محمد زكى أحمد عبد المقصود جاء إسقاط طائرة هليوكبتر للجيش المصرى بمنطقة الخروبة الأسبوع الماضى، واستشهاد طاقمها المكون من خمسة أفرادعلى أيدى الجماعات الإرهابية فى سيناء بصاروخ" سام7 " والذى لا تستخدمه إلا الجيوش، ويصنع فى إيران وباكستان وإسرائيل وأمريكا، تأكيدا أن دولا كبرى تشارك الجماعات الإرهابية معركتها ضد الشعب المصرى، ويعد هذا تغيراً نوعياً فى إستراتيجية الإرهاب. وجاء اغتيال اللواء محمد السعيد مدير المكتب الفنى لوزير الداخلية من أمام منزله، ليؤكد أن الجيش المصري والشرطة يخوضان حربا "ضروساً" مع جماعات إرهابية لا تعرف معنى للوطن، ليؤكد مرة أخرى أن هذه الجماعات مازالت خطرا يهدد أمن الوطن ووحدته، وأن مرحلة الاغتيالات السياسية هى الهدف المقبل لها، وكشفت مصادر رفيعة المستوى ل (الأهرام العربى) أن هذه الجماعات لم تنشأ فى يوم وليلة أو بعد إسقاط المعزول مرسى مباشرة، ولكن تم تجميعهم وإعدادهم فى فترة تولى المعزول، الأمر الذى يجب أن يضاف إلى قائمة الاتهامات الموجهة إليه وإلى عشيرته. ويكشف بيان لجماعة أنصار بيت المقدس حصلت عليه «الأهرام العربى» أن هذه الجماعة التكفيرية ترتبط ارتباطا وثيقا بجهات خارجية تعمل على استمرار حرب استنزاف ضد الشعب المصرى، متمثلا فى القوات المسلحة وأفراد الشرطة، وحسب خبراء أمنيون أن حماس تعوض بيت المقدس بشريا بعد كل ضربة توجهها إليهم القوات المسلحة، فبعد إسقاط الطائرة خرجت جماعة "بيت المقدس" ببيان لها تتوعد بالمزيد ضد الجيش المصرى "المرتد".. ومن المضحكات المبكيات حسب البيان: إن من أولى أولوياتنا الحفاظ على دماء وأعراض المسلمين انطلاقا من تعاليم ديننا الحنيف لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزانى، والنفس بالنفس، والتارك لدينها المفارق للجماعة) وهم بهذا الشكل يوظفون الأحاديث والقرآن الكريم لأهوائهم الفقهية الغريبة ويبنى تكفيرهم للجيش المصرى على عدة أسباب، وهى محاربته كل من يدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية واستشهد البيان بالقرآن الكريم فى قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم (الذين آمنو يقاتلون فى سبيل الله والذين كفروا يقاتلون فى سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا) صدق الله العظيم، وثانيا إفساحه المجال لمن يسبون الله ورسوله ويستهزئون بدينه وينتقصون من شريعته من العلمانيين والليبراليين وتمكينهم من الحكم بالقوانين الوضعية والسهر على حراستها وحماية الدستور الذى يحرم ما أحل الله ويحل ما حرمه الله، وخامسا موالاة اليهود والنصاري ومعاونتهم على حرب الإسلام والمسلمين تحت مسمى مكافحة الإرهاب، مستشهدين بقول الله تعالى حسب تفسيرهم (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولى منكم فإنه منهم إن الله لا يهدى القوم الظالمين). ويواصل البيان: ولهذه الأسباب نوجه رسائلنا إلى المجندين من الشعب المصرى بأن يتوبوا إلى الله عز وجل من المشاركة فى هذا الصرح الكفرى المحارب لله ورسوله، وأن يمتنعوا عن الخدمة فى صفوفه، وأن مؤسساتهم تستخدمهم أداة تنفيذ مخططات اليهود والنصارى والحرب ضد الإسلام