ميرفت فهد التفرد هو السمة التى تتميز به صور الحياة المختلفة فى مصر، وإذا اقتربنا من منطقة الاحتفالات، نجد أنه توجد أعياد لا يتم الاحتفال بها سوى فى مصر فقط، وعيد النيروز أى رأس السنة القبطية يتم الاحتفال به يوم 11 سبتمبر هو مصرى قديم ولكنه اصطبغ بالصبغة المسيحية واحتفظ بالطابع الفرعونى. يقول القمص يؤانس كمال – مفكر قبطى – إن عيد النيروز هو فى الأصل عيد فرعونى وتبدل بمذبحة دقلديانوس الذى تولى الحكم عام 284 م هو العام الأول لتقويم الشهداء، حيث استشهد عدد كبير من المسيحيين، والمسيحية تعتبر أن الشهداء يسافرون إلى السماء ، فاعتبر عهدا جديدا، و لهذا كلمة «نيوروز» أى النيروز تعنى «وردة جديدة» يشتمها الله برائحة الرضا والسرور، و بدأ النيروز من سنة 285م إلى اليوم، حيث يتم الاحتفال به يوم 11 سبتمبر، والشهور القبطية هى شهور فرعونية الأصل، ولا يمكن أن نجد هذا التقويم فى كنائس العالم إلا فى الكنيسة القبطية المصرية. وقد قام باحثون مصريون بعمل أبحاث للتقويم القبطى، و هنا نتج حساب قبطى يسمى «الأبقطى». وهو العلم الذى يدرس فى المواقيت و المواسم ويحدد أيام الصيام من عدمها، كما أن هذا العلم ربطه العلماء بكثير من الفلكيات مثل عمودية الشمس وكسوف الشمس ودوران الشمس، هذا علم فائض يدرس فى كليات اللاهوت الإكليريكية، كما أن المستشرقين يدرسونه بسخاء من التخصص. الشهور القبطية ويوضح القمص يؤانس أن شهور السنة القبطية تتكون من 13 شهرا، وهو التقويم الوحيد على مستوى العالم الذى يتكون من 13 شهرا، و نحن لا نقلل من التقاويم الأخرى، ولكن لأن أجدادنا الفراعنة كان لهم مشوار طويل مع الفلك والتحنيط والهندسة الكونية وتحديد المواسم و الموجات الهوائية، وهذا ما يدرسه علماء الأرصاد الجوية، لذلك يرتبطون ارتباطا وثيقا بالشهور القبطية ليحددوا حالة الجو والمناخ ومتى يأتى الصقيع ومتى تأتى الغيوم و تختفى الشمس...إلخ. ولهذا فالشهور القبطية ثابتة لا تتحرك بخلاف التقويم الغريغورى أو ما يسمى بالتقويم الأفرنجى الذى يبدأ بشهور يناير و فبراير...إلخ. و هذا التقويم يتكون من 365 أو 366 يوما + دقيقة و أكثر. ومع السنين، تكون الدقيقة ساعات و الساعات تكون أيام. وهذا ما جعل الفارق بين 25 ديسمبر و 7 يناير الذى يوافق 29 كيهك، أى اختلاف الاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح بين الشرق والغرب. هذا التقويم القبطى ثابت لا يتحرك. فشهر طوبة على سبيل المثال هو البرد والصقيع. لهذا الفلاح المصرى يتعامل فى زراعاته وحصاده بالتقويم القبطى. وهناك مصطلحات يقولها الفلاح المصرى مثل: «نوة طوبة ورياح أمشير...إلخ». معانى الشهور ويفسر القمص يؤانس أن هناك معايشة للمصرى الأصيل بين التقويم القبطى والأمور الحياتية والممارسة اليومية بما يحويه كل شهر من معنى ومفهوم. لهذا نجد أن الشهور القبطية لها معان عند عامة المصريين ويرتبط بها العديد من الأمثال: 1-توت و هو أول الشهور القبطية. يبدأ من 11/ 9 حتى 10/10. وهو نسبة إلى الإله المصرى جحوتى إله القمر والحكمة، ويقال عنه:»رى و لا تفوت» أى أن الفلاح يجب ألا يفوت ميعاد الرى فى هذا الشهر. وكذلك «توت يقول للحر موت» حيث تبدأ حرارة الجو المرتفعة فى الانكسار. 