رشا عامر خبر صغير جاء فى سياق الحديث عن برنامج السيسى مفاده، أنه خلال الفترة المقبلة سوف يتم تأسيس معامل وفتح مناجم للكشف عن الذهب والمعادن النفيسة فى منطقة وادى العلاقى فى أسوان بالمنطقة الجنوبية، خصوصا بعدما كشفت التحاليل التى أجرتها أجهزة القوات المسلحة على تربة تلك المنطقة أنها غنية بالذهب والمعادن النفيسة، التى يمكن الاعتماد عليها فى الدفع بعجلة الاقتصاد القومى إلى الأمام خلال الفترة المقبلة. وأكدت المصادر أن مشروع استخراج الذهب من منطقة وادى العلاقى بأسوان تم عرضه على السيسى، وأشاد به، وأوصى بضرورة الاهتمام به على أن يتم تنفيذ المشروع، من خلال شركات وطنية مصرية، بشرط خلق المزيد من فرص العمل للشباب، وتشغيل أهالى جنوب الصعيد فى هذا المشروع. لم تكن تلك هى المرة الأولى التى يرد فيها ذكر اسم وادى العلاقى كمنطقة لاستخراج الذهب، بل إن مصر بها أكثرمن 95 موقعا موثقا لإنتاج الذهب تتراوح أحجامها من مناجم كبيرة إلى مواقع سطحية تم اكتشافها منذ الفراعنة واستمر استغلالها حتى عام 1954. التقارير الخاصة بالتعدين وفق ما يؤكده الدكتور يحيى القزاز، أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة أن المدخل الحقيقى لصناعات تعدينية حقيقية هو عودة هيئة المساحة الجيولوجية التى تم اغتيالها لصالح هيئة الثروة المعدنية، فالذى حدث أنه فى عام 2004 تم تغيير اسم هيئة المساحة الجيولوجية إلى هيئة الثروة المعدنية ونقل تبعيتها إلى وزارة البترول بدلا من وزارة الصناعة، وذلك حتى يصبح استخراج الذهب من صحراء مصر تحت سلطة وزير البترول آنذاك "سامح فهمى"، لطمس المعالم السيادية على التعدين وبالذات الذهب، ولعل فضائح الشركات المنتجة للذهب منذ فضيحة السبيكة المهداة من شركة حمش للرئيس المخلوع حسنى مبارك ومخالفات شركة السكرى لإنتاج الذهب وما صاحبها من تهريب ذهب للخارج بحجة تنقيته وإعادته أو ثمنه مرة أخرى إلى مصر، هو خير دليل على أن من كانوا يحكمون البلاد ما هم إلا عصابة كبيرة، لذلك فالدافع للمضى قدما فى طريق شاق وطويل هو وجود برلمان مؤتمن على مصالح المصريين. ويوضح القزاز أن التقارير المقدمة من المتخصصين فى التعدين بهيئة الثروة المعدنية تؤكد أن الهيئة لا تقوم بمتابعة ميدانية دائمة للنشاط الحقلى لشركات إنتاج الذهب فى مصر، مثل شركتى السكرى وحمش مصر لمناجم الذهب، وذلك لعدم وجود مجموعة عمل تمثل الهيئة. وتشتمل المتابعة الميدانية التعرف على الصخور الحاملة للذهب فى منطقة المنجم ومتوسط محتوى الذهب فيها، ثم تتبع المراحل السطحية وتحت السطحية لاستخراج الخامات الحاملة للذهب، ونقلها إلى الكسارات وتكسيرها وجرشها، ومتابعة عملية استخلاص الذهب، وكمية الذهب التى يتم استخلاصها، وكمية الذهب الموجودة فى النفايات بعد عمليات الاستخلاص. ولقد اقتصر دور رقابة الهيئة على تلك الشركات فقط على حضور مندوب لهيئة الثروة المعدنية أثناء العمليات النهائية لصب الذهب وتحديد وزنه والتوقيع على محضر الصهر. وأحيانا لا يحضر المندوب عملية الصب لعدم وجود سيارة تنقله من موقعه إلى موقع عمل الشركة، فيقوم بالتوقيع على محضر الصب فى أى وقت آخر. أما خارج أيام عمليات صب الذهب فلا يدرى أحد ما يدور داخل مناجم هذه الشركات، لأنه غير مسموح لأى أحد من هيئة الثروة المعدنية بالدخول فى مناطق إنتاج الذهب لهذه الشركات ! نعود إلى تأكيدات د. القزاز بأن هناك أكثر من 120 منجم ذهب غير مستغلة منها ما هو مناجم كبيرة ومنها ما هو سطحى، لكنه ملئ بالذهب أيضا. كما أن منجم السكرى الذى يعمل بكامل طاقته والذى تبلغ مساحته نصف كيلومتر مربع يعد من أكبر 10 مناجم فى دول العالم، موضحا أن مصر إذا استغلت جميع المناجم بها ستصبح من أكبر الدول المنتجة للذهب، فاحتياطى منجم السكرى وحده يبلغ 41 مليون أوقية، أى 462 