هل توجد إعلانات طرح وحدات إسكان اجتماعي قريبا؟.. صندوق الإسكان يجيب    إدخال 136 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم جنوب رفح    أخبار الأهلي اليوم.. رسالة الخطيب وصفقة مغربية والتخطيط يصدم نجم الأحمر    القبض على «ٌقمر الوراق» بحوزتها 2.5 كيلو «حشيش» (التفاصيل الكاملة)    العلاقات المصرية الصينية.. تعاون ثقافي وسياسي واقتصادي على مر العصور    ما حكم الصلاة الفائتة بعد الإفاقة من البنج؟.. أمين الفتوى يجيب    بدون مكيف- 5 نصائح لتبريد الجسم في الصيف "فيديوجرافيك"    لاعب أرسنال: الأعين كلها نحو رفح    إصابة جندي بولندي في عملية طعن على يد مهاجر غير شرعي    بدء الاختبارات الشفوية الإلكترونية لطلاب شهادات القراءات بشمال سيناء    ننشر أسماء المتقدمين للجنة القيد تحت التمرين في نقابة الصحفيين    ضبط شخص يدير صفحة عبر "فسيبوك" للنصب على أهالي كفر الشيخ    محافظ جنوب سيناء يترأس الاجتماع الأسبوعي لمتابعة الموقف التنفيذي للمشروعات    ليلى طاهر ل فيتو: أنا بخير وأستمتع بوقتي مع العائلة    شركات محددة تستحوذ على "نصيب الأسد"، اتهامات بالتلاعب في تخصيص الأراضي بالدولار    متى يلزم الكفارة على الكذب؟.. أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح    رئيس الأعلى للإعلام يشيد بالعلاقات القوية بين مصر والسعودية    كشف ملابسات سرقة سائق بإحدى شركات تطبيقات النقل الذكي حقيبة سيدة    الخميس.. قصور الثقافة تقيم حفل أغاني موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بمسرح السامر مجانا    قومية سوهاج تقدم عرض اللعبة ضمن موسم مسرح قصور الثقافة بالصعيد    محافظ الإسماعيلية يشيد بدور مجلس الدولة في فض المنازعات وصياغة القوانين    عضو تنسيقية تقدُّم: إعلان مجلس السيادة السوداني عن حكومة كفاءات وشيكة تهديدٌ للقوى المدنية    تعرف علي مناطق ومواعيد قطع المياه غدا الاربعاء بمركز طلخا في الدقهلية    روسيا تطور قمرا جديدا للاتصالات    «الضوابط والمحددات الخاصة بإعداد الحساب الختامي» ورشة عمل بجامعة بني سويف    رئيس جامعة بني سويف يشهد الاحتفال بيوم الطبيب    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس 2025 - الموعد والضوابط    القبض على المتهم بقتل صديقه في مشاجرة بقليوب    شبانة: لجنة التخطيط تطالب كولر بحسم موقف المعارين لهذا السبب    اشترِ بنفسك.. رئيس "الأمراض البيطرية" يوضح طرق فحص الأضحية ويحذر من هذا الحيوان    برلماني: الرئيس يثق في قدرة الحوار الوطني على وضع رؤية اقتصادية جديدة للدولة    محمد نشأت العمده: افتتاح الرئيس لمشاريع جنوب الوادي يضيف للتنمية الشاملة    محافظ مطروح يشهد ختام الدورة التدريبية للعاملين بإدارات الشئون القانونية    تشكيل الدوري الإنجليزي المثالي بتصويت الجماهير.. موقف محمد صلاح    موعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2024.. تصل إلى 9 أيام متصلة (تفاصيل)    