انطلقت اليوم أعمال"منتدى التنمية المستدامة بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين" في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بالتعاون مع وزارة الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك في قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بمقر المركز في أبوظبي بحضور حشد من الخبراء والاقتصاديين من كلا الجانبين. وقالت الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي، وزيرة التجارة الخارجية بدولة الامارات ، أن العلاقات الودية التي تربط دول مجلس التعاون الخليجي بجمهورية الصين منذ قرون طويلة تنعكس بالإيجاب على واقع وآفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري القائم بينهما في مختلف المجالات، مع وجود أكثر من ثلاثمائة ألف صيني على الأقل يعملون في مجالات مختلفة، في دول مجلس التعاون. وعلى الجانب الآخر، أصبحت الصين مقصداً لعدد متزايد من أبناء دول مجلس التعاون؛ للدراسة والسياحة والتسوق والعلاج والترفيه. وحالياً يدرس في الصين نحو خمسمائة طالب من دول مجلس التعاون في تخصصات مختلفة. وهناك تعاون بين الجانبين في إطار تنمية الموارد البشرية، سواء في الإطار الجماعي لمنتدى التعاون العربي- الصيني أو في الإطار الثنائي. وأكدت الدكتورة القاسمي، أنه على مدى سبعة وعشرين عاماً منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات والصين، وفق رؤية المغفور له مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، استمرت علاقات دولة الإمارات مع جمهورية الصين الشعبية بالنمو والتطور إلى أن بلغت مداها في تحقيق الشراكة الاستراتيجية مع الصين، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بزيارة معالي رئيس مجلس الدولة الصيني ون جيا باو إلى الإمارات وعدد من دول مجلس التعاون في يناير 2012 والتوقيع على عدد من الاتفاقيات، وهذا الأمر له دلالة خاصة تتمثل بتزايد الثقة السياسية والاقتصادية بين البلدين. ولعل الزيارات المتبادلة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، إلى جمهورية الصين قد أسهمت بشكل كبير في توطيد أواصر التعاون والشراكة بين البلدين.فضلاً عن أن الزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، إلى جمهورية الصين الشعبية كان لها الأثر الكبير في توطيد روابط الصداقة والتبادل الثقافي والحضاري والإنساني لما يشكله هذا الأمر من أهمية بالغة في توطيد العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلاقات التفاهم، وقد انعكس ذلك من خلال تبادل افتتاح العديد من المؤسسات الثقافية والتعليمية في كلا البلدين. وقالت معالي الوزيرة: إن الإمارات تُعدّ اليوم الشريك التجاري الثاني للصين في منطقة الشرق الأوسط، والأولى في التجارة غير النفطية، وقد بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري مع الصين 36.6 مليار دولار عام 2011، ومن المتوقع أن يصل حجم التبادل التجاري بينهما إلى 60 مليار دولار عام 2015، كما تعتبر دولة الإمارات الوجهة الأولى للصادرات الصينية في منطقة الشرق الأوسط، كما أصبحت الوجهة السياحية المفضلة للصينيين في المنطقة. من جانب آخر تدرك الصين المزايا الاستراتيجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، بما في ذلك موقعها الجغرافي المتوسط بين قارات ودول العالم وتميز بنيتها التحتية وقدرتها الخدمية الهائلة وما تتمتع به من قوانين عادلة ومرنة ومن قوة اقتصادية ونظام مالي آمن، بالإضافة إلى دورها المؤثر في الساحتين الدولية والإقليمية، علاوة على مكانتها المرموقة بين دول العالم، كما أن الصين ترى في الإمارات أنموذجاً عصرياً متطوراً ومتفوقاً. مشيرة إلى أن دول مجلس التعاون بنموها وازدهارها وبتركيبتها المتكاملة تعتبر قاعدة اقتصادية صلبة للصين، إذ إن اقتصادات كلا الطرفين يمكن لها أن تكمل بعضها بعضاً في جوانب عدة، فالمطلوب في هذه المرحلة هو التفكير الجماعي لتحقيق الربح المشترك، الذي يمكن الوصول إليه بتنفيذ استراتيجية شاملة متعددة المحاور: الأول، يقوم على الاستثمار الصيني المشترك في دول الخليج العربي، والثاني، يقوم على الاستثمار الخليجي المشترك في جمهورية الصين الشعبية، والثالث، يقوم على الاستثمار الخليجي - الصيني المشترك في أماكن أخرى من دول العالم ( طرف ثالث )، هذا مع ما يتطلبه ذلك من آليات تنفيذية تتمثل في تأسيس مجلس مشترك لرجال الأعمال بين الطرفين وتحفيز تبادل الزيارات للمستثمرين، وإنشاء صناديق سيادية مشتركة (صينية – خليجية) يمكن لها أن تكون قوة اقتصادية مضاعفة على مستوى العالم. من جهته اكد د.