الضغط على المدينة ليس من خلال حظر التسليح فقط بل الإصرار على نقل صورة مغايرة للحقيقة، فبنغازى تحرر أكثر من 80 % من أحيائها وأصبحت آمنة بشكل كامل ومحاور القتال اقتصرت على بعض المناطق التى نزح أهلها وأصبحت غير آهلة بالسكان وهذه المناطق فقط هى التى تحصن الجماعات الإرهابية بها. وأكد لنا الترجمان أن الحرب الإعلامية والحصار الإعلامى الذى يمنع نقل الصورة الحقيقة للمدينة جزء مهم من الحرب العسكرية التى تتم الآن. وعلى مدار الستة أيام التى مكثتها فى الشرق الليبى لم يتركنى المستشار خالد الترجمان دقيقة واحدة وأمننى حتى وصلنى لمطار اللابرق بمدينة البيضاء ولم يغادر حتى اطمان أننى صعدت سلم الطائرة.