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية البراجيل في ملوي غدًا    بشرى للمواطنين.. تفاصيل حالة الطقس ودرجات الحرارة حتى نهاية الأسبوع    الجنايات تعاقب عامل بالسجن 3 سنوات لإدانته بالاتجار في الحشيش    الطب البيطرى: تحصين 144 ألفا و711 رأس ماشية ضد الحمى القلاعية بالجيزة    سياح من كل أوروبا.. شاهد رحلات جولات البلد على كورنيش الغردقة    خلال زيارته للمحافظة.. محافظ جنوب سيناء يقدم طلبا لوفد لجنة الصحة بمجلس النواب    محافظ الجيزة: تطوير وتوسعة ورصف طريق الطرفاية البطئ    نسألك أن تنصر أهل رفح على أعدائهم.. أفضل الأدعية لنصرة أهل غزة ورفح (ردده الآن)    تفاصيل الساعات الأخيرة في حياة فؤاد شرف الدين.. «كان يقاوم الألم»    فيلم السرب الأول في شباك تذاكر أفلام السينما.. تعرف على إجمالي إيراداته    إسرائيل تعتقل 22 فلسطينيا من الضفة.. وارتفاع الحصيلة إلى 8910 منذ 7 أكتوبر    وزيرة الهجرة تستقبل أحد رموز الجالية المصرية في جينف بسويسرا    مواعيد مباريات الثلاثاء 28 مايو - كأس مصر.. ودوري السلة    رئيس وزراء إسبانيا: نعترف رسميا بدولة فلسطين لتحقيق السلام    مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية يوضح فضل حج بيت الله الحرام    محاميه: رمضان صبحي مهدد بالإيقاف 4 سنوات    مصرع شخص صعقا بالكهرباء داخل منزله بقرية شنبارة فى الشرقية    توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 28 مايو 2024.. مكاسب مالية ل«العذراء» ونصيحة مهمة ل«الميزان»    كارول سماحة تعلق على مجزرة رفح: «قلبي اتحرق»    وزير الصحة يبحث مع نظيره الفرنسي سبل تعزيز التعاون في اللقاحات والأمصال    دويدار: الجزيري أفضل من وسام أبو علي... وأتوقع فوز الزمالك على الأهلي في السوبر الإفريقي    حمدي فتحي: أتمنى انضمام زيزو لصفوف الأهلي وعودة رمضان صبحي    عضو مجلس الزمالك: إمام عاشور تمنى العودة لنا قبل الانضمام ل الأهلي.. ولكن!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.ياسر ثابت يكشف كوارث حكم «مرسى» بالوثائق والوقائع.. عام من «حروب العشيرة»
نشر في الأهرام العربي يوم 03 - 10 - 2013

فى العام الأول، و«الأوحد» من حكم الرئيس «المعزول» محمد مرسى، كان المصريون يستيقظون كل يوم على مشاكل وأزمات جديدة، بعضها اقتصر على النقص الفادح فى السلع الأساسية والخدمات، والبعض الآخر ارتقى إلى مرتبة الكوارث الوطنية مثل «إصدار الإعلان الدستورى» الذى حصن قرارات الرئيس، وجعلها شبه إلهية، وهى الفترة التى وصفها الكاتب الصحفى والمحلل د. ياسر ثابت بأشهر الريبة، وذلك فى كتابه المهم «حروب العشيرة: مرسى فى شهور الريبة»، والذى قدم من خلاله رصدا تحليليا لما حدث من قرارات أدت إلى وقوع أزمات لا لزوم لغالبيتها، وسالت دماء لم يكن من المقبول بأى حال أن تُراق فى الشوارع والميادين وصلت إلى قصر الرئاسة، واشتعلت النار فى ثوب مصر، من دون أن يهبّ أحدٌ لإخمادها قبل أن تلتهم جسد الوطن.
