ربما يكون من المفهوم أن تتأثر الشركات العاملة فى مجال التكنولوجيا بانعكاسات حملات مواقع التواصل الاجتماعى بسرعة أكثر من غيرها إلا أن ما حدث خلال الأسبوع الماضى تم بسرعة غير مسبوقة. بدأت القصة بإعلان شركة “أوريدو- قطر”، “كيو- تل” سابقا، المشغل الأول لشبكة الهواتف المحمولة فى السوق القطرية عن تغيير علامتها التى تظهر على هواتف مستخدمى شبكتها من “أوريدو- قطر” إلى “تميم المجد”، مساء الجمعة 7 يوليو الجاري، وذلك فى توجه واضح للاستفادة من حالة الاستقطاب التى تجتاح المنطقة على خلفية الأزمة الخليجية، ويبدو أن هذا الإجراء أتى بثماره فأسرعت منافستها فى السوق القطرى “فودافون - قطر”، بإلاعلان فى ذات اليوم عن خطوة مماثلة بدأت بمنشور على صفحتها الموثقة على فيس بوك، أعلنت خلاله عن إتاحة إمكانية تغيير اسم الشركة الظاهر فى الهواتف المحمولة إلى “تميم المجد” لمن يرغب من عملائها، وذلك عن طريق فروعها المنتشرة فى الإمارة، ويبدو أن هذا الإعلان لم يأت بالمردود المتوقع، فسارعت الشركة بنشر منشور ثان على صفحتها على فيس بوك يتضمن الإعلان عن تغيير اسم الشركة لتصبح “تميم المجد” لكل مستخدميها دون الحاجة إلى التوجه لفروعها. لم تمر ساعات على إعلان الشركة عن هذا الإجراء حتى ثارت حملة مواقع التواصل الاجتماعى بدأت بسيل من التعليقات على صفحة “فودافون - قطر” على فيس بوك، ثم تطورت إلى دعوات لمقاطعة شركة فودافون – مصر باعتبارها تحمل نفس اسم الشركة الأم، وواكب هذا الحملة قيام العشرات من عملاء فودافون مصر بطلب تحويل هواتفهم المحمولة للعمل على شبكات أخرى، وإعلان ذلك على مواقع التواصل. وفى البداية التزمت الشركات الثلاثة (فودافون العالمية والشركتان التابعتان فى مصر وقطر) الصمت إزاء ما يحدث، ومع تزايد زخم الحملات ولجوء المشاركين فيها لاستخدام وسوم (هاشتاج) من قبيل ( # فودافون _ تدعم _ الإرهاب ) يبدو أن الصفحة الرسمية لشركة فودافون قطر على فيس بوك اضطرت تحت وطأة الهجوم الكبير الذى نال من الشركة ومن فروعها خصوصاً فى مصر للتراجع، فى ذات اليوم فقام مسئولو الصفحة بحذف منشور إعلان تغير مسمى الشبكة من فودافون قطر إلى تميم المجد، تاركين المنشور السابق له، الذى يفيد أنه بوسع أى مستخدم تغيير مسمى الشبكة على هاتفه الخاص عبر أى فرع من فروع الشركة، إلا أن هذا المنشور كذلك لم يسلم من هجوم العشرات من مستخدمى فيس بوك، الذين تراوحت ردودهم بين السخرية والإشارة إلى أن الشركة أصبحت داعمة للإرهاب - بحسب منشوراتهم -. فقام مسئولو الصفحة بحذف هذا المنشور أيضا، ولم تمض ساعات حتى أصبح من غير الممكن لمستخدمى فيس بوك فى مصر الدخول على صفحة فودافون- قطر. فودافون- مصر تتنصل!! وتفاعلت الأزمة فأصدرت شركة “فودافون- مصر” بيانا صحفيا جاء فيه: “بالإشارة إلى ما تم الإعلان عنه بخصوص تغيير شركة فودافون قطر اسم شبكتها (الاسم الذى يظهر على شاشة أجهزة المحمول عند العملاء)، تؤكد شركة فودافون مصر أن كل القرارات الخاصة بفودافون قطر لا تعبر عن توجهات فودافون العالمية بشكل عام أو توجهات فودافون مصر، بل تعكس فقط توجهات الحصة الحاكمة للشركة والتى تمثلها مؤسسات قطرية، حيث إن الحصة الحاكمة من شركة فودافون قطر، يمتلكها مستثمرون قطريون ما بين رجال أعمال والأسرة القطرية الحاكمة، وذلك بنسبة 70 %، وتوضح فودافون فى هذا الإطار أيضا أن تغيير اسم شبكات المحمول (الذى يظهر على شاشة الأجهزة) هو توجه عام قامت به كل شركات الاتصالات فى قطر التى شملت أيضا “ أوريدو”، وأن مثل هذا القرار هو قرار محلى يخص قطر وحدها ويقدم كخدمة للعملاء، ليختاروا الاسم المفضل ولا علاقة له بفودافون مصر والتى تمتلكها شركة المصرية للاتصالات بنسبة 45 % ومجموعة فودافون العالمية بنسبة 55 %. وتؤكد فودافون مصر احترامها الكامل للسوق المصرى الذى تعمل به وسياساته وثقتها فى الاقتصاد المصرى والقرارات التى تتخذها الحكومة للنهوض به، وذلك فى إطار الدور الذى تلعبه بشكل مستمر لتطويره وضخ المزيد من الاستثمارات فيه..”. ويتضح من لغة البيان “تنصل” الشركة المصرية من سلوك نظيرتها القطرية، ولم يقف الأمر عند ذلك، بل تعداه ليظهر البيان أن الشركة الأم تنأى بنفسها عن سلوك تابعتها القطرية. بقى أن نشير إلى أن هذه الحملة أكدت أن الرأى العام القوى والمنظم يمكن أن يكون مؤثرا بفاعلية وسرعة على قرارات الشركات الكبرى متعددة الجنسيات، وبطبيعة الحال ينطبق الأمر نفسه على الشركات المحلية.