عمت احتجاجات واسعة مدن الضفة الغربية وقطاع غزة اليوم الأحد تنديدا بوفاة معتقل فلسطيني لدى إسرائيل التي طلبت من السلطة الفلسطينية التدخل لتهدئة الأوضاع الميدانية. وتظاهر مئات الفلسطينيين في عدد من مدن الضفة الغربية بدعوى من الفصائل للتنديد بوفاة الأسير عرفات جرادات خلال توقيفه في سجن (مجدو) الإسرائيلية. وأعلنت مصادر طبية فلسطينية عن إصابة 10 شبان على الأقل وعدد من طلبة المدارس خلال مواجهات اندلعت مع قوات إسرائيلية في الخليل جنوب الضفة الغربية. وشهدت بلدات الخليل التي ينحدر منها الأسير جرادات إضراب عام أغلقت خلاله الأسواق والمحلات التجارية أبوابها وعلق الدوام في المدارس والجامعات وسط أجواء من الغضب والتضامن مع الأسرى. واعتصم مئات الفلسطينيين على دوار (المنارة) الرئيسي وسط رام الله وهم يرفعون الأعلام الفلسطينية وصور قدامى الأسرى في السجون الإسرائيلية إلى جانب لافتات تطالب بحرية الأسرى. وسلم ممثلون عن التظاهرة رسالة إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر في رام الله، نددوا فيها بما وصفوه بتقاعس المنظمة الدولية عن التدخل الفاعل في قضية الأسرى داخل السجون الإسرائيلية ووقف معاناة الأسرى فيها. وتوجه المتظاهرون إلى سجن (عوفر) القريب من رام الله وعمدوا إلى رشق الحجارة على القوات الإسرائيلية التي ردت بإطلاق كثيف لقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، ما أدى إلى وقوع عدة إصابات بالاختناق. كما خرجت تظاهرات مماثلة في مدن أخرى في الضفة الغربية وسرعان ما تحولت إلى مواجهات مع القوات الإسرائيلية أسفرت عن إصابة عشرات الشبان الفلسطينيين بالاختناق. وأعلنت إسرائيل أمس وفاة المعتقل جرادات (30 عاما) خلال توقيفه في سجن "مجدو"، مشيرة إلى أنه على الأغلب تعرض لسكتة قلبية. وكان الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية أعلنوا خوض إضراب مفتوح عن الطعام اليوم حدادا على روح الأسير الجرادات. وجاءت وفاة جرادات في وقت ارتفع فيه عدد الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام منذ فترات مختلفة إلى 11 أبرزهم الأسير أيمن الشروانة المضرب عن الطعام منذ الأول من يوليو/تموز 2012، والأسير سامر العيساوي المضرب عن الطعام منذ الأول من أغسطس/آب 2012. بدوره طالب وزير شئون الأسرى الفلسطيني عيسي قراقع، القيادة السياسية الفلسطينية بالرد على وفاة الأسير جرادات من خلال اتخاذ قرار فوري بالانضمام إلى اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر/تشرين ثان الماضي، الخاص بترقية مكانة فلسطين إلى صفة دولة مراقب غير عضو. واعتبر "قراقع" -في مؤتمر صحفي عقده في رام الله- أن هذه الخطوة من شأنها تكريس الحماية الدولية للمعتقلين الفلسطينيين كمعتقلي حرية لهم مكانتهم ومركزهم القانوني والشرعي ودعوة الأطراف السامية في اتفاقية جنيف للانعقاد لإلزام إسرائيل باحترام حقوق الأسرى ووقف استمرار التعامل معهم كمجرمين. واتهم قراقع، مصلحة السجون الإسرائيلية بممارسة تعذيب شديد جسديا ونفسيا بحق جرادات بشكل مخالف للمواثيق والقوانين الدولية ما أدى إلى وفاته. وقال إن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم، التي تشرع التعذيب وتضع قوانين تحلل ذلك بما في ذلك وسائل تعذيب جسدية ونفسية تجاه المعتقل بحجة حماية أمن إسرائيل. وكان الجيش الإسرائيلي أعلن حالة التأهب تحسبا لاندلاع "أعمال عنف" وتدهور الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية على خلفية قضية الأسرى. من جهتها قالت الإذاعة الإسرائيلية العامة إن الحكومة الإسرائيلية طلبت من السلطة الفلسطينية بشكل لا يقبل التأويل بالعمل على تهدئة الخواطر في المناطق الفلسطينية. وذكرت الإذاعة أنه تم نقل هذه الرسالة بواسطة المحامي يتسحاق مولخو مبعوث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي قرر تحويل مستحقات الضرائب إلى السلطة الفلسطينية هذا الشهر لتهدئة الأوضاع. إلى ذلك تظاهر المئات في غزة بدعوة مشتركة من الفصائل الفلسطينية وهم يرفعون الأعلام الفلسطينية وصور قدامى الأسرى ولافتات تطالب بحريتهم وتحسين أوضاعهم المعيشية. وانطلق المتظاهرون من قبالة مقر السرايا وسط غزة باتجاه مقر المجلس التشريعي ورددوا هتافات تحث الفصائل الفلسطينية على "الانتقام" لجرادات ولجميع الأسرى في السجون الإسرائيلية. وقال الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" سامي أبو زهري، إن حركته ستظل "على العهد حتى تحرير آخر أسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي". وشدد أبو زهري ، خلال مؤتمر صحفي ضم عددا من قادة وممثلي الفصائل الفلسطينية في غزة، على أن معاناة الأسرى في سجون إسرائيل يجب أن تنتهي. ولفت إلى أن قضية الأسرى تمثل قضية وحدة ووفاق وطني فلسطيني، مجددا عهد حركته التمسك بخيار الإفراج عنهم جميعا بكافة الوسائل المتاحة خاصة عمليات خطف الجنود الإسرائيليين.