بعد أن قاد تحالف عسكرى من فرنساوالولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة، سلسلة من الهجمات ضد مواقع الأسد فى سوريا، انتقامًا من الاستخدام المزعوم لأسلحة كيميائية من قبل قوات الحكومة السورية، انتقد أليكسيس كوربيير عضو لجنة الدفاع الوطنى والقوات المسلحة بالبرلمان الفرنسى، غياب المشاورات معه ومع زملائه بخصوص هذه الضربات، والتى جاءت دون موافقة الأممالمتحدة ودون مشاورة البرلمان الفرنسى، مشيرا إلى أن النظام السياسى فى فرنسا بعد هذه الضربات أصبح كأنه نظام ملكى رئاسى، حيث لم تعد هناك أية فائدة من المشاورات حتى لو تمت. النائب جون لوك ميلينشون وصف الضربات، بأنها مغامرة انتقامية من الولاياتالمتحدةالأمريكية وبدون أى دليل، لذا تعد تصعيدا غير مسبوق، منتقدا تورط فرنسا فيه واصفا إياها بأنها تستحق دورا أفضل من هذا الدور، إذ كان يجب عليها أن تكون قوة النظام الدولى للسلام. أما النائب لويس إليوت فوصف المسالة بشكل أكثر حدة، عندما قال إنه دون تقديم أى دليل على مسئولية هجوم كيميائى فى سوريا ودون تفويض من قبل الأممالمتحدة، قامت جمهورية ماكرون دون معلومات أو إذن من الجمعية الوطنية بتجاهل القانون وتجاهل البرلمان، واصفا ماكرون بأنه خاض حربه الصغيرة، فى إشارة منه إلى أنه مجرد طفل! زميله فاليرى بويار، وصف البرلمان الفرنسى بأنه غير واع، خصوصا عندما يوافق على مثل هذه الضربات التى ما زال الجميع ينتظر دون جدوى مبرراتها. ثم اتهم ماكرون بشكل واضح، بأنه يحتقر التمثيل الوطنى ويدوس على القواعد الدولية، ثم يناقشها بعد ذلك. وعلى العكس خرج وزير الخارجية الفرنسى، ليقول إن الأهداف تم تحديدها بشكل جيد، وأنه قد تم ضربها، باعتبار أن هذه العملية هى عملية دولية موجهة ضد الترسانة الكيميائية السرية للنظام السوري» و»تقتصر على قدرات النظام السورى التى تسمح بإنتاج واستخدام الأسلحة الكيميائية، خصوصا بعد أن كان الرئيس الفرنسى قد حذر من أن استخدام الأسلحة الكيماوية فى الغوطة الشرقية فى دوما على يد جيش بشار الأسد لن يظل دون عواقب، وهو ما أكدته وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلى، بأن ما حدث لم يكن سوى عملية رد على تجاوز الخط الأحمر الذى وضعته فرنسا فى مايو 2017 عقب ذبح عشرات الرجال والنساء والأطفال فى هجوم بسلاح كيميائى, فى انتهاك كامل للقانون الدولى وقرارات مجلس الأمن الدولي. القوتان المتحالفتان مع فرنسا فى هذه العملية قدمتا نفس التبريرات، باعتبار أنه لا بديل عن استخدام القوة بعدما نفدت كل العلاجات الدبلوماسية. لكن هل كان للائتلاف الحق فى هذا الهجوم؟ السفير الفرنسى للأمم المتحدة، فرانسوا ديلاتر، من جهته دافع عن القضية برمتها باعتبار أن الهدف من هذه الضربات هو استعادة الحظر المطلق للأسلحة الكيميائية المنصوص عليها فى الاتفاقيات الدولية. الواقع إذن يؤكد أن الانقسامات شابت الشارع السياسى فى فرنسا، خصوصا أنه وفقا لقواعد الأممالمتحدة هناك ثلاثة احتمالات لتبرير هجوم من هذا النوع، وهو إما أن تتم العملية بناء على طلب البلد الذى ستجرى فيه (سلطة الأسد التى تمثل سوريا فى الأممالمتحدة وهو ما لم يحدث) أو أن يكون هناك تفويض من الأممالمتحدة (وهو ما لم يحدث أيضا)، أو أن يتم ذلك بهدف الدفاع عن النفس على أساس المادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة، وهو ما لم يحدث مطلقا وبالتالى لا ينبغى أن يتم إسقاط أى قنبلة دون موافقة الأممالمتحدة. فماذا عن رأى البرلمان الفرنسي؟ على المستوى الفرنسى انتقد العديد من مؤيدى إيمانويل ماكرون عدم التشاور المسبق معهم أو مع البرلمان الفرنسى برغم أنه وفقاً للفقرة 2 من المادة 35 من الدستور الفرنسى التى شدد عليها الرئيس الفرنسى والوزيرة فلورنس بارلى لم يكن على رئيس الدولة إبلاغ البرلمان، ولكن تمت مناقشة المسألة بعد أيام من العملية من قبل الجمعية الوطنية ولكن لم تؤد المناقشة إلى أى تصويت، لكن إذا «تجاوزت مدة التدخل أربعة أشهر، فإن الحكومة لابد أن تتقدم بطلبها لتفويض البرلمان.