تقرير إيمان عمر الفاروق يعتقد البعض أن طريق الرئيس الأمريكي باراك أوباما عبر الحدود، أضحي ملبدا بعواصف وأعاصير تشريعية ورياح مُحملة بالسموم آتية من جهة الكونجرس بعدما أضحي في قبضة الجمهوريين بمجلسيه النواب والشيوخ، هذا الاعتقاد وإن كان لا يخلو من وجاهة فإنه ليس صحيحا علي إطلاقه ولا ينسحب علي جميع القضايا والأوقات، وإن كنا بالطبع مهمومين ومهتمين بالحرب الدائرة بالعراق وسوريا وما إذا كان الكونجرس سيمنح أوباما التفويض ويعتمد التمويل الذي طلبه، ولكن من يقوم بسبر أغوار تصريحات أقطاب الحزب الجمهوري لابد وأن يقرع أسماعه دبيب أحذية جنود المارينز . فالتاريخ القريب يزخر بالسوابق التي أيد فيها و ساند الجمهوريون رئيسا أمريكيا ديمقراطيا الجمهوريون هم الذين منحوا الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون نصيب الأسد من الأصوات التي كان بحاجة إليها لتمرير اتفاقية التجارة الحرة لشمال أمريكا (نافتا) فيما كانت المعارضة التي واجهها من أعضاء حزبه الديمقراطي. أيضا في نهاية التسعينيات من القرن الماضي كان الجمهوريون سيطرون علي الكونجرس ولم يكن لهم تأثير مضاد أو فعال فيما يتعلق بالحرب بكوسوفو. الوضع باللحظة الراهنة يطرح مُعضلة للجمهوريين، فلطالما عبروا عن رغبة محمومة في توسيع نطاق الحرب ضد داعش لتشمل إرسال قوات برية لكنهم يعانون من الانقسام الداخلي بشأن التفويض الخاص بالحرب وذلك وفقا لرؤية الكاتب الأمريكي إريك بيانين الذي عمل "بالواشنطن بوست" لما يزيد على 25 عاما وقام بتغطية العديد من القضايا القومية بالغة الحساسية. ولكي نفهم التكييف القانوني- بلغة أهل القانون- الذي استند إليه أوباما بحربه ضد داعش لن نجد أفضل من ذلك الذي شرحه لنا جاك جود سميث- مدير مكتب المستشار القانوني للرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش- عبر تقرير له بالغ الدقة نشرته مجلة "ذا أتلانتك " بعنوان " كيف أزال أوباما العقبات التي كبحت آلة الحرب"حيث جاء به وسع الرئيس الأمريكي الحالي، باراك أوباما، إلى حد كبير إمكانية أن يختار رؤساء الولاياتالمتحدة استخدام القوة العسكرية، دون الحصول على تفويض من الكونجرس، وهو بذلك ترك «إرثًا غير عادي، لقوى الحرب»، حيث جعل من الأسهل بالنسبة للرؤساء في المستقبل، أن يقوموا بشن الحرب من جانب واحد. استشهد جولدسميث بثلاثة طرق محددة، قام أوباما من خلالها بتبرير شن حرب منفردا، لدرجة تفوقه علي جورج بوش الابن. وهذه السوابق الثلاث هي المادة الثانية من القسم 2 من الدستور، والتي تنص على أن الرئيس، يجب أن يكون قائدًا أعلى لجيش وبحرية الولاياتالمتحدة، ولقوات مختلف الولايات، عندما تدعى هذه القوات إلى الخدمة الفعلية لدى الولاياتالمتحدة. والجميع تقريبًا، يتفقون على أن هذا يعطي الرئيس القدرة على صد أي هجوم على أمريكا، وقد ناقش الرئيس بوش، بأنه يخول الرئيس أيضًا باستباق أي تهديدات وشيكة. لكن أوباما، ذهب خطوة أبعد من ذلك. حيث استشهد بالمادة الثانية، لتبرير شن الحرب في ليبيا، وهو ما لا يمكن تصوره منطقيًا كدفاع عن النفس. وعلى الرغم من أنه لم يقصف سوريا بعد استخدام نظامها الأسلحة