في الذكرى المئوية لميلاد الكاتب والمفكر التونسي الكبير محمود المسعدي، أقام الجناح التونسي ضيف شرف المعرض ندوة تناولت تاريخه وفكره وإبداعه، وبدأت بتعريف الكاتبة رشا التونسي للأديب محمود المسعدي بأنه أحد أعمدة الثقافة والتعليم في تونس ومؤسس الجامعة التونسية، وقالت إنه من كبار الأدباء العرب في العصر الحديث، فهو مؤسس مدرسة فريدة في الكتابة. ولد المسعدي في العام 1911 وتوفي في2005، وهو أديب بارز تقلد مسئوليات عدة في الميدانين الوطني والنقابي، وتولى في تونس بعد الاستقلال وزارة التربية الوطنية ثم وزارة الثقافة، ومن مؤلفاته السد، مولد النسيان، حدث أبو هريرة قال، وتأصيلا لكيان. وعن القضايا التي طرحها المسعدي في مؤلفاته ذكرت رشا التونسي أنها تتمثل في حيرة الإنسان في الوجود، وسعيه المتواصل لفك ما أشكل عليه في الحياة، ساعيًا إلى الفعل من أجل دحض سمة العبث من الكون، ويحضر ذلك بامتياز في كتابيه السد وحدث أبو هريرة قال. وحول سبل تحقيق الانسجام بين المعاني والمباني في أدب محمود المسعدي تحدثت د.فاطمة الأخضر، أستاذة الإنسانيات بكلية الآداب بتونس، وقالت إنه كان من رجال التنوير الذي أحيا الشعب التونسي والعربي ليأخذ حقه، فهو من جيل أبو القاسم الشابي، ويتشارك معه في الكثير من الصفات، وقد ولد بعد سنتين من ولادة الشابي لكنه عاش أكثر منه. وأضافت أن حلقة الربط بين الأديبين تدور في المعاني التي عالجها المسعدي بأسلوب مختلف في كتاباته، فالشابي كتابته قليلة لكنه وعى كل شيء بشعره، وما تألم منه المسعدي يختلف عما تألم منه الشابي الذي لم يكن يمتلك إلا العربية وكان يتشوق للاطلاع على الأدب الغربي الذي لم يتحصل على شيء منه إلا ما تمت ترجمته للعربية . وأضافت : أن المسعدي كان يقول ولدت وعشت في زمن كانت فيه ذاتيتي وكينونتي كعربي مسلم مهددة، لذلك كان يعمل على فكرة إثبات الوجود والاندماج في العصر، فهذا التجذر في الأصل هو ما جعل من لغته مرآة لثقافته. وقالت إن المسعدي عاش الاستقلال وتجسمت أفكاره التنويرية في آخر ثورة للشعب التونسي، وقد حاول أن يقاوم النفوس الراكدة ليؤسس مجتمعًا متوازنًا مع محيطه. وأجابت د.فاطمة الأخضر عن أسئلة الحاضرين ومن أهمها سؤال عن علاقة المسعدي بالحياة الأدبية في مصر فقالت: إن أول رواية عربية كانت "زينب" للدكتور محمد حسين هيكل ثم تميز نجيب محفوظ في فن الرواية وطه حسين في فن المذكرات والحكيم في فن المسرح، لكن المسعدي تمرد على كل ذلك فلم يكتب رواية ولا مسرحية وكتب في فن الخبر القصصي القائم بذاته في الأدب العربي، حيث نسج شكلا جديدًا لم يدرس بعد ونتمنى أن ينتشر ويدرس، فكتاب "مولد النسيان" ليس قصة طويلة ولا رواية، ومن الممكن أن تكون تأملات أو أخبار، فالمسعدي أحب أن يعيد للأدب العربي خصوصيته، ليبتكر شكلا جديدًا فالأديب يبدع الشكل والناقد يضع التوصيف لذلك الفن. وقالت د.فاطمة الأخضر إننا في العالم العربي لا نعرف عن بعضنا الكثير والمشكلة في الانقسام الذي أحدثه الاستعمار، كما أن هناك عقدة يجب تجاوزها كتب عنها " ابن عبد ربه " في كتابه "العقد الفريد" تتلخص في كون الشرق يعتبر أنه اللغة العربية وهو يجهل على أساس ذلك أن هناك تواصلا في حضارات أخرى بنفس اللغة، ويجب علينا أن نتجاوز ذلك، خاصة وقد قربت بيننا الثورات.