غدا الأحد، الموافق العاشر من فبراير عام 2019 ، يسجل التاريخ صفحة مصرية جديدة فى كتاب «إفريقيا الشابة».. إفريقيا المستقبل. غدا تترأس مصر الاتحاد الإفريقى، الذى يضم 55 دولة، بعد انضمام جنوب السودان بعد عام 2011.
الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ أن تولى القيادة السياسية، عام 2014، وضع القارة فى أولوياته، فمن يقرأ المؤشرات على اهتمام الرئيس السياسية، والرؤية المصرية للقارة السمراء، يجد أن زيارات الرئيس بلغت 21 زيارة فى مناسبات إفريقية، بما يمثل أكثر من 33% من إجمالى الزيارات الرئاسية الخارجية، واللافت للنظر أن أول زيارة للرئيس السيسى، بعد توليه مهمة القيادة، كانت إلى الجزائر فى طريقه إلى القمة الإفريقية فى مالابو فى غينيا الاستوائية.
مصر هى إفريقيا، وإفريقيا هى مصر.. أجندة مصر خلال عام رئاستها للاتحاد تحمل طموحات وآمالا عريضة، قطعا ستؤتى بثمار عظيمة، فالتاريخ شاهد على حقبة مهمة فى التاريخ الإفريقى، بتوقيع الرئيس جمال عبد الناصر، يتعلق بالتحرر والاستقرار، وأيضا المستقبل يفتح سجلاته لدور مهم جدا للرئيس عبد الفتاح السيسى فى التنمية والبناء. مهمة رئاسة الاتحاد الإفريقى فى هذا التوقيت، تعكس دلالات غاية فى الأهمية، فى مقدمتها: أن مصر استطاعت خلال فترة تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى، تثبيت أركان الدولة المصرية، وتحقيق استقرار دفع دول إفريقيا إلى الاطمئنان على مستقبل القارة السمراء فى أيد مصرية.
أن الرئيس السيسى لديه حلم النهوض بالقارة، وحرص على تأ'كيده من خلال زياراته ولقاءاته المكثفة وقراراته التى شهدناها فى المنتديات الإفريقية، وآخرها المنتدى الإفريقى بشرم الشيخ، ديسمبر عام 2018، الذى تضمن قرارات حاسمة وقاطعة، تدشن مرحلة جديدة لتعميق الروابط الإفريقية - الإفريقية.
رئاسة مصر رسالة واضحة أمام العالم بأن القارة التى دفعت الثمن على مدار التاريخ، تعود للقيادة، وتستطيع أن تكون لها كلمة داخل المنصات العالمية والإقليمية ، وأن حقوق القارة لن تكون مستباحة فى المستقبل، مثلما كانت فى الماضى. إذا كانت قوى مثل: الصين وفرنسا وبريطانيا وتركيا وإيران، استطاعت استثمار الفراغ الموجود - بفعل الأحداث خلال السنوات الماضية - وقطعت مسافة كبيرة فى الاستثمار والوجود فى إفريقيا، فإن مصر الآن تقول كلمتها، ولمَ لا وهى الأحق بهذه المسافات والنجاحات الاستثمارية فى القارة، بشهادة التاريخ والجغرافيا.
أيضا بما أن القارة تمثل إحدى الدوائر السياسية المهمة بالنسبة للأمن القومى المصرى، فإن أجندة عام رئاسة مصر ستضمن خططا وإستراتيجيات طموحاً لمكافحة التنظيمات الإرهابية الموجودة فى بعض الدول الإفريقية.
المحور الجوهرى خلال هذه المهمة، أن الدولة المصرية، تؤكد قاعدة التكامل وليس التفاضل فى ملف المياه. أيضا تتزامن رئاسة الاتحاد مع خطة 2030 المصرية، التى تضمنت أجندة 2063 التى تتوافق إنجازاتها مع مرور مائة عام على تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963 التى ترأستها مصر عام 1993. المشروع المصرى خلال هذا العام لا يحمل فقط رؤى سياسية واقتصادية، بل إنه يتضمن أفكارا مبدعة وخلاقة فى الثقافة والفنون والآداب والرياضة، لا سيما أن مصر فازت بتنظيم، كأس الأمم الإفريقية 2019، وتحرص القيادة المصرية على الاستفادة القصوى من تنوع التراث واللغات والأصول الإفريقية، مثل التراث والفولكلور والسينما والموسيقى والمسرح وغيرها
تدشين الرئيس السيسى لمحافظة 'أسوان، عاصمة للشباب الإفريقى، خلال عام رئاسة مصر للاتحاد، يحمل معانى عميقة، فى مقدمتها الاهتمام بتمكين شباب القارة وتأهيله، والقضاء على بطالة الشباب، وصقل مهاراته تدريبيا وتكنولوجيا وصحيا، وتوظيفه بشكل صحيح فى خدمة قضايا القارة.
من المشروعات الإستراتيجية العملاقة، التى تشكل نقطة تحول فى شكل القارة، هو الملف الذى تدرسه مؤسسات الدولة المصرية بعناية فائقة، ويتعلق بربط شمال القارة بجنوبها، وهو طريق القاهرة - كيب تاون.
فتح آفاق جديدة أمام القطاع الخاص للدخول فى الاستثمارات بالقارة، جنبا إلى جنب مع شركات القطاع العام المصرية التى لها تاريخ فى القارة، مثلما كانت شركة النصر للاستيراد والتصدير، وكما هى الحال الآن بالنسبة لشركة «المقاولون العرب»، التى تلعب دور ا مهما فى مد الجسور داخل القارة، لا سيما أن استثماراتها بلغت الآن مليارى دولار، ولعل إسناد تنزانيا لسد «ستيجلر جورج» إلى مصر بتكلفة مالية تصل إلى نحو 2.8 مليار دولار، رسالة واضحة بحجم الثقة فى مصر من قبل هذه الدول.