الكيميائية؛ إلا أنه قال في ذلك الوقت إن المادة الثانية من الدستور، تمنحه سلطة اتخاذ إجراءات من جانب واحد، من أجل حماية الاستقرار الإقليمي، وتطبيق المعايير الدولية، وهو المعيار الذي من شأنه أن يسمح، بشكل لا يصدق، بالقيام بمجموعة متنوعة من الحروب من جانب واحد. ثانيا قرار سلطات الحرب، هو قرار صدر في أعقاب حرب فيتنام، ويقوم بتحديد المدة التي يمكن للرئيس شن الحرب خلالها، دون الحصول على تفويض من الكونجرس. وهناك نقاش حول ما إذا كانت بعض أحكام هذا القرار تنتهك الدستور. ولكن، إدارة أوباما أصرت دائمًا على أن القرار ملزم قانونيًا. ويوضح القرار السابق أن على الرئيس أن يوقف الأعمال العدائية بعد 60 يومًا، إذا لم يحصل على تفويض من الكونجرس. ولكن، وفي ليبيا، استمر أوباما بالحرب لمدة شهرين بعد هذه الفترة، مبررًا ذلك بأن الحرب، التي استمرت سبعة أشهر من الجو، والتي دمرت القوات الليبية، والتي أسفرت عن مقتل المئات والمئات من الناس، والتي أزالت قائدًا من السلطة، ليست عملًا عدائيًا. ومن خلال هذا المنطق، يمكن أن يأمر الرؤساء في المستقبل بالقيام بغارات جوية لعدة أشهر، وقتل المئات، وتغيير الأنظمة، دون الخوض في الكونجرس على الإطلاق، طالما أن الحرب تشن من بعيد، ودون وجود الأحذية على الأرض! ثالثا وأخيرا الحرب على الإرهاب، تم خوضها تحت إطار السلطة القانونية التي قدمها قانون استخدام القوة العسكرية، أو AUMF، والذي أقره الكونجرس في عام 2001. ويقول هذا القانون: «إن الرئيس، مخول باستخدام كل القوة الضرورية والمناسبة، ضد تلك الدول أو المنظمات أو الأشخاص الذين خططوا، أو ارتكبوا، أو ساعدوا في القيام بهجمات 11 سبتمبر 2001». وعلى الرغم من أن داعش، لم تكن موجودة في 11سبتمبر 2001، ولم تكن على صلة بتنظيم القاعدة؛ فإنا أوباما بدأ بشن الحرب على الجماعة، تحت تفويض AUMF. ولكن أوباما بعد إعلان نتيجة انتخابات التجديد النصفي للكونجرس بدأ يلاعب الحزب الجمهوري ويحاول استخدام "داعش" لخلق أزمة للحزب الجمهوري بالانتخابات الرئاسية 2016 وذلك علي النحو التالي " فجميع الخيارات المطروحة أمام الجمهوريين تضعهم في مأزق فإذا ما قاموا بالتصويت لصالح الحرب فإنهم بذلك يصبحون شركاء لإدارة أوباما في حال ما إذا تعقدت الأمور و يفقدون القدرة علي ابتزازه بكارت التهديد بسحب التمويل اللازم للعمليات العسكرية ضد داعش، وإذا ما قاموا بالتصويت ضد الحرب فإنهم يتحملون وزر آية تطورات سلبية أمام الرأي العام الأمريكي. فضلا عن أن أوباما يلعب علي وتر الانقسام بين الجمهوريين وأحزاب "الشاي" فالأخيرة تعارض التدخل الأمريكي الخارجي وهو بذلك كأنه ألقي بحمامة بين القطط السمان". وبرغم أن الانتخابات شهدت تركيزا أكبر علي القضايا المحلية كالاقتصاد، البطالة، الطاقة، والهجرة فإن بعض الدعاية قامت بتوظيف الحرب ضد داعش كسلاح للنيل من الخصوم والإيحاء بأن سياسة أوباما الخرقاء هي التي قادت إلي صعود داعش، والأمثلة في هذا الصدد كثيرة كالسنياتور ميتش ماكونيل-زعيم الأقلية بمجلس الشيوخ سابقا عن ولاية كنتاكي- والذي قال في تصريح لمجلة "بوليتيكو" إن تلك هي المرة الأولي التي يتم