والمسلمين، وأنتم فى بقائكم فى هذه المؤسسات تمسون وتصبحون فى غضب الله لا يصح لكم طاعة ولا يثبت لكم أجر، وأن ما تفعلونه من قتل للأنفس المعصومة وهدم لبيوت الآمنين وسرقة لممتلكاتهم لهو مظلمة ينتصر الله لها فى الدنيا قبل الآخرة ولن ينفعكم قول (أنا عبد المأمور) ! وينصح البيان أهالى المجندين بأن يساعدوا أولادهم بعدم الانخراط فى صفوف الجيش والشرطة على ترك الخدمة فى هذة المؤسسات التى تقوم بقتل وإحراق المسلمين والتنكيل بهم، وهدم المساجد واعتقال الحرائر من نسائهم حفاظا على دينهم ودمائهم. ويأتى التطور النوعى فى عمليات هذه الجماعات الإرهابية بسيناء حسب البيان "بث الرعب" فى نفوس الجيش المصرى، كاشفا عن أن سيناء ستشهد موجة جديدة من العمليات النوعية والتى تم تفعيلها أخيرا كتطور له دلالاته على أرض المعركة، حيث تم إمطار أكثر من موقع أمنى بقذائف الهاون ومواقع أخرى فى نفس التوقيت . وأضاف البيان: أن رمال سيناء تحركت.. أتاها الغيث.. استوت وربت .. وأن العسكر يحفرون قبورهم بأيديهم وأيدى غيرهم .. فى سيناء كنا كل ليلة وكل يوم نننتظر من يأتى لننظر فى أعيننا .. نسير خلفه لاقتلاع الكفر والطغاة ... كما أتى موسى فرعون جاءت سيناء، وأضاف "أكناف بيت المقدس" أينما أرادوا ضربوا وأوجعوا وقتلوا العسكر فى مواجهة هى الأقوى فى تاريخه ولم يحلم أن يراهم .. سيناء تلك الجزيرة المظلومة تكشر عن أنيابها وتقرر مواجهة الطاغية وجيشه المرتد .. ذابح النساء والأطفال حسب وصف هذا البيان المشبوه، الذى يواصل الكراهية: إن الواقع الحالى واقع افتراضى مبنى على نظريات مادية وصناعة الأكاذيب التى يروجها الغرب الصليبى، و أن الوضع العالمى الحالى هو الذى يجب فرضه بالقوة على كل أمة تسعى للنهوض والخروج من هذه البوتقة التى يعتبرها الغرب تمردا على واقع يحمل رؤيته، ويجب أن يمر عليه ختمه ومصر منذ أكثر من قرن مغيبة تتآكل أحيانا بصمت وأحيانا بحرقة وألم .. الصراع بين الحق والباطل لم يتوقف فى مصر، ولكن أصبح للحق صوت وأنياب وأظافر ... تحت جنح الظلام يكون المسير وعندما تهجم جماعة "بيت المقدس" على عدوها تتخطفهم خطفا كالأشباح، وأن الجيش المصري أصبح يفتقد أشياء كثيرة منها الصبر والجلد والمواجهة، وأننا مستمرون حتى القضاء على هذا الجيش المرتد الخائن القاتل ، ويصف البيان شيخ الأزهر والبابا وبرهامى بثلاثى الكهنوت دعاة الذل والخنوع أصحاب الأفكار الضالة .. المشاركون فى الدم واستباحة الحرمات .. زنادقة ليتهم ظهروا فى عهد الخليفة الهادى أبيه المهدى لينالوا عقابهم وأنهوا بيانهم بأن مصر على وشك الغرق، وأنها تمد يدها لمن ينجدها من الصادقين الموحدين ... واقترب الوعد وحان القطاف برغم كثرة الأشواك. وفى ختام البيان يحذرون من تجاهل هذه النصائح والاستمرار فى هذه الخدمة والدخول فيها ومن يفعل ذلك لا يلوم إلا نفسه وليعلم أننا أشد عزما وإصراراً على تنفيذ أمر الله ورسوله بجهادكم وقتالكم حتى يكون الدين لله. وعن هذا التغيير النوعى فى التعامل من قبل الإرهابيين يقول الخبير الأمنى الدكتور ياسر طنطاوى: إن ما حدث ليس بجديد، فهذا هو فكر هؤلاء الجماعات التى تربت عليه، كما قال مأمون