وذلك فى وقفة تأملية متأنية وموثقة مع الأداء والسياسات فى عهد مرسى؛ إذ خرجت من إدارة المرحلة الانتقالية بأسلوب الإدارة بالكوارث الى إدارة مرسى بسياسة الفرص الضائعة وهدر الإمكانية، فلم تعد الدولة تحقق المصلحة، وعجزت عن توفير الأمن، وضمان العدل، ودعم التحول الديمقراطى، وتحقيق المساواة بين المواطنين وتطبيق مفهوم المواطنة، وسط رسوب وظيفى تام لأجهزة الدولة، ومساع حثيثة لفك ارتباط الشعب بثورته بعد تشويهها والتمثيل بها.
ففى عهد أول رئيس مدنى منتخب فى مصر، شهدنا فجوة شاسعة بين الآمال والتوقعات من جهة والواقع والممارسة من جهة أخرى، وسارت الأمور فى طريق أورث مزيدًا من الخلاف وراكم مزيدًا من الاستقطاب والتنازع، وحرَّض على ظهور حمقى يريدون خرق سفينة الوطن.
على مدار عام كامل من حكم الرئيس محمد مرسى، شهدنا إهمال شراكة وطنية واجبة، واتخاذ قرارات مترددة ومرتبكة أسهمت فى إذكاء الانقسام والاستقطاب، مع هجوم حاد على كل من يخالف جماعة الحكم فى الرأى، كما لو أن هناك من يعتقد أنه يحتكر الحقيقة المطلقة.
اندفع الجميع نحو أهداف جزئية ضيقة، بعيدًا عن الصالح العام كما تقتضى أهداف الثورات، فيما ضاعت الأولويات وغرق المجتمع فى طوفان لزج من تفاصيل يومية لأحداث تتكرر يصنعها فارغو الرؤوس، عديمو الرؤية، كثيرو الكلام، قليلو الفعل.
فى البداية يستعرض د. ياسر ثابت علاقة رؤساء مصر بالنائب العام على مر العهود المختلفة، قبل أن يستفيض فى الحديث عن أزمة إقالة النائب العام عبدالمجيد محمود، وحكاية منصب سفير مصر فى الفاتيكان، قبل صدور الإعلان الدستورى فى نوفمبر 2012 وتعيين طلعت عبدالله نائباً عاماً.
مشيرا إلى أن مرسى سار فى كثير من الأحيان وفق "كتالوج" مبارك، فوقع فى الأخطاء نفسها، سواء فى مجال السياسة أم الاقتصاد أم حتى العلاقة مع القضاء. أول القصيدة قرار رئيس الجمهورية رقم 11 لعام 2012 بتحدى حكم المحكمة الدستورية العليا الذى أبطل مجلس الشعب الأول بعد ثورة 25 يناير.
لقد استهل مرسى عهده بقرارٍ يعد نموذجًا لنزعة الاستحواذ والتسرع فى اتخاذ القرارات غير المدروسة، وهو قرار إعادة مجلس الشعب، فى حين وجدناه يلتزم نهج مبارك فى البطء إزاء المطالبات الشعبية الممكنة والمستحقة.
يوضح د. ثابت أن الهوة التى ظهرت تحت أقدام جماعة الإخوان المسلمين زادت عمقًا نتيجة تبنى قياداتها للسياسات والقوانين نفسها التى وضعها أو اتبعها النظام السابق، ومنها - على سبيل المثال- تلك القوانين المتعلقة بمسئولية مجلس الشورى عن تعيين رؤساء مجالس إدارات ورؤساء تحرير الصحف المسماة "القومية"، وكذا تشكيل المجلس القومى لحقوق الإنسان.
ويرى أن المشهد السابق لصدور الإعلان الدستورى فى نوفمبر 2012 كشف عن وجود أزمات تستدعى التدخل الرئاسى العاجل؛ من المواجهات الدائرة قرب وزارة الداخلية فى ذكرى مواجهات محمد محمود، إلى حادث قطار أسيوط، مرورًا بتأخر القصاص، والأحكام المتتالية ببراءة جل المتهمين فى قضايا قتل الثوار، وموجة الاحتجاجات الاجتماعية والإضرابات، فضلاً عن أزمة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور وأدائها المنحاز والمنغلق.
