هشام الصافورى أثارت قضية الضباط الملتحين جدلا واسعا بعد ثورة 25 يناير، إلا أنها كانت أكثر جدلا بعد عزل الرئيس محمد مرسى، اتهامات بالعمالة لأمن الدولة والعمل على إسقاط الإخوان، وشكوك أخرى حول تآمرهم مع حزب النور لإحراج مرسى، منذ 3 يوليو وحتى الآن لا حس ولا خبر عن هذه القضية وتجاهل إعلامى تام، فى ظل تساؤلات تملأ الساحة السياسية الآن، فلماذا ظهروا ولماذا اختفوا؟ وما علاقتهم بأمن الدولة وحزب النور؟ وهل حلقوا لحاهم وعادوا إلى عملهم؟ أم مازالوا متمسكين بقضيتهم؟ وما موقفهم مما حدث فى 30 يونيو؟ وهل شاركوا فى اعتصامى رابعة والنهضة أم لا؟ كل هذه التساؤلات وغيرها حملناها إلى النقيب هانى الشاكرى، المتحدث الرسمى باسم الضباط الملتحين، فكان هذا الحوار. ظهور الضباط الملتحين إبان تولى د. محمد مرسى الحكم ثم اختفائهم فجأة بعد عزله أثار الكثير من علامات الاستفهام حول دور هؤلاء الضباط فى إسقاطه؟ الضباط الملتحون لم يظهروا فى عهد د. محمد مرسى، إنما بدأت قضيتهم فى الظهور بعد تنحى مبارك مباشرة، ولم يكن هناك فى الحكم سوى المجلس العسكرى ولم تكن هناك أحزاب قد تكونت بعد، ولم يكن هناك برلمان ولا رئيس منتخب، وأنا ساعتها كنت فى مأمورية فى الأممالمتحدة فى دارفور بالسودان، وأرسلت إلى وزارة الداخلية طلبا رسميا أكدت فيه إطلاق مجموعة من الضباط لحاهم، وأن هذا أمر شرعى ودستورى وقانونى مائة بالمائة، ولا يوجد مانع من الناحية العملية الفنية من إعفاء اللحية، وطالبتهم بالسماح لأى عضو هيئة شرطة بإعفاء لحيته، ومن هنا تم إنهاء مأمورية الأممالمتحدة لى وعدت إلى القاهرة، وأول حكم حصلنا عليه من مجلس الدولة بوقف قرار وزير الداخلية والعودة للعمل كان قبل تولى د. محمد مرسى، فقضيتنا سابقة على حكم د. محمد مرسى. واعتصامنا أيام د. مرسى لم يكن أبدا مؤامرة لإسقاطه، ولكن اعتصامنا كان لمطالبته بتنفيذ الأحكام القضائية التى حصلنا عليها بعودتنا للعمل، ومساعدته فى اتخاذ هذا القرار، أما عدم تظاهرنا الآن وعدم اعتصامنا للمطالبة بحقوقنا، فيرجع ذلك إلى عدم اعترافنا بالسلطة الحالية التى جاءت بعد الانقلاب على السلطة الشرعية والإرادة الشعبية، مع احترامنا للمظاهرات التى خرجت يوم 30 يوليو والتى كان مطلبها هو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، فالسلطة الحالية لا تمثل إرادة الشعب المصرى، وبالتالى فنحن لن نتظاهر ولن نعتصم لمطالبة هؤلاء الانقلابيين بعودتنا للعمل، لأن ذلك يعد اعترافا منا بتلك السلطة . هل أنتم موقوفون عن العمل حتى الآن؟ نعم، نحن موقوفون عن العمل حتى هذه اللحظة. وكم يبلغ عددكم ؟ ما بين ضابط وأمين شرطة وفرد، كان عددنا نحو 70 فردا، وبعد الانقلاب ضيق على الكثير منا ووصلتهم تهديدات، فبعضهم قام بحلق لحيته. هناك ادعاءات بأنكم كنتم مخترقين وأن الذين حلقوا لحاهم وعادوا للعمل، تابعون لجهات أمنية معينة، وقاموا بدورهم المطلوب منهم ثم انصرفوا عنكم بعد أن حققوا هدفهم ؟ هذا الكلام ربما كنت سأوافقك عليه لو كان هؤلاء أعفوا لحاهم بعد تولى د. مرسى الحكم، لكنهم كما قلت لك أعفوا لحاهم قبل وصول د. مرسى للحكم، وهم عددهم 3 ضباط، ولم يعودوا إلى عملهم حتى الآن، لأننا نواجه عقوبتين، الإحالة إلى الاحتياط لاتهامنا بأننا خطر على النظام العام، والوقف عن العمل لمدة 6 أشهر، وكل ما حدث فى حقهم بعد أن حلقوا لحاهم أنهم رفعت عنهم الإحالة للاحتياط، والآن يقضون عقوبة الوقف عن العمل لمدة 6 أشهر . بعد ما حدث فى 30 يونيو و 3 يوليو هل عذرتم الرئيس محمد مرسى فى عدم اتخاذ قرار بعودتكم للعمل ؟ نحن سامحناه، لكننا لم نعذره، لأننى شخصيا تقابلت مع الرئيس محمد مرسى فى صلاة الفجر، وقلت له: إن وزير الداخلية يقول إنه لن يسمح مطلقا بأن يكون فى عهده ضابط ملتح مهما كلفه الأمر، وسألته: هل تعتقد أن هذا الوزير سيكون راضيا بأن يكون الرئيس، الذى هو القائد الأعلى للشرطة ملتحيا؟ وكذلك كان المستشار الأمنى للرئيس مرسى هو اللواء دكتور عماد حسين، وهو صاحب الإشراف على رسالة دكتوراه بعنوان " التطرف الدينى وأثره فى الأمن القومى" وكان فيها كلام شديد جدا ضد التيار الإسلامى باختلاف فصائله، المؤامرة كانت واضحة وقد نبهنا الرئيس كثيرا لكنه لم يلتفت لنا . فى اعتقادك لماذا لم يوافق مرسى على عودتكم للعمل ؟ الجريمة التى يجب أن يعاقب عليها د. مرسى هى زيادة حسن ظنه بالناس، وأظن أن من عينهم فى بعض الأماكن الحساسة فى الأجهزة المعلوماتية الاستخباراتية نقلوا له معلومات مغلوطة عنا، سواء عن قضية اللحية نفسها أم عن أشخاصنا، بالادعاء أننا عملاء لأمن الدولة أو ما شابه ذلك من اتهامات . العميد طارق الجوهرى المسئول عن التأمين الشرطى لمنزل الرئيس محمد مرسى اتهمكم صراحة بأنكم من صناعة أمن الدولة ؟ العميد طارق الجوهرى أبلغ الرئاسة عن سب وقذف وتهديد بعض الضباط الموجودين فى الحراسة للدكتور مرسى يوم محاولة اقتحام الاتحادية، فما كان من وزارة الداخلية إلا أن أحالته للمعاش، ولم يحمه الرئيس ولم تحمه مؤسسة الرئاسة، ونحن نكن له كل الاحترام لموقفه هذا، وبالمناسبة هو اعتذر عما قاله عن بعض الضباط الملتحين، وأكد أنهم من أشرف الضباط الموجودين. هناك الكثير من الشكوك حول علاقتكم بحزب النور ودوره فى تأجيج قضية الضباط الملتحين من أجل إسقاط الإخوان والرئيس محمد مرسى ؟ أولا، نحن لا نتبع أى فصيل سياسى سواء أكان تيارا إسلاميا أم تيارا ليبراليا، والقانون لا يسمح لضباط هيئة الشرطة بالعمل السياسى، وحزب النور ساعدنا بالفعل كثيرا فى إظهار قضيتنا للجمهور وعوام المواطنين من خلال تنظيم بعض المؤتمرات، لكن هل فعل ذلك مناكفة فى الإخوان والرئيس؟ فلا علم لدينا ويسأل عن ذلك حزب النور، لكنه لم يتخذ أى آلية قانونية أو سياسية يملكها كحزب سواء استجواب للوزارة أم ضغط لإصدار تشريع معين فى البرلمان لحل قضيتنا. بماذا تفسر ابتعادكم عن الإعلام بشكل لافت للنظر بعد عزل الرئيس محمد مرسى وكنتم تظهرون على الفضائيات بشكل كبير قبل عزله ؟ بالطبع كان الإعلام يطاردنا ليل نهار قبل الانقلاب، وقد اتضح لنا الآن أنهم أرادونا سكينا لذبح د.محمد مرسى، والآن لا يسأل عنا أحد . هل تعتقد أنه لو عاد الرئيس مرسى للحكم سيستجيب لمطالبكم ؟ بالفعل نحن على يقين أن عودة الشرعية معناها عودتنا للعمل، والشرعية هى عودة إرادة الشعب المتمثلة فى مجلس الشورى والدستور المستفتى عليه، وعودة الرئيس، وهو بعد ذلك حر فى عمل استفتاء حول إكماله مدته أم لا ؟ ماذا سيكون موقفكم إذا طلب منكم الاعتراف بالسلطة الحالية مقابل الموافقة على إعفاء لحاكم وعودتكم إلى عملكم ؟ المبادئ لا تتجزأ، ونحن لا يمكن أن نساوم على مبادئنا، وقضية اللحية لم تكن قضية إصلاحية فى ذاتها، إنما هى قضية كاشفة لإمكانية حدوث الإصلاح فى وزارة الداخلية، فهل يمكن أن تتحول الوزارة من هيئة عسكرية إلى هيئة مدنية أم لا ؟ وهل ستتحول من هيئة للأهواء الشخصية إلى هيئة تنفذ القانون واللوائح أم لا ؟ وهل وزارة الداخلية مستعدة لقبول التيار الإسلامى كفصيل وطنى موجود بالدولة أم لا ؟ بعيدا عن قضية اللحية هل تشاركون فى المسيرات والمظاهرات المؤيدة للشرعية والمناهضة لما حدث فى 3 يوليو ؟ هذه حرية شخصية، ونحن ككل المصريين، من يريد أن يتفاعل ويخرج فى المسيرات فهذا شأنه، ومن لا يريد فهذا شأنه أيضا، وكل شخص حر فى إبداء رأيه بالطريقة التى يراها، بشرط السلمية وعدم التخريب. لماذا أرسلت لكم إدارة التفتيش بوزارة الداخلية؟ هم أرسلوا ل 12 منا، وأنا رفضت المثول والذهاب إليهم، لكن باقى زملائى ذهبوا، وتم سؤالهم عن صفحاتهم الشخصية وما ينشر عليها من بيانات معادية للقوات المسلحة، وسألوهم عن رأيهم فى بيان القوات المسلحة يوم 3 يوليو، واختلفت ردود الزملاء عليهم . هل شارك أحد منكم فى اعتصامى رابعة والنهضة؟ كانت لنا أكثر من كلمة على منصة النهضة، لكن لم نظهر على منصة رابعة، وكان وجودنا للاعتراض على الانقلاب وليس من أجل قضية اللحية وعودتنا للعمل، وأنا شخصيا كنت أتردد على رابعة والنهضة بشكل مستمر، والنقيب أحمد حسين وهو ضابط ملتح، نزل ساعة مجزرة فض رابعة لنقل المصابين والجرحى فى سيارته الخاصة، لكنه أصيب بطلق نارى وتوفى فى الحال، وللأسف تحت الضغط اضطر والده لعدم اتهام أحد وعدم إثبات وفاته فى رابعة العدوية حتى يستطيع أن يحصل على جثة ابنه ليقوم بدفنها . من ذهب منكم إلى رابعة أو النهضة هل كان يحمل سلاحه الميرى معه؟ بعد أن تمت إحالتنا للاحتياط، تم سحب السلاح الميرى منا، وعدم السماح لنا بارتداء الملابس الرسمية، وتم وقف كل مستحقاتنا المالية، وعدم السماح لنا بالعمل فى أى جهة، ونحن ذهبنا إلى هذه الأماكن بصفتنا مواطنين عاديين وليس بصفتنا ضباطاً. هناك من ادعى أنكم كنتم تدربون المعتصمين على استخدام صواريخ جراد ؟ نحن ضباط شرطة ولسنا ضباط جيش وليس لنا فى الصواريخ، لكن بالفعل أحد اللواءات اسمه الطرابلسى على ما أتذكر ظهر على قناة التحرير مع المدعو أحمد موسى وادعى علينا ذلك، ونحن سنقاضيه حتما ولن نتركه ولكن ننتظر حتى انتهاء القضية الأم . بصفتك ضابط شرطة ألم تكن هناك طريقة لفض الاعتصام تجنبنا كل تلك الدماء التى سالت؟ هذا لم يكن فض اعتصام، هذه كانت مجزرة، لأن فض الاعتصام له شروط نص عليها القانون، فلا يوجد فض اعتصام بالطائرات وقوات من الجيش، والأسلحة التى يجب أن تستخدم فى الفض هى الماء والغاز والدرع والعصا، وهناك الخرطوش الكاوتش الذى لا يؤدى للقتل، ولا يسمح باستخدام الطلقات الحية إلا فى أضيق الحدود، لكن ما حدث هو استخدام مجموعات فنية لمكافحة الإرهاب وليس مجموعات فنية لفض الاعتصام من خلال الطائرات والقناصة واستخدام الأسلحة النارية وعزل المنطقة بالكامل وغلق جميع المداخل والمخارج، مع أن المفروض أنك كشرطة تدخل من مكان واحد أو مكانين على الأكثر، وتترك باقى الأماكن لخروج المعتصمين، فهذا لم يكن فضا للاعتصام ولكنه كان قتلا للناس، وكان لابد من إنذار المعتصمين بصوت واضح ومسموع للجميع قبل الفض، ومعلوم مساحة ميدان رابعة وعدد المعتصمين الكبير، ولا يعقل أن ميكروفونا على سيارة يمكن أن يسمع كل هؤلاء، وكان لابد من استخدام طائرة فى منتصف الميدان لإنذار المعتصمين، والإنذار لابد أن يشتمل على تحديد الوقت اللازم للانصراف، وأظن أن عملية إخلاء المعتصمين للميدان كانت تحتاج إلى ساعتين على الأقل، لكن ما حدث أنه كان يتحدث فى الميكروفون وفى نفس الوقت يطلق الرصاص ويهدم ويحرق الخيام، فلم يترك للمعتصمين فرصة للخروج، وكان المقصود من ذلك هو توريط الضباط والقيادات فى دماء كثير من المصريين بحيث يظلون يدافعون عما حدث من انقلاب فى 3 يوليو .