الهضيبى "نحن نتعبد إلى الله بالنظام الخاص" ويعتبرون الاغتيال والقتل نوعا من التعبد، وهذا لن ينتهى لأن الفكر لا ينتهى إلا بفكر آخر، و لن يصلح معهم المصالحات كما يطلق البعض فهى مضيعة للوقت، وعن إسقاط الطائرة الهليكوبتر بسيناء يقول طنطاوى هذا أمر متوقع، ولا ننكر جهود القوات المسلحة فى هذا الأمر، لأن معدل الخسائر أقل مما كان متوقعا وعلى سبيل المثال فشلت أمريكا فى محاربة الإرهاب فى أفغانستان، وتكبدت خسائر كثيرة برغم اختلاف الظروف بيننا وبينهم، فأمريكا كانت تحارب فى جبال، أما هنا فى مصر فيختبئ هؤلاء الإرهابيون بين السكان المدنيين، وهو ما يجعل الجيش المصري يفكر ألف مرة فى مهاجمة هؤلاء، والدليل هو أن قائد الطائرة كان يستطيع أن ينجو بنفسه، ولكنه استمر فى التحليق من أجل أن يسقط فى مكان غير مأهول للحفاظ على أرواح المدنيين، وعمن يقوم بهذه العمليات قال طنطاوى الجماعة هى من تقوم بذلك، ولا يوجد ما يسمى بتنسيق بين الجماعة والإرهابيين الذين يقومون بمثل هذة العمليات، لأنهم فصيل واحد، وعملية التنسيق تحتاج إلى فصيلين مختلفين، وكل الجماعات التى تنفذ العمليات الإرهابية جزء أصيل منهم . أما العقيد خالد عكاشة الخبير الأمنى فيقول: إن تصاعد موجة العنف والعمليات أمر متوقع مع ذكرى 25يناير، بداية من حادث بنى سويف إلى تفجير مديرية أمن القاهرة واغتيال الشهيد اللواء محمد السعيد، ويكشف عكاشة أن الجماعة كانت لديها خطة لمهاجمة محاكمة المعزول مرسى وأعوانه، ولكن مشاهدتهم للاحتياطيات الأمنية الكبيرة حول مكان المحاكمة بأكاديمية الشرطة أعطتهم رسالة، جعلتهم يفكرون فى مسألة الاغتيال، ومحاولة منهم لزعزعة الداخلية المصرية أثناء سير المحاكمة لتعطيلها أو إرباك المشهد السياسى فى مصر قاموا بعملية اغتيال الشهيد اللواء محمد السعيد، وأتوقع المزيد فى المرحلة المقبلة، خصوصا كلما اقتربنا من تنفيذ خارطة الطريق، ومع اقتراب انتخابات الرئاسة، وما حدث من إسقاط للطائرة الهيلكوبتر وتفجير خط الغاز فى سيناء له دلالاته التى يجب أن نفهم مغزاها والعمل على إبطال مفعولها سريعا، فما جرى هو نقلة نوعية لهؤلاء عن طريق إمدادهم بالمعدات والأفراد عن طريق حركة حماس، فهى المصدر الرئيسى لتمويل الجماعات الإرهابية فى سيناء، سواء عن طريق البحر أم البر، وهم الآن يلجأون إلى البحر بعد هدم وتدمير الأنفاق، بدليل أن قوات حرس الحدود منعت تسلل مسلحين وتصدت لهم عن طريق البحر يوم 25 يناير. وعما يطلق عليهم جماعة أكناف بيت المقدس قال عكاشة: كلها مسميات، ولكن الإرهاب واحد، وهى فرع من فروع الجماعة وتأتمر بإمرتهم والجيش المصرى قضى على جزء كبير من هؤلاء الإرهابيين فى سيناء، ويقول عكاشة: وكما ذكرت حماس تعوضهم بالخسائر سواء البشرية أم الفنية، ويجب التعامل مع هذه الحركة بشدة، وعن إجراءات مواجهة هؤلاء فى الداخل قال: لابد من حلول سياسية وأمنية بمعنى تخصيص دوائر تختص بمحاكمة هؤلاء بشكل عاجل وعلنى، لكي يكون ذلك رادعا لهؤلاء، وهذا الكلام ذكره المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية فى آخر خطاباته عن تشكيل دوائر محاكمات عاجلة، ولكن حتى الآن لم نسمع عنها شيئا.