2- بابة نسبة إلى عيد أوبت وهو عيد انتقال الإله أمون من معبده فى الكرنك إلى معبده فى الأقصر. ويبدأ من 11/10 حتى 9/11. و يقال عنه:»ادخل واقفل الدرابة» و الدرابة هى الباب أو الطاقة أو النافذة الضيقة فى البيوت الريفية. 3- هاتور نسبة إلى حتحور إلهة العطاء والحب والموسيقى. ويبدأ من 10/11 حتى 9/12. و يقال عنه:»هاتور أبو الدهب المنثور». ويقصد بالدهب المنثور القمح. 4- كيهك مشتق من التعبير كا – حر – كا أى قرين مع قرين. ويعنى شهر اجتماع الروح كا. ويبدأ من 10/12 حتى 8/1. ويقال عنه:»كياك صباحك مساك» وأيضا «كياك تخلص فطورك تحضر عشاك». 5 - طوبة مشتق من الكلمة المصرية القديمة تاعبت وهو ربما اسم لعيد من الأعياد. وفيه التطويب أى إعداد الأرض للزراعة. ويبدأ من 9/1 حتى 7/2. ويقال عنه:»طوبة يخلى الصبية كركوبة». 6- أمشير إشارة إلى عيد يرتبط بالإله مخير. وهو الإله المسئول عن الزوابع. ويبدأ من 8/2 حتى 10/3. و يقال عنه:»أمشير أبو البرد و الزعابير». 7- برمهات نسبة إلى عيد يتعلق بالملك أمنمحات الأول الذى نال قدسية معينة فى مصر القديمة. ويبدأ من 11/3 حتى 8/4. ويقال عنه:»اطلع الغيط وهات». 8 -برمودة نسبة إلى آلهة الحصاد رننوتت. ويبدأ من 9/4 حتى 8/5. ويقال عنه:»برمودة اطلع و دق العمودة». أى دق سنابل القمح بعد نضجها. 9 - بشنس نسبة إلى الإله خونسو إله القمر. و يبدأ من 9/5 حتى 7/6. ويقال عنه: « بشنس يكنس الغيط كنس». 10- بؤونة نسبة إلى عيد أنت أى عيد الوادى. وهو العيد الذى ينتقل فيه آمون من شرق النيل إلى غربه لزيارة معابده الكائنة هناك. ويبدأ من 8/6 حتى 7/7. ويقال عنه:»بؤونة نقل و تخزين المؤونة». 11 - أبيب نسبة إلى عيد يرتبط بالإله عبب أو هابى إله النيل. و يبدأ من 8/7 حتى 9/8. و يقال عنه:»أبيب تحط البيضة على الحجر تطيب» و أيضا «أبيب فيه العنب يطيب». 12 - مسرى نسبة إلى الإله مو-رع أى ولادة رع إله الشمس. و يبدأ من 10/8 حتى 5/9. و يقال عنه:»عنب مسرى إن فاتك ما تلقاش و لا كسرة». و أيضا «مسرى تجرى فيه كل ترعة كسرة» حيث تزداد مياه الفيضان فتغمر كل مصر. فاكهة الموسم ويذكر القمص يؤانس كمال أنه جرت العادة أن بيوت الغالبية العظمى من المسيحيين لا تخلو من البلح والجوافة والسبب أنها فاكهة الموسم. كما أن المسيحية أضفت «الرمزية» على الفاكهتين. فالبلح قشرته لونها أحمر بلون الدم. رمز على دم الشهداء. و من داخل البلحة توجد نواة ( البذرة ) وهو ما يرمز إلى إيمان المؤمنين الثابت، حيث لا يمكن كسر قلب النواة. فى حين أن ارتفاع النخلة فى سمو تعامل المؤمنين، كلما أسأت إليهم يتعاملون بالمعاملة الحسنة. لأنك إذا قذفت النخلة بطوبة مثلا، فإنها لا ترد سوى بالبلح أى الثمر الطيب.كما أن الجوافة قلبها أبيض مثل قلب الشهداء الأبيض الجميل الذين سفكوا دماءهم من أجل إيمانهم بالسيد المسيح. وبذورها كثيرة رمزاً لعدد الشهداء الذين استشهدوا على اسم المسيح.