غير أن مرسى ترك هذا كله وفتح جبهات جديدة للصراع والخلاف، بينما كان من المنتظر من أول رئيس مدنى منتخب فى مصر، أن يتبنى روحية وذهنية جديدة تؤسس لجمهورية ثانية ولمصر جديدة، إلا أن النظام استعاد الموروث القديم بإعلانات دستورية - منعدمة- بأسماء عدة: المكمل، والملغى، والجديد، والمفسر... إلخ، صبت كلها فى إعاقة التحول الديمقراطى، مما أدى مباشرة إلى إراقة الدم، وأصبح الوضع استمرارًا للجمهورية الأولى، وإن كان بتجلٍ مختلف.
فى تلك الفترة العصيبة، تورط الطرف الإسلامى فى محظور إقحام الهوية الدينية فى الصراع الذى هو سياسى بالأساس. ونسيت تلك القوى الإسلامية درسًا مهمًا من دروس ما بعد ثورة 25 يناير، وهو أن رفع الشعار الدينى قد يؤدى إلى شروخ تقسم الأمة والمنتفضين، ولا يجمع من ثم بين قوى الاحتجاج السياسى، خصوصًا أن بعضه يحمل فى أعطافه بعضًا من الاستعلاء أو التمييز الدينى أو الذكورى، لاسيما من جانب بعض الغلاة.
هذا التعصب والانغلاق مهَّدا لأحداث قصر الاتحادية التى سالت فيها دماء مصريين بيد أبناء وطنهم. وعوضًا عن مساءلة قيادات جماعة الإخوان المسلمين على تصريحاتهم التحريضية التى مهَّدت للمجزرة، ألقى الرئيس باللائمة على "الطرف الثالث" وعلى الفلول، فى خطابِ تخوينٍ نمطى للقوى الثائرة ولتبرير العنف المفرط الذى وقع، كما غض الطرف عن حوادث التعذيب التى مارسها أعضاء الإخوان ضد المعتصمين أمام قصر الاتحادية.
والثابت أن أحداث الاتحادية فى ديسمبر 2012 مهَّدت الطريق أمام دورة العنف بين الخصوم السياسيين، وصولاً إلى أحداث محيط مكتب الإرشاد بالمقطم فى مارس 2013. ولا يجوز أن تتجاهل القانون والأمن فى جولة، ثم تصرخ مطالبًا بالاحتكام إليهما فى جولة تالية.
فى أحداث "الاتحادية"، توازى العناد السلطوى مع خطابٍ طائفى لعدد من قيادات الإخوان المسلمين يُحمل الكنيسة المسئولية، من غير دليل، كما حدث فى المؤتمر الصحفى الذى عقده نائب مرشد الإخوان خيرت الشاطر، وفى كلمات بعضهم على المنصات. وتردد خطابٌ تخوينى يتهم معارضى الإعلان الدستورى بالسعى لوأد الثورة وإعادة نظام مبارك، كما ظهر فى خطابات الرئيس، ومرشد الإخوان المسلمين، والعديد من قيادات الجماعة وحزب الحرية والعدالة.
وصارت مصر حائرة، بين قوةٍ جاءت من أعطاف التسلطية الدينية والأيديولوجية، تلوح بتعدادها فى موقف دستورى يجب أن يقوم على التوافق، وبين قوةٍ ثانية تريد أن تفرض آراءها وتهون من القوة الأولى فى هذا الإطار. معسكران متضادان بينهما أسلاك سياسية شائكة، وانقسام حاد أدى إلى شق الصف الوطني.
ويتوقف د. ياسر عند تحرك ماكينات الاغتيال المعنوى ضد قضاة مصر، وعلى وجه الخصوص قضاة المحكمة الدستورية العليا؛ إذ توجه المئات من مؤيدى الإعلان الدستورى من جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفى إلى مقر المحكمة الدستورية العليا بالمعادى، وحاصروها، فى خطوة فتحت الأبواب واسعة أمام العديد من الشرور والانتكاسات السياسية والقضائية.
