متحدث الكنيسة: الصلاة في أسبوع الآلام لها خصوصية شديدة ونتخلى عن أمور دنيوية    الأردن تصدر طوابعًا عن أحداث محاكمة وصلب السيد المسيح    اليوم، أولى جلسات دعوى إلغاء ترخيص مدرسة ران الألمانية بسبب تدريس المثلية الجنسية    بشرى للموظفين.. 4 أيام إجازة مدفوعة الأجر    «مينفعش نكون بنستورد لحوم ونصدر!».. شعبة القصابين تطالب بوقف التصدير للدول العربية    مفاجأة جديدة في سعر الذهب اليوم الأحد 28 أبريل 2024    30 ألف سيارة خلال عام.. تفاصيل عودة إنتاج «لادا» بالسوق المصرية    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري للبيع والشراء اليوم الأحد 28 إبريل 2024 (آخر تحديث)    تحولات الطاقة: نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية    أول تعليق من شعبة الأسماك بغرفة الصناعات على حملات المقاطعة    حزب الله يعلن استهداف إسرائيل بمسيرات انقضاضية وصواريخ موجهة ردا على قصف منازل مدنية    أهالي الأسرى يُطالبون "نتنياهو" بوقف الحرب على غزة    عاجل.. إسرائيل تشتعل.. غضب شعبي ضد نتنياهو وإطلاق 50 صاروخا من لبنان    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم عدة قرى غرب جنين    المجموعة العربية: نعارض اجتياح رفح الفلسطينية ونطالب بوقف فوري لإطلاق النار    مصدر أمني إسرائيلي: تأجيل عملية رفح حال إبرام صفقة تبادل    التتويج يتأجل.. سان جيرمان يسقط في فخ التعادل مع لوهافر بالدوري الفرنسي    حسام غالي: كوبر كان بيقول لنا الأهلي بيكسب بالحكام    تشيلسي يفرض التعادل على أستون فيلا في البريميرليج    ملف يلا كورة.. أزمة صلاح وكلوب.. رسالة محمد عبدالمنعم.. واستبعاد شيكابالا    اجتماع مع تذكرتي والسعة الكاملة.. الأهلي يكشف استعدادات مواجهة الترجي بنهائي أفريقيا    وزير الرياضة يهنئ الخماسي الحديث بالنتائج المتميزة بكأس العالم    المندوه: هذا سبب إصابة شيكابالا.. والكل يشعر بأهمية مباراة دريمز    لا نحتفل إلا بالبطولات.. تعليق حسام غالي على تأهل الأهلي للنهائي الأفريقي    مصرع عروسين والمصور في سقوط "سيارة الزفة" بترعة دندرة بقنا    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بالمنيا    بعد جريمة طفل شبرا، بيان عاجل من الأزهر عن جرائم "الدارك ويب" وكيفية حماية النشء    مصرع وإصابة 12 شخصا في تصادم ميكروباص وملاكي بالدقهلية    مصدر أمني يكشف تفاصيل مداخلة هاتفية لأحد الأشخاص ادعى العثور على آثار بأحد المنازل    ضبط 7 متهمين بالاتجار فى المخدرات    ضبط مهندس لإدارته شبكة لتوزيع الإنترنت    تعرف على قصة المنديل الملفوف المقدس بقبر المسيح    عمرو أديب: مصر تستفيد من وجود اللاجئين الأجانب على أرضها    غادة إبراهيم بعد توقفها 7 سنوات عن العمل: «عايشة من خير والدي» (خاص)    نيكول سابا تحيي حفلا غنائيا بنادي وادي دجلة بهذا الموعد    تملي معاك.. أفضل أغنية في القرن ال21 بشمال أفريقيا والوطن العربي    ما حكم سجود التلاوة في أوقات النهي؟.. دار الإفتاء تجيب    هل يمكن لجسمك أن يقول «لا مزيد من الحديد»؟    انخفاض يصل ل 36%.. بشرى سارة بشأن أسعار زيوت الطعام والألبان والسمك| فيديو    دهاء أنور السادات واستراتيجية التعالي.. ماذا قال عنه كيسنجر؟    