إدراج قضية خارجية ضمن إطار حملتي الانتخابية، حيث تضمنت الدعاية لحملته إعلانا مُتلفزا وكليبا عن مقاتلي داعش و هم يطلقون النيران، بينما يأتينا صوت المعلق قائلا :" إنها حقا أوقات عصيبة". وفي ولاية نيو هامبشير قام المرشح الجمهوري سكووت براون بنشر ملصقات إعلانية تسخر من أوباما وهو يقول " ليس لدينا إستراتيجية محددة بعد !" و علي طرف اللافتة عبارة بالبنط العريض تقول " هذا هو النموذج الأمثل للفشل الذريع" . النائب الجمهوري كوري جاردينيير عن ولاية كلورادو لم تختلف حملته الدعائية كثيرا عن المثالين السابقين، حيث قام بوضع ملصقات تصور مقاتلي داعش وكأنهم يضحكون بشكل ساخر من كل مرشح يقول إنهم لا يمثلون تهديدا حاليا للشعب الأمريكي . وهنا تقفز للأذهان نقطة في غاية الأهمية أشار إليها موقع "ذا نيو أمريكان " بأن يجري التصويت علي الحرب ضد داعش بوصفه اختبارا أو استعراضا للوطنية، يعزز تلك المخاوف وجود نماذج مازالت تؤمن بمشروعية الحرب التي شنها بوش الابن بالعراق مثل جوني إرنست عن ولاية أيوا والتي كانت إحدي المحاربات بالعراق ومازالت تعتقد في خدعة " أسلحة الدمار الشامل " !. لاري جي ساباتو-أستاذ العلوم السياسية بجامعة فيرجينيا- يتوقع أن تؤيد الأغلبية الجمهورية بالكونجرس منح أوباما تفويضا بالحرب، لكنه تفويض مُلغم بالانتقادات علي شاكلة كان الأحرى به التحرك الفوري والسريع، والتدخل بسوريا منذ العام الماضي إرسال قوات برية ". السيناتور دان كوسنت-خبير قانوني بالحزب الجمهوري-حذر حزبه من مغبة وضع عراقيل في طريق الرئيس بالملف الخارجي، حيث قال في مقابلة له مع شبكة "سي إن إن " الإخبارية "إننا يجب أن نواجه اللحظة الراهنة بكل تحدياتها وأن نضع جانبا الصراع الحزبي ". جريدة "الواشنطن بوست" حاولت الإيحاء بأن تبني الجمهوريين لأطروحة المشاركة بقوات برية بالعراق هو نوع من المكايدة السياسية لأوباما نظرا لأنه لم يقفز إلي السطح إلا بعدما أعلن أوباما عن نيته عدم إرسال قوات برية لمقاتلة داعش فضلا عن معارضة الجمهوريين لزيادة التمويل اللازم للعمليات العسكرية سابقا فيما يمثل تحولا بموقف الحزب الجمهوري .ويُعد السيناتور ليندسي النموذج الأبرز في هذا الصدد حيث تغيرت تصريحاته خلال أقل من شهر واحد فقط من معارض لإرسال قوات برية للعراق إلي مؤمن بأن الانتصار بدونها وهم من الخيال، ووفقا "للواشنطن بوست " لم يكن هناك من متغير بخلاف إعلان أوباما عن خطته التي تعتمد فقط علي الضربات الجوية. النائب السابق جاك كينجستون قال "إن قرار عدم المشاركة بقوات برية يجعل حربنا بالشرق الأوسط أشبه بالحمل الكاذب ". النائب توم كول الجمهوري قال "لقد كان اوباما متسرعا عندما ازاح خيار القوات البرية عن الطاولة ". يُعد السيناتور جون ماكين المرشح لرئاسة لجنة القوات المسلحة بالكونجرس أبرز المدافعين عن إرسال قوات برية لمقاتلة داعش، و هو صاحب تصريح ربما يُلخص سياسية الحزب الجمهوري تجاه أوباما ألا و هي إذا كان الشعب الأمريكي يري أن أوباما هو أضعف رؤساء الولاياتالمتحدةالأمريكية بالقرن الحادي والعشرين فإن عليه أن ينظر للخلف لتجربة جيمي كارتر الذي لم يكن يصلح للقيادة ".