ولعل ما أشعل حدة المواجهة بين الجانبين هو صدور الإعلان الدستورى فى 21 نوفمبر 2012، ليحصن قرارات الرئيس محمد مرسى من أى أحكام، ثم حصار أنصار مرسى من التيار الإسلامى لمقر المحكمة الدستورية العليا، مرة بهدف منعها من النظر فى قضايا منظورة أمامها، ومرة للمطالبة بحلها، وإعادة تشكيلها. ووصل الأمر إلى حد محاولة الاعتداء على المستشار ماهر البحيرى رئيس المحكمة الدستورية العليا أثناء دخوله مقر المحكمة.
ولا شك أن الحصار الفعلى للمحكمة الدستورية العليا، و»الحصار الدستوري»، ونقصد بذلك الدستور الذى يقلص من عدد أعضائها بأسلوب «انتقامى»، جعلا أزمة العدالة مرشحة للتمدد فى مفاصل الدولة.
وفى يوم واحد، خلال أزمة الإعلان الدستورى، استقال 4 من مستشارى الرئيس محمد مرسى من مناصبهم على خلفية المواجهات الدموية التى اجتاحت قصر الاتحادية الرئاسى بين أنصار جماعة الإخوان المسلمين ومعارضى الرئيس، حيث قدم كل من الدكتور سيف الدين عبدالفتاح وأيمن الصياد وعمرو الليثى والدكتور محمد عصمت سيف الدولة استقالاتهم ليرتفع عدد المستقيلين من هيئة أعضاء الطاقم الرئاسى إلى سبعة، منهم د. رفيق حبيب والكاتبة سكينة فؤاد والشاعر فاروق جويدة، واستمر القفز من سفينة النظام.
فى وقت لاحق، استكمل المستشار محمد فؤاد جاد الله، المستشار القانونى للرئيس، حيث مسيرة الاستقالات بعد أن قدم استقالة مسببة وكاشفة، فى 23 إبريل 2013، أظهرت ضعف تماسك بنيان المؤسسات وأخلاقياتها ومعاييرها فى ظل نظام الرئيس المعزول مرسى. عزا جاد الله أسباب استقالته إلى "عدم وجود رؤية واضحة لإدارة الدولة"، والإصرار على حكومة د. هشام قنديل، التى وصفها ب(الفاشلة)، وعدم الاعتماد على أصحاب الخبرة والكفاءة ومحاولات اغتيال السلطة القضائية والنيل من استقلالها واحتكار تيار واحد إدارة المرحلة الانتقالية، وفتح باب مصر أمام السياحة الإيرانية.
فى العام الأول من حكم الرئيس مرسى، كان المصريون يستيقظون كل يوم على أزمات جديدة، ونقص آخر فى الخدمات والاحتياجات الأساسية، مع أداء متردٍ على المستويين السياسى والاقتصادي,لم يكن مستغرباً والحال كذلك أن تشهد الشهور الستة الأولى من حكم مرسى 2400 احتجاجات، بمعدل 400 احتجاج شهريًا، بزيادة 68% عن آخر 6 أشهر من عهد الرئيس السابق حسنى مبارك.
نشير فى هذا السياق إلى أن الوسائط الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعى رصدت بسخرية لاذعة هذه الأجواء المضطربة، حتى أن شابًا مصريًا يُدعى سامح سمير كتب على "فيسبوك" قائلاً: "سيسجل التاريخ أن عصر الرئيس مرسى كان عصر التقدم فى جميع المجالات، وعلى رأسها التقدم بالاستقالة"!