ضبط وتحرير 10 محاضر تموينية خلال حملات مكبرة بالعريش    أناقة وجمال.. إيمان عز الدين تخطف قلوب متابعيها    23 أكتوبر.. انطلاق مهرجان مالمو الدولي للعود والأغنية العربية    السفير الروسي بالقاهرة يشيد بمستوى العلاقة بين مصر وروسيا في عهد الرئيس السيسي    «الأزهر للفتاوى الإلكترونية»: دخول المواقع المعنية بصناعة الجريمة حرام    السيسي لا يرحم الموتى ولا الأحياء..مشروع قانون الجبانات الجديد استنزاف ونهب للمصريين    ما هي أبرز علامات وأعراض ضربة الشمس؟    كيف تختارين النظارات الشمسية هذا الصيف؟    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من الإصابة بهذا المرض    رئيس جامعة أسيوط يشارك اجتماع المجلس الأعلى للجامعات بالجامعة المصرية اليابانية للعلوم    " يكلموني" لرامي جمال تتخطى النصف مليون مشاهدة    شرايين الحياة إلى سيناء    جامعة كفر الشيخ تنظم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة    أمين صندوق «الأطباء» يعلن تفاصيل جهود تطوير أندية النقابة (تفاصيل)    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    سمير فرج: طالب الأكاديمية العسكرية يدرس محاكاة كاملة للحرب    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حواران من ساحة الشام الساخنة .. رسالة أوجلان من سجن «إمرالى» تكشف حصار أردوغان
نشر في الأهرام العربي يوم 23 - 05 - 2019

أمينة عمر : لسنا انفصاليين.. ولن نتنازل عن شبر واحد من الأراضى السورية
د.محمد شاكر: مشروع تركيا وإيران ضد الوحدة السورية وضد مستقبل الشعب
شهد الأسبوع الماضى حدثا لافتا للنظر، حيث أعلن محامو السياسى الكردى المعتقل عبد الله أوجلان عن أنهم التقوه بعد عزلة دامت اكثر من ثمانى سنوات، وكشف فريق المحامين عن رسالة يحملونها من أوجلان إلى الرأى العام تحمل فى طياتها رؤيته لحل الأزمة بين الكرد والأتراك من جانب، وكذلك قوات سوريا الديمقراطية ودمشق السورية من جانب آخر، وتناولت الرسالة إعادة إحياء المفاوضات التى سبق أن طرحها فى عيد النوروز الكردى 2013.
ورأى أوجلان، المعتقل فى سجن خاص بجزيرة إمرالى التركية منذ عقدين من الزمان ، فى رسالته أن «هناك ضرورة ملحة للتوافق الاجتماعى فى هذه المرحلة التاريخية، من أجل إيجاد حلول للمعضلات، لا بد من وجود طرق ديمقراطية للحوار بعيداً عن ثقافة العداوة والحرب».
معتبرا أنه يمكننا حل المشاكل فى المنطقة عن طريق استخدام القوة الناعمة المتمثلة فى العقلنة والسياسة والثقافة، وليس عن طريق القتال واستخدام القوة المفرطة.
وقال أوجلان فى رسالته: نحن نؤمن بقدرات قوات سوريا الديمقراطية، وأنه يجب حلّ المشاكل فى سوريا ضمن إطار المحافظة على وحدة الأرض على أساس الديمقراطية المحلية المنصوص عليها فى الدستور الأساسي، بعيداً عن ثقافة الاقتتال.
تأتى رسالة أوجلان فى الوقت الذى تشهد فيه مناطق شمال سوريا تصعيدا مستمرا بين تركيا ووحدات حماية الشعب الكردية ، حيث أعلنت الحكومة التركية مرارا نيتها شن عملية عسكرية جديدة ضد المسلحين الأكراد فى منطقة شرق الفرات، وباقى أراضى سيطرتهم بمحافظة حلب.
