أبو مروان عثمان بن عبده بن حسين بن طه، شيخ الخطاطين العرب، وهو الذي اشتهر بكتابته لمصحف المدينة الذي يصدره مجمع الملك فهد لطباعة المصحف. ولد في ريف مدينة حلب في سوريا عام 1934م، والده الشيخ "عبده حسين طه" إمام وخطيب المسجد وشيخ كتاب البلد، حاصل على ليسانس في الشريعة الإسلامية، ودرس اللغة العربية، والرسم، والزخارف الاسلامية. تتلمذ في الخط على يد كل من الخطاطين: محمد علي المولوي، وإبراهيم الرفاعي في حلب، ومحمد بدوي الديراني في دمشق، وهاشم البغدادي. كتب أول مصحف في عام 1970 م لوزارة الأوقاف السورية. في عام 1988م جاء للمملكة العربية السعودية وعين خطاطاً في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينةالمنورة وكاتباً لمصاحف المدينة النبوية. عثمان طه شيخ الخطاطين الذي يكرمه ملتقى الشارقة للخط في دورته الثامنه التقيناه في الجامعة القاسمية حيث شهد حفل افتتاح معرض للتصوير الضوئي بالإمارة الباسمة. -أبداً معك من عند الخط وهو موهبة ومهارة وفن، ولكنه علم أيضاً، فكيف جمعت ما بين الموهبة والمهارة والعلم؟ إن هذا التعريف للخط جميل ودقيق وصحيح ويُعد تعريفاً شاملاً على كل الفنون والعلوم، إذ ليس هنالك إبداع من دون موهبة، والمهارة تأتي من خلال الصقل والممارسة فإذا اجتمع هذان العنصران الأساسيان يحصل الفن، والموهبة استعداد فطري لدى الإنسان، يولد معه منذ الولادة، وهي في النفس البشرية كمون النار في الحجر، ومن ليس لديه موهبة لا يحلم بالإبداع أو التفوق، وأعتقد أنني تفوقت في هذا المجال منذ أول لوحة كتبتها ورسمتها وكانت بخط الثلث عام 1951م. الآية الكريمة {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ} 53 سورة النحل. وذلك باستعمال الدهان بدل الحبر، وكان ذلك بداية انطلاقي نحو تعلم الأنواع الأخرى من فنون الخط. -لابد وأن هناك مشواراً من العمل والعناء من أجل الوصول لهذا اللقب"شيخ الخطاطين" فهل لنا ان نتعرف على ملامحه؟ أتذكر جيداً ما قاله لي والدي يوماً عندما سألني "هل تظن أنك ستكتب المصحف يوماً ما "، حين رآني أقضي معظم وقتي في التدرب على الخط - مثل حافظ عثمان وهومن الخطاطين البارزين في كتابة المصاحف أيام الدولة العثمانية، حيث إن المصاحف التي كتبها طبعت وانتشرت في البلاد الإسلامية آنذاك، وكان كلام والدي تحدياً لي، فقلت لِم لا وسترى إن شاء الله، وحين كتبت أول نسخة من القرآن الكريم لوزارة الأوقاف السورية - بطلب من رئيس الجمهورية - عام 1970م. أهديتُ والدي نسخة مطبوعة من هذا القرآن الكريم، وكتبت فيها "ها أنذا قد كتبت المصحف الشريف يا والدي". وأيضاً علي أن أقول بأن كشف الموهبهَ لا يكون إلا من قبل خبير في هذا المجال، وكان أستاذي حين ذاك الخطاط الكبير محمد علي المولوي، فقد تدربت عنده في البداية وحصلت منه على توجيهات قيمة، وكنت أقضي معظم وقتي بعد الانصراف من المدرسة في مكاتب الخطاطين، أنتبه إليهم كيف يكتبون، وكيف يجلسون، وكيف يستعملون أدوات الكتابة، ثم أعود إلى مسكني وأقلّد ما كُنت أراه يومياً من الخطوط، ثم أعرض ذلك على أساتذة الخط فأحصل منهم على توجيهات وإرشادات منهم. يصمت شيخ الخطاطين وكأنه يستعيد ذكريات من الماضي الجميل ثم بابتسامة ارتسمت على ملامح وجهه يقول بهدوء: علمني أساتذة كثيرون في مجال الخط العربي، موزعون في البلاد العربية والإسلامية، ففي سوريا وفي مدينة حلب محمد علي المولوي، إبراهيم الرفاعي، حسين حسني التركي، والشيخ عبدالجواد الخطاط رحمهم الله، ومن مصر محمد عبد القادر عبد الله شيخ الخطاطين في مصر، وهاشم البغدادي من العراق، ودرست أيضاً كثيراً من الكّراسات والأمشاق للخطاطين الكبار أمثال: محمد حسني البابا، سيد إبراهيم، وكثيراً أيضاً من الخطاطين مثل عبد الله الزهدي "خطاط الحرم النبوي الشريف " وآخرهم شيخ الخطاطين على مستوى العالم الإسلامي الأستاذحامد الآمدي في تركيا حيث حصلت منه على إجازة في أنواع الخط العربي عام 1973م. - كم مرة قمت فيها بكتابة القرآن الكريم؟ أكثر من عشر مرات وبروايات مختلفة إلّا أن ما قمت بكتابته في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينةالمنورة أخذ مني اهتماماً زائداً وعنايةً فائقةً من حيث حسن الخط، وصحة الضبط، وروعة الإخراج، تحت إشراف لجنة علمية مؤلفة من كبار العلماء المتخصصين في علم القراءات والرسم والضبط، وقبل أن تسأليني عن الوقت الذي استغرقته في كتابة المصحف الشريف أقول لك: إن الخط كبقية الفنون عملٌ مزاجي، لذا فإنني أحاول أن أكون على نفسية راضية وراحة جسمية تامة لكي يأتي العمل متقناً بعيداً عن الوقوع في الأخطاء الفنية والعلمية أحتاج إلى التزام الهدوء والاعتكاف في مكتب العمل بعيداً عن المؤثرات الخارجية، وعلى هذا يستغرق كتابة المصحف الشريف من سنتين ونصف إلى ثلاث سنوات - مع المراجعة المستمرة من قبل اللجنة العلمية أثناء الكتابة ، وبحدود ثماني ساعات عمل يومياً تتخللها استراحات بسيطة. - وماذا عن تكريمك من قبل الدورة الثامنة لملتقى الشارقة للخط ؟ الشارقة منارة الثقافة في عالمنا العربي، وملتقى الخط أحد روافد مشروعها الثقافي الذي يقوده حاكمها الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، والتكريم في حذ ذاته يسر المُكرم، فما بالك لو جاء من العاصمة العالمية للكتاب، بالتأكيد شرفت به، وفخور بتواجدي ومشاركتي ورؤيتي لأعمال فنية لشباب خطاطين من مختلف بلدان العالم.