فريد زهران ل«الشاهد»: ثورة 1952 مستمدة من الفكر السوفيتي وبناءً عليه تم حل الأحزاب ودمج الاتحاد القومي والاشتراكي معًا    مفاجأة في أسعار الذهب الفترة المقبلة.. مستشار وزير التموين يكشف التفاصيل (فيديو)    أخبار × 24 ساعة.. إجراء 2 مليون و232 ألف جراحة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    نائب محافظ القاهرة يتابع أعمال النظافة وإزالة الإشغالات بحي عين شمس    محمود محيي الدين يلتقي البابا فرانسيس على هامش مبادرة أزمة الديون في الجنوب العالمي    خبير اقتصادي: طرح كبير بنهاية العام.. والمواطن سيشعر بتحسن    مقرر بالحوار الوطني: الإصلاح السياسي مفتاح النجاح الاقتصادي والمصريون في الخارج ليسوا مجرد مصدر للعملة    أكسيوس: بنيامين جانتس يعلن اليوم انسحابه من ائتلاف نتنياهو    نيجيريا تتعادل مع جنوب أفريقيا 1 - 1 فى تصفيات كأس العالم    القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 طائرات مسيرة وصاروخين مضادين للسفن    حزب الله اللبناني يعلن استهداف تجمعا لجنود إسرائيليين في مثلث الطيحات بالأسلحة الصاروخية    5 شهداء و 14 مصابا جراء قصف الاحتلال لمنزل بحي الشيخ رضوان شمال غزة    بيسكوف: "الخط الأحمر" بالنسبة لنا كان توجيه أوكرانيا ل"معادة روسيا"    تصفيات كأس العالم - بصناعة براهيم دياز.. المغرب يهزم زامبيا بصعوبة ويتصدر المجموعة    ميدو يعلن ظهوره ضيفا دائما فى برنامج الهدف مع إبراهيم عبد الجواد على أون سبورت    «صفقات سوبر ورحيل لاعب مفاجأة».. شوبير يكشف ملامح قائمة الأهلي الصيف المقبل    مصطفى شلبي: اخترت الزمالك رغم عرض الأهلي الأكبر.. سنفوز بالدوري.. وأمنيتي الاعتزال بالقلعة البيضاء    منتخب مصر الأولمبي يفوز على كوت ديفوار بهدف ميسي    دورة الترقي.. الأمل يراود «4 أندية» للصعود إلى الدوري الممتاز    استعلم مجانا الآن.. رابط نتيجة الصف الثالث الإعدادي محافظة قنا الترم الثاني 2024 برقم الجلوس    أطول إجازة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    شديد الحرارة نهاراً معتدل ليلًا.. حالة الطقس اليوم    ربة منزل تنهي حياتها شنقًا بعد تركها منزل زوجها في الهرم    إصابة 5 أشخاص بحالات تسمم بعد تناول سندوتشات حواوشى بالمحلة    مصرع شخص وإصابة 2 آخرين في حادث تصادم سيارة ودراجة بخارية بالدقهلية    انطلاق آخر بعثة حجاج الجمعيات الأهلية بالمنيا إلى الأراضي المقدسة.. صور    عمرو دياب وشيرين عبد الوهاب يشعلان حفل زفاف ابنة المنتج محمد السعدي (صور)    حظك اليوم برج الأسد السبت 8-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع ولم تكن هناك قيادة واضحة للثورة    هيثم الحاج علي: 30 يونيو أرست العدالة الثقافية في مصر    إزاى محمد منير غنى "ياللى بتسأل عن الحياة" مجانا بفيلم أحلى الأوقات.. اعرف القصة    كيف توزع الأضحية؟.. «الإفتاء» توضح ماذا تفعل بالأحشاء والرأس    أدعية ذي الحجة مكتوبة مفاتيح الجنان.. رددها الآن    موعد أذان الفجر بمدن ومحافظات مصر في ثاني أيام ذى الحجة    «الاتصالات»: نسعى لدخول قائمة أفضل 20 دولة في الذكاء الاصطناعي بحلول 2028    رسميا.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم السبت 8 يونيو بعد الانخفاض الأخير بالبنوك    «عيب».. تعليق ناري من شوبير بشأن أزمة تجاهل إمام عاشور لجهاز منتخب مصر    المغرب تُسقط زامبيا بثنائية في تصفيات كأس العالم    جيش الاحتلال يعترف بفشله في اعتراض طائرة عبرت من لبنان    لخلافات بينهما.. مُدرس بالمعاش يشرع في قتل طليقته بالشرقية    متحدث "الأونروا" يكشف كارثة بغزة: المياه الجوفية اختلطت بالصرف الصحي    محور يحمل اسم والده.. أحدث ظهور ل كريم محمود عبد العزيز    أستاذة اقتصاديات التعليم لإكسترا نيوز: على الطلاب البحث عن تخصصات مطلوبة بسوق العمل    "كل الزوايا" يشيد بأداء تريزيجيه.. عندما تنصف كرة القدم المقاتلين من أجلها    شاهد.. أحدث ظهور ل نيللي كريم بعد انفصالها عن هشام عاشور    أدعية ليالي العشر من ذي الحجة.. «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الهُدَى»    أحكام الأضحية.. كيفية توزيع الأُضحِيَّة وهل توزع الأحشاء والرأس    الكشف على 8095 مواطناً خلال قافلة طبية بقرية بلقطر الشرقية بالبحيرة    أخبار مصر: 4 قرارات جمهورية هامة وتكليفات رئاسية حاسمة لرئيس الحكومة الجديدة، زيادة أسعار الأدوية، أحدث قائمة بالأصناف المرتفعة في السوق    نقص هذا الفيتامين يتسبب في الإرهاق ومشاكل في الأعصاب    "هتتطبق يعني هتتطبق".. برلماني يعلق علي زيادة أسعار الأدوية    جامعة طنطا تطلق قافلة تنموية شاملة بمحافظة البحيرة بالتعاون مع 4 جامعات    "الهجرة": نحرص على المتابعة الدقيقة لتفاصيل النسخة الخامسة من مؤتمر المصريين بالخارج    أوقفوا الانتساب الموجه    كيف تحمي نفسك من مخاطر الفتة إذا كنت من مرضى الكوليسترول؟    "البحوث الفنية" بالقوات المسلحة توقع بروتوكول مع أكاديمية تكنولوجيا المعلومات لذوي الإعاقة    الأنبا باخوم يترأس قداس اليوم الثالث من تساعية القديس أنطونيوس البدواني بالظاهر    التعليم العالى: إدراج 15 جامعة مصرية فى تصنيف QS العالمى لعام 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أداة التنمية وحفظ الهوية وصناعة العرب الثقيلة.. الحرف التراثية.. صناعة المعجزات
نشر في الأهرام العربي يوم 01 - 07 - 2018

