هاني بدر الدين نشر الشيخ الدكتور سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف الأسبق بحثا بعنوان "القتال فى الإسلام لمن قاتلنا وليس لمن خالفنا" أكد فيه أن الإسلام دين رحمة وأن نبينا صلى الله عليه وسلم أرسل رحمة للعالمين، وأن الحرب والقتال ذكرا في الكتاب المقدس (التوراة والإنجيل) كما ذكرا في القرآن الكريم لأهداف سامية وبضوابط عظيمة تحترم كرامة الإنسان وتصون دمه وعرضه وماله. وقال الشيخ عبد الجليل " أجمع أهل العلم على أن القتال فى الإسلام لم يشرع لقتال المخالفين لنا، بل الأصل فى مشروعيته : دفع عدوان من اعتدى علينا ، والتمكين لتبليغ الدعوة دون إجبار أو إكراه.. قال تعالى : (وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين). وأضاف الشيخ عبد الجليل "أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالكف عن القتال فى العهد المكى، فقال تعالى (وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين).. وقال تعالى : (ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيمو الصلاة وآتوا الزكاة). ومضى الشيخ عبد الجليل قائلا "فلما أذن الله تعالى لنبيه بالهجرة أذن له بقتال من قاتله، قال تعالى : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ الله عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا الله وَلَوْلاَ دَفْعُ الله النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسمُ الله كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن يَنصُرُهُ إِنَّ الله لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ). واستطرد الشيخ عبد الجليل قائلا "بيّن سبحانه وتعالى أن القتال إنما شرع لدفع العدوان على الأنفس وصيانة الأعراض والمقدسات ولم يشرع القتال لمجرد الكفر، ولهذا نهى صلى الله عليه وسلم عن قتل من لم يقاتل كالمرأة والشيخ الكبير والأطفال والعباد فى صوامعهم.. فالمخالفة فى الرأى، أو حتى المخالفة فى العقيدة لا تبيح الدماء أو الأعراض، فالنفس البشرية لها حرمتها وممتلكات الآخرين يجب الحفاظ عليها". وأشار الشيخ عبد الجليل إلى أن " النبى صلى الله عليه وسلم هاجر إلى المدينة وبها يهود من عائلات وبطون كثيرة، وعقد مع الجميع معاهدات صلح كما هو معروف، فلما نقض بعضهم العهد أخرج أو أجلى فقط من نقض العهد ولم يخرج كل يهودى، المخطئ فقط هو الذى يعاقب أما سواه فلا". وتطرق الشيخ ىعبد الجليل إلى أن السفراء أو الرسل والوفود حتى فى وقت الحرب لا يقتلون، حيث قال "تعارف العقلاء من قديم الزمان أن الرسل (السفراء والوفود) لهم حصانة خاصة ودماءهم مصونة حتى فى وقت الحرب، فهذا كسرى يبعث النبى صلى الله عليه وسلم إليه بكتاب يدعوه فيه إلى الإسلام، ويتغيظ كسرى ويخرج عن حد الأدب واللياقة إن صح التعبير ويمزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم !! لكنه فى ذات الوقت لا يقتل حامل الكتاب (سفير رسول الله صلى الله عليه وسلم)!!، والنبى صلى الله عليه وسلم أقر هذا المبدأ واحترمه وجعله تشريعًا. وأضاف الشيخ عبد الجليل قائلا "يوم أن جاء النبي صلى الله عليه وسلم كتاب مسيلمة الكذاب يحمله رجلان، كانا مسلمين فارتدا عن الإسلام، وزعما أن مسيلمة نبى مرسل، وهذه ردة صريحة لا يختلف عليها اثنان، ومع ذلك لم يقتلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ الأَشْجَعِىِّ عَنْ أَبِيهِ نُعَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ لَهُمَا حِينَ قَرَآ كِتَابَ مُسَيْلِمَةَ «مَا تَقُولاَنِ أَنْتُمَا» قَالاَ نَقُولُ كَمَا قَالَ. قَالَ «أَمَا وَاللَّهِ لَوْلاَ أَنَّ الرُّسُلَ لاَ تُقْتَلُ لَضَرَبْتُ أَعْنَاقَكُمَا». واختتم الشيخ عبد الجليل كلماته قائلا "فأحسب أن الأمر قد أصبح واضحًا، وظهر أن الإسلام متمثلاً فى شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم أبعد ما يكون عن حمل الناس على اعتناق الإسلام بالسيف، وهو الذى قال صلى الله عليه وسلم لأعدائه بعدما قدر عليهم: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" هكذا دون شرط أو قيد، أقول حتى دون اشتراط الإسلام.. وإذا كان هناك من أخطأ في الفهم أو التصرف فخطؤه لا يتحمله الدين ، بل يحسب عليه وحده.. اللهم قد بلغت، اللهم اشهد".