ولعل أخطر أوجه الإخفاق النظام فى عهد "جمهورية الإخوان"، هو الارتباك الواضح - إلى حد التضارب- فى صناعة القرار الرئاسى والحكومي.
فقد كشف النظام وقادته الرئيسيون فى عهد مرسى عن غيابٍ وبطء شديدٍ فى المعالجة السياسية للقضايا الملحة والأزمات، وعن غياب واضح عن المشهد السياسى حين تكون هناك ضرورة للحضور. الأدهى من هذا وذاك، هو حالة التردد والتراجع عن القرارات والسياسات المتخذة، بما يشير إلى أننا أمام سلطةٍ تعانى الترهل وضعف الرؤية والحساسية وغياب القيادة اليقظة والتخطيط السليم والدراسة المتعمقة قبل اتخاذ القرارات أو إطلاق تصريحات سرعان ما تتبخر فى الهواء.
وفى كل مرة كان الرئيس مرسى يطلق تصريحات التهديد والوعيد، كانت الأزمة تتفاقم. إذا نفّذ ما قال تكون مشكلة، وإذا لم ينفذ ما قال تكون مشكلة أكبر. هكذا يضع الرئيس كلماته حيث لا يدرى العواقب.
بمعنى آخر، سيطر طابع "رد الفعل" أكثر من "الفعل المبادر" ، فضلاً عن مشكلة عدم القدرة على تنفيذ هذه السياسات العامة، بسبب ضعف التخطيط، أو نقص الموارد، أو غياب التوافق المجتمعى، أو التعدى على المبادئ الديمقراطية والدستورية والهيئات التى تمثلها.
فمثلا خلال الأشهر السبعة الأولى من عهد مرسى، صدرت سبعة قرارات مهمة، لكنه تراجع عنها فى وقت لاحق، فى استنساخ مؤسف لفكرة إعلان الحكم ثم إجراء المداولة!
ومن هذه القرارات:
فى 8 يوليو 2012، سحب الرئيس محمد مرسى القرار رقم 350 لسنة 2012 باعتبار مجلس الشعب منحلاً اعتبارًا من يوم الجمعة 15 يونيو، وعودة المجلس المنتخب لعقد جلساته وممارسة اختصاصاته المنصوص عليها من المادة 33 من الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 30 مارس 2011.
فى 11 يوليو، أعلن الرئيس تراجعه عن قرار عودة مجلس الشعب، وأكد التزامه بأحكام المحكمة الدستورية.
فى 11 أكتوبر، أصدر مرسى قرارًا، بتعيين المستشار عبدالمجيد محمود، سفيرًا لمصر فى دولة الفاتيكان.
فى 12 أكتوبر، اتفق الرئيس مرسى خلال لقائه مع المستشار عبدالمجيد محمود، على أن يبقى الأخير فى منصبه لتنتهى الأزمة بين مؤسسة الرئاسة والقضاء.
وعاد الرئيس مرسى فى 21 نوفمبر ليقيل عبدالمجيد محمود مرة أخرى من منصبه ويعين بدلاً منه طلعت عبدالله، طبقا للإعلان الدستورى، الذى ألغاه الرئيس مرسى فى ديسمبر وأحل محله إعلانًا جديدًا، لكن بقيت القرارات الصادرة عن الإعلان الأول نافذة.
فى 30 أكتوبر، أصدرت الحكومة قرارًا بإغلاق المحال فى العاشرة مساء، وأعلنت وزارة التنمية المحلية أن القرار لا رجعة فيه.
وفى 31 أكتوبر، أعلن اللواء أحمد زكى عابدين، وزير التنمية المحلية، تأجيل تطبيق قرار إغلاق المحال التجارية من الساعة العاشرة مساءً، لدراسة تشديد العقوبات التى ستقع على المخالفين ولحين إقرار لائحة تنفيذية له، لكنه فى 20 نوفمبر، قال إن "قرار إغلاق المحال التجارية مازال جاريًا".