مضمون هذه الرسالة تحمل العديد من الأبعاد الجيوسياسية التى تتطلب التحليل والتقييم، لما لها من تأثير مباشر على الأحداث العسكرية والسياسية الجارية فى تركيا وسوريا، وما يتعلق بالإدارة الذاتية فى شمال وشرق سوريا، خصوصا بعد التآكل الحاصل فى شعبية أردوغان وحزبه، والذى تجلى فى خسارته الفادحة فى الانتخابات البلدية، ما دفعه ربما لإعادة ترتيب أوراقه، وتبدى ذلك فى إشارات تنبئ عن تقارب بات وشيكا بين أنقرة ودمشق بفعل حثيث من قبل حليفيهما، الروسى والإيراني.
«الأهرام العربى»، فى إطار تحليل هذه التطورات وانعكاساتها على الوضع فى سوريا، خصوصا ما له علاقة بمناطق شرق وشمال سوريا، حيث الحضور الأقوى والفاعل لمجلس سوريا الديمقراطية، الجناح السياسى لقوات سوريا الديمقراطية توجهت لإجراء حوارين الأول مع أمينة عمر الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية، والثانى مع د. محمد شاكر رئيس التيار العربى المستقل عن فحوى رسالة أوجلان.. وكانت البداية مع أمينة عمر:
كيف تقرئين رسالة عبد الله أوجلان؟
رسالة إيجابية، فهو يدعو من خلالها إلى تحقيق السلام والسعى إلى إيجاد حل سياسى للمعضلات عن طريق الحوار السلمى بعيدا عن الصراع الذى لا يفضى إلا للقتل والدمار .
هل من دلالة لتوقيت هذه الرسالة؟
دلالات التوقيت هى المأزق الكبير الذى يمر به حزب العدالة والتنمية خصوصا بعد خسارته لأكبر المدن فى تركيا فى الانتخابات المحلية، وبعد عزلة استمرت ثمانى سنوات، منع خلالها فريق محامى السيد أوجلان من زيارته، وأعتقد أن أردوغان سمح بهذه الزيارة بهدف كسب عطف وأصوات الشعب الكردى فى مدينة إسطنبول بعد قرار مفوضية الانتخابات القاضى بإعادة الانتخابات فى إسطنبول.
وما تعليقك على ما يراه البعض من أن توقيت الرسالة ومضمونها يتقاطعان مع الرؤية الأمريكية لحل الأزمة بين قوات سوريا الديمقراطية وتركيا باعتبارهما حليفين مهمين للولايات المتحدة؟
صحيح، فالإدارة الأمريكية تميل إلى الحوار من أجل حل المشكلات العالقة بين قوات سوريا الديمقراطية والدولة التركية.
وهذا واضح من خلال الزيارات المستمرة للمسئولين الأمريكيين إلى تركيا ولقائهم مع «قسد»، وإجرائهم مفاوضات غير مباشرة مع الجانبين، والإدارة الأمريكية تعى جيدا أن الحل يكمن عند أوجلان لما له من تأثير على الشعب الكردى، فى الوقت الذى نفى فيه السفير جيمس جيفرى أن تكون له أية علاقة بتوقيت الزيارة.
وماذا عن رؤية أوجلان لحل الأزمة السورية ودور الكرد فى مستقبل سوريا؟
رؤية أوجلان واضحة، فهو يرى أن حل الأزمة السورية يكمن فى إطار وحدة الأراضى السورية، وأن مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية هو المشروع الذى يحقق حلا عادلا لقضايا شعوب المنطقة، ومن ضمنها قضية الشعب الكردي، وعليه يجب تثبيت هذا المشروع فى الدستور السورى الجديد.