عبد اللطيف الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج أن هذا المنتدى يكتسب أهمية خاصة لثلاثة أسباب رئيسية: أولها، أنه يتم بين قوتين صاعدتين في القرن الحادي والعشرين تمثلان حضارتين عريقتين لهما شأن كبير في الحضارة الإنسانية. وثانيهما، أن مجلس التعاون وجمهورية الصين الشعبية عاقدان العزم على إقامة علاقات وثيقة بينهما تعتمد على تنمية مصالح شعوبهما وتطلعاتها وآمالها، وأن تكون علاقتهما أنموذجاً يُحتذى به في العلاقات بين الدول وعلى أساس الاحترام المتبادل والمصالح والمنافع المشتركة. وثالثهما، أن السمة المحورية لهذه العلاقات هي التنمية المستدامة التي هي المحور الرئيسي للعلاقات الدولية المعاصرة. من جانبها، أكدت وانغ جيجن، نائب رئيس المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني بجمهورية الصين الشعبية، أن هناك أهمية للتنمية المستدامة الشاملة والمتناسقة في الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وبالرغم من وجود التنمية المستدامة، توجد ظاهرة الفجوة بين الشمال والجنوب، مما يستدعي تشكيل رؤية جديدة للتنمية المستدامة، تقوم ركائزها على المساواة والعدالة، واستلهام روح العصر ومستويات التقدم التقني الجديدة والاهتمام بأنماط التنمية، وتعديل هياكل التنمية الاقتصادية. وقالت جيجن: إن مفهوم التنمية المستدامة مبني على المنفعة المتبادلة والمصالح المشتركة وتوسيع العلاقات الاقتصادية والتجارية، وتقديم المساعدات الدولية، إضافة إلى كل ذلك، أهمية إزالة سوء التفاهم الذي يسود العلاقات الدولية وتسوية الخلافات بالطرق السلمية. وثمة أهمية لتنمية العلاقات الثقافية، والتعاون والتبادل في مجال الشباب. وهناك ثمة عوامل مشتركة بين الصين والإمارات في مجال الحفاظ على البيئة ومنع استنزافها، كما تهتم الصين بالاستفادة من تجارب الدول النامية الأخرى. مشيرة إلى أن المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الحاكم، أكد أهمية التنمية المستدامة، وبناء حضارة تقنية تعتمد أفكاراً بعيدة المدى، أساسها أن الصين دولة نامية كبيرة ومسؤولة، تهدف إلى تحقيق الآتي: مكافحة الفقر، وتحقيق النمو المستقر، والأمن الغذائي، وتخطيط الغابات، والتطور الاقتصادي، ومكافحة الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وفي هذا السياق، ثمة مصلحة مشتركة بين البلدين في مجال التحول نحو الاقتصاد الأخضر باعتباره يمثل فرصاً جديدة للتطور الاقتصادي. من جهته اكد محمد ثاني مرشد غنام الرميثي، رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة، دولة الإمارات العربية المتحدة، على أهمية ودور أبوظبي باعتبارها مركزاً عالمياً ومحطة حيوية تستقطب الشركاء والشراكات الاقتصادية والتجارية عالمياً وإقليمياً. مشيراً إلى أهمية ارتفاع قيمة التبادل التجاري بين دولة الإمارات العربية المتحدة والصين من 48 مليار دولار في 2009 إلى 56 مليار دولار في عام 2011. ولفت إلى ضرورة التمعن بالرؤية الاستراتيجية الاقتصادية لإمارة أبوظبي للعام 2030، والتي تعتمد على التقليل التدريجي من الاعتماد على النفط مع العمل الجدي والحثيث لتطوير وتنويع مصادر الطاقة غير النفطية. وقد خطت دولة الإمارات العربية المتحدة خطوات مهمة وملحوظة في تنويع مصادر الدخل من غير المصادر النفطية كما تؤكدها الأرقام والإحصائيات، حيث ارتفعت القيم من 27 مليار دولار إلى 91 مليار دولار. كما أن الدولة حققت نمواً اقتصادياً مهماً وصل إلى سبعة بالمائة سنوياً. كل ذلك مؤشرات مهمة على تطور دولة الإمارات العربية المتحدة اقتصادياً ومالياً وفي المجالات كافة، ورغبتها في إنعاش وتطور العلاقات الاقتصادية والاستثمارية مع الصين حاضراً ومستقبلاً.