بدأت السوق السوداء للدولار في مصر تنمو بشكل متزايد في الآونة الأخيرة في ظل تراجع قيمة الجنيه وإحجام بعض البنوك المصرية عن تلبية حاجة العملاء من النقد الأجنبي ما دفعهم إلى اللجوء للسوق الموازية للحصول على العملة الخضراء بزيادة تصل إلى 8% عن سعرها الرسمي. وذكرت وكالة أنباء "بلومبرج" الاقتصادية اليوم الاثنين أن ظهور السوق السوداء يدلل على تراجع الثقة في الجنيه المصري بعدما دفع أكبر انخفاض في احتياطي النقد الاجنبي خلال 15 عاما، على الاقل، البنك المركزي للتدخل من أجل كبح عمليات الحصول على الدولار. وتراجعت قيمة الجنيه بنسبة 3ر5% خلال العام الجاري ما جعله صاحب أسوأ أداء على مستوى العالم بعد عملة مالاواي، كواشا، والين الياباني، وفقا لبيانات بلومبرج. ويتوقع متعاملون أن تتراجع قيمة الجنيه بنسبة 9% خلال ثلاثة أشهر من سعره الذي وصل إلى 7119ر6 دولار أمس الأحد. وبدد تصاعد أعمال العنف بين المعارضين للرئيس محمد مرسي والشرطة، بعد عامين من ثورة شعبية أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، الآمال في حدوث انتعاش اقتصادي. وتسببت الاضطرابات الأخيرة في البلاد في تأجيل المحادثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 8ر4 مليار دولار، يقول محللون لدى مصرف "بنك أوف أمريكا ميريل لينش" إنه حيوي لاستقرار الجنيه المصري. ووفقا لبيانات البنك المركزي المصري، تراجع احتياطي النقد الاجنبي في مصر إلى 6ر13 مليار دولار الشهر الماضي، في أكبر تراجع منذ عام 1997 على الأقل مقابل 36 مليارا في عام 2010، ما دفع البنك لاتخاذ خطوات لتقييد المعروض من الدولار والحد من تحركات سعر الصرف. ونقلت بلومبرج عن السفيرة الأمريكية بالقاهرة آن باترسون في كلمة ألقتها بمدينة الاسكندرية أمس الأحد: "أعرف أن البنك المركزي يتخذ خطوات لتقليل حجم السوقين السوداء والموازية للصرف الأجنبي". وأضافت سفيرة أكبر مساهم في صندوق النقد أنه "رغم ذلك، فإن مصر مادامت تقيد الحصول على الصرف الأجنبي، ستتسبب في تقليل الاهتمام بالاستثمار في البلاد بشكل كبير. هذه حقيقة بسيطة". وتوقع محمد أبو باشا الخبير الاقتصادي لدى مؤسسة "إي إف جي هيرمس" بالقاهرة أن تدفع أزمة العملة محافظ البنك المركزي المصري هشام رامز الذي تولى منصبه في الثالث من شباط/ فبراير الجاري وسط أسوأ تراجع في الجنيه منذ عام 2003 إلى رفع أسعار الفائدة هذا العام بمقدار كبير يصل إلى نقطتين مئويتين لتصبح 25ر11% في أعلى مستوى لها منذ عام 2009 حتى رغم تباطؤ النمو. ونقلت بلومبرج عن جين مايكل ساليبا الخبير الاقتصادي لدى "بنك أوف أمريكا كورب" في لندن قوله: "مصر تسير بحذر.. من المرجح أن يزداد الطلب المحلي على الدولار، ويحتمل أن تتسع الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي". كانت مصر قامت بتعويم عملتها المحلية في عام 2003.