آمنة الحمدان: تجديد «بيت السدو» قبلة الحياة لفنون النسيج اليدوى فى الكويت

جاسم الساعدى: احتلال العراق ترك تأثيرات سلبية على المشغولات التراثية

غابت عن عالمنا العربى قضية الحرف التقليدية التراثية، باعتبارها صناعة العرب الثقيلة التى يجب أن تكون على رأس الأولويات، بوصفها استثمارا، يحقق البعد التنموي، إلى جانب أنها تشكل العنوان الحقيقى لهوية الأمة العربية الثقافية، فى ظل اجتياح قيم وثقافات وتشوهات مستوردة، وقد حققت الحرف التقليدية ما يشبه المعجزات اجتماعيا واقتصاديا فى عدد كبير من الدول، وفى مقدمتها الصين والهند وماليزيا وإسبانيا واليونان وإيطاليا وغيرها.

وإذا كانت اليونسكو، ونظيرتاها العربية "الأيلسكو" والإسلامية "الإيسيسكو"، قد وضعت برامج لتوثيق وحماية والحفاظ على الحرف التقليدية، فإن الاستجابة العربية فى هذا الشأن جاءت ضعيفة وبطيئة وليست على مستوى الحدث، لتكون النتيجة خطرا حقيقيا فى ظل رحيل عمالقة الفنون الحرفية الكبار، وعدم تدريب أجيال جديدة تواصل المسيرة، لكن هذا لا ينفى وجود بعض الاستثناءات العربية التى تهتم بقطاع الحرف التقليدية هنا وهناك .

