محافظ كفر الشيخ يعلن أوائل الشهادة الإعدادية    رئيس جامعة بنها يتفقد الامتحانات في 4 كليات (صور)    «الحوار الوطني» يؤكد بالإجماع دعم ومساندة الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية    رئيس الوزراء يُشدد على ضرورة تعيين 30 ألف مُعلم كل عام    استقرار أسعار الذهب في مصر.. وعيار 21 يسجل 3110 جنيهات    المعهد المصرفي ينظم مؤتمرًا بعنوان «تمكين إفريقيا: الابتكار والاستدامة والمرأة»    برلماني: الحكومة أعلنت رفع سعر الرغيف والموازنة ستقره ب5 قروش.. و«معيط»: المواطن يتحمل 15% فقط    زيادة رأسمال شركة أبو الهول المصرية للزيوت والمنظفات إلى 200 مليون جنيه    السكرتير المساعد لبني سويف يناقش إجراءات تعزيز منظومة الصرف بمنطقة كوم أبوراضي الصناعية    زيلينسكي يتقدم بالشكر لوزير الدفاع الأمريكي على خلفية تقديم المساعدة لأوكرانيا    وزيرا خارجية المغرب وكوريا يبحثان تعزيز علاقات التعاون الاقتصادية والتجارية    وزيرة التخطيط ل"النواب": الأزمات المتتالية خلقت وضعًا معقدًا.. ولابد من «توازنات»    سيناتور أمريكي: نتنياهو «مجرم حرب» لا يجب دعوته للكونجرس    مبابي يوقع عقود انتقاله لريال مدريد    أحمد شوبير يعلن عن بشرى سارة لجماهير الزمالك    بعد امتحاني الفقه والإنشاء.. طلاب القسم الأدبي بالشهادة الثانوية الأزهرية في جنوب سيناء: بداية مبشرة    تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفي داخل شقتها بالجيزة    الداخلية: ضبط تشكيلين عصابيين و153 سلاحا ناريا خلال يوم    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    ضبط أطنان من دقيق أبيض وبلدي مدعم للتلاعب بالأسعار    أحمد حلمي يطالب بصناعة عمل فني يفضح الاحتلال الإسرائيلي: علينا تحمل مسئولية تقديم الحقيقة للعالم    صرف منحة 500 جنيه إضافية للمستحقين بمناسبة عيد الأضحى    حل مشكلة انقطاع مياه الشرب بنجع الشريف إبراهيم بدراو المتراكمة منذ 15 عاما    محافظ مطروح يبحث مع وفد جامعة الأزهر جهود إنشاء فرع بالمحافظة    وسائل إعلام لبنانية: شهيدان مدنيان في غارة إسرائيلية على بلدة حولا    تعيين الشيخ صباح الخالد الحمد وليا للعهد بالكويت    «عاشور»: الجامعات التكنولوجية تعتمد على أحدث النظم العالمية لتقديم تجربة تعليمية متميزة    بعد حكم المؤبد.. تفاصيل التحقيقات مع خاطف فتاة من ذوي الإعاقة ومواقعتها جنسياً في المعصرة    جامعة طيبة: امتحانات نهاية العام تسير في أجواء هادئة ومنظمة    أول فيلم مصرى تسجيلى فى مهرجان «كان» السينمائى الدولى فى دورته77 .. بنات المنيا يحصدن جائزة «العين الذهبية» عن «رفعت عينى للسما»    مي عز الدين تعلن تعرض والدتها ل أزمة صحية تطلب الدعاء لها    الشرقية تحتفل بذكرى دخول العائلة المقدسة ومباركتها لأرض مصر في منطقة آثار تل بسطا    الاتحاد السكندري يخشى مفاجآت كأس مصر أمام أبو قير للأسمدة    جواز ذبح الأضحية للمصريين المقيمين بالخارج: التفاصيل والأولويات    د. على جمعة عضو هيئة كبار العلماء يجيب عن أشهر أسئلة الحج: التخلف من العمرة للحج مخالفة لا تتفق معها العبادة.. ويحقق أذى المسلمين فى الحج    متحدث الزمالك: شيكابالا أسطورة الزملكاوية.. وهناك لاعب يهاجمه في البرامج أكثر مما يلعب    حزب الله يشن هجوما جويا بسرب من المسيرات الانقضاضية على مقر كتيبة إسرائيلية في الجولان    تداول 15 ألف طن و736 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    عاجل بالأسماء.. شلبي يكشف رحيل 5 لاعبين من الأهلي    محامي الشيبي: عقوبة اتحاد الكرة استفزت موكلي.. وتم إخفاء قرار الانضباط    البابا تواضروس يستقبل قيادات الشركة المتحدة تزامنا مع عرض فيلم أم الدنيا في الكاتدرائية    ل برج الجوزاء والعقرب والسرطان.. من أكثرهم تعاسة في الزواج 2024؟    انتقادات أيرلندية وأمريكية لاذعة لنتنياهو.. «يستحق أن يحترق في الجحيم»    10 يونيو.. معارضة بطل مسلسل "حضرة المتهم أبي" على حكم حبسه    التحقيق في واقعة العثور على رضيع داخل كيس بلاستيك ببولاق الدكرور    غرفة الرعاية الصحية باتحاد الصناعات: نتعاون مع القطاع الخاص لصياغة قانون المنشآت الجديدة    "صحة الإسماعيلية": بدء تشغيل قسم الحضانات بمستشفى حميات التل الكبير    تحرير 139 محضرا للمحلات المخالفة لقرار الغلق خلال 24 ساعة    هل يجوز أن اعتمر عن نفسي واحج عن غيري؟.. الإفتاء توضح    احمد مجاهد يكشف حقيقة ترشحه لرئاسة اتحاد الكرة    طريقة عمل الكيكة الباردة بدون فرن في خطوات سريعة.. «أفضل حل بالصيف»    ما هي محظورات الحج المتعلقة بالنساء والرجال؟.. أبرزها «ارتداء النقاب»    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 2 يونيو 2024    عمرو أدهم يكشف آخر تطورات قضايا "بوطيب وساسي وباتشيكو".. وموقف الزمالك من إيقاف القيد    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    17 جمعية عربية تعلن انضمامها لاتحاد القبائل وتأييدها لموقف القيادة السياسية الرافض للتهجير    قصواء الخلالى ترد على تصريحات وزير التموين: "محدش بقى عنده بط ووز يأكله عيش"    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد تناقض موقفى ترامب وماكرون من الاتفاق النووى الإيرانى.. المخالب الفرنسية فى مواجهة الأنياب الأمريكية
نشر في الأهرام العربي يوم 27 - 10 - 2017

زيارة ماكرون لطهران ستكون الأولى من نوعها مننذ عام 1971
الاستثمارات الفرنسية فى إيران تحول دون اندفاع ماكرون وراء حماقات ترامب

منذ تولى الرئيس دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، والتوترات تتصاعد بشكل كبير بين بلاده وبين إيران، خصوصا بعد سعى ترامب بشتى الطرق إلى إلغاء الاتفاق النووى الذى كان قد تم فى عهد الإدارة الأمريكية السابقة، من خلال إصدار قرارات وعقوبات جديدة ضد إيران. ليس هذا فقط، بل لوح البيت الأبيض أيضا بإمكانية فرض عقوبات على الحرس الثورى الإيرانى وإدراجه فى لائحة الإرهاب، الأمر الذى أثار حفيظة طهران التى لجأت بدورها إلى رد التهديد بالويل والثبور، بدءا بإنزال العواقب الوخيمة على الولايات المتحدة، حيث طالبتها مبدئيا بإبعاد قواعدها العسكرية 2000 كيلو متر عن المنطقة إذا أرادت النجاة من الصواريخ الإيرانية، كما توعدتها بتلقينها دروسا قاسية، طالما أنها بحاجة إلى من يخبرها بأن هناك قوى أخرى فى العالم غيرها.

بالطبع تسببت كل هذه التلاسنات فى إثارة قلق ومخاوف العديد من الدول التى تخشى من حدوث صراع جديد أو حرب كارثية فى المنطقة، قد تسهم بتهديد الأمن والاستقرار العالمى بشكل عام، حيث قالت فرنسا إنها قلقة من أن يؤدى تصنيف الحرس الثورى الإيرانى منظمة إرهابية إلى زيادة التوتر بالمنطقة، بينما قالت ألمانيا إنها قلقة من أن يقرر ترامب عدم احترام طهران للاتفاق الذى جرى التفاوض عليه خلال عهد سلفه باراك أوباما، مشيرة إلى أن خطوة كهذه ستزيد الاضطراب الأمنى بالشرق الأوسط، حيث قد يؤدى انسحاب الولايات المتحدة إلى انهيار الاتفاق، الذى يراه المؤيدون له مهما, لمنع سباق تسلح بالشرق الأوسط وتهدئة التوتر بالمنطقة، خصوصا أنه يفرض قيودا على قدرات إيران لتخصيب اليورانيوم مقابل رفع العقوبات التى أضرت باقتصاد إيران والتى وصفها ترامب بالديكتاتورية الفاسدة، كما وصف الاتفاق النووى بأنه أسوأ ما حدث فى عهد أوباما، ما أثار قلق القوى العالمية المشاركة فى الاتفاق وهى بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين، ما جعل فرنسا والدول الأوروبية تسعى جاهدة لصياغة مجموعة إجراءات ستشمل بيانا قويا تصدره القوى الأوروبية، على أمل أن تسهم فى استمرار الاتفاق النووى الإيرانى، إذا تجاهل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مناشداتها ورفض الشهادة بالتزام إيران بالاتفاق المبرم عام 2015، بالإضافة إلى جهودهم لحشد تأييد الكونجرس الأمريكي.

يأتى كل ذلك على الرغم من أنه فى غياب دعم أمريكى قوى، سيكون انهيار الاتفاق بين طهران والقوى العالمية الست مسألة وقت، مما سيكون له تداعيات خطيرة على أمن الشرق الأوسط وجهود منع الانتشار النووى والعلاقات بين أوروبا والولايات المتحدة، إذ ترى أوروبا أن أى خطوة تتخذها الولايات المتحدة لتقويض الاتفاق النووى الإيرانى يعد نوعا من أنواع الحماقة.

جاءت فرنسا بقيادة ماكرون على رأس الدول التى أرسلت رسالة شديدة اللهجة للبيت الأبيض، كان أول سطورها إعلان ماكرون عن نيته التوجه إلى إيران تلبية لدعوة وجهها له روحانى لتكون أول زيارة يقوم بها رئيس دولة أو حكومة فرنسية لإيران منذ العام 1971 برغم أنه التقى نظيره حسن روحانى قبل بضعة أسابيع فى إطار اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، بل إنه فضل وقتها الجلوس معه بدلًا من الجلوس مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو، ليعلن ماكرون ضمنيا بحثه عن مصالح بلاده الاقتصادية، من خلال الاتفاق على عدة صفقات تجارية للشركات الفرنسية، وكذلك عن أمله بالعمل مع إيران من أجل الوصول لحل سياسى دائم للأزمة السورية، ليؤكد فى النهاية أنه يمكن التحاور فى شكل صريح مع الإيرانيين.

ثانى سطور الرسالة التى وجهها ماكرون للبيت الأبيض، التزام بلاده التام بالاتفاق النووى الموقع مع إيران، مؤكدا أنه فى حال تعنت الولايات المتحدة حيال هذا الاتفاق سيكون فى خطر شديد وسيكون تطبيقه صعبا جدا. فرنسا أيضا سعت من جانبها للضغط على إيران بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية وسياساتها المزعزعة للاستقرار فى الشرق الأوسط .

إذن فكل ما تخشاه فرنسا أن يؤدى انهيار الاتفاق الإيرانى إلى سباق تسلح فى الشرق الأوسط وصراع بين إيران وإسرائيل، بالإضافة إلى تصعيد الحروب بالوكالة فى المنطقة بين إيران والسعودية.
فباريس تعى جيدا أن نقض الاتفاق سيعيد عقارب الساعة إلى الوراء، وسيؤدى إلى إضعاف سلطة الرئيس حسن روحانى وتقوية معسكر المتشددين، فضلا عن أن إيران تملتك أوراق ضغط، أولها إعادة تشغيل برنامجها النووى والتسريع بالوصول إلى امتلاك السلاح النووى لأغراض عسكرية.

كما تخشى فرنسا أيضا أن يقضى ذلك على أى فرص مهما بلغت ضآلتها للتوصل إلى اتفاق مع كوريا الشمالية عن طريق التفاوض، لتصبح الحرب هى المحطة الأخيرة فى نهاية النفق المظلم.
من الواضح أن الخطوات المتهورة التى يتخذها ترامب فجأة دون دراسة من شأنها أن تؤدى أيضا إلى خطر أكبر، ألا وهو مزيد من تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا، خصوصا إذا استهدفت واشنطن المؤسسات الأوروبية التى لها أنشطة تجارية فى إيران، حيث ستلجأ هذه الدول خصوصا فرنسا إلى قانون قديم يحمى شركاتها من العقوبات، وإن كان ترامب قد قام بطمأنة هذه الدول على أموالها، عندما قال لنظيره الفرنسى ماكرون، بأن يأخذ أموال إيران قدر ما يستطيع ويهنأ بها وهو وجميع أمثاله فى أوروبا.

فالجميع وعلى رأسهم ترامب يعلمون جيدا أن هناك الكثير من الشركات التى أعلنت اتفاقات كبيرة فى إيران منذ بدء سريان اتفاق خطة العمل المشتركة الشاملة، منها عملاق صناعة الطائرات الفرنسية "إيرباص"، ومجموعة توتال الفرنسية للطاقة، وشركة رينو للسيارت، التى دفعت فيها إيران أموالا طائلة بلغت 780 مليون دولار.

من جانب آخر لم يكن إعلان ماكرون رغبته فى زيارة طهران فى الوقت الذى يراه مناسبا، سوى محاولة منه لإعلان استقلال بلاده وعدم تبعيتها لكل قرارات الولايات المتحدة التى ما زالت تصر على أنها القوى العظمى فى العالم.. فلقد استغل ماكرون أخطاء نظيره الأمريكى القاتلة الذى لم يستطع تقديم أية أدلة تثبت ادعاءاته حول خرق إيران للاتفاق النووى، ذلك لأنها غير موجودة أصلا، كما فشل فى توحيد المسئولين الأمريكيين على صيغة محددة لإدانة إيران، بل تسبب فى إحداث شرخ فى صفوف معسكر الحزب الجمهورى نفسه، حيث سادت أجواء ضبابية ومشوشة على مواقف وقرارات مجلس الشيوخ والكونجرس الأمريكى، وبالطبع أدى كل ذلك إلى فشله فى غايته الأساسية، وهو إقناع جميع الجهات الأوروبية لإعادة النظر فى صياغة الاتفاق النووى المبرم مع إيران، ما جعله يصب جام غضبه على كل من إيران والاتحاد الأوروبى والكونجرس ووزيرى الدفاع والخارجية الأمريكيين، ليظهر فى النهاية وأمام العالم أجمع بأنه رجل الكراهية والتصعيد والتلويح بالحروب، بينما ظهر ماكرون كرجل تسويات يدعو لحوار سياسى ويحذر من العبث حول الملف النووى مع إيران، ليبدو ماكرون فى النهاية وكأنه ليس فقط رئيس فرنسا لكن كأنه الشخص الوحيد القادر للرد على ترامب فى كل حماقاته، صانعا بذلك إستراتيجية دبلوماسية فرنسية متكاملة تعبر عن مصالحها وخطابها، راسمة سياستها الخاصة جدا، مستغلة تراجع مكانة أمريكا السياسية ومكانتها العسكرية - والتى تطمح إلى مقاسمتها مع روسيا – مؤكدة فى نفس الوقت عدم انحيازها للسعودية أو إيران، مؤكدة أنها ستظل الحليف التاريخى والشريك الأهم للولايات المتحدة فى حربها ضد الإرهاب حتى وإن اختلفا فى بعض الأمور.

فماكرون يعلم جيدا أن تهديد ترامب ليس سوى محاولة لدفع الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق إلى إعادة التفاوض حول بعض بنوده، كما أنه يعلم أيضا أن هناك احتمالية كبيرة فى أن يتراجع ترامب عن بعض قرارته فى ظل الهجوم الساحق الذى تعرض له، باعتبار أنه من عدم الحكمة إعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووى الإيرانى، فى الوقت الذى يواجه فيه العالم خطرا نوويا وحيدا يأتى من كوريا الشمالية، لكنها الدبلوماسية الفرنسية التى اقتضت أن يظل الملف الإيرانى خطا أحمر، خصوصا بعد تسليم مفاتيح البيت الأبيض لرجل مجنون أو نصف مجنون، على حد تعبير صحيفة ليبراسيون الفرنسية، حيث رأى بعض المحللين الفرنسيين أن تماسك طهران وصمودها أمام تهديدات ترامب، جاء نتيجة موقف أوروبا الموحد تجاهها، حيث ترى أوروبا أن المحافظة على خطة العمل الشاملة المشتركة مع إيران، تقع فى نطاق مصالح أمنها القومى، كما أن الاتفاق النووى مع إيران جاء تتويجا ل13 عاما من الدبلوماسية، وهو خطوة كبيرة باتجاه ضمان عدم تحول البرنامج النووى الإيرانى إلى الأغراض العسكرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.