ما مدى تقبل قوى مجلس سوريا الديمقراطية لتلك الرؤية؟
مجلس سوريا الديمقراطية كمشروع وطنى ديمقراطي، يؤكد دائما على وحدة الأراضى السورية، وعدم التنازل عن شبر من الأراضى السورية، ويرى أن مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية هو النموذج الأمثل للحل فى سوريا عن طريق نظام لا مركزى ديمقراطى تعددى، يضمن حقوق جميع مكونات الشعب السورى، ضمن وحدة الأراضى السورية، بعيدا عن الانفصال الذى يتهمنا به البعض، وهذا ما يدعو إليه أوجلان فى رؤيته.
هل يمكن للكرد أن يتخلوا عن حلم الدولة القومية المستقلة؟
الكرد من أقدم شعوب المنطقة يعيشون على أرضهم منذ آلاف السنين، فقد تجزأوا على أرضه بين أربع دول، وارتكبت بحقهم أفظع الجرائم والمجازر، سلبت منهم حقوقهم وقدموا تضحيات كبيرة من أجل الحفاظ على وجودهم، وكل ما يريدونه هو العيش بكرامة، على أرضهم، وإيجاد حل عادل لقضيتهم فى البلدان التى يعيشون فيها بالطرق الديمقراطية، وهو ما يناضلون من أجله.
ظهرت أخيرا ملامح لتقارب سورى تركى بضغوط إيرانيةروسية إلى أى حد ترى أن ذلك التقارب ممكن؟
من الممكن أن يحدث التقارب فى حالة واحدة فقط، وهو اتفاق الطرفين السورى والتركى من منع قيام أى كيان فى شمال وشرق سوريا والمتمثل بالاعتراف بالإدارة الذاتية الديمقراطية التى فرضت نفسها على أرض الواقع منذ قيامها.
وما مدى مساهمته إن حدث فى حل الأزمة السورية مع الكرد أو تعقيدها؟
بالتأكيد أى تقارب سيكون ضد مصلحة الشعب الكردى وشعوب المنطقة فى شمال وشرق سوريا، ولن يكون لصالح حل لأزمة السورية بل سيؤدى إلى تعميق الأزمة وتعقيدها.
على جانب آخر من الصورة عرضنا أسئلتنا على الدكتور محمد شاكر، أستاذ القانون الدولى ورئيس التيار العربى المستقل وسألناه:
من خلال قراءتك لرسالة عبد الله أوجلان، هل لك أن تحدد الأبعاد التى تحملها الرسالة؟
رسالة أوجلان جاءت فى سياق متصل من مفاوضات سلام بين تركيا وحزب العمال الكردستانى منذ العام 2012. وعلى أساس ذلك دعا للمصالحة، وإيجاد حلول سلمية بين قوات سوريا الديمقراطية والنظام السوري، بعيداً عن ثقافة الصراع، وفى إطار الحفاظ على وحدة سوريا وتحت مظلة الدستور. ويبدو أنّ أوجلان يحاول حث قوات سوريا الديمقراطية للتفاوض أيضاً مع تركيا. وبالتالى فإن أية تسوية بين حزب العمال الكردستانى وتركيا، ستؤدى إلى إدخال الكرد فى العملية السياسية والمعارضة السورية.
هل من دلالة لتوقيتها؟
دلالات التوقيت هى ما تشهده مناطق شمال، وشمال شرق، وشرق سوريا من تداعيات خطيرة فى الآونة الأخيرة، ففى شمال سوريا تعمل تركيا بالتفاوض مع روسيا لمقايضة ملف إدلب بشرق الفرات. بالتزامن مع الدعوات المستمرة من تركيا باجتياح شرق الفرات، بجانب الاحتكاكات المستمرة بين تركيا وحدات حماية الشعب الكردية. أما فى الشرق، حيث تشكل دير الزور أكثر من نصف المساحة التى تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، فغليان الاحتجاجات لا يزال مستمراً من القبائل العربية التى تشكل أكثر من ?95 من سكان المنطقة، التى تطالب بتوزيع عادل للثروات، وإدارة مناطقها وتنميتها وتخديمها، بعد ثمانى سنوات من الفراغ والفوضى التى خلفها التنظيم المتطرف. لذلك ظهرت رسالة أوجلان فى فترة يدرك فيها أوجلان أن قوات سوريا الديمقراطية غير قادرة على تكريس ثقافة الصراع، وليس من مصلحتها ذلك فى الوقت الذى أصبحت فيه محاصرة من النظام (حليفه التاريخي)، ومن تركيا التى تهدد باجتياح شرق الفرات، ومن الداخل الذى يغلى على مرجل التخوف من فتنة عربية كردية، سيكون ضحيتها الكرد دون غيرهم.
