تواجه صناعة الكاسيت تحديا كبيرا خلال الفترة المقبلة، بعد أن أصبحت ظاهرة القرصنة تشكل خطرا يهدد وجودها وأصبحت شركات الإنتاج تعاني الخسائر المادية الفادحة، فألبوماتها التي تنفق عليها الملايين توجد بعد ثوان من صدورها علي شبكة الإنترنت ويتم تحميلها بجودة عالية.. التحقيق التالي يتطرق إلي هذه الظاهرة من خلال استعراض آراء بعض المطربين والمطربات الذين عانوا أخيراً القرصنة، وكذلك الحديث مع بعض المتخصصين. “لابد من تفعيل قانون حماية الملكية الفكرية".. هذا ما طالب به المطرب محمد حماقى الذى حقق ألبومه الجديد “من قلبى بغنى" مبيعات جيدة نسبيا قياسا بتراجع الإقبال على شراء الألبومات الغنائية، ويرى حماقى أنه لابد من حفظ حقوق المطرب والشركة المنتجة، خصوصاً أن صناعة الكاسيت فى مصر والعالم العربى أصبحت فى تراجع مستمر، ولابد من تكاتف جميع الجهات لمواجهة هذه الظاهرة. المطربة السورية أصالة التى أصدرت ألبوم “شخصية عنيدة" ترى أن ظاهرة القرصنة كانت السبب الرئيسى فى تراجع صناعة إنتاج الكاسيت خلال السنوات الماضية، وشركات الإنتاج تكبدت خسائر فادحة من وراء هذه الظاهرة، ولابد من التصدى لها بشتى الطرق القانونية وللإعلام دور مهم فى توعية الجمهور لأن شركات الإنتاج لن تستطيع مواجهة القراصنة بمفردها، وليس منطقيا أن تنفق الشركات أموالا طائلة فى اختيار الأغنيات وتسجيلها، ثم تسرق فى دقائق بمنتهى السهولة وتطرح مجانا على الإنترنت ليحقق القراصنة الأرباح، وإذا لم يضع المسئولون حلولا سريعة لهذه الكارثة فسيتدهور حال الغناء العربي. ويوضح المنتج محسن جابر أن حجم القرصنة عبر مواقع الإنترنت شيء خيالي، فأحد المواقع الخاصة بتحميل الموسيقى يتردد عليه أكثر من مليونى زائر يوميا، وبلغ فيه حجم التحميل 600 ألف أغنية، وما يحدث جعله يعدل من سياسته الإنتاجية، واتخذ أشكالا جديدة فى تعاونه مع المطربين، مثل خفض الأجور بالنسبة إلى البعض أو التركيز على توزيع ألبومات تنتج على نفقة أصحابها، لأن الإنتاج الغنائى أصبح مخاطرة بكل المقاييس ولا أحد يمكن أن يتقبل الخسارة. أما المطرب محمود العسيلي، فأعرب عن سعادته بألبومه الجديد “دنيا جديدة" ولكنه قلق من قرصنة الألبوم على شبكة الإنترنت، ويؤكد أن تراجع عدد الشركات المتخصصة فى الإنتاج الغنائى كان نتاج التطور التكنولوجى الذى جعل الألبومات خلال ثوان توجد على شبكة الإنترنت، وبالتالى تتراجع مبيعاتها ولو استمرت الحال على ما هى عليه ستظهر سلبيات عديدة على الساحة الغنائية وسيكون من يملك المال هو فقط صاحب القدرة على الإنتاج لنفسه بغض النظر عن موهبته. وتوافق المطربة غادة رجب على كلام العسيلى وتأمل أن يحقق ألبومها الجديد “صورتي" مبيعات تعوض ما تم إنفاقه عليه، وترى أن الدولة لابد أن تتحمل دورها وتشدد الرقابة على المواقع الإلكترونية التى يتم تحميل الألبومات من خلالها، خاصة أن عشرات المطربين والمطربات لم يصبحوا قادرين على تقديم ألبومات غنائية، وهذا أدى إلى إصدارهم أغانى لضمان استمرار وجودهم على الساحة الغنائية، حتى لا ينساهم الجمهور. المطربة العراقية شذى حسون لها رأى مختلف حول ظاهرة القرصنة، وهى أن الجمهور يدعم نجمه الذى يحبه ويشترى ألبومه حتى ولو كان هذا الألبوم مطروحا على شبكة الإنترنت، وهى لا تنشغل كثيرا بقرصنة أغنياتها لأن المهم عندها أن تصل أغنياتها للناس وهى تعوض المردود المادى من خلال حفلاتها الغنائية. وتقول حسون إن كلامها هذا لا يعنى أنها موافقة على ظاهرة القرصنة الغنائية، ولكنها متأكدة أن لها حلولا ولابد من التعامل مع هذا الموقف بهدوء والجمهور له دور مهم فى هذا، فمساحة الحب والمودة مع مطربه المفضل تجعله متحمسا لدعمه بشراء ألبومه الغنائي.الشاعر أيمن بهجت قمر يشدد على أن ظاهرة القرصنة لا تؤثر سلبا على شركات الإنتاج والمطربين فقط، ولكن تأثيرها يصل أيضا للشعراء والملحنين والموزعين وأيضا كل العاملين فى الحقل الموسيقي، ويتوقع أن تتنامى هذه الظاهرة لأنه لا توجد حلول واقعية تواجهها والمواهب الشابة الجديدة لا تجد فرصا حقيقية للظهور، لأن شركات الإنتاج ترفض تبنى موهبتها وأصبح ظهورها مقصورا على بعض برامج المسابقات الهادفة لاكتشاف مواهب جديدة، كما أن هناك العديد من المطربين الكبار غير قادرين على الإنتاج لنفسهم ومع مرور الوقت سيختفون من الساحة الغنائية رغم قدرتهم على العطاء.أما عماد نصار، صاحب محل كاسيت، فيرى أن صناعة الكاسيت ستختفى خلال السنوات المقبلة لأن الشباب يتجاهلون شراء الألبومات الأصلية ويفضلون تحميلها من شبكة الإنترنت وهى بذلك تصلهم سريعا ومن غير المنطقى أن يشتروا ألبوما وهم قادرون على تحميل مئات الأغانى بالمجان، ولذلك كان من الطبيعى أن يتراجع عدد الألبومات الجديدة واختفت المواسم الغنائية التى كان يتنافس فيها المطربون على تحقيق أكبر رقم مبيعات, والآن الجميع يتحدثون عن أكثر أغنية تم تحميلها من على شبكة الإنترنت.