طناً بما يعادل 12 طنا فى السنة أى طن ذهب فى الشهر . وفجر القزاز مفاجأة بأن الذهب المستخرج من الجبال والمناجم المصرية ليس بحاجة إلى سفره للخارج لتنقيته، لأنه يخرج فى حالته العضوية الأصلية، أى أنه يخرج على عيار 24، لكن ما يجعله يسافر إلى الخارج هو ضرورة عرضه على "بنك أوف إنجلند" المسئول عن ختم الذهب، ولكن لو طالبت السلطات المصرية بوجود فرع للبنك على الأراضى المصرية لوفرنا عمليات النهب الممنهج للذهب المصرى، خصوصا أن الذهب المستخرج من منجم السكرى لم يذهب إلى بنك أوف إنجلند! فالشركة المسئولة عن هذا المنجم لا يحاسبها أحد منذ إنشائها، وهناك العديد من التقارير والوثائق التى تؤكد حجم السرقات الذى اقترفته هذه الشركة بحق ذهب مصر.. فبعيدا عن الذهب أين الفضة والنحاس المستخرج مع الذهب؟ وما نسبة وجود الذهب فى الصخور التى يتم استخراجها لاستخلاص الذهب الموجود فيها؟ وطرق استخلاص الذهب من تلك الصخور، وكفاءة طريقة الاستخلاص ونقاوة الذهب الذى يتم استخلاصه. هل تعلم هيئة الثروة المعدنية أين يتم تكسير وجرش الصخور المستخرجة الحاملة للذهب من منجم حمش؟ حيث إنه من المعلوم أن الشركة لا تملك أى معدات أو كسارات لهذا الغرض، أى أن الشركة لا تملك البنية التحتية لإقامة صناعة تعدين واستخلاص الذهب فى مصر. فالواقع يؤكد أنه لا توجد متابعة حقلية لمراحل استخراج واستخلاص الذهب فى شركات إنتاج الذهب بمصر من قبل هيئة الثروة المعدنية، ولا توجد حتى متابعة مكتبية للتقارير التى ترد إلى الهيئة والموضوع كله يحتاج إلى إعادة صياغة وترتيب الأوراق لسد تلك الثقوب. وبناء عليه، فإن الإدارة العامة لمتابعة الشركات لا تقوم بعمل أى متابعة فنية عن مراحل إنتاج الذهب وكميته ونقاوته وصبه، إنما تقوم باستقبال التقارير التى تقدمها لها الشركات عن إنتاجية الذهب . أى أن المتابعة التى تقوم بها هيئة الثروة المعدنية هى متابعة صورية لا تستند إلى أى واقع. تعدين عشوائى فى حلايب وشلاتين نأتى للتعدين العشوائى والذى يقوم به سكان القبائل خصوصا فى محافظتى البحر الأحمر وأسوان مرورا بحلايب وشلاتين ويعد جبل الأنبط بشلاتين من أغنى الجبال التى تحوى كميات هائلة من الذهب، حيث تم استخراج 7 كجم فى صورة عرق ذهب، وعرق آخر يزن 6 كجم من منطقة أخرى من الجبل نفسه، وذلك على يد أفراد القبيلة هناك، وهو ما دعا د. القزاز لتقنين هذا البحث العشوائى، فأجهزة الكشف عن الذهب فوق سطح الأرض أو تلك التى تخترق التربة وتكشف عن الثروات، تعرضها شركات من مختلف الجنسيات عن طريق شبكة الإنترنت، لذلك فطرح مناطق مناجم الذهب بوادى العلاقى وباقى المناطق لشركات استثمارية تقوم بتشغيل شباب القبائل هناك وتوفر لهم فرص العمل بدلاً من الوقوع فى المحظور بالقبض عليهم بتهمة التسلل لمناطق حدودية،فتقنين التنقيب عن الذهب فى صحراء مصر خصوصا فى المنطقة الجنوبية، فكرة قابلة للتطبيق بشكل كبير، نظراً لما تتمتع به الصحراء الشرقية من ثروات مدفونة كبيرة، من الذهب وغيره من الثروات المعدنية الأكثر نفعاً والأغلى قيمة . ومن ثم فإن تقنين التعدين سيحل مشكلتين كبيرتين فى مصر: الأولى مشكلة أمنية لأن تقنين التعدين سيمنح أبناء القبائل فى الجنوب شعوراً بأنهم من أبناء الدولة وينتمون إليها بدلاً من التهميش الذى يعانون منه، والثانية توفير عائد اقتصادى هائل وفرص عمل تحل مشكلة البطالة فى مصر فوادى العلاقى هو جزء ضئيل جداً من مئات الوديان التى تحتوى على الذهب، بداية من مرسى علم وحتى الحدود المصرية السودانية، فما بالنا بباقى المناطق التى تملك هيئة المساحة الجيولوجية خرائط لكل وديانها وأماكنها التى تحتوى على ذهب، ولو تم الاستغلال الأمثل لها لحصدت مصر عشرات المليارات من الدولارات سنويا ووفرت مئات الآلاف من فرص العمل وأصبحت على قمة دول العالم ثراء .