وما تعليقك على ما يراه البعض من أن توقيت الرسالة ومضمونها يتقاطعان مع الرؤية الأمريكية لحل الأزمة بين قوات سوريا الديمقراطية وتركيا باعتبارهما حليفين مهمين للولايات المتحدة؟
الرسالة تضمنت بشكل صريح إيجاد حل سلمى مع تركيا، وبالتالى فهى تتعلق بإيجاد حل توافقى يضمن للولايات المتحدة الأمريكية الإبقاء على تركيا كحليف إستراتيجى فى حلف الناتو، كما يضمن لها – أى الولايات المتحدة – وجودها فى سوريا من خلال قوات سوريا الديمقراطية التى عمادها وحدات حماية الشعب الكردية، ريثما تتوصل إلى تفاهمات نهائية مع روسيا، تتعلق بإيجاد صيغة نهائية للتسوية فى سوريا، وفى مقدمة ذلك حل إشكالية الوجود الإيرانى فى سوريا.
وماذا عن رؤية أوجلان لحل الأزمة السورية ودور الكرد فى مستقبل سوريا؟
فى المفهوم العام، الفلسفة الأوجلانية فى أساسها تقوم على فكرة الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب، وبالتالى يطرح مجلس سوريا الديمقراطى فكرة الإدارة الذاتية فى إطار اللامركزية الديمقراطية، وقد ردت الإدارة الذاتية على دعوات أوجلان بأن رؤيتها الديمقراطية تدعم بناء دستور ديمقراطى يحقق الاستقرار ويدعم الوحدة فى سوريا، معتبرة أنّ مشروع الإدارة الذاتية هى رؤية فاعلة لإيجاد الحل من خلال الحوار. وبالتالى كل ما يقال عن تطلعات انفصالية هو أمر غير مطروح فى أدبياتهم، وغير قادرين عليه بتاتاً. إذا لم يُدفعوا إليه. لذلك تبدو رسالة أوجلان بإيجاد حالة توافقية فى إطار الحل السياسى الشامل للأزمة السورية، مقدمة لدخولهم فى العملية السياسية والمعارضة. وأعتقد أنّ تطلعاتهم - حسب المعطيات المطروحة الآن- ستكون أقل من «إدارة ذاتية فى إطار لا مركزية ديمقراطية»، كما يريدونها. وربما تتراوح بين اللا مركزية الإدارية أو اللا مركزية الإدارية الموسعة مع إعطاء حقوق للأكراد فى إطار الدستور. أما عن دور الكرد فى مستقبل سوريا، فهم مكون سورى، لهم ما للسوريين وعليهم ما على السوريين. وكما كان للكرد دور فى تاريخ سوريا، فمن حقهم أيضاً أن يكون لهم دور فى مستقبلها، فى إطار الدولة السورية الموحدة أرضاً وشعباً.
وما مدى تقبل حزبكم، التيار العربى المستقل، وأحزاب المعارضة الأخرى لتلك الرؤية؟
بالنسبة لرؤيتنا فقد طرحنا ذلك فى الرؤية السياسية للتيار، وهى رؤية واضحة تبدأ من تطبيق القرار 2254، ونرى أنّ ذلك يحتاج إلى التوافق بين الأطراف، ومن ثم الاتفاق على المبادئ العامة الدستورية، التى تحدد العقد الاجتماعى السوري. الأهم من ذلك هو أن اللجنة الدستورية ليس من مهامها كتابة الدستور خارج سوريا، وإنما الاتفاق على المبادئ العامة، التى تحدد شكل الدولة (مركزية أو لامركزية)، وشكل النظام السياسى (رئاسي، نصف رئاسي، برلماني)، وبالتالى فإن الأولوية تبدأ بإصلاح المؤسسات الدستورية وتفعيلها، لتكون قادرة على تطبيق وتنفيذ المبادئ العامة بشكل عملي. لذلك يصبح التركيز على ضرورة الاتفاق على التصميم المؤسسى الذى يعكس التفاعل بين مؤسسات الحكم ضمن شكل النظام السياسى أياً كان شكله، وأيضاً شكل العلاقة بين المؤسسات ذاتها، عبر ديناميات بناء الدستور، كتلك التى تتعلق بتصميم السلطات التشريعية أى حل المجلس النيابي، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة. وتصميم السلطة التنفيذية، أى الاتفاق على آليات تشتيت وعدم تركيز السلطة سواء بشكل أفقى عن طريق التشاركية فى مؤسسة الرئاسة، أو بشكل عمودى عن طريق اللا مركزية. وتصميم السلطة القضائية (عن طريق إصلاح المجلس الدستوري، ومجلس القضاء، والمحكمة الدستورية العليا). وإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية والأمنية، وهذه جميعها ضوابط وطرائق قادرة على أن تشكل أرضية للانتقال السياسي.
وكيف يحدث هذا؟
هذا يحتاج إلى الوصول إلى صيغة نهائية للعملية السياسية. أما مسألة اللجنة الدستورية الحالية، فأعتقد أنّ تركيبتها الحالية، لا تزال تعكس مصالح الدول، فالأسماء فى اللجنة الدستورية سمتها القوى المتصارعة، بما فى ذلك الثلث الثالث، ولم يكن الانتقاء على أساس الكفاءة أو المتخصصين، بل على العكس من ذلك، فقد تم تهميش القوى الوطنية والديمقراطية، وتم تهميش مكونات شرق الفرات، كأنهم خارج العملية السياسية التى تقتضى حلاً على جميع الأراضى السورية.
كما طرحنا ضرورة العمل - بدءاً من شرق الفرات - على ثقافة العيش المشترك، وجاء ذلك فى تعريف التيار كتيار سياسى تنموى خدمي، والعمل على المشاركة فى تمكين كل مكون فى إدارة مناطقه، خصوصاً المكون العربي، وتأهيل المنطقة منعاً لأية حالة تهميش وفراغ وفوضى، يعيدها من جديد إلى عقيدة الصراع. وهى فكرة أردناها أن تكون بشكل عاجل، منعاً لأى احتقان بين العرب والكرد. بسبب ما يعانيه المكون العربى من تهميش وغياب للخدمات وواقع مر فى المخيمات والنزوح، وهى فكرة أرادها التيار - على أقل تقدير- إلى حين نضوج الحل السياسى الذى يتفق عليه جميع السوريين استناداً للقرار 2254 ، الذى دعا إلى حل شامل على كامل التراب السورى وفى إطار السيادة السورية.
ظهرت أخيرا ملامح لتقاربسورى تركى بضغوط إيرانية روسية.. إلى أى حد ترى أن ذلك التقارب ممكن؟
لا بد من القول، إن المحادثات بين الطرف السورى والتركية كى تنقطع منذ تأسيس الولايات المتحدة قوات سوريا الديمقراطية، وجنوح الأخيرة أكثر نحو مشاريع تعارضها دمشق بشكل كلى كالحكم الذاتى أو الفيدرالية، وبالتالى ظلت المصالح بين تركيا وسوريا تتلاقى عند هذه النقطة، أى مواجهة الطموحات الكردية والولايات المتحدة الأمريكية. أعتقد بأن التقارب الأخير بين سوريا وتركيا تقف وراءه روسيا أكثر من الدور الإيراني، الذى لا يبحث عن أية تسوية أو حل. كما أن ملامح هذا التقارب يعود لتوقيته بعد فشل أستانا واتفاق سوتشي، الذى أظهر رغبة تركية فى الاستفادة من ملف إدلب مقابل شرق الفرات.
وما حدود هذا التقارب؟
هو تقارب مفتوح على جميع الاحتمالات، خصوصاً بالنسبة لسياسة أردوغان البراجماتية، التى لا تجد ضيراً فى التخلى عن المعارضة السورية بأى لحظة، تماماً كما تخلت عنها وساومت وفاوضت بها فى أماكن كثيرة، مثل معركة حلب، والغوطة وغيرها، وقد أبدت تركيا بوضوح انفتاحها بشكل رسمى على النظام السوري، عندما أعلنت بأنها لا تمانع من الاعتراف ببشار الأسد إذا فاز بانتخابات نزيهة، ما يعنى أن تركيا ترسل رسائلها بقبولها خوض بشار الأسد الانتخابات المقبلة.
وماذا عن التقارب التركى الإيرانى؟
التقارب التركى الإيرانى علاقة معقدة، وهو لم ينقطع منذ بداية الأزمة السورية، خصوصاً فيما يتعلق بعقلية الدولة العميقة لدى الدولتين اللتين تدعمان جميع حركات الإسلام السياسى المتطرف، حيث شكلت جماعة الإخوان الإرهابية العروة الوثقى بين الدولتين الإقليميتينتركيا وإيراناللتين نجحتا فى إطالة أمد الصراع، قبل أن تصبحا حليفتى ضرورة فى تحالف أستانا إلى جانب روسيا، والآن تبدو منطقة الجزيرة والفرات، البوابة التى تفتح الباب موارباً بسبب المصالح وتقاطعاتها، بين النظام وتركيا وإيران وروسيا فى المنطقة ذاتها.
وما مدى مساهمتهإن حدثفى حل الأزمة السورية عموما و مع الكرد أو تعقيدها؟
ما دامت بقيت الأزمة السورية فى إطار تجاذبات ومصالح القوتين الإقليميتينتركيا وإيرانفإن ذلك تحييد للدور العربي، ما يعنى تهديداً لمستقبل الدولة السورية ووحدتها، خصوصاً أن كلا من الدولتين لديها مشروعها الذى قطع شوطاً على الأرض السورية، سواء المشروع الإيرانى الذى يعمل الآن من غرب الفرات بتشييع الأهالي، والسيطرة الكاملة للميلشيات الإيرانية هناك، التى تعمل على عسكرة المجتمع هناك فى إطار مشروعها الطائفي، الذى يعمل أيضاً على تأمين طريق طهرانبغداد المتوسط، وسواء المشروع التركى الذى يعمل فى شمال سوريا على مشروع المجال الحيوى التركي، من خلال التجنييس وتغيير أسماء الشوارع، وقضم المزيد من الأراضى السورية. وبالتالى قد تؤدى هكذا تقاربات إلى تعقيد الصراع أكثر فأكثر، فالدول ليست جمعيات خيرية، وبالتالى لا أعتقد بأن هكذا تقاربات ستسهم فى حل فعلى للأزمة السورية فى إطار الحل السياسى والقرار 2254، بقدر ما ستساعد فى رسم خطوط التماس، أو تقاسم مناطق النفوذ، إلا إذا اقترنت بأدوار عربية على الأرض فى منطقة شرق الفرات، حيث تصارع جميع القوى الخارجية، التى لا تفرق فى مشروعها بين أى مكون سواء كان كردياً أم عربياً أو غير ذلك، ولهذا كله أسسنا التيار العربى المستقل ليعمل من شرق الفرات بدءاً من تنميتها وتخديمها، وعدم الإبقاء عليها كبيئة حاضنة لأجيال جديدة من الإرهاب، وبما يحول دون عودة داعش بوجوه أخرى ومسميات جديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.