تقيم مؤسسة الشموع للثقافة والفنون اليوم معرضا للفنان التشكيلى عبد العال تحت اسم "بهجة" يضم أربعين لوحة رسمها الفنان خلال السنوات الأخيرة من تجربته الرائدة بعد أن توقف عن الرسم بسبب المرض، وقد قدمت الدكتورة لوتس عبد الكريم المعرض بكلمة تقول فيها: "امرأة " الفنان التشكيلى عبد العال هى مرآته التى رأيناه فيها، وطالعنا نساءه الكثيرات عبرها، فهى مختلفة ومتنوعة، حيث استطاع أن يرسم الباطن وأن يحتفى بالظاهر أيضا، إذ له شخصيته التى لا تُنسى فى فن البورتريه، وبصمة لا تُنكر تذكِّر بالكبار من أمثال أحمد صبرى وحسين بيكار وصبرى راغب وصلاح طاهر وعز الدين حمودة وحسن سليمان وجمال كامل، فهو امتداد لمن يحتفلون بالمعنى قبل المبنى، بالنور الإنسانى بأساه وبهجته قبل بهرجته وشكله. تقول لوتس عبد الكريم: عرفت الفنان عبد العال حسن لسنوات طويلة، إذ كان معنا فى مجلة "الشموع" منذ بدايتها فى سنة 1986 ميلادية برئاسة تحرير أحمد بهاء الدين، وقد رسم للملكة فريدة ثلاثة بورتريهات أحدها صار غلافا لكتاب هو " فريدة مصر.. أسرار ملكة وسيرة فنانة " كما رسم لى "بورتريه" كان غلافا لمجلة صباح الخير، وصار فى سنة 2017 غلافا لكتاب حول تجربتى فى الكتابة هو "لوتس عبد الكريم فى مقام الكشف".
عبد العال حسن فنان يجسِّد تجربته وثقافته وإنسانيته، وسَفرَه العميق فى النفس البشرية، حيث يغوص ويكتشف؛ ليحصل على السر، ويرسمه مختارًا له الألوان التى تناسب روحه، وهو غزير الإنتاج، صاحب وعى ورؤية، إنه اسمٌ سيبقى طويلا، لأنه اعتاد الحفر العميق، وليس مجرَّد الرسم السهل الذى تطلبه الصحافة الأسبوعية التى عمل فيها طوال عمره (روز اليوسف، صباح الخير). عبد العال الفائق المهارة فى الرسم والتلوين فنان يُخلِّد من يرسمه؛ لأنه امتداد للسلالة الفنية العظيمة منذ محمود سعيد، سواء رسما بالزيت أو الباستيل أو الأكليريك أو الفحم أو الألوان المائية، كما أنه يرسم وهو فى حال من الفناء والبهجة، وليس "أداء الواجب" الذى تتطلبه مهنة الصحافة؛ نظرا لسرعة آلتها التى لا ترحم.
وحول الفنان عبد العال حسن تقول رفيقة حياته الكاتبة الصحفية والزميلة دينا توفيق: يتحلى دوما بالصبر والإتقان.. تفارقه السعادة فيبتسم وكأن لديه البشارة، تتنصل منه الأيام فيفتح ذراعيه، يحتضن الأحلام غير الممكنة، إنه عبد العال الذى لا يطلب شيئا سوى الستر، كما عودنا أن نرى الحمد والشكر جلياً فى لوحاته الناطقة برضا الغلابة ونساء الأسواق الفقيرات المناضلات من أجل الحياة..عبد العال الذى رأيت فى عشرته - مؤخرًا - بعد أن فقد السمع والبصر إحساسا مريرًا بالإنكار.
تقول دينا: نعم عبد العال يشعر أنه منكر فى أهله وناسه.. منكرٌ فى وطنه، نعم يشعر بأن الجميع أنكروه بعد أن ملأ أبصارنا بالجمال والثقافة، فهان على الجميع ولم يتذكره وطنه مبدعًا معطاء يستحق بجدارة أن يبحث المسئولون عن الثقافة عنه.. ويتفقدوا أمره ويعرفوا ما يمر به من أزمة صحية تستحق الانتباه والوقوف إلى جواره ودعمه إنسانيا.
نعم أنكرته الثقافة – الكلام لدينا توفيق - وتجاهلت وجوده الذى ملأ الأبصار بالجمال.. نعم فعلوا ذلك وكأنهم يتعمدون قتله معنويا بإنكارات متتالية.. نعم لقد أنكر المسئولون فى هذا البلد وجوده وغضُّوا الطرف عن السؤال عن أسباب غيابه، عبد العال حزين.. لكنه لايزال يراقص الحياة بمثابرة عجيبة وإحساس عميق بالمسئولية، يشغله الوطن والناس وهمومهم، يسألنى بعد أن فقدت حواسه القدرة على التعامل مباشرة مع مصادر المعلومات، عن أحوال الوطن والناس فأقرأ عليه الأخبار وأدنو من أذنيه التى لم تعد تسمع كلام البشر بل تسمع ألحان وتغريدات الكون، الذى كان ولا يزال ملهمه الأكبر.. يسألنى فأمسك فرشاة كلماتى وأرسم له المشاهد ليتخيل ويبادلنى الرثاء على الزمن الذى لم يعد كالزمن.