د. هبة مصطفى: القراءة جسر هؤلاء الصغار للعالم عبده الزراع: أعترف بالتقصير.. وإصدارات جديدة فى «سنابل» هيئة الكتاب
يعد الطفل المصاب بالتوحد فى عالمنا مجرد «عابر سبيل» يعانى الغربة، والعزلة، وتغلق أمامه نوافذ التواصل حتى مع أقرب الناس إليه.. لكن يبقى «الكتاب» أحد الجسور القليلة التى تعيد صلة هذا الطفل بالعالم، فمن خلاله تتدفق دماء الكلمات فى القلب الوحيد من جديد، عبر القراءة التى تشكل نقلة نوعية مهمة على صعيد ثراء لغته، وقدرته على التواصل مع العالم الخارجى. الكتاب بالنسبة للطفل التوحدى هو ثراء إنسانى ومعرفى ودواء معا، لكن يبدو أن هذه الحقيقة غائبة تماما عن مؤلفى وصناع وناشرى كتب الأطفال فى مصر، التى لا يوجد بها حتى الآن كتاب واحد يخاطب الطفل التوحدى، برغم أننا فى عام ذوى الاحتياجات الخاصة.. وهى القضية التى نناقشها فى هذا التحقيق.
يعترف عبده الزراع مدير تحرير سلسلة سنابل لكتب الأطفال، ورئيس شعبة الكتابة للأطفال باتحاد كتاب مصر، والفائز بجائزة الدولة التشجيعية للكتابة للطفل بوجود تقصير شديد من كتاب الأطفال فى الكتابة للأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة عموما، والأطفال المصابين بالتوحد على وجه الخصوص.
ويرجع ذلك إلى صعوبة الكتابة فى هذا المجال، وإن أكد أنه لا يوجد عذر لهذا التقصير.
ويضيف الزراع: أيضا هناك تقصير كبير فى الطرف الثانى للمعادلة، وهم الناشرون بمن فيهم ناشرو الدولة ممثلين فى هيئة الكتاب أكبر ناشر فى مصر، وبرغم أننى أتولى مسئولية إدارة سلسلة كتب الأطفال سنابل بها، فإننا لم نفكر فى إصدار كتب لأطفال التوحد، وهو خلل جسيم سنعمل على تلافيه فى المستقبل، والأمر ذاته ينطبق على إصدارات الهيئة العامة لقصور الثقافة، وإصدارات المجلس القومى للطفولة.. وغيرها.
وقد اكتملت دائرة هذا التقصير بعزوف ناشرى القطاع الخاص، حتى الكبار منهم، عن إصدار هذه النوعية المهمة من الكتب، ربما بحكم أن معظمهم تحكمه قوانين «السوق» ويعمل بمنطق التجار، وحسابات الربح والخسارة.
ويؤكد الزراع أنه شخصيا سيبدأ فى الكتابة لهذه الشريحة، وسيدعو زملاءه فى لجنة ثقافة الطفل بالمجلس الأعلى للثقافة، وكذلك من يتعاملون مع سلسلة سنابل بهيئة الكتاب للكتابة لهذه الشريحة، مشيرا إلى أن هناك تجربة وحيدة للكاتبة فاطمة المعدول فى الكتابة للأطفال المتوحدين هى مسرحية «الوردة الزرقاء» لكنها لم تجد الصدى الإعلامى اللازم للفت النظر إلى هذا القصور، وأعد هؤلاء الأطفال وأسرهم بأنهم سيرون كتبا للطفل التوحدى فى سنابل قريبا.
وتتفق معه الإعلامية والباحثة وإعلام المعاقين د. هبة مصطفى، التى ترى أن غياب «إعلام ذوى الاحتياجات الخاصة» فى معظم الوسائط الإعلامية، وراء هذا القصور، مشيرة إلى أن عدم وجود كتب موجهة خصيصا لأطفال التوحد يحرم الطفل التوحدى من القراءة التى تشكل بالنسبة إليه نقلة نوعية مهمة للغاية سواء على صعيد علاجه أم إثراء لغته، باعتبارها جسره إلى العالم الخارجى. وتدعو د. هبة مصطفى وسائل الإعلام إلى انتهاز فرصة تخصيص هذا العام لذوى الاحتياجات الخاصة، وتكثيف الضوء على مشكلاتهم إعلاميا، وفى مقدمتها غياب الكتب المخصصة لأطفال التوحد. ويوضح الناشر محمد عبد الرازق مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «ليدر للنشر والتوزيع» أنه أطلق مبادرة بمناسبة عام ذوى الاحتياجات الخاصة مع جمعية مزايا للمكفوفين بتقديم كل إصدارات ليدر مجانا لتحويلها إلى طريقة برايل، وأن الدار ستقوم بإطلاق مشروع مماثل لاستحداث سلسلة للكتب المقدمة للطفل التوحدى، ستكون غير مسبوقة فى مصر، وهى إصدار كتاب «سمعى بصرى» باستخدام التكنولوجيا الرقمية الحديثة، كذلك سيصدر كتابا ورقيا بتنقية الديجتيال التى كانت تستخدم فى كروت التهانى بحيث يمكن للطفل المتوحد أن يستمع لكل الكلام المكتوب فور الضغط على عناوين الصفحات، ويمكن أن يكون الكلام المكتوب مصاحبا بنغمات موسيقية تناسب الطفل التوحدى، يتم وضعها بالاتفاق مع الخبراء المتخصصين.
مواصفات خاصة
وعن مواصفات الكتاب المقدم للطفل التوحدى تقول د. حنان الجوهرى إخصائية علاج التوحد، والحاصلة على دكتوراه فى علاج الطفل التوحدى بالقراءة فى جامعة عين شمس إن الكتاب المقدم للطفل التوحدى ينبغى أن يكون بشكل مبسط ليساعده على معرفة التعبيرات الأولية للغة الجسد مثل الفرح والغضب والألم والاستحسان، مما يمكنه شيئا فشيئا من التواصل مع المجتمع من حوله. أيضا يجب ألا يحتوى الكتاب على صور عديدة، ومركبة، أو زخارف وأشكال متشابكة، حتى لا يقع هذا الطفل فى مشكلة «التشتت البصرى» مع ضرورة أن يراعى هذا الكتاب خوف الطفل التوحدى من الأشكال الجديدة، وبهرجة الألوان كذلك يجب الابتعاد عن الألوان المستفزة للطفل التوحدى مثل اللون الأحمر، والتركيز على الألوان المريحة لهم، وفى مقدمتها اللون الأزرق بدرجاته، خصوصا السماوى الذى أثبتت التجارب والدراسات أن يريح هؤلاء الصغار.