فى 21 نوفمبر، أصدر مرسى إعلانًا دستوريًا يتضمن إعادة محاكمة رموز النظام السابق، حسب قانون حماية الثورة.
وبعد تظاهر عشرات الآلاف من المواطنين اعتراضًا على الإعلان الدستورى، وتهديدات القضاة برفض الإشراف على الدستور الجديد، قرر الرئيس محمد مرسى إلغاء الإعلان الدستورى الصادر فى 21 نوفمبر، وإصدار إعلان جديد، وإجراء الاستفتاء على الدستور فى موعده.
وفى 9 ديسمبر، أقر الرئيس محمد مرسى بصفته ممثلاً للسلطة التشريعية، عدة قوانين بزيادة ضرائب مختلفة على الدخل والعقارات وعلى سلع عدة منها الغاز والكهرباء والسجائر والمكالمات الهاتفية والأسمدة والمياه الغازية والإسمنت والحديد وغيرها.
وبرغم صدور تلك القوانين قبل ذلك التاريخ بعدة أيام محصنة بالمناسبة من رقابة القضاء بموجب الإعلان الدستورى الذى تم فيما بعد إلغاؤه فإنها لم تنشر فى الجريدة الرسمية إلا فى 9 ديسمبر.
وبعد ساعات قليلة، فجر الاثنين، 10 ديسمبر، قال بيان صادر عن رئاسة الجمهورية إن الرئيس قرر وقف قرار زيادة الأسعار، وإعادته إلى الحكومة لدراسته .
وعقب تصاعد وتيرة العنف فى منطقة القناة وخاصة بورسعيد التى احتجت على قرار محكمة "مجزرة استاد بورسعيد" ليسقط عشرات القتلى والمصابين، سكب الرئيس مرسى مزيدًا من الوقود على النيران المشتعلة، وأعلن فى خطاب متلفز إلى الأمة عن فرض حالة الطوارئ على بورسعيد والسويس والإسماعيلية، وحظر التجوال على مواطنيها لمدة 30 يومًا . غير أن مدن القناة تحدت حظر التجوال بقوة، وسخرت منه.
بعد فشل تطبيق حظر التجوال، تراجع الرئيس عن قراره بطريقة ملتفة، إذ أصدر قرارًا جديدًا بتفويض المحافظين صلاحيات تخفيض مدة حظر التجوال أو إلغائه.
فيما يقدم د. ياسر ثابت رصدا تحليليا للصراع بين السلطة فى عهد مرسى ووسائل الإعلام. منطلقا من واقعة احتجاب الصحف يوم الثلاثاء 4 ديسمبر 2012، فقد احتجبت 11 صحيفة حزبية ومستقلة، احتجاجًا على مواد الصحافة والحريات بمشروع الدستور، تنفيذًا لقرار مجلس نقابة الصحفيين بالاحتجاب، حال استمرار تجاهل الجمعية التأسيسية مطالب الجماعة الصحفية.
كان الحدث استثنائيًا فى ظل تضامن خمس قنوات فضائية - وهى قنوات ONTV و"دريم" وCBC، و"الحياة" و"القاهرة والناس"- مع الصحف وتعهدها بتسويد شاشاتها فى اليوم التالى مباشرة، من الساعة 6 مساء حتى 12 صباحًا، وهو ما تعذر إنجازه إثر تفجر الأوضاع وتصاعد حدة المواجهات الدامية والمؤسفة أمام قصر الاتحادية الرئاسى.
تزامن قرار تسويد شاشات قنوات فضائية مصرية مع تصاعد وتيرة استهداف قوى إسلامية – بقيادة حازم صلاح أبو إسماعيل- لمدينة الإنتاج الإعلامى، رغم أن القنوات الفضائية العاملة فيها كانت وسيلة الإسلاميين أنفسهم للظهور للرأى العام والحصول على الشرعية، فى زمن المنع والحظر فى عهد مبارك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.