عبده مغربى لم نكن نتخيل ونحن ننشر وثائق ومستندات تتعلق بأجهزة الكشف عن المفرقعات فى المطارات المصرية، أن تتعامل وزارة الطيران معنا ومع القراء بهذا القدر من التضليل، فى قضية ترتبط ارتباطا وثيقا بالأمن القومى المصرى، وترتبط بسلامة وسمعة البلاد فى الداخل والخارج، فقد نشرنا فى الأسبوع الماضى بالوثائق ما يؤكد أن منظومة الكشف عن المفرقعات بمطار برج العرب لا تعمل، ونظراً لخطورة ما جاء بهذه الوثائق قمنا بعرضها على وزارة الطيران قبل النشر، فإذا بها وبدلاً من أن تواجه الموقف وجدناها تتجمل بعبارات تدافع فيها عن المنظومة وتقلل فيها من خطورة ما نحذر منه، واعتقادا منا بخطورة القضية، قمنا بنشر تقريرنا الوثائق جنباً إلى جنب مع رد الوزارة، ليتبين القراء والمسئولون الحقيقة كاملة، وأننا لسنا طرفا وكل ما نستهدفه هو مصلحة هذا الوطن والحفاظ على أمنه، واعتبرنا أن دورنا انتهى عند هذه النقطة، بعد أن حذرنا بشكل واضح من خطورة ما كشفنا عنه، لكن وثائق أخرى جديدة وصلتنا بعد النشر، بعضها صادر من وزارة الداخلية، وضعتنا أمام حقيقة لا مجال للشك فيها، وهى أن وزارة الطيران "تكذب ولا تتجمل "! فقد حصلنا على مستند وصل إلى الدكتور محمود عصمت، رئيس الشركة القابضة للمطارات برقم وارد 803 بتاريخ 4 فبراير 2014، ومرسل له من جاد الكريم نصر محمد، رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للمطارات، برقم صادر 248 فى ذات اليوم 4 فبراير 2014، وجاء فيه ما نصه «.. بالإحالة إلى خطابكم رقم (74) بتاريخ 14 يناير 2014 والخاص بتوصية الإدارة العامة لشرطة ميناء القاهرة الجوى، برفض العرض المقدم من المقاول القائم بأعمال مشروع تطوير مبنى الركاب رقم (2) بميناء القاهرة الجوى بخصوص توريد أجهزة «examiner CT » للكشف عن الحقائب من إنتاج شركة « L3 COMMUNICATION SDS » وذلك نظراً لاضطراب أداء المنظومة العاملة بمطار برج العرب، نتشرف بالإفادة بأنه جار التنسيق حالياً لحل بعض المشاكل الفنية مع وكيل شركة « l3 » بمصر وكذلك شركة ABB التى قامت بأعمال الربط بين جهاز CT ومنظومة السيور لضبط أداء المنظومة، وتفضلوا بقبول فائق الاحترام ». انتهى نص الخطاب الموقع من رئيس الشركة المصرية للمطارات، والمرسل إلى الدكتور محمود عصمت، رئيس الشركة القابضة للمطارات، والخطاب بمضمونه السابق لا يخرج عن محتوى ما نشرناه الأسبوع الماضى، لكن الذى خرج عن المحتوى هى التأشيرة التى علق بها عصمت نفسه فى نهاية هذا الخطاب، وكتب بخط يده هذه العبارة : (أى أن الجهاز لا يزال لا يعمل) ما يعنى أن الدكتور محمود عصمت يعلم تماماً أن منظومة الكشف عن المفرقعات التى أشرنا إليها الأسبوع الماضى بأنها لا تعمل، هى لا تعمل فعلاً، ومع ذلك بعث عبر مستشاره الإعلامى رد ا قال فيه: إن العطل يتعلق بنظام «السيور» وليس قصوراً فى ماكينة الكشف عن المفرقعات، وهو ما يضعنا أمام مسئول ارتكب خطأين الأول: عندما لم يتخذ الإجراءات القانونية بحق الشركة الموردة لمنظومة الكشف عن المتفجرات فى مطار برج العرب، والثانى حينما كذب علينا وعلى الرأى العام فى رد ثبت بأنه هو أول من يعلم بعدم صدق العبارات والجمل التى تضمنها رد شركته على «الأهرام العربى» الأسبوع الماضي. ولأن فى دول الديمقراطيات المعروفة يعتبرون خطيئة الكذب أشد وطأة من الانحراف الإدارى أو المالى، فإن مسئولى الطيران يتجاهلون هذه الديمقراطية وماضون فى تركيب نفس منظومة الأجهزة المعيبة بمطار القاهرة، رغم تأكيد وزارة الداخلية وتحديداً الإدارة العامة لشرطة ميناء القاهرة الجوى برفض تركيب نفس المنظومة بمطار القاهرة، فى خطاب آخر من مدير الإدارة العامة لشرطة ميناء القاهرة الجوى مؤرخ فى 10 فبراير 2014 أى بعد وصول خطاب رئيس المصرية للمطارت ل « محمود عصمت» رئيس القابضة للمطارات ب 6 أيام، ويؤكد فيه ما سبق وأكد عليه سابقاً برفض تركيب هذه المنظومة بمطار القاهرة! إصرار الشركة القابضة على تركيب نفس المنظومة فى مطار القاهرة، رغم علمها بفشلها فى برج العرب، ورهان البعض فى وزارة الطيران على أن الأثر الذى أحدثته «الأهرام العربي» الأسبوع الماضى سيفتر ويهدأ، كان كافياً بأن يهز الثقة فى جدوى النشر والكتابة عن الفساد، لكن معلومات وصلتنا ساعة كتابة هذه السطور عن تحركات قوية لجهاز سيادى وآخر رقابى للتحقق والتحقيق فيما نشرناه أعادت لنا الأمل من جديد فى جدوى الكتابة .