ألقت الموجة الثورية الثانية فى 30 يونيو بظلالها على الكرة المصرية، ووجد عدد من نجوم الكرة المصرية ومعهم اللاعبون المحترفون الأجانب فى مصر، أنفسهم مضطرين ومجبورين مجددا على البحث عن لقمة عيش بعيدا عن أرض النيل التى نضبت عليها الكرة حتى ماتت على خليفة الإعلان الرسمى عن وفاة كل البطولات المحلية. والحقيقة أن الهروب الكبير والجماعى للاعبين المصريين والأجانب حاليا، ليس بالأمر الجديد، بل هو الجزء الثانى من مسلسل بدأ عرضه العام الماضي، وإن كان الجزء الأول منه قد لعب بطولته عدد من المدربين المصريين والأجانب الذين رحلوا على خلفية توقف وتجمد النشاط الكروي، بل النشاط الرياضى فى مصر كلها على خلفية كارثة ومذبحة ستاد بورسعيد، وكان على رأس قائمة المدربون وقتها الكابتن حسن شحاتة الذى رحل إلى قطر وقت أن كان مدربا للزمالك، ثم تبعه البرتغالى مانويل جوزيه المدير الفنى الأسبق للأهلى الذى مل من البقاء عاطلا فى مصر. وكذا عدد من مدربى أندية الدورى فى كل الأقسام، الذين هاجروا قبل أن يعودوا سريعا لأرض الوطن على أمل عودة الحياة والنشاط مثل الكباتن مختار مختار وطارق يحيى وحسين عبد اللطيف وحمزة الجمل وغيرهم من المدربين الذين هربوا بعد الكارثة والمذبحة لدول الخليج قبل أن يعودوا ليصدموا على وقع إلغاء بطولة الدورى للموسم الثانى على التوالي. والحقيقة أن هناك من كان يمتلك بعد نظر، وكاد يدرك استحالة عودة النشاط الكروى فى البلاد إلى ما كان عليه الأمر حتى قبل ثورة 25 يناير 2011 ، وليس ثورة 30 يونيو 2013 ، وأن الأمور ستزداد سوءا مع تأزم الأوضاع المالية، مثل حسام البدرى مدرب الأهلى الذى ترك فريقه فى عز مجده وانتصاراته وبطولاته ورحل إلى أهلى طرابلس الليبي، وعمرو زكى مهاجم الزمالك الذى رحل فى هدوء إلى الكويت ليخوض تجربة احترافية مع نادى السالمية، ثم التوأم حسام وإبراهيم حسن اللذان رحلا إلى الأردن لتدريب منتخبها الأول، وكان حسام حتى قبل ساعات من تلقيه العرض الأردنى ينتظر العودة لقيادة الزمالك مجددا خلفا للمدرب البرازيلى فييرا الذى أصر على الرحيل حتى قبل الإعلان رسميا عن وفاة الدوري، فإن فييرا كان واحدا من قلة أجادوا قراءة الطالع الكروى الأسود فى مصر. ونستعرض معكم قصصا واقعية من خلال استعراض لحالات الهروب التى تمت رسميا حتى الآن، دون التوقف أمام العروض الوهمية التى تروج لها وسائل إعلامية على لسان وكلاء لاعبين. "تجرد" فى الأهلى و"تمرد" فى الزمالك بعد أن فاض الكيل بنجوم الأهلى الكبار من تأخر حصولهم على مستحقاتهم المالية، وإجبارهم على تخفيض عقودهم ، أعلن الكثير من لاعبى الفريق الأحمر تمردهم على الأوضاع الاقتصادية الخانقة فى ناديهم، وكانت بداية التمرد من جانب كابتن الفريق حسام غالى الذى أصر على الرحيل مفضلا الاحتراف فى ناد أوروبى متواضع، وهو ليرس البلجيكي، عن البقاء قائدا لأكبر وأهم وأشهر ناد فى مصر وإفريقيا والوطن العربي، الأهلي، ورفض غالى التجديد للأهلى وفقا لفرمان التخفيض الإجبارى فى قيمة العقود ، وهو الأمر ذاته الذى جعل نجما آخر كبيرا يخلع الفانلة الحمراء، ألا وهو الزئبقى ملك الحركات النجم محمد بركات، والذى بات أول لاعب فى تاريخ الأهلى يصر على الرحيل برغم أنف كل الضغوط التى تعرض لها للإبقاء، وتجرد بركات من العواطف، واتخذ قرارا بالاعتزال بعد أن اصطدمت مطالبة المالية لتجديد عقده مع أزمة ناديه الاقتصادية، وهكذا تجرد غالى وبركات من شعارات الانتماء والوفاء للفانلة الحمراء. والحقيقة أن إلغاء الدورى للعام الثانى على التوالى زاد من أزمة النادى الأهلى الاقتصادية، وهو ما دفع إدارة النادى لمخاطبة لاعبيها لتقديم المزيد من التنازلات، وقبول خصم 15 % من مستحقاتهم المالية، وهو الأمر الذى فجر ثورة داخل الفريق الأحمر، ودفع غالبية نجوم الفريق يعاودون فتح الخط الساخن مع وكلاء اللاعبين بحثا عن عروض احترافية خارجية، يأتى فى مقدمة هؤلاء اللاعبين أحمد فتحى الذى يسعى مع وكيل لاعبيه لخوض تجربة الاحتراف فى ناد أوروبى أو عربى ويرافقه الفكر شهاب الدين أحمد الذى طلب من وكيله البحث عن عرض جاد لخوض تجربة الاحتراف خلال الفترة المقبلة وعلى نفس الجانب يتمنى وليد سليمان خوض تجربة الاحتراف، خصوصا أنه يعانى حالة نفسية سئية جدا بسبب تأخر حصوله على مستحقاته المالية من الأهلي. وإذا كان الأهلى قد اكتوى بنار تجرد نجومه الكبار، فإن الزمالك كان ضحية تمرد لاعبيه الأفارقة والصغار، فمع الإعلان عن إلغاء الدوري، وحتى قبل الإعلان، ومع الحديث عن أزمات النادى المادية، وفى ذات الوقت الذى كان يكتوى فيه القطب الأبيض من نار تمرد عدد من لاعبيه الصغار الذين رفضوا تجديد عقودهم، ويضغطون على النادى للرحيل مثل إبراهيم صلاح الذى رحل للعروبة السعودي، ومحمد إبراهيم، والحارس أحمد الشناوى وصبرى رحيل وجميعهم انقطعوا عن التدريبات مع الزمالك وهو مقبل على خوض مباراة قمة مصرية إفريقية أمام غريمه الأهلي. وكان أول من هرب من الوضع المأساوى هو هداف الدوري، الملغي، المهاجم الليبيرى ويليام جيبور الذى رحل عن طلائع الجيش متجها إلى إسبانيا للخضوع لاختبار بنادى ريال مايوركا الذى طلب التعاقد معه على سبيل الإعارة، والحقيقة أن المحترفين الأفارقة كانوا الأسرع فى القفز من مركب الدورى قبل أن تغرق، وسافر كل واحد منهم إلى وطنه، ومن هناك يتجه مباشرة إلى ناد آخر يستكمل فى مشواره، فإلى جانب سيسيه وموندومو وجيبور، فقد قرر البوركينى محمد كوفى مدافع وسط بتروجت، قطع تأشيرة سفر بلا عودة إلى بلاده. وتجسدت ظاهرة هرب المحترفون الأفارقة فى نادى الزمالك، وتحديدا من قبل الثنائى المهاجم البوركينى عبد الله سيسيه ولاعب الوسط الكاميرونى موندومو، والأخير أعلن نادى الرائد السعودى عن التعاقد معه وهو ما دفع نادى الزمالك من توجيه إنذار للنادى السعودي، يحذره من إتمام صفقة تعاقده مع اللاعب الكاميروني، وهددت إدارة الزمالك بالتصعيد للاتحادين السعودى والدولى إذا ما تطلب الأمر، وحذر النادى المصرى نظيره السعودى من عواقب التعاقد مع لاعب وسط فريقه الأبيض، واستند الرائد فى التعاقد مع موندومو على خلفية قيام الأخير بفسخ عقده السابق مع الزمالك قبل أكثر من 10 أيام بسبب عدم رغبته بالبقاء وتأخر مستحقاته المالية لمدة 3 أشهر. وكما فشل الزمالك فى التواصل مع عبد الله سيسيه، وكشف هانى يونس وكيل أعمال المهاجم البوركينى أن سيسيه يرفض العودة للقاهرة مرة أخرى، موضحاً أنه فشل تماماً فى التواصل مع سيسيه منذ مغادرته القاهرة قبل أحداث 30 يونيه الماضى بسبب غلقه كل الأرقام التى يتعامل معه بها. قال يونس إن سيسيه يرفض العودة لسببين الأول عدم صرف مستحقاته المادية، وقيامه بشكوى النادى رسمياً بالفيفا، والثانى الأوضاع السياسية بمصر والتى تقلق الأجانب من التواجد بالقاهرة حالياً، موضحاً أن الزمالك عليه التعامل مع محامى سيسيه عن طريق رقمه المكتوب فى الشكوى التى وصلت النادى لمعرفة الخطوة المقبلة مع اللاعب. ومن ناحية أخري، طلب مهاجم الأهلى العاجى أوسو كونان بفسخ تعاقده مع النادي، على أن يعود لناديه الأصلى مصر المقاصة أو يبحث له عن مكان آخر فى بلد آخر. حكاية ليرس .. وتخطى الحدود والحقيقة أن نادى ليرس البلجيكي، فرض نفسه منذ عدة سنوات على ساحة انتقالات اللاعبين المصريين، وهذا أمر طبيعى كون أن صاحبه رجل أعمال مصرى وهو ماجد سامي، الذى عاد لسياسة التعاقدات بالجملة مع اللاعبين المصريين، فبعد أن تعاقد مع حسام غالى كابتن الأهلي، أعلن عن التعاقد مع أحمد ياسر، مهاجم فريق وادى دجلة، ليصبح ثالث المصريين، بعد الثنائى أحمد سمير فرج، وحسام غالى، وقد يزيد العدد إلى 4 فى حال التعاقد مع اللاعب أحمد مجدي، والحقيقة أن نادى ليرس بات حكاية طويلة فى سوق الانتقالات الكروية. فى الوقت الذى تخطى فيه لاعبو فريق حرس الحدود السكندرى حدود مصر الغربية واتجهوا صوب ليبيا بحثا عن عروض احترافية، وبالفعل انتقل أحمد حسن مكى وإسلام رمضان إلى نادى أهلى طرابلس الذى يقوده حسام البدرى المدير الفنى السابق للأهلي، والذى سبق له وأن تعاقد مع عمر جمال لاعب الإسماعيلي، فيما يقترب لاعب ثالث من فريق حرس الحدود من ليبيا وهو اللاعب محمود علاء الذى تلقى عرضا من أهلى بنى غازي.