أطلب من الآباء إعادة النظر فى رؤيتهم للتعليم الفنى أحلم بتأسيس مركز لإصلاح السيارات الألمانية وتشجيع الفتيات على العمل فيه
برغم الصعوبات التى واجهتها فى مشوارها التعليمى وفى بعض فترات حياتها، فإن ذلك لم يقف عائقا أمام تحقيق طموحاتها وأحلامها فى أن تستكمل تعليمها فى مجال لم تتخيل لحظة أنها يمكن أن تلتحق به، وهو مجال «ميكانيكا السيارات»، ولأنها تمتلك عزيمة حديدية وإصرارا على النجاح، أصبحت من أوائل مدربات ميكانيكا السيارات فى الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى بالإسكندرية. تحكى دنيا أشرف عبد العزيز، صاحبة ال 25 عاما، تفاصيل ما مرت به فى مشوار حياتها، وتقول إنها فضلت بعد الانتهاء من المرحلة الإعدادية الالتحاق بالثانوى الصناعي، لحبها للمجال العملى أكثر من الدراسة النظرية والاعتماد على الحفظ. ثلاث سنوات تعلمت فيها دنيا، كيفية تصنيع الملابس الجاهزة، ولم تكن تعلم شيئا عن مجال السيارات، وبعد انتهائها من التعليم الثانوى تقدم شاب لخطبتها وأصر على عدم استكمال تعليمها، ووافق والدها على هذا القرار برغم أنها لم تكن تشعر بارتياح نفسى فى ذلك الوقت. شعور بالإحباط واليأس سيطر على ابنة «عروس البحر الأبيض المتوسط» بعد هذا القرار، حيث عملت مع خطيبها وأهله فى مجال عملهم فى تصنيع الجلود، ولكن لم يكن هذا هو حلمها الذى كانت تسعى لتحقيقه، فاتخذت قرارها بفسخ الخطبة، وتحولت حياتها عند اتخاذها قرار انفصالها عن خطيبها، فقررت العودة للدراسة مجددًا والالتحاق بالجامعة بعد تقديم أوراقها لكلية التكنولوجيا بالإسكندرية، ولكن كانت المفاجأة قبولها فى قسم ميكانيكا السيارات. حاولت الفتاة السمراء الالتحاق بقسم آخر، ولكن باءت محاولاتها بالفشل، وبعد قبولها بالقسم علم أهلها بما قامت به من أجل استكمال تعليمها وحينها وافق والداها على قرارها، ودعمتها الأسرة لتحقيق حلمها. وبسبب التحاقها بقسم ميكانيكا السيارات لم تسلم دنيا أيضا من نظرات وانتقادات الجيران والأقارب، والدائرة المحيطة بها لاختيارها هذا القسم الذى لا يصلح للجنس اللطيف، حسب رؤيتهم، ولإنهاء الخلاف مع والدها وإسكات الألسنة من حولها، أقنعتهم دنيا بأنها تراجعت عن الدراسة بهذا القسم لصعوبة مواده، وبأنها ستحول أوراقها لقسم آخر. واستمرت دنيا فى الدراسة بقسم ميكانيكا سيارات، وحصلت دنيا على درجات عالية فى أول فصل دراسي، تقبل الجميع الفكرة وعملوا على تشجيعها ودعمها، وهو ما خلق بداخلها ارتياحا كبيرا، وزادت رغبتها فى تحقيق أهدافها العملية والعملية. واستطاعت دنيا، أن تتفوق فى مجال دراستها، واكتشفت أنه كان من أفضل الأقسام الموجودة بسبب كثرة التطبيقات العملية بالقسم، وحرصت خلال الإجازات الصيفية على التدريب فى عدد من الورش وشركات صيانة السيارات فى مدينة الإسكندرية، وزادت خبراتها فى المجال بشكل لافت للنظر، ولتفوقها فى دراستها حصلت على منحة تفوق لدراسة أعطال السيارات فى الأكاديمية العربية، وبعد أن أنهت دراسة المنحة، باشرت، بتتبع أخبار الأكاديمية حتى علمت بتنظيم المسابقة الأولى لمهارات التعليم الفنى على هامش المنتدى الثالث للأكاديمية. وعند تقدم دنيا للاشتراك فى المسابقة كانت الفتاة الوحيدة بين مجموعة من الشباب ممن اشتركوا فى مسابقة، صيانة السيارات، وكانت الصعوبة التى واجهتها أن هناك بعض الأسئلة كانت تستدعى إجابتها ليس التفكير الذهني، بل استخدام القوة العضلية لحمل أجزاء من عفشة السيارة، لكنها أصرت على عدم الاستسلام واستطاعت الفوز فى المسابقة. واستطاعت بعد تخرجها العمل بتدريب ميكانيكا السيارات بالجزء العملى فى الأكاديمية، إلى جانب عملها فى شركة لخدمات السيارات. وتعليقاً على تقبل المجتمع المصرى لامرأة تعمل فى ميكانيكا السيارات قالت دنيا أشرف، إنها اعتادت على لفظ «الأسطى»، و«بلية»، ولا يزعجها ذلك مطلقاً، لافتة النظر إلى أن المرأة المصرية قادرة على اقتحام جميع مجالات العمل، وتحقيق النجاح تحت أى ظروف. وأكدت دنيا أنه بفضل الجهود والصعوبات التى مرت بها يحلم الآن جميع الأقارب والجيران بأن يروا أولادهم وبناتهم مثلها، وطالبت الآباء بضرورة إعادة النظر فى مفهوم المدارس الثانوية الفنية، فهى لها مستقبل مثل الثانوى العام، والدول المتقدمة صناعيا تهتم كثيرا بالتعليم الفني، وهذا ما تخطط له وزارة التربية والتعليم فى الوقت الراهن. أحلام دنيا لا تتوقف فهى تريد امتلاك مركز صيانة للسيارات الألمانية وتشجيع الفتيات والسيدات على العمل فيه، وإثبات أنه لا توجد فروق بين رجل وامرأة، كما تحلم أيضا بتقديم برنامج تليفزيونى عن ميكانيكا السيارات يهدف لدعم الفتيات اللاتى يبحثن عن فرص عمل فى مجال السيارات. وفى النهاية، سألنا دنيا عن عريس المستقبل فى حالة مطالبته لها، بترك العمل فى مجال ميكانيكا السيارات والتفرغ للأسرة، فكانت إجابتها تلخص حالة عشقها للسيارات، حيث قالت: ما دام أنه يريد أن يتزوجنى، فبالتالى سيحبني، وسيكون من الصعب عليه أن يجعلنى أترك مجال عملى الذى غيرت حياتى كلها من أجل التفوق فيه.