يوصف الدكتور محمود الزهار وزير خارجية حكومة إسماعيل هنية المقالة بأنه أحد صقور حركة حماس، كان له دور بارز فى أثناء الانقلاب على حركة فتح وطرد قيادتها من غزة عام 2007، وكان أول مسئول فلسطينى يخرج على الإعلام يهاجم ما نشرناه العدد الماضى من كشف لأسماء الذين ارتكبوا مجزرة رفح التى راح ضيتها 16 من جنود الجيش المصرى فى رمضان الماضى، مؤكدا أنهم سيفتحون تحقيقا داخليا فى حركة حماس حتى نثبت براءة عناصر الحركة حسب قوله، نافيا أن تكون كتائب القسام التابعة لحركة حماس هى التى ارتكبت الجريمة، وفى نفس السياق يعترف بأن مشروع توطين الفلسطينيين فى سيناء معروض عليهم منذ الخمسينيات لكنهم لا يرغبون، وإذا كان الزهار فى حواره مع «الأهرام العربى» غاضبا، فإننا حاورناه من منطلق معرفة الحقيقة التى لن نتوقف عن البحث عنها.. كيف ترى الوضع السياسى الراهن فى مصر ومدى تأثيره على القضية الفلسطينية ؟ الوضع السياسى المصرى يمر بمرحلة مخاض، مرت به مصر قبل ذلك إبان ثورة 1952، لكن كان أقل من ذلك، وبعد وفاة عبد الناصر كانت هناك مراكز القوى، وكان هناك الرئيس السادات، وحُسم الموضوع فى النهاية، لكن أخطر ما فى الموضوع الآن أن الشعب دخل فى الصراعات الحزبية، وأصبح هناك من يستخدم المولوتوف للتعبير عن رأى سياسى، وهذه أشياء لم نعهدها من قبل فى مصر ، ومصر دولة حضارية، تحل مشاكلها بالطرق الديمقراطية وليس بالطرق العسكرية وفى تاريخ مصر كلها لا توجد إلا ثورة واحدة، وكانت ثورة عسكرية، لكنها كانت بيضاء ليس فيها سلاح. وفى تصورى أن هذه المرحلة هى الأصعب فى تاريخ مصر، اقتصاديًا وأمنيًا وسياسيًا وعندما تستكمل الدولة مؤسساتها ويكون هناك مجلس نواب ومجلس شورى وحكومة ائتلافية أو حكومة أغلبية برلمانية، ويكون هناك برنامج أمام الحكومة مدته 4 سنوات، ساعتها ستبدأ دورة مصر الجديدة، ومصر أمامها مشروع آخر، مشروع إقليمى سيفُرض عليها، هذا هو دورها التاريخي. هذا المشهد المرتبك فى الحياة السياسية المصرية هل تراه يؤثر على القضية الفلسطينية؟ المشهد الإعلامى فى مصر هو الذى أثر على القضية الفلسطينية، والسياسيون موقفهم من القضية الفلسطينية إلى حد ما مقبول وبعضهم لا يضع القضية الفلسطينية فى أولوياته لكنه لا يستطيع أن يهاجمها، لكن الموقف الإعلامى أراد أن يحشر القضية الفلسطينية فى الخلافات الحزبية المصرية الداخلية، وأراد أن يشيطن حماس، بحجة أنها إخوان مسلمين ، لصالح المشروع المناهض لمشروع الإخوان، وعندى إحصائية بأن هناك أكثر من 50 كذبة قيلت فى حق حماس فى هذه الفترة، وكان آخرها ما نشرته «الأهرام العربى» بأن حماس وكتائب القسام قتلت 16جندياً مصرياً، وهذا الأمر بالتأكيد يؤثر على بعض الناس فى مصر، لأنهم يصدقون الإعلام، وهذا يهز ثقة الشارع المصرى فى كثير من القضايا التى كان يؤمن بها، فلا يوجد بيت فى مصر إلا وقدم شهيدا فى مواجهة إسرائيل، سواء كان فى حرب 48 من أجل فلسطين، أو حرب 56 من أجل قناة السويس، أو حرب 67 من أجل سوريا واليمن أو حرب 73 من أجل تحرير سيناء لكن تشويه المقاومة الفلسطينية بهذا الشكل على الرغم من المسافات الطويلة التى قطعتها المقاومة لإقناع العالم بأنها ليست إرهاباً، ولكنها حركات مقاومة، تستطيع أن تحرر أرضها، وتصويرها على أنها قاتلة للمصريين وإظهار الفلسطينى على أنه ناكر للجميل، والمصرى يموت من أجل القضية الفلسطينية والفلسطينى يقتل المصرى، هذه قضية فى غاية الخطورة ، عندما تسوق هذه البضاعة على عدد من الناس فى مصر، فأكيد ذلك لا يخدم مصلحة مصر ولا مصلحة الفلسطينيين. فى تصورك.. كيف تمت هذه الجريمة ومن تعتقد أنه وراءها.. ولماذا؟ ابحث عن المستفيد، وستعرف من الجانى، فهل حماس مستفيدة من قتل الجنود المصريين؟ وهل حماس تريد أن تزعزع الأمن المصرى؟ حماس فى عهد مبارك لم تزعزع الأمن المصرى، فهل تزعزعه فى عهد الرئيس مرسى؟ هذا مستحيل، وهل حماس عندها المسوغ الأخلاقى والدينى والقانونى الذى يجعلها تقتل المصريين؟ هل حماس تحتاج لمهاجمة إسرائيل من خلال مصر؛ ولماذا لا تهاجمها من خلال الحدود الشرقية والشمالية؟ وبالتالى فإن حماس هى المتضرر من هذا الموضوع، وبعض الأجهزة الأمنية فى مصر اتصلت بنا للسؤال عن بعض الشخصيات التى تدعى أنها جهادية، والأجهزة الأمنية المصرية تعلم أن هذه الشخصيات، مختلفة تمامًا عن حماس، وتعلم أننا ضد هذه الجماعات، ولما سألنا عن هذه الشخصيات علمنا أنها كانت موجودة فى غزة ساعة وقوع الحادث، وعماد عبد الغفور مستشار الرئيس قد صرح أخيرا بأنه حتى الآن لم يتم تحديد هوية الجناة الحقيقيين، وبالتالى فإن خروج «الأهرام العربى» بمثل هذه المعلومات وتأكيدها أن عندها مصادر تؤكد أن حماس هى التى قتلت الجنود، فهذا أمر غير مقبول على الإطلاق، وإذا تحدثنا عن آلية تنفيذ الجريمة، فإذا أرادت حماس أن تدخل إلى إسرائيل الأراضى المحتلة عام 48 ، من مصر، فلماذا تدخلها عن طريق مصر، وإذا قال أحدهم تدخلها عن طريق مصر لتحدث اشتباكاً بين الجيش المصرى والجانب الإسرائيلى، فلماذا نحن نورط الجيش المصرى فى هذا الموضوع ونحن نعرف أن هناك أزمة أمن فى مصر؟ نحن عندما نريد مهاجمة العدو الإسرائيلى نطلق صواريخ مباشرة، ثم إن دخول هؤلاء الجناة إلى الجانب الإسرائيلى وقتلهم هناك، ولم يقتل من الجانب الإسرائيلى ولا شخص واحد، فهذا يدل على أن الجناة كانوا مخترقين ومعروفين للإسرائيليين، ولماذا لم تكشف إسرائيل عن هوية هؤلاء الذين قتلتهم؟، إذن الذى دبر هذا الموضوع والمستفيد منه هو الجانب الإسرائيلى، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. ومنذ عام 97 والمخابرات الإسرائيلية تحاول الاتصال ببعض الجماعات فى غزة لإقناعهم بأنهم من القاعدة، لكن عندما تتبعنا خطوط الهواتف الخاصة بهم وجدناها إسرائيلية، ولا أعرف كيف يبرئ البعض إسرائيل ويتهم حماس بهذا الأمر. صدرت تصريحات من بعض قادة حماس بأن رجال أبو مازن فى الضفة الغربية وراء تشويه صورة حماس وبث أخبار كاذبة عنها؟ لدينا ما يثبت ذلك، ونستفيد من هذه المعلومات، وقد رصدنا أكثر من 50 حالة، من الذى يقول؟ ومن الذى يبلغ ؟ وكيف تصل هذه الأخبار؟، وعندكم فى مصر شخصية معروفة لها ارتباطات تاريخية بمحمد دحلان تشارك فى هذا العمل. هل ستتخذون إجراءات قانونية ضد بعض الصحف التى تعتقدون أنها تتعمد تشويه صورتكم ؟ «الأهرام العربى» بالذات ، لأنها تقول إن الذى أعطاها تلك المعلومات شخصية كبيرة من حماس، ونحن بالفعل نريد تحقيق فى هذا الأمر حتى نبرئ ساحتنا، وأنا علمت أن هناك شخصا من مصر قد قام برفع قضية، ونحن سنكتفى بهذا، وسننتظر النتائج ، ومن الآن فصاعدًا فسنلجأ إلى القضاء لمحاكمة أى وسيلة إعلام تفترى على الشعب الفلسطيني. بماذا تفسر محاولات الزج بكم فى الشأن الداخلى المصرى ؟ كما قلت لك، ليصوروا أن حماس هى قاتلة الشعب المصرى وأنها هى مدمرة اقتصادهم ولتخويف الناس من جماعة الإخوان المسلمين على اعتبار أنهم وحماس شيء واحد وهذه نظرة تعيسة. إلى أين وصل ملف التعاون الأمنى بينكم وبين مصر ؟ نحن لم نعبث بأمن مصر مطلقا ، وقلنا مرارًا إن من لديه معلومة فليخبرنا بها، ونحن على استعداد للتعاون فى هذا الأمر، حتى بعد هذه الأزمة الأخيرة، مستعدون للتعاون فيما يخصنا، ولا نريد التدخل فى الشأن المصري. هل الشروع فى هدم الأنفاق يمكن أن يؤثر فى العلاقة بين مصر وحماس ؟ مبارك لم يغلق الأنفاق، لأنه لم يكن يريد تجاوز موقف أبو مازن، ودحلان الذى وقع اتفاقية 2005 مع الإسرائيليين حتى يبقى هذا المعبر مغلقًا، ليتسنى له فتح المعابر الأخرى مع الكيان الإسرائيلى ويستفيد منها ويصبح مليونيراً. ومصر تحترم هذا الاتفاق بينما السلطة الفلسطينية لم تحترمه، وكل هذه الاتفاقيات انتهت فى 2006 ولذلك مصر لابد أن تفتح تلك المعابر وتضع عليها رجال أمن ورجال جمارك. هل يمكن أن يكون الهدف من قتل الجنود المصريين هو استفزاز الجانب المصرى لغلق الأنفاق؟ عندما نعلم من هو الذى يقف وراء هذه الجريمة النكراء ستتضح الأمور أكثر. فى حال الاستمرار فى هدم الأنفاق وعدم فتح المعابر .. ماذا سيكون موقفكم ؟ لا نتوقع أن يتم إغلاق المعابر وهدم الأنفاق بدون أن يكون هناك حل للمشكلة وهذا سؤال افتراضى، وموقفنا سيكون التشاور والتفاوض والنقاش مع إخواننا فى مصر. كيف يمكن أن تضمنوا أمن مصر فى ظل وجود هذه الأنفاق؟ أتحدى أى شخص يأتى ويقول إن هناك من عبر من هذه الأنفاق وأخل بأمن مصر وكل ما كان يقوله النظام السابق عن تفجير كنيسة القديسين ثم هذه القضية الأخيرة وقتل الجنود المصريين كلها محض افتراء . أيضا هناك مسألة مرور 7 آلاف جندى من حماس عبر الأنفاق ودخولهم الأراضى المصرية ومشاركتهم فى أحداث بور سعيد؟ الذين ظهروا فى بور سعيد على الأسطح 7 أو 8 أفراد ، وتم اعتقال عدد كبير منهم، فهل وجد من بينهم أشخاص من حماس؟ وكيف وصل ال 7 آلاف إلى بورسعيد؟، وما هو عدد السيارات التى استقلوها، هذا كلام لا يصح أن يقال، وفى السابق قال الرئيس مبارك للقذافى إن حماس عملت نفقا من رفح إلى غرب القناة، والقذافى سأل حماس عن هذا الموضوع، هل هناك كذب أكثر من هذا؟ ومن الذى يستطيع أن يحفر نفقا تحت قناة السويس؟ هل شاركت حماس فى حماية قصر الاتحادية؟ الفضائيات صورت كل هذه الأحداث، وأرجو أن يأتونا بصورة شخص واحد من حماس وساعتها سنسلمه للجهات الأمنية المصرية لمحاكمته. هل يمكن توطين الفلسطينيين فى سيناء لتكون وطناً بديلا لهم؟ لو أن هذه الفكرة عندنا لما رفضناها فى أوائل الخمسينيات من القرن الماضى، عندما خرج الإخوان المسلمون والشيوعيون الفلسطينيون ووقفوا ضد هذا المشروع. ولو أن هذا المشروع عندنا فلماذا نحارب إسرائيل؟، ولماذا نسعى لتحرير فلسطين؟ ما حكاية الفلسطينيين السبعة الذين تم ضبطهم وهم عائدون من إيران وبحوزتهم خرائط مهمة عن مواقع مصرية؟ هؤلاء كانوا يحملون مشروعات من غزة وذهبوا ليسوقوها فى الخارج، وقد تم إطلاق صراحهم بعد التأكد من براءتهم. أصابع الاتهام تتجه إلى غزة بسبب أزمة نقص السولار فى مصر، باعتبار أنه يهرب إليها عبر الأنفاق؟ ما نسبة ما تستهلكه غزة بالنسبة لما تستهلكه مصر؟، نسبه ضئيلة جداً لا يمكن أن تصنع كل تلك الأزمة الموجودة فى مصر. ما آخر تطورات ملف المصالحة الوطنية؟ أمريكا وإسرائيل ضد المصالحة، وأبو مازن لا يستطيع أن يغادر الموقف الأمريكى ولا الموقف الإسرائيلى، وبالتالى هم ضغطوا عليه، وهددوه لو استمر فى المصالحة سيوقفون الدعم وأموال الضرائب التى كان يحصل عليها من الكيان الإسرائيلى، وبالتالى وضع شروطا هو متأكد أن حماس سترفضها . ماذا يعنى لكم اختيار فلسطين كمراقب فى الأمم المتحدة؟ أمر ليس له أى قيمة، ومضارها أكثر من فوائدها فهو اعتراف ضمنى بحدود 1967 للجانب الإسرائيلى وهذا أمر نرفضه، ولا نقبل بأن يكون لإسرائيل شبر واحد فى فلسطين.