توثيق كويتى
منح قرار تجديد بيت السدو قبلة الحياة لفنون النسيج اليدوى الكويتية القديمة و"بيت السدو"، هو جمعية تأسست عام1979 على يد مجموعة السيدات الكويتيات بهدف الحفاظ على حرفة النسيج اليدوى المعروفة ب السدو، والتى تميز خلالها الحرفى الكويتى بمهارة فطرية فائقة الجمال، حظيت بتقدير عالمي، ومن أبرز الحرف التى تمارس فى بيت السدو، تطريز البشت أو العباءة الكويتية الشهيرة، وكذلك تطعيم الهوادج كتحف تراثية، وأيضا تطريز الأغطية يدويا خصوصا اللحاف الكويتى الشهير.

من جانبها توضح آمنة الحمدان رئيس قسم المشاريع والدراسات الميدانية فى مركز التراث الشعبى بالكويت أن هناك تجربة مهمة تقوم بها الكويت حاليا لتوثيق وحماية التراث الشعبى من الاندثار، تعتمد خلالها على فريق من المتخصصين تقوده جامعة الكويت، بالتعاون مع المركز كمؤسسة علمية متخصصة فى الشأن التراثي.

دمار سورى
تعانى الحرف التقليدية فى سوريا من تداعيات الحرب المشتعلة على الأراضى السورية، بما خلفته من دمار هائل طال هذه المراكز التى كانت من معالم سوريا السياحية خاصة فى المناطق الريفية.
من ناحيتها تلفت د. نهال النافورى، الخبيرة السورية فى مجال التراث، النظر إلى أن هذه الحرف أنقذت مئات الآلاف من اللاجئين من الفاقة والجوع، حيث اعتمدوا عليها كمصدر دخل أساسى فى البلاد التى لجأوا إليها.

وتدعو د. النافورى إلى الاستعداد لمرحلة ما بعد الحرب لوضع إستراتيجية تعمل على توظيف التراث الحرفى لأغراض التنمية، والعمل على عودة سوق المهن اليدوية وسط العاصمة دمشق لكامل نشاطاته، وإنشاء الاتحاد العام للجمعيات الحرفية للحفاظ على الحرف التقليدية وتنميتها.

خطر يمنى
الوضع ليس أحسن حالا فى اليمن، حيث تعانى مراكز الحرف التراثية كذلك من ويلات الحرب، وإن ظل المركز الحرفى الرئيسى فى العاصمة صنعاء صامدا حتى الآن، وحسب الباحث فى الفنون التراثية اليمنية منير الحميري، فإن مركز الحرفيين الذى تأسس عام 1991 فى صنعاء هو الجهة الأساسية التى تضم مختلف الحرف والفنون التقليدية التى تتطلب مهارات رفيعة ودقيقة، وأبرزها، الحفر على الخشب، والجص، والسجاد، ومن التحف المعمارية التقليدية والرسم الشعبى على الجدران الذى هو تسجيل للحياة اليومية، عبر الموروث والفلكلور اليمني، ورصد الأحداث الاجتماعية المهمة مثل الأفراح والأعياد والاحتفالات الدينية، وأيضا الاحتفال بالمواليد الجديدة، وحفلات الزواج وغيرها. أما الزخرفة بالجص فتستخدم فى المنازل والنوافذ، ويشتهر حرفيو صنعاء بمهاراتهم الفائقة فى هذه الحرفة لكى تبقى أبرز حرف اليمن والتى تحظى بشهرة عالمية وسياحية واسعة هى تشكيل العقيق اليماني، حيث يبرع الحرفى فى ترويض هذا الحجر الكريم إلى تحف فنية تضاهى أرقى المجوهرات فى العالم، .

فيما تنبه الباحثة اليمنية نجيبة حداد إلى خطورة التحديات التى تتعرض لها الحرف التراثية حتى قبل اشتعال الحرب الدائرة الآن فى البلاد، وتنتقد نجيبة حداد عدم الاهتمام بالتراث الحرفى المميز لكل محافظة من محافظات اليمن البالغ عددها 22 محافظة، مما أدى إلى اندثار الكثير من الحرف، وضياع جوانب من التراث الشعبى اليمنى بسبب عدم توافر الميزانيات اللازمة لحمايته وتطويره، ونقص الكوادر المؤهلة للعمل فى هذا المضمار.

تأثيرات عراقية
أما الكاتب والباحث العراقى فى مجال حماية التراث، جاسم الساعدى فيقول: نأمل أن يستعيد قطاع الحرف فى العراق عافيته عقب طرد "داعش" من العراق، مشيرا إلى أن معظم الحرف التقليدية العراقية قائمة على النخيل، خصوصا فى جنوب البلاد، ومن أبرز مراكز هذه الحرف مدينة الناصرية، حيث تنتشر غابات النخيل، ويعتبر الأثاث المنزلى أبرز هذه المنتجات، حيث يعتمد عليه معظم سكان القرى والمدن هناك لسهولة حمله والتنقل به، ومتانته ورخص تكلفته، إضافة إلى منتجات السلال والأطباق والمراوح اليدوية والحصر، وسجاجيد الصلاة، وأقفاص الطيور، وغيرها..

مشروعات موريتانية
الحرف التقليدية أفضل حالا فى موريتانيا، حيث يشير السالك ولد محمد مصطفى، أحد المسئولين عن حماية وتوثيق الحرف التقليدية فى موريتانيا، إلى أن المعهد الموريتانى للبحث العلمى وتوثيق التراث الشعبى، هو الجهة المعنية بحماية الحرف الشعبية التقليدية، وتطويعها فى عملية التنمية المستدامة داخل نسيج الاقتصاد الموريتانى، وذلك ضمن خطة المشروعات الوطنية فى موريتانيا التى تضعها وتمولها الدولة، أو الجمعيات الأهلية المحلية، وكذلك من خلال التعاون مع المؤسسات الدولية المعنية مثل اليونسكو، حيث تحظى الحرف التراثية الموريتانية باهتمام الدولة، وتلقى رواجا كبيرا نظرا لدقتها وجودة تصنيعها، واشتغال أعداد كبيرة من الشباب الموريتانى فيها، فهناك الصناعات الخشبية، والجلدية، والنحاسية، والذهبية، والحديدية، كما تتولى إدارة الصناعات التقليدية فى وزارة التجارة والصناعة والسياحة عملية دعم هذه الصناعات من خلال إقامة المعارض، والتسويق لها لدى الدول الخارجية، إلى جانب إقامة مصانع كبرى للاستفادة منها، وكل ذلك يعود بالفائدة الاقتصادية والاجتماعية على البلاد.

مقاومة فلسطينية
فى فلسطين المحتلة، تلعب الحرف التقليدية دورين مهمين، الأول أنها جزء حيوى من مكونات الهوية الوطنية الثقافية والاجتماعية الفلسطينية العربية، التى يسعى الاحتلال الإسرائيلى بكل الوسائل لطمسها.. والثانى أنها من أهم مكونات الاقتصاد الفلسطيني، وهو ما يؤكده د. عماد الدين سعيد الباحث الفلسطينى فى هذا المجال مشيرا إلى أن أبرز الصناعات التقليدية فى فلسطين، هى الزجاج والخيزران والتطريز والحفر والتطعيم بالخشب، ومع الأسف الشديد هناك قطاع كبير من هذه المنتجات تتم سرقته ويروج باعتباره تراثا فنيا إسرائيليا، خصوصا فى ظل اعتماد معظم هذه الصناعات على مدخلات غير محلية، مما يجعلها تحت رحمة سياسات الاحتلال الإسرائيلى التى تهدف فى الأساس إلى محاربة هذه الحرف التقليدية كجزء من مخطط التهويد للمناطق العربية، إضافة إلى صغر حجم السوق المحلى الفلسطينى واعتماد هذه الصناعات الحرفية على أسواق إسرائيل، وبعض الدول العربية، وهو ما يسهل مهمة إسرائيل فى محاربتها من خلال العوائق والعراقيل التى تضعها أمام تسويق هذه المنتجات.

وتذكر بيانات وزارة الصناعة الفلسطينية، أن مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية هى أشهر مناطق فلسطين فى صناعة وتشكيل الزجاج الملون، لتوفر الرمل النقى بها ومواد التلوين، فيما تعد مدينة المجدل الفلسطينية هى الأشهر فى حرفة النسيج والسجاد، فيما تصنف غزة بأنها من أعرق المدن الفلسطينية فى زخرفة النسيج، خصوصا من الحرير والكتان، إلى حد أن رسم الكتان فى العديد من الدول الأوروبية يطلق عليه غزون نسبة إلى مدينة غزة، بينما تشتهر منطقة الشجاعية فى قطاع غزة بصناعة السجاد اليدوى.

أما التطريز فهو من الفنون التى تتوارثها الفتيات الفلسطينيات عن أمهاتهن جيلا بعد جيل، وتنتشر مراكزه فى الجمعيات النسائية التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينية الأنروا، وهو ما ينطبق أيضا على حرفة الخيزران، وإن كان يعمل بها الفلسطينيون من الذكور بصورة أكبر.

هناك أيضا حرف الحفر على النحاس، وأبرز منتجاتها أدوات القهوة العربية البكرج، وكذلك الحفر على الخشب والزخرفة والتطعيم فكلها حرف على وشك الانقراض بسبب نقص العمالة وعدم وجود رؤوس أموال مستثمرة، واختصار هذه الحرف على أسر محدودة تمارسها بالوراثة، وعدم تطور هذا النمط بما يجعله قادرا على منافسة المنتجات المستوردة البديلة، وحرمان الحرفيين من المكاسب الفعلية فى حالة تصدير منتجاتهم، حيث تشتريها إسرائيل منهم بأثمان بخسة، وتعيد تصديرها للخارج بأسعار مضاعفة مستغلة سيطرتها على المعابر والحدود والموانيء والمنافذ، بما يرسخ التبعية الفلسطينية لإسرائيل، وهو ما يفرض على السلطة الفلسطينية ضرورة تأسيس جمعيات تعاونية لأصحاب الحرف التقليدية وإنشاء مراكز تدريب، وفتح أقسام خاصة لها بالمعاهد والمدارس والجامعات الفلسطينية، وإقامة معارض داخلية وخارجية لها، وعقد بروتوكولات تعاون مع الدول العربية لتصبح الحرف التقليدية الفلسطينية حاضرة فى المعارض العربية، باعتبارها سلاحا مهما فى منظومة مكافحة الاحتلال.

مركز إماراتي
فى الإمارات العربية المتحدة تم إنشاء مركز الصناعات اليدوية فى أبو ظبى عام1978، بهدف الحفاظ على الحرف التقليدية والتراث الفنى الصحراوى الذى يواجه الانقراض فى المجتمعات الخليجية، وتم الإنشاء على يد الاتحاد النسائى الإماراتي، وطبقا لبيانات المركز فى موقعه الإلكتروني، فإن شروط الالتحاق به تقتصر على أن تكون المتقدمة تحمل الجنسية الإماراتية وماهرة فى إحدى حرف المركز، وأبرزها قسم الخوص الذى يضم عددا من المشاغل المتخصصة فى تصنيع المنتجات من سعف النخيل.

هناك أيضا قسم السجاد القديم، الذى يصفه الفنان التراثى طلبة عبد الغنى، أحد مؤسسى القسم،بأنه يقدم منسوجات تراثية خلابة من نسيج الأصواف ووبر الجمال من خلال أنوال يدوية، كما يوجد قسم التللى، وهو استخدام خيوط وشرائط مزركشة بألوان متداخلة لتزيين الملابس التقليدية للمرأة الإماراتية، كما يضم المركز وحدة للرسوم التطريزية على المفارش والأزياء وأغلفة الوسائد، ومشغلا للنقش على الزجاج والسيراميك، وآخر لفن الكورشيه، وتعرض منتجات هذه الحرف فى معرض دائم بمقر الاتحاد النسائي، إضافة إلى المعارض الداخلية والخارجية المهتمة بالتراث الإماراتي.. لكن يبقى الاهتمام بالحرف التقليدية محصورا فى الدائرة التراثية، والاهتمام بالفولكلور، ولم يتطور بعد ليصبح صناعة بالمعنى الشامل فى قطاع الحرف التقليدية.

استثمار تونسى
ويحظى قطاع الحرف التراثية باهتمام كبير فى تونس، حيث ألحق بوزارة السياحة وأنشئت مدن خاصة به، ويشير الخبير التونسى أحمد خوجة إلى نجاح التجربة التونسية فى تخصيص مدينة للحرف التراثية هى مدينة المهدية التى تقع على ساحل البحر المتوسط شمال تونس، وهى تجربة نتمنى تكرارها فى وطننا العربى كله،حيث تم استثمار كونها مدينة تاريخية، تعاقبت عليها جاليات وحضارات مختلفة، وذلك بتحويلها إلى واحدة من مدن الذاكرة الجماعية، والحفاظ على هويتها التراثية وتطوير حرفها الشعبية، وبالتالى تم إدماجها فى خطة التنمية التونسية، والاستفادة منها فى خلق فرص العمل، وتعظيم الثروة الاقتصادية التونسية، خصوصا الاستثمار السياحي، وهناك محاولات لتكرار هذا الأمر مع واحات الجنوب فى تونس، من خلال دراسات يقودها د. محمد جويلى أستاذ علم الاجتماع فى جامعة تونس، حيث يجرى الإعداد لإستراتيجية منهجية لحماية الحرف التقليدية، وحل مشاكلها، وتنميتها.

رعاية مغربية
بينما تشيرالخبيرة المغربية د. سعيدة عزيزى إلى أن مدينة سلا منذ تأسيسها قبل11 قرنا تعد متحفا حيا للفنون والحرف التقليدية المغربية، التى تجسد حضارتها وتاريخ إبداعها الشعبي، ومن أبرز هذه الحرف طبقا لبيانات المكتب الوطنى المغربى حرفة الفنون المعمارية، حيث تمتزج أشكال العمارة العربية بالأندلسية فى نمط معمارى مغربى يجمع ما بين فنون الرخام المزخرف والتطعيم بالخشب، كما تشتهر سلا بحرفة الشمع المزركش، الذى تجذب مواكبه الشهيرة آلاف الزائرين للمدينة، فيما تظهر براعة الحرفى السلاوى التقليدية فى صناعة النسيج، ودباغة الجلود، والسجاد المنسوج من ألياف نباتية، وتجمع هذ الحرف دار الصناعة التقليدية، ودار الدباغة، ومعامل الزرابى، وتتكامل معها صناعة الحلى المغربى الشهيرة، والملابس التقليدية وأبرزها العباءة المغربية المطرزة، وتعرض المنتجات التقليدية والحرف التراثية المغربية فى ممر طويل تتفرغ منه ممرات أصغر تسمى الأزقة، أمام الممر الرئيسى مايسمى القيسارية وهو نفس المسمى فى مصر وعدد من الدول العربية.
وتضيف د.سعيدة عزيزى أن التجربة المغربية فى قطاع الحرف الشعبية، فى وادى درعة والواحات الجنوبية المغربية أسهمت فى تنمية قطاع السياحة الخارجية، الذى يعد الركيزة الأولى فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب، وتدعو إلى إنشاء فرق عمل متكاملة ومنسجمة تضم خبراء ونقادا وباحثين ومؤرخين لتوثيق هذه الحرف، وإنشاء مراكز متعددة لهذه الغرض.

تطوير لبناني
وتشير اللبنانية د. مها كيال الأستاذ فى معهد العلوم الاجتماعية بطرابلس إلى أن تطوير حرف النقوش التقليدية اللبنانية، جعلها عنصرا مهما من عناصر الدخل اللبناني، وهو ما تكرر فى حرف أخرى خرجت من دائرة كونها مجرد منتج سياحى لتصبح كنزا تنمويا.
داعية إلى تطوير الحرف التقليدية لتلائم نمط المعيشة المعاصر، لأن جمود هذه الحرف سوف يؤدى حتما إلى زوالها، لكن يجب ألا يأتى هذا التطوير على حساب خصوصية الحرفة حتى لا يفرغها من مضمونها.

منظمة عربية
من جانبه أطلق الباحث البحرينى على عبد الله خليفة دعوة إلى إنشاء منظمة عربية لتوحيد العمل فى مجال التراث والحرف الشعبية، وكذلك تفعيل فكرة إنشاء اتحاد عربى يضم الجمعيات الخاصة بكل دولة عربية لحماية الحرف التقليدية والتراث الشعبى عموما، وهى أفكار يسهل تحقيقها إذا توافرت النيات والآليات نحو توجه عربى لحماية تراثه الشعبي.

ويتفق مع هذا التوجه الخبير الجزائرى عبدالحميد بورايو، الذى يؤكد أن الحرف التقليدية ومعظم مجالات التراث الشعبي، متداخلة بين الأقطار العربية بشكل أو بآخر، والحفاظ عليها هو حفاظ على الانتماء الوطنى والخصوصية القومية، باعتبارها أداة مهمة فى مقاومة الغزو الخارجي، الخطوة الأولى لتحقيق ذلك هو تسليع التراث الشعبي، ووضع برامج لتنميته بعيدا عن الأشكال والآليات الراهنة التى تهدد وجوده واستمراريته، أو تقصرها فقط على المتاحف بعيداً عن المواطن العربي، برغم أن الحرف الشعبية فى الأساس من الشارع وإلى الشارع.

إدارة خاصة
من جانبه يصف د. عصام خليفة المحاضر الدولى فى مجال التنمية البشرية فى جامعات كندا والعالم العربى، مشكلة الحرف التقليدية بأنها أزمة إدارة، وعدم إدراك لقدرات الحرفيين الإبداعية، ولابد من نظام إدارى ناجح وأسلوب علمى لإدارة هؤلاء الحرفيين، ويرى ضرورة أن تقوم المؤسسات الرسمية فى الدول العربية بتحفيز العاملين والمقبلين على ممارسة هذه الحرف من خلال توفير العائد المادى والتدريب، ووضع نظام للحفاظ على المهارات النادرة وضمان نقلها للأجيال التالية، وكذلك وضع قواعد تشريعية تنظم ظروف العمل بهذه الحرف مثل حرية التسويق وآلياته، وضمان حقوق الملكية الفكرية لهذه الحرف الإبداعية، لأن الوضع الحالى سوف يؤدى حتما إلى انقراضها فى ظل غياب إستراتيجية مصرية وعربية لتطوير هذه الحرف، وضعف الهياكل التنظيمية لقطاعاتها، وغيابها عن مناهج التعليم الفني، وتخلى المؤسسات الرسمية العربية عنها، أو التعامل معها فى شكل احتفالى فولكلورى لا كصناعة يمكنها امتصاص جزء مهم من البطالة فى العالم العربى كله.. والأهم الخروج من دائرة التعامل العشوائى مع قضية الحرف التقليدية.

ملكية فكرية
ويرى طلعت زايد أمين عام الاتحاد العربى لحماية حقوق الملكية الفكرية، أن العالم العربى يعيش إشكاليات متعددة فى مجال الحرف التراثية، منها العشوائية والإهمال، والأهم عدم تسجيلها لحماية حقوق ملكيتها الفكرية، مما جعلها نهبا للتقليد، كما نرى فى المنتجات الحرفية الصينية المقلدة بعكس الدول الغربية، التى استوعبت هذا القطاع المهم باعتباره محورا مهما فى التنمية المحلية والوطنية، ووفرت له الدعم والحماية، مؤكدا أن الاتحاد العربى لحماية حقوق الملكية الفكرية باعتباره أحد مكونات مجلس الوحدة الاقتصادية فى نطاق جامعة الدول العربية، على استعداد تام للمشاركة من خلال لجانه، ومن بينها "لجنة التراث" وخبرائه فى تسجيل و توثيق جميع الحرف التراثية فى شتى